*77* ما معنى امتحنك الله قبل أن يمتحنك؟

  • Creator
    Topic
  • #1373
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ما معنى امتحنك الله قبل أن يمتحنك؟

    ورد بسنده عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن الله تبارك وتعالى أمهر فاطمة (عليهاالسلام) ربع الدنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار، تدخل أعداءها النار، وتدخل أولياءها الجنة، وهي الصديقة الكبرى، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى.

    ” يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك، فوجدك لما امتحنك صابرة ”

    فما معنى امتحنك الله قبل أن يمتحنك؟

    هنا نحن نسأل عن من دارت على معرفتها القرون الأولى، فلذلك من الصعب أن يجيب أحد بجواب قاطع وكل ما يمكن أن يقال بهذا المجال هو من باب اجعلوا لنا ربا نؤوب إليه وقولوا فينا ما شئتم
    .
    ولتوضيح هذه المسألة سأضرب لها مثل لكي أقرّب الصورة
    .
    لقد ناديت ابنك الكبير في يوم من الأيام وقلت له هذه أجوبة لأسألة مختلفة سوف أسألك ايّاها أمام إخوانك بعد كم يوم، وأريدك أن تبيض وجهي بالإجابة عليها بكل دقة لأنك إبني الأكبر وتمثلني شخصيا، ثم أمضيت معه الأيام تعلمه وتحفظه الإجابات حتى تأكدت أخيرا أنه تمكن من الإجابات، طبعا أنت بعد هذه المدة في تدريبه لا تحتاج لأن تمتحنه لأنك امتحنته فعلا بتدريبك له وباختيارك له وباصطفائك له من بين إخوته ولم تخرجه لبقية اخوته إلا بعد أن تأكدت أنه سوف يبيض وجهك فعلا، فأنت هنا امتحنته قبل أن تمتحنه أمام بقية أبنائك واخوته

    فاطمة عليها السلام هي أم أبيها وهي نور نبيكم

    الآن أنظر إلى نور نبينا صلى الله عليه وآله وكيف أهّله الله لتمثيله أمام بقية مخلوقاته

    روي عن أ مير المؤمنين (عليه السلام ) أنه قال : –

    كان الله ولاشيء معه فأول ما خلق نور حبيبه (صلى الله عليه وآله) قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام فلما خلق الله تعالى نور نبينا (صلى الله عليه وآله ) بقي ألف عام بين يدي الله عز وجل واقفا يسبحه ويحمده والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول يا عبدي أنت المراد والمريد وأنت خيرتي من خلقي
    وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك
    من أحبك أحببته ومن أبغضك أبغضته
    فتلألأ نوره وارتفع شعاعه
    فخلق الله منه اثنى عشر حجابا

    أولا حجاب القدرة ثم حجاب العظمة ثم حجاب العزة ثم حجاب الهيبة ثم حجاب الجبروت ثم حجاب الرحمة ثم حجاب النبوة ثم حجاب الكبرياء ثم حجاب المنزلة ثم حجاب الرفعة ثم حجاب السعادة ثم حجاب الشفاعة

    ثم إن الله تعالى أمر نور رسول الله (صلى الله عليه وآله ) أن يدخل في حجاب القدرة

    فدخل وهو يقول سبحان العلي الأعلى وبقي على ذلك اثني عشر ألف عام ثم أمره أن يدخل في حجاب العظمة فدخل وهو يقول سبحان عالم السر وأخفى أحد عشر ألف عام ثم دخل في حجاب العزة وهو يقول سبحان الملك المنان عشرة آلاف عام ثم دخل في حجاب الهيبة وهو يقول سبحان من هوغني لا يفتقر تسعة آلاف عام ثم دخل في حجاب الجبروت وهو يقول سبحان الكريم الأكرم ثمانية آلاف عام ثم دخل في حجاب الكبرياء الكرامة وهو يقول سبحان العظيم الأعظم خمسة آلاف عام ثم دخل في حجاب المنزلة وهو يقول سبحان العليم الكريم أربعة آلاف عام ثم دخل في حجاب الرفعة وهو يقول سبحان ذي الملك والملكوت ثلاثة آلاف عام ثم دخل في حجاب السعادة وهو يقول سبحان من يزيل الأشياء ولا يزول ألفي عام ثم دخل في حجاب الشفاعة وهو يقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ألف عام

    قال أمير المؤمنين عليه السلام ثم إن الله تعالى خلق من نور محمد صلى الله عليه وآله

    عشرين بحرا من نور في كل بحر علوم لا يعلمها إلا الله تعالى ثم قال لنور محمد صلى الله عليه وآله إنزل في بحر العزة فنزل ثم في بحر الخشوع ثم في بحر التواضع ثم في بحر الرضا ثم في بحر الوفاء ثم في بحر العلم ثم في بحر التقى ثم في بحر الخشية ثم في بحر الإنابة ثم في بحر العمل ثم في بحر المزيد ثم في بحر الهدى ثم في بحر الصيانة ثم في بحر الحياء حتى تقلب في عشرين بحرا فلما خرج من آخر الأبحر قال الله تعالى يا حبيبي ويا سيد رسلي ويا أول مخلوقاتي ويا آخر رسلي أنت الشفيع يوم المحشر

    فخر النور ساجدا ثم قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة فخلق الله تعالى من كل قطرة من نوره نبيا من الأنبياء
    فلما تكاملت الأنوار صارت تطوف حول نور محمد صلى الله عليه وآله كما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام وهم يسبحون الله ويحمدونه ويقولون سبحان من هو عالم لا يجهل سبحان من هو حليم لا يعجل سبحان من هو غني لا يفتقر فناداهم الله تعالى تعرفون من أنا فسبق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل الأنوار ونادى أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك رب الأرباب وملك الملوك فإذا بالنداء من قبل الحق أنت صفيي وأنت حبيبي وخير خلقي أمتك خير أمة أخرجت للناس
    ثم خلق من نور محمد صلى الله عليه وآله جوهرة وقسمها نصفين فنظر إلى القسم الأول بعين الهيبة فصار ماء عذبا ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فخلق منه العرش فاستوى على وجه الماء
    وخلق الكرسي من نور العرش
    وخلق من نور الكرسي اللوح
    ومن نور اللوح القلم

    وقال له أكتب توحيدي فبقي القلم ألف عام سكران من كلام الله تعالى فلما أفاق قال أكتب قال يا رب وما أكتب قال أكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما سمع القلم اسم محمد صلى الله عليه وآله خر ساجدا وقال سبحان الواحد القهار سبحان العظيم الأعظم

    ثم رفع رأسه من السجود وكتب لا إله إلا الله محمد رسول الله
    ثم قال يا رب ومن محمد الذي قرنت اسمه باسمك وذكره بذكرك؟
    قال الله تعالى له يا قلم لا تحكم فلولاه ما خلقتك ولا خلقت خلقي إلا لأجله
    فهو بشير النذير وسراج منير وشفيع وحبيب

    فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد صلى الله عليه وآله ثم قال السلام عليك يا رسول الله

    فقال الله تعالى وعليك السلام مني ورحمة الله وبركاته فلأجل هذا صار السلام سنة والرد فريضة

    ثم قال الله تعالى أكتب قضائي وقدري وما أنا خالقه إلى يوم القيامة.
    (عجائب الملكوت نقلا عن عوالم العلوم)

    ففاطمة ستكون أم أبيها كونها هي نور أبيها

    وقد رأينا أو قرأنا كيف أن الله جل جلاله خلق هذا النور وانفرد به طوال هذه المدة، ثم أدخله في حجبه حجابا بعد حجاب، ثم بعد ذلك أدخله في بحور صفاته بحرا بعد بحر، حتى إذا بلغ به منه قاب قوسين أو أدنى بدء به قوس خلقه النازل

    وهذا قد يكون هو معنى امتحنها قبل أن يمتحنها

    فهي وهم أكبر من ذلك، فهي وهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين واحد وليس متعدد، وهم قد قالوا: قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا، فهم قبل العقل، وهم ما بعد العقل، فلا يبلغهم عقل عاقل ولا يصفهم لسان واصف ولا يعرفهم إلا من خلقهم

    فهم نور مخلوق وعبد مرزوق

    والله هو خالقهم وهو منورهم وهو رازقهم
    .

    فائدة أخرى نستفيدها من هذا الحديث النوراني العظيم

    كان الله ولاشيء معه

    فأول ما خلق نور حبيبه صلى الله عليه وآله قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام فلما خلق الله تعالى نور نبينا صلى الله عليه وآله

    فنستفيد من هذا الحديث هذه المعاني

    نور حبيبه تجلى بنور نبيه، وحبيبه هو نفسه نبيه،
    نور الحبيب هو ابو نور النبي، ولكن النبي ما ظهر إلا برحم نور النبي،
    وعليه فنور النبي هي أم النبي،

    وبما أننا قلنا من قبل أن نور الحبيب هو أبو نور النبي،
    فنستطيع أن نقول أن نور النبي هي أم أبيها

    محمد هو نور الحب، أحب أن يتجلى بنور المشيئة فتجلى أولا بنور موضع التجلي، رحم الوجود، ليلة القدر
    ثم تجلى داخل نور موضع التجلي هذا (ليلة القدر) بنور مشيئته، أي أنزل المشيئة بليلة القدر

    ونور مشيئته تجلى بنور السماوات والأرض،

    نور السماوات والأرض تجلى بنور العقل،

    العقل تجلى بالعقل وبالجهل،

    بمعنى أنّ العقل تجلى بكل نور العصمة موضع غياب الأنا،

    والجهل تجلى بكل أنااااا خطّائة،

    والله إذا أحب شيئا شائه وإذا شائه أراده وإذا أراده فعله

    وحبه هو مشيئته ومشيئته هي إرادته وإرادته هي فعله

    ونحن هم فعلهم

    نحن نعبد المعنى المشار إليه بالــــ “هـ” بالتوجه والتقرب إلى ذات إرادته نور السماوات والأرض، النازلة علينا بفيض ذات مشيئته، والتي باستمرار فيضها كسبنا وجودنا واستمرار وجودنا، والذي(وجودنا) ما انوجد وما استمر بالوجود لولا نور الحب مبدئنا ومنتهانا

    ولولا نور الحب مبدئنا ومنتهانا لما هُدينا لمعرفة نوره، ولا لعبادة المعنى المشار إليه بالإسماء، وكما بدأنا بحب ، سننتهي بحب

    عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} الليلة: فاطمة، والقدر: الله، فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر.

    هذه الرواية الكريمة لو تدبرنا معناها مع السابقات سنجد أن المعنى سيختلف كثيرا

    فالرواية تقول أن ليلة القدر هي فاطمة، فإذا أخذنا هذه الجزئية ووضعناها في مكانها في الرواية السابقة ونرى النتيجة التي سنحصل عليها حينئذ:

    يا ليلة القدر الممتحنة، امتحنك الله الذي خلقك يا ليلة القدر قبل أن يخلقك، فوجدك يا ليلة القدر لما امتحنك صابرة

    والرسول صلى الله عليه وآله كما الوجود بأجمعه قد خُــلق في ليلة القدر، من هذا المعنى الجديد يمكننا أن نقول أن ليله القدر(فاطمة سلام الله) ليست فقط أمّ أبيها، بل هي أم الوجود، وأن الوجود بأكمله لم يكن ليزهر قدر حجم بعوضة لولا نور ليلة القدر سلام الله ومشكاته والتي لولاها لما أشرق نور صبح الأزل ولما أصبحت الزجاجة كأنها كوكب دري،

    وبالتأكيد لو تمعنا في هاتين الروايتين الشريفتين فإننا سنستخرج معاني شريفة وعميقة تقرب لنا بعض المقامات الشريفة لأهل بيت النبوة والشرف سلام الله عليهم أجمعين

    وفي مرتبة ليلة القدر لا يوجد اختيار لها صلوات الله وسلامه على أبيها وبعلها وبنيها وصلواته عليها،
    ففاطمة في مرتبة ليلة القدر لا اختيار لها في كونها بهذه العظمة، فحتى بمرتبة العلم لم يكن لها اختيار في كونها بهذه العظمة، وجميع الأنبياء والأئمة كذلك لا اختيار لهم في كونهم أصبحوا معصومين،

    فتلك القطرات المائة وأربعة وعشرون ألف قطرة والتي تقطّرت من نور محمد صلوات الله وسلامه عليه لم تتقطر بإرادتها من نوره، وبالتالي لن تصبح تلك القطرات أرواح رسل وأنبياء وأئمة لسابق اختيار منها أو اختبار عليها،

    إنه الإصطفاء،

    والإصطفاء يكون بإرادة المصطفي لا بإرادة المصطفَى،
    وبالتأكيد الإصطفاء يكون عن علم، ولكن لا علاقة للمعلوم ولا لإرادته بعملية الإصطفاء التي وقعت عليه، فالله جعله جبرا على تلك الهيئة الكاملة التي أرادها لتلك القطرات النورية، فمن علمه اختار العصمة وبمشيئته خلقها وجعل لها ذوات تتصف بها تكوينيا

    فمرتبة ليلة القدر وباقي المعصومين (تلك القطرات) قبل التنزّل في عوالم الذر والمادة لا اختيار بها وعلى كل المقاييس للمُختارة ، فهو قد خلقها صابرة، بل بخلقها لها هو قد خلق الصبر نفسه مع جميع مكارم الأخلاق

    أمّا في مرتبة فاطمة الزهراء بنت رسول الله وحليلة وليّ الله وأمّ الأنوار صلوات الله عليهم أجمعين فصبرها وصبرهم هو تحصيل حاصل، فهم يصبرون على ما يعلمون،

    فتلك الإبتلائات التي وقعت عليهم هم من كتبوها، فمن هو نون؟ ومن هو القلم؟ ومن هو اللوح؟ ومن هو الكتاب؟ ومن هي أمّ الكتاب؟

    فكيف لمن كتب وللقلم الذي كُتب به ما كان وما يكون إلى انقضاء الساعة من أفراح وأحزان ومصائب وابتلآئات جميع الخلائق، بل وكتبوا على أنفسهم أيضا جميع انواع الابتلاآت أن لا يصبروا على ما كتبوه هم على أنفسهم؟

    فهم يصبرون على ما يعلمون، وهم يعلمون بالبلاء قبل أن يتحقق لأنهم هم نون وهم القلم وهم الكتاب وهم أم الكتاب وهم الإمام المبين وهم النور المبين وهم نور الله نور السماوات والأرض وهم النور على النور

    فهم قد كتبوا على جميع الأنبياء أصتاف الأبتلائات ولكنهم كتبوا على أنفسهم أكبر وأكثر وأقسى الابتلائات حتى قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه وآله لم يتعرض نبي للأذى قط قدر ما أ ُذيت، وقس على ذلك ما تعرض له بقية المعصومين وغير المعصومين من آله من أذى وحتى يومنا هذا

    فلذلك قالوا صلوات الله عليهم إن صبرنا أصعب من صبرهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فنحن نصبر على ما لا نعلم، فأنواع المصائب والإبتلائات تباغتنا وتخاتلنا وتضربنا على حين غرة في كل حين من دون أن نعلم ماذا ينتظرنا منها

    ولكنهم يعلمون لأنهم هم من كتبوا

    وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار

  • The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.