- This topic has 0 replies, 1 voice, and was last updated 5 months, 1 week ago by .
-
Topic
-
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
حسب رواية أمير المؤمنين عليه السلام فإن كل إنسان يعيش تجربة مادية على هذه الأرض يتكون من أربعة أنفس
ثلاثة منهم يحملون الخصائص الفردية للنفس الانسانية حين ستنزل على الأرض والنفس الرابعة هي النفس الكليّة الالهيّة المنطويّة بتلك الانفس الثلاثة والتي بسبببها ستشعر تلك الانفس الثلاثة بالحياة
فالنفس الرابعة هي قوة الحياة التي تهب الحياة لكلّ شيء تنطوي به ،، فهي الجوهرة الحيّة بالذات.ـ
سنضع هنا نص الرواية بقربنا لنتبارك به اولا وأيضا لنستفيد منها بشكل مباشر:ـ
روي ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له:ـ
عن اي نفس تسأل؟
فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟
فقال عليه السلام:ـ
نعم نفس نامية نباتية
ونفس حسية حيوانية
ونفس ناطقة قدسية
ونفس إلهية ملكوتية كلية.ـقال: يا مولاي ما النامية النباتية؟
قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.ـ
فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها. ـ
فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟
قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.ـ
فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟
فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .ـ
فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟
قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب)……….انتهى
عند حلول موعد موت الانسان ، أو عند حلول موعد انتهاء كرّته التي يكرّها على الأرض فإن نفسين من أنفسه الثلاثة سينتهي دورهما حينها فيتحللان وتعود كل نفس منهما لما منه بدأت
وتلك النفسان هما النفس النامية النباتيّة والنفس الحسيّة الحيوانيّة
بينما ستعود النفس الناطقة القدسيّة التي لا تموت ولا تفنى لمجاورة ربها أو لمجاورة نفسها العليا المسؤولة عن تربيتها وتكون النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية ((والتي تبين لنا سابقا أنها هي نفسها الكونداليني))ــ مستبطنة او مكنونة بها، فهي لا تغادرها نهائيّا،، وهذا هو نفسه سبب خلود النّفس النّاطقة القدسيّة وعدم فنائها
وفي هذا المقال سنحاول إن شاء الله أن نبيّن كيف يتم تركيب هذه الأنفس الأربعة مع بعضها البعض ، أو فوق بعضها البعض بحيث أنّهم جميعهم يكوّنون شخصيّة واحدة لأناً واحدة بحيث أن أي جزء منها سيقول أنا فكأنه قالها أيضا بلسان الأجزاء الثلاثة الباقية
في المقال السابق والذي كان عنوانه
النفس الناطقة القدسية و النفس الحسيّة الحيوانية
قلنا أن كلّ انسان أو كلّ نفس ناطقة قدسيّة لها بصمة كونيّة أو ذبذبة كونيّة خاصة بها وحدها لا تماثلها او لا يشاركها بها أي مخلوق آخر
وأنه عندما يتم تفصيل أو صناعة نفس حسيّة حيوانيّة جديدة لها لتكون مواصفاتها مناسبة لظروف أي كرة جديدة ستكرّها فإنه سيتم صناعة تلك النفس الحسيّة الحيوانيّة بحيث تكون بصمتها الكونيّة او ذبذبتها الكونيّة مطابقة لنفس بصمة او نفس ذبذبة النفس الناطقة القدسيّة التي صُمّمت خصيصا من أجل أن يتم المزاوجة بينهما
وكذلك فإن البدن سيتم صناعته أو إنشائه بنفس هذه البصمة او الذبذبة الكونية للنفس الناطقة القدسية والنفس الحسية الحيوانية أيضا
وبذلك فإنّ أي نفس منهم ثلاثتهم ستنطق أو ستشعر أو ستفكّر فإن النفسين الأخريتين ستشعران أنهما هما أيضا من نطقتا وشعرتا وفكّرتا و و و و
الأمر في ذلك يشبه أن تقوم ثلاث محطات إذاعية بالبث على نفس الموجة اللاسلكيّة ، وعندها فان الراديو المخصص أو الموّلف لاستقبال هذه الموجة بالذات سيستقبل البث من تلك المحطات الثلاثة وبنفس الوقت ،، وسنسمع منه ما ستبثه تلك المحطات الثلاثة وكأنّه بث واحد من محطة اذاعيّة واحدة
وما لم يتم التنسيق بين تلك المحطات الثلاثة في عمليات بثّها فسيصبح بثهم ثلاثتهم بثّ مشوش لا يمكن فهم أي معنى منه
لكن لو تم التنسيق بينهم في من يبث منهم ومن يتوقف في كلّ لحظة من لحظات النهار فسيمكنهم حينها ان يعزفوا أجمل الالحان ويخرجوا أفضل البرامج واللقاءات
مثل هذا التنسيق يجب أن يتم كذلك بين الاجزاء الثلاثة للنفس الانسانية لكي يستطيع الانسان ان يشعر بوحدته الشخصية ولا يشعر بالتشويش يسري في كل كيانه
ولذلك فإنّ الطفل منذ لحظة شعوره بنفسه وهو لا يزال داخل رحم أمّه وحتّى لحظة خروجه ونموه وبلوغه حدّ الرجال او حدّ النساء فإنّه سيقوم شيئا فشيئا بترتيب وتنظيم عمليّة استقباله وبثّه لتلك الاشارات الصادرة من تلك الاجزاء الثلاثة وفرزها وترتيبها بشكل متناسق بحيث يشعر معها وكأنّه جزء واحد غير متنافر، وانّه انسان واحد متكامل
إذا تبيّن لنا هذا الأمر ننتقل الآن لما عقدنا هذا المقال لتبيانه ،، وهو ماذا سيحصل للنفس الناطقة القدسيّة إن ثقلت موازينها وتقرر عدم إرسالها مرة أخرى لتكرّ في العوالم الأرضية كرّات جديدة والتي كان يتم تزويجها بها دائما ببدن ماديّ طينيّ جديد ونفس حسيّة حيوانيّة جديدة تحملان نفس ذبذبتها او بصمتها الكونية كما وضّحنا ذلك قبل قليل؟
فهل سيتم تزويجها ببدن جديد يناسب الحياة الجديدة التي ستبدء معايشتها في عالم السماء مع الملائكة والروح؟
أم انها ستبقى فيه على نفس الصورة التي تمّ تصويرها عليها في بداية خلقها ولن يتم تزويجها فيه بأيّ بدن أو بأيّ جزء إضافي آخر جديد يناسب العالم الجديد الذي ستعيش فيه للأبد؟
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ
من الرواية التالية سيمكننا أن نعرف ماذا سيحصل مع من سيسكنون جنّة السماء ويتشاركونها مع الملائكة والروح
روي عن جابر بين يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : أوحى الله عزَّ وجلَّ إلى رسوله :ـ
إني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال
فدعاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأخبره
فقال : لولا أن الله تبارك وتعالى أخبرك ما أخبرتك ، ما شربت خمراً قط; لأنّي علمت أني إن شربتها زال عقلي ، وما كذبت قط; لأن الكذب ينقص المروَّة ، وما زنيت قط; لأني خفت أني إذا عملت عُمل بي ، وما عبدت صنماً قط; لأني علمت أنه لا يضرُّ ولا ينفع ، قال :ـ
فضرب النبي ( صلى الله عليه وآله ) يده على عاتقه وقال : حق لله عزَّ وجلَّ أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة…….إنتهى
ولقد جعل له الله عزّ وجلّ فعلا بعد استشهاده جناحين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة
فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في إحدى خطبه:ـ
ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب ، له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة ، لم يُنحل أحدٌ من هذه الأمة جناحان غيره
شيء كرَّم الله به محمَّداً ( صلى الله عليه وآله ) وشرَّفه ، والسبطان : الحسن والحسين ، والمهدي ( عليه السلام ) يجعله الله من يشاء منّا أهل البيت
ثمَّ تلا هذه الآية : « وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللهِ وَكَفَى بِاللهِ عَلِيماً » ـ…..إنتهى
فباستشهاده صلى الله عليه وآله بهذه الآية الكريمة هو يريد أن يقول لنا أنّ كلّ من يطع الله والرسول ويتقرر أخيرا اقامته في عالم السماء مع الملائكة والروح فإنّه سيحصل أيضا على هذين الجناحين
وجعفر بن أبي طالب كان هو أوّل من نال من أمّة محمد صلى الله عليه وآله هذان الجناحان وبعده سينالها أفراد آخرين
والقرآن الكريم يقول لنا أنّ لموجودات عالم السماء من الملائكة والروح مراتب ومقامات مختلفة ومعلومة
وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ
ويقول لنا كذلك أنّ أجنحة الملائكة ليست على مرتبة واحدة ،، فمنهم من له جناحين ومنهم من له ثلاثة ومنهم من له أربعة
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير
وكون أن بعض الملائكة لها ثلاثة أجنحة يقول لنا أنها لا تخفق بهذه الاجنحة لتطير بها كما تخفق الطيور بأجنحتها حين تطير
ولمعرفة كيف تطير الملائكة سنذهب للرواية التالية:ـ
رقم الحديث: 692 (حديث مرفوع) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي
قَالَ :أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ
قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ
، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ
قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الإِيَادِيُّ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :ـ” بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَّ ، فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا مِثْلُ وَكْرَيِ الطَّيْرِ
فَقَعَدَ جِبْرِيلُ فِي أَحَدِهِمَا ، وَقَعَدْتُ فِي الآخَرِ
فَسَمَتْ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ
وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفَيَّ ، فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسَسْتُ
فَالْتَفَتُّ إِلَى جِبْرِيلَ فَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ حِلْسٌ
فَعَرَفْتُ فَضْلَ عَلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّفَفُتِحَ لِي بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ وَرَأَيْتُ النُّورَ الأَعْظَمَ
وَإِذَا دُونِي حِجَابٌ رَفْرَفُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ
فَأَوْحَى إِلَيَّ مَا شَاءَ أَنْ يُوحِيَ “ـ……إنتهىمن هذه الرواية يتبيّن لنا جليّا أنّ وسيلة طيران الملائكة في جنّة السماء هي مركبات فضائيّة طائرة وليست أجنحة كأجنحة الطيور
كما ويتبين لنا منها كذلك أن جبرائيل على نبينا وآله وعليه السلام له بدن نوراني جميل خاص به ويمتاز به كذلك عن غيره
ومن غير الواضح في هذه الرواية معنى الأجنحة وماهيتها وكم هو عدد أجنحة مركبة جبرائيل على نبينا وآله وعليه السلام
نعود للجناحين اللذان حصل عليهما جعفر الطّيار ونقول أنّه أيضا مركبة طائرة
هذه المركبة الطائرة المصنوعة له شخصيا تحمل أيضا بصمته الكونية ولذلك فهي تعتبر بدن له وجزء منه ،، فهي تسمعه ويسمعها ، وتنفذ أوامره وطلباته بدون اعتراض ومناقشة تماما كما أن أعضاء بدننا تمتثل لأوامرنا وطلباتنا بدون مناقشة
فانت عندما تقرر المشي فبدنك سيمشي ، وحينما تقرر التوقف فبدنك سيتوقف ،، وهكذا عندما تريد أن تأكل وتشرب وتقرء وتسمع وترى وتركّز وتفكّر و و و و
فإنّ بدنك سيمتثل لك في كلّ ما تريده حتّى ولو قررت أن تلقي بنفسك من شاهق
فبدنك المادي الطيني هو جزء أصيل لا يتجزء منك وهو يخضع بشكل تام وكامل لقدرتك وقرارك وارادتك ومشيئتك كيفما كانت
فسواء أكان سبب مشيئتك هو لإرضاء رغبات نفسك الحسيّة الحيوانيّة أو كان لإرضاء رغبات وتطلعات نفسك الناطقة القدسيّة فإن بدنك سيمتثل لمشيئتك بدون أيّة مقاومة او أيّة معارضة
وهكذا سيتم صناعة هذه السفينة الفضائية أيضا لكل من سيتقرر له أن يعيش في عالم السماء ويتشاركه مع الملائكة والروح
وسيتم صناعتها بشكل خاص لكلّ من سيتم رفعه للسماء بحيث تكون بصمتها الكونيّة هي نفس البصمة الكونية لذلك الانسان المرفوع للسماء
بحيث أنّك عندما تفكر فإنّها ستسمعك وعندما تتخيّل فإنّها سترى ما ستتخيّله أنت بخيالك تماما كما يحدث الان معك ،، فنفسك عندما تفكر الأن بأمور غيبيّة وما ورائية مثلا فأن دماغك الرخو في تجويف الرأس سيفكر معك بنفس تلك الأفكار وسينشط به الجزء الخاص بالتفكير بالامور الغيبية والماورائية
فكّر بالجنس سينشط جزء آخر من دماغك
فكّر بالرياضيات سينشط حينها جزء مختلف
فكّر بالحيلة والشيطنة والمكائد وسينشط من دماغك المادي الجزء الخاص بهذه الامور فقط
أحيانا يترك الانسان نفسه الحسيّة الحيوانيّة تفكر وتتخيّل أمور ومشاهد قد تكون جنسيّة أو غضبيّة أو أي مشهد آخر ليشعر هو بالمتعة أو الغضب او الخوف أو أي شعور أخر من خلال نفسه الناطقة القدسيّة التي ستتأثر بجميع ما ستراه وتسمعه من الخيالات والتفكرات والتصورات التي ستقوم بها النفس الحسيّة الحيوانيّة
فالأمر حينها يشبه اثنين يجلسان معا ، وأحدهما شاطر جدا ومُغرم جدا في تصوير المشاهد والمشاعر الجنسيّة والمغامراتيّة من خلال تلاعبه بالكلمات ونبرات الأصوات ،، والآخر يجلس أمامه وقد ارتخت أو تقلصت جميع مشاعره وقسمات وجهه وهو يستمع له وحسب ما يرويه له الآخر من صور الأحداث
مثل هذا الامر يحدث الآن داخل كلّ نفس انسانيّة مركّبة من نفسين وبدن
فعندما يترك الانسان المجال للنفس الحسيّة الحيوانيّة أن تكون هي المتكلمة دائما فإن النفس الناطقة القدسيّة سترخي جفونها طربا وتنشكح في مكانها تراقبها وهي تعمل وتتحرك
وبنفس الوقت سنجد أن البدن الذي يجمعهما يتأثر أيضا بجميع التصورات التي ستتصورها النفس الحسية الحيوانية ،، سواء كانت تصورات جنسيّة او غضبيّة او تصورات تبعث الخوف او القلق او غير ذلك من المشاعر
فمقابل كل تصور ستتصوره أو تتخيّله النفس الحسيّة الحيوانيّة سنجد أن البدن سيكون له ردة فعل مختلفة
نفس هذا الامر يمكن حدوثه أيضا بين الجالس في تلك المركبة الفضائية وبين صاحبها
فهو يمكنه أن يترك للسفينة أن تفكر وأن تذهب في خيالها لأي عالم يعرفانه وهو سيعيش معها حضوريا جميع تلك المشاعر المرافقة لما ستتخيله السفينة له من المواقف وكيفما كانت
وتماما كما انه سيشعر بما يحدث بتلك المواقف والمشاهد فإن نفس السفينة ستشعر أيضا وبنفس القوة كذلك بنفس تلك المشاعر التي سيشعر بها جزئها الآخر الجالس وسطها ،، فهما كيان واحد يعملان على ذبذبة واحدة،، تسمعه حين يفكّر ويسمعها حين تفكّر
هذه السفينة الفضائية الحيّة حين سيريد ذلك الانسان المستلقي على أريكته وسطها (((والذي هو جزء لا يتجزء منها وهي كذلك جزء لا يتجزء منه))) أن يعيش أي شعور أو أي صورة من صور الحياة فسيتحول داخلها لعالم هولوجرامي مطابق في واقعيته ومشاعره التي سيشعر بها داخلها لنفس واقعية ومشاعر العالم الحقيقي الخارجي ما لو كان هو به فعلا وواقعا
يعني لو انّه بالاصل كان من كوكب الأرض مثلا وكان يستمتع فيه بشعور أشعّة الشمس الحارة وملمس الماء المالح على جلده وهو يسبح على شواطئ بحاره،، فإنّه ما لو انّه تخيّل هذا الامر وهو داخل غرفته السماويّة المحلّقة في أعماق السماوات فإنه سيحصل حينها على نفس تلك المشاعر والأحاسيس وبصورة كاملة
بل انّها وبالتأكيد ستكون أجمل بكثير لأنّها ستكون مشاعر وأحاسيس كاملة ومثاليّة ،، لأنّه هو من يتصورها لنفسه تماما كما يريدها ويتمناها وبدون أن يكون هناك أيّ منغّصات خارجيّة او أيّة عراقيل جانبيّة
فهو لو أراد مثلا أن يعيش بها أحداث مغامرة ما ، فستكون تلك المغامرة مغامرة كاملة من كلّ جهاتها،، لأنّه سيكون بها أشجع من عنتر بن شداد ،، وأمهر من بروسلي في مهاراته القتاليّة، وأمكر من الشيطان ،، وأسرع من البرق ،، وأقوى من سوبرمان، و و و و و
ولو أراد ان يستمتع بمغامرة جنسيّة فستكون مغامرته تلك وفي كلّ مرة جديدة هي دائما المغامرة الأروع على الإطلاق لأنها مغامرة هو من يخلقها بكل تفاصيلها بنفسه لنفسه
وهكذا ما لو انّه أراد أن يعيش مرة أخرى أيّ تجربة وأيّ شعور شعره سابقا خلال كرّات حياته كلها في كل العوالم التي عاش بها ومهما كان نوع ذلك الشعور فسيمكنه ذلك بكل يسر
لكنه لن يستطيع أن يخترع مشاعر جديدة لم يشعر بها حضوريا في السابق ولم يمرّ حضوريا بتفاصيلها
فهو مثلا ان كان لم يكرّ الا على كوكب الارض فإنّه لن يستطيع أن يعيش الاّ تلك المشاعر والمواقف والمغامرات التي عاشها من خلال كرّاته الكثيرة على كوكب الارض
أمّا غيرها من المشاعر والمواقف التي تم برأها في العوالم الأخرى فهو لا علم له بها على الإطلاق ،، ولذلك فانّه لن يستطيع ان يعيشها في غرفته السماوية
وطريقته الوحيدة لكي يتعلم المزيد من تلك المشاعر الجميلة المختلفة هو أن يعيشها حضوريا بنفسه في نفس تلك العوالم من خلال مساهمته في برأها مع المساهمين
لكن هذه المُتع والمشاعر الجميلة لن يمكنه أن يحصل عليها من عوالمها الأرضيّة خالصة وبدون آثار جانبيّة مرافقة لها
فالحصول من العوالم الأرضية على معنى وحقيقة هذه المتع الموجودة في كل عالم منها هو دائما أمر محفوف بمكاره نفس تلك العوالم الأرضية ،فهو لكي يتعلم حضوريا المشاعر الجميلة فيه فإنه يجب عليه أن يمر حضوريا بتلك المشاعر المؤلمة أيضا
فأمر حصوله على متع هذا العالم أو ذاك من العوالم هو أمر مشروط بمعايشته لألام ومخاطر تلك العوالم أيضا
لكن الرغبة الجارفة والكبيرة بالتعرف على المزيد والمزيد من صور تلك المشاعر الجميلة هي من ستدفعه دائما لأن ينزل طواعيّة في تلك العوالم الأرضية رغم جميع مكارهها وذلك لكي يتعلم المزيد والمزيد منها لكي يعيشها بنفسه بعد ذلك أين ما ومتى ما شاء ذلك داخل سفينته الفضائية والتي هي جزء لا يتجزء من وجوده
هذه السفينة الفضائية او الطبق الطائر أو النجيبة أو الغرفة السماوية هي نفسها الحور العين التي سيتم تزويج الانسان بواحدة منها ان كُتب له أن يكون من أهل السماء
ففي العوالم الأرضية يتم تزويج النفس الناطقة القدسية بنفس حسية حيوانية لكي تستمتع بها بمتع تلك العوالم الارضية
أمّا في عالم السماء فسيتم تزويج النفس الناطقة القدسية بالحور العين بدلا من النفس الحسية الحيوانية
والحور العين هي نفسها هذه المركبة أو هذه الغرفة السماوية والتي سيستطيع أن يعيش بها ومعها كل ما سيستطيع أن يتصوره ويتخيله من المتع الموجودة في كل السماوات والأرض والتي سيتعرّف عليها معها تحت آلآف القبب السماوية في عالم الوجود والامكان
يعني الحور العين هي الوسيلة التي ســ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ () يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ
إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا
وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا
ـ((قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟»ـ
قال: إي وربي ، إنه لشيعتك
وإنهم ليخرجون يوم القيامة من قبورهم يقولون: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي بن أبي طالب حجة الله
فيؤتون بحلل خضر من الجنة ، وأكاليل من الجنة ، وتيجان من الجنة
و نجائب من الجنة
فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء
ويوضع على رأسه تاج الملك وإكليل الكرامة
ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
.
- The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.