● قال مولى الموحدين عليه السلام : أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده.
● أنواع الوحدة:
1. الوحدة الاعتبارية: وهي الوحدة التي تنتزع من المتكثرات بما هي متكثرات متباينة على نحو اعتباري محظ.
2. الوحدة السارية التشكيكية: هي وحدة موجودة في الخارج وفي قبالها كثرة موجودة في الخارج، ولكن الوحدة سارية في الكثرة.
3. الوحدة الحقيقية الاطلاقية: لا تقبل في قبالها شيء ذاتي ولكن توجد في قبالها كثرة ظلية انعكاسية آياتية حكاياتية.
● من أكبر المشكلات التي تواجه العرفان، كيف نوجه الكثرة التي تتراءى لنا في قبال الوحدة؟
● وهنا وجدت ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: يرى الكثرة حقيقية والوحدة إعتبارية عقلية.
الاتجاه الثاني: يرى الكثرة وهمية والوحدة حقيقية.
الاتجاه الثالث: يرى الكثرة حقيقية والوحدة حقيقية
● وصف للاتجاهات الثلاثة السابقة:
الاتجاه الأول: التكثرات الخارجية لها منشأ انتزاع ينتزع منها مفهوم الوحدة.
الاتجاه الثاني: لا يوجد مصداق للكثرة وإنما جميع التكثرات عبارة عن وهم.
الاتجاه الثالث: التكثرات موجودات في نفس الأمر، متخالفة بالماهيات لترتب الآثار المختلفة عليها ووحدتها حقيقية لوحدة الوجود. وهذا هو الاتجاه الذي استقر عليه العرفاء والحكماء والفلاسفة.
● تمهيد القواعد بتعليقة الاشتياني ص 262:
في تعليقه على حديث الإمام الصادق عليه السلام : ” إن الجمع بلا تفرقة زندقة، والتفرقة بدون الجمع تعطيل، والجمع بينهما توحيد “
قال : ” وقد ذهب جمع من المتصوفة إلى أن الوجود حقيقة واحدة لا تكثر فيها ولا تشؤون لها، وما يرى من الممكنات المتكثرة أمور موهومة باطلة الذوات، يتخيلها الواهمة كثانية ما يراه الأحول، وهذا زندقة وجحود ونفي له تعالى، لأن نفي الممكنات يستلزم نفي فاعليته تعالى. ولما كانت فاعلية الحق نفس ذاته، فنفي فاعليته يستلزم نفي ذاته فإليه أشار بقوله إن الجمع بلا تفرقة زندقة.
وقد ذهبت طائفة أخرى منهم إلى أن الممكنات موجودة متكثرة ولا جاعل ولا فاعل لها خارج عنها والوجود المطلق متحد بها بل هو عينها، وهذا ابطال لها وتعطيل لها في وجودها، فإنه لا معطي لوجوده، لأن المفروض أن لا واجب خارجا عنها، والشيء لا يعطي نفسه، ولا يتصف الممكن بالذات بالوجوب الذاتي، وإليه أشار بقوله والتفرقة بلا جمع تعطيل.
ويظهر من ذلك أن كلا القولين يدل على التناقض، لأن الجمع بلا تفرقة يستلزم نفي الجمع.
ولما كان الحق في مقام غيب ذاته غنيا عن العالمين، وبحسب تجليه وظهوره يكون عين الكثرات، وأن الكثرة ناشئة عن الوحدة، والوحدة مقومة الكثرة، كان الحق بحسب تجليه ومظاهره عين الكثرات، والكثرات بجهة الوحدة مستجنة في غيب الذات، والكثرة الحاصلة في العالم حصلت من ظهور الوحدة، فهو الظاهر والمظهر ولكن باعتبارين، لذا قال والجمع بينهما توحيد “.
● احتمالات العلاقة بين الوحدة الحقيقية والكثرة الحقيقية :
1. أن نتصور الوحدة في شيء، والكثرة في شيء آخر.
2. أن نفترض أن الوحدة والكثرة كلاهما في الوجود لكن الوحدة في الاجمال والكثرة في التفصيل.
3. أن نفترض الوحدة والكثرة في الوجود ولكن الوحدة في عين الكثرة والكثرة في عين الوحدة ( اختاره صدر المتألهين ).
4. الحقيقة في الوحدة لا تسانخ الحقيقة في الكثرة، وإنما الوجود واحد والتكثرات ما هي إلا انعكاسات حقيقية حاكية عن الوحدة.
● الأمثلة التي تقرب الاحتمال الأخير الذي يختاره مشهور العرفاء:
1. لو ولد إنسان ولم يرى أمامه إلا مرآة كبيرة يجهل حقيقة أنها مرآة، فوجد فيها حياة وموتا وحربا ونموا وشجرا و و ، لو جلست أمامه سنين تخبره أن لا واقعية لهذه الأمور، فلن يتقبل أبدا كلاما يخالف حسه، ولن تنكشف له الحقيقة إلا إذا تم تكسير المرآة ووجه نظره إلى الجهة المقابلة، فيكتشف أن ما كان يظنه حقيقة ما هو إلا عاكس لها وليس له وجود. ولكنها صور حقيقية ليست كاذبة.
☆ وجاء نفس هذا المثال في مناظرة للإمام الرضا عليه السلام مع عمران الصابئي / توحيد الصدوق ص 434
ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق أم الخلق فيه؟ قال الرضا عليه السلام: جل يا عمران عن ذلك، ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه، تعالى عن ذلك، وسأعلمك ما تعرفه به ولا حول ولا قوة إلا بالله، أخبرني عن المرأة أنت فيها أم هي فيك؟!
فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه فبأي شئ استدللت بها على نفسك؟! قال عمران: بضوء بيني وبينها، فقال الرضا عليه السلام: هل ترى من ذلك الضوء في المرآة أكثر مما تراه في عينك؟ قال: نعم، قال الرضا عليه السلام: فأرناه، فلم يحر جوابا،قال الرضا عليه السلام: فلا أرى النور إلا وقد دلك ودل المرآة على أنفسكما من غيرأن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا،ولله المثل الأعلى.
2. قال تعالى (( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ))
وجود الممكنات بأجمعها آية وحكاية.
– عبد الرزاق الكاشاني تفسير القران مجلد2 ص 162
إعلم أن ماهيات الأشياء وحقائق الأعيان هي ظل الحق وصفة الوجود المطلق. فمدها يعني إظهارها باسمه النور الذي هو الوجود الظاهر الذي يظهر به كل شيء ويبرز ويتم العدم إلى فضاء الوجود. ومن هنا نفهم قوله تعالى ( الله نور السماوات والأرض ). وقوله ( ولو شاء لجعله ساكنا ) أي ولو شاء لبقي في مرتبة البطون ولم يظهر إلى مقام الظهور.
● الوحدة الشخصية: الوجود واحد لا شريك له.
● لو وقفت في غرفة وحولك مراء مضلعة مختلفة مسدسة ومخمسة ومربعة، فستكون لك شؤون بعدد تلك المرائي، ولكن الحقيقة واحدة ليست إلا أنت لا غير، وكل ما رأيته من تجليات تلك الحقيقة الواحدة.
كذلك الوجود المطلق، هو حقيقة واحدو تجلت في شؤون متعددة وعليه فتلك الشؤون ليست أفراد تلك الحقيقة بل هي صورها وشؤونها، وكل ما هنالك أنا نتكلم في مستوى العلم الحصولي، ولم نر صاحب الصورة، فعندما نأتي إلى هذه الصور نحسبها أفرادا متعددة في قبال الحقيقة الواحدة، أما من يدرك هذه الحقيقة فيقول: ليس في الدار غيره ديار. هو وجود واحد لا غير وكل ما عداه شؤونه وصوره وآياته.