بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
ـــــــــــــ
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
قبل أن نكتب أو أن نقرء المقال التالي يجب أن نضع نصب أعيننا على هذه الآية ومضمون هذه الرواية
مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُون (( سورة ص – آية 69))ـ
وعن أمير المؤمنين: ان الله خلق الف آدم قبل آدمكم والف عالم قبل عالمكم وانتم ادنى وآخر هذه العوالم.ـ
فنفس اجتماع الملأ الأعلى الذي تم عقده قبل أن يتم البدء بالتنزل بصور أحداث وموجودات عالم آدمنا الحالي قد تم عقده أيضا كذلك ألف مرة بل ألف ألف مرّة سابقة ولنفس الهدف، قبل أن يبدؤا بالتنزل بصور أحداث وموجودات الأمم السابقة ، وسينعقد كذلك لألف ألف مرة جديدة بعد أن تنتهي أحداث قصة آدمنا
كيف يمكننا أن نتصور أن الملائكة والروح تتنزّل بإذن ربهم من كلّ أمر بين مخلوقات خُلقت خصّيصا لكي تعبد ونحن نرى أن نفس هؤلاء الناس يعبدون ألف إلاه وإلاه
وأن وكلّ هؤلاء الناس ورغم اختلاف آلهتهم وطرق عباداتهم لها
نراهم يتوسلون بتلك الآلهة التي يعتقدون بها وتتحقق لهم بالفعل غاياتهم وتوسلاتهم وأدعيتهم حين يتوسلون بتلك الآلهة ويدعونها لتستجيب لهم
والأكثر من ذلك هو ان ذلك لا يحصل دائما بشكل عادي،، بل انه كثيرا ما يتم بشكل إعجازي غيبي خارج عن نطاق المألوف والعادة، وهذا ما يدفع هؤلاء الناس للتمسك أكثر وأكثر بتلك الآلهة التي يعبدونها
وبما أن الملائكة والروح كانت ولا تزال هي من تتنزل باذن ربهم من كل أمر فكيف يمكننا إذن أن نتصور دور الملائكة والروح في التّـنزّل بعمليات ظهور تلك المعجزات وتحقق تلك الطلبات والأدعية لمن يعبدون جميع تلك الآلهة على مختلف صورها ودرجاتها؟
وما هي علاقتهم ببعض أنواع السحر وبتسخير الارواح؟
وما هي علاقتهم بتعدد الأديان والمذاهب على هذه الأرض؟
وما هي علاقتهم بأي شيء جرى ويجري وسيجري على هذه الأرض؟
قلنا في عدة مواضيع سابقة أن ما نقوم به مع الملائكة والروح هو عملية برء المكتوب في كتاب الله المكنون من العلوم والاحداث
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
فنحن كنفوس ناطقة قدسيّة نقوم على مراحل متتالية وبالتعاون مع الملائكة والروح بعملية برء العلم المحصيّ في الكتاب أو في أم الكتاب
وبرأه يعني اخراجه من حالة مكونه كعلم كلّيّ ومكنون في الكتاب المكنون لحالة ظهور تفاصيله وتحوّله لعلم حضوري بالنّسبة لنا
فالعلم المكنون سيتحول لنا علم حضوريّ ومفصل من خلالنا نحن
لأننا نحن من سنحتاجه في حياتنا ونحن من سنفكّر ونتفكّر به
ونحن من سنتصوره ونتكلم به
ثمّ نحن من سنقدّر مقاديره
واخيرا نحن من سنصنع بأيدينا من المواد المختلفة الموجودة في الطبيعة من حولنا او من تلك التي سنقوم بتصنيعها هي أيضا من أجل أن نصنع منها تلك الاشياء والصور العقليّة التي تصوّرناها وقدّرناها
وبعد كلّ ذلك نحن من سنشعر بما سنصنعه
ونحن من سنعيش تفاصيله ومعناه وكل مشاعره
هذا هو معنى عملية البرء
وقلنا من البداية تقريبا ان الذين كانوا حاضرين في اجتماع الملأ الأعلى قبل أن يبدؤا بالتّنزّل بتفاصيل وأحداث قصة آدم وذريته على كوكب الأرض كانوا عدة مجاميع مختلفة قلنا أنها :ـ
ـ1ـ المجموعة الأولى هي مجموعة الكافرين
وقلنا أن صفة الكافرين هنا هي ليست صفة أخلاقية مذمومة لهذه المجموعة في هذا الموضع ،، بل انّها صفة لوظيفتها
وقلنا أن الكافرين تعني المغطّين
فهذه المجموعة مهمتها هي التنزل داخل قبّة آدمنا هذه التي نعيش جميعا فيها بعمليات تغطية الحقائق وتعميتها على الناس بكل وسيلة ممكنة
ولذلك الهدف فإن أفراد هذه المجموعة يحلفون على الله بالكذب وهم يعلمون بكذبهم ،، لكن هذا هو تكليفهم الوظيفي،، التغطية والاخفاء ،، وهم بذلك يفعلون ما يؤمرون ولا يناقشون
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم
مَّا هُم مِّنكُمْ وَلا مِنْهُمْ ((من أي مجموعة هم إذن))ـ
وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
ـ2ـ والمجموعة الثانية هي مجموعة المُخلَصِين
أو مجموعة الكاشفين،، وهذه المجموعة مهمّتها أن تكشف الحقائق لكلّ من يسألهم عنها وحيثما كانوا،، فأفراد هذه المجموعة لا ينطقون الا بالحقّ والحقيقة والصدق على الله
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ () إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
ولقد ورد مثل هذا المعنى كذلك عن أهل البيت عليهم السلام من أن الله حين خلق قد قسّم خلقه إلى نوعين أو إلى مجموعتين من الخلق
مجموعة تكذب دائما ولا تَصْدُق
ومجموعة أخرى تَصْدُق دائما ولا تكذب
عن علي ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن اذينه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:ـ
إن الله عزوجل خلق قوما للحق فاذا مر بهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مر بهم الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه
وخلق قوما لغير ذلك فاذا مر بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه…………..إنتهى
وكلّ مجموعة منهما تنقسم في داخلها لعدة مجموعات أخرى تحت عدة مسميات وعناوين مختلفة كلّها مستوحاة من الوظائف والمهام الخاصة بكلّ مجموعة منها او للدرجة الايمانية التي وصلت لها
وقلنا أن إبليس في نهاية اجتماع الملأ الأعلى استلم قيادة مجموعة الكافرين أو المغطّين أو مجموعة أولياء الضلالة الذين يدعون الى النار
وفي المقابل إستلم خليفة الله في الأرض قيادة مجموعة الكاشفين او المخلصين ، أو مجموعة أولياء الهدى وأنه هو نفسه الذي قال:ـ
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
لنتحدث الآن قليلا عن معنى فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فالتفسير الدارج بين الناس والذي يتم ترويجه بينهم من أن قول إبليس لرب العالمين أي لرئيس الاجتماع بين الملأ الأعلى فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ هو أنّه قد طلب تأجيل عذابه على عضيانه وتكبره ليوم يبعثون ، لكن لو اننا أعدنا النظر بحيادية وبمعزل عن التفسيرات التي ملؤوا بها الارض والسماء للسياق العام الذي كان الحوار والاحداث حينها تدور حوله سنجد أنه لا يساعد على هذا الفهم أبدا
فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ
قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
وَإِنَّ عَــلَـــيْــكَ لَـــعْـــنَــتِــي إِلَــى يَــوْمِ الــدِّيــنِ
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُــــــبْــــعَــــــثُـــــونَ
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ
إِلَــــى يَــــوْمِ الْـــــوَقْــــتِ الْــــــــمَـــــعْــــلُـــومِ
وبعد أن عرفنا في مقال خاص لتبيان ذلك أن معنى ((عليك)) في القرآن الكريم كانت دائما وأبدا هي وظيفتك او تكليفك وفهمنا أنها لا تعني أن لعنة الرب قد وقعت عليه بل إن وظيفته التي اسندت له منذ ذلك الوقت هي اللعن
معنى لفظ (((عَلَيْكَ))) في القرآن الكريم
فسنرى أنّه تم في هذا الموقف وبشكل مباشر وبدون تردد حصول الموافقة الربّانية على اسناد دور اللعنة لإبليس وبمجرد أن طلب ذلك
ليصبح هو بابها، أي باب اللعنة الربانية
واصبح فعله أيضا من حينها أنه رَجِيمٌ
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ () وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ
فأصبحت المهمّتان اللعن والرجم موكلتان إليه
ليصبح هو الرجيم
وليصبح هو باب اللعنة التي سيدخل الكثيرون فيه
فإبليس خلال اجتماع الملأ الأعلى لم يطلب منصب الخلافة بل أعلن انّه الندّ الأفضل له وأنّه الأجدر بأن تكون مهمة الرجيم واللعنة عليه
ارجو الانتباه اننا نتكلم هنا عن اجتماع دار في مكان ما في السماوات العلى للمرة الألف ألف
وأن المجتمعين فيه كانوا دائما من الملائكة والروح
وتبيّن لنا في الروايات التي ذكرناها في المقالات السابقة انّ الملائكة والروح تركب سفن فضائيّة وتلبس ملابس فضائيّة وأشكالها جميلة وانّها لا خلاف بينها أبدا وأنّها جميعها مطيعة للقيادة السماويّة العليا المتمثلة برب العالمين ورب الملائكة والروح ولا يخرج أحد منهم من طاعة لمعصية
في أجواء هذا الحوار والمداولات التي جرت فيه بين الملأ الأعلى بشأن منصب الخليفة ومنصب منافسه والذي طلبه إبليس بنفسه وبلسانه وتمت الموافقة على طلبه وبشكل فوري
طلب إبليس النظرة الى يوم يبعثون فتمت الموافقة على طلبه كذلك بشكل مباشر لكن ليس الى يوم يبعثون بل الى يوم الوقت المعلوم
وحسب روايات أهل البيت عليهم السلام فإن يوم الوقت المعلوم هو يوم قيامة القائم عليه السلام وهو نفسه يوم نهاية دولة رجال إبليس في الأرض
عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:ـ
قوله عزوجل (((-والفجر – هو القائم عليه السلام – وليال عشر – الائمة عليهم السلام من الحسن إلى الحسن – والشفع – أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام – والوتر – هو الله وحده لا شريك له. – والليل إذا يسرهي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم عليه السلام)))………إنتهى
من هذا المعنى يتبين لنا إن طلب النظرة الذي طلبه إبليس هو ليس لتأجيل العقاب الذي لم نعرف تفاصيله ولم يثبت لنا انّه وقع أو سيقع ،، بل لكي يكون له فترة زمنية معينة يكمل بها وظيفته الموكلة له
وبالفعل لقد تمت الموافقة على طلبه وتم إنظاره هو ورجله الى يوم الوقت المعلوم ،، والرواية عن دولة حبتر تقول لنا نفس هذا المعنى أيضا من انّ رب العالمين قد مكّنه هو ورجله من أمر الخلافة على الناس والسيطرة عليهم الى يوم الوقت المعلوم
وعليه فإن معنى قول إبليس فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ سيكون أَنظرْنِي لكي أحقق المهام التي اوكلتني بها إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون
وبالفعل حصل على النظرة التي طلبها لكن فقط الى يوم الوقت المعلوم وليس الى يوم البعث ،، وفقط فيما يتعلق بالناس ،، فهو ليس خليفة الأرض بل هو خليفة الناس فقط وبإذن وتوكيل ربّاني
فمهمته خلال فترة النظرة هي أن يشاركهم الاولاد والاموال وان يعدهم ويمنيهم ويزين لهم ووووو
وإبليس في بداية اجتماع الملأ الأعلى كان ربما مجرد فرد من أفراد مجموعة الكافرين ((أي المغطّين كما أسلفنا بيانه))ـ لكنه في نهاية الاجتماع أصبح هو قائدهم
وكونه أصبح قائدهم لا يعني ان بقيّة المجموعة ليس لهم نصيب من أمر الخلافة هذا
فأمر خلافة الناس والتّأمّر عليهم هو أمر سيتداوله ويتلاقفه وبإذن ربّاني هؤلاء الخمسة فيما بينهم كما يتلاقف الصبيان الكرة
كرّة بعد كرّة ومرة تلو الأخرى حتّى يوم الوقت المعلوم
فكرّة منها سيكون اسم أحدهم هو معاوية ونفسه في كرّة أخرى سيكون اسمه المنصور الدوانيقي ونفسه في كرّة أخرى قد يكون اسمه صدام او أو أو
بينما الآخر سيستلمها منه حين يكون اسمه في كرّة يزيد وفي كرة أخرى سيكون اسمه هارون وأخيرا يكون أحد امراء دولة بني العباس في آخر الزمان و و و و
وهكذا سيَتَعَاقب هؤلاء الخمسة بأمر وتدبير القيادة العليا في الملأ الأعلى على الــتّــــأمّر على الناس وحكمهم
وبهم وعن طريقهم سيجزي الملأ الأعلى الناس بما كانوا يعملون
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا
وأَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا في قرآئة أهل البيت عليهم السلام هي أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا بتشديد الميم في أمّرنا
بمعنى أن أمر تأمير المترفين على الناس يتقرر من الملأ الأعلى وليس عن طريق الانتخابات ولا عن طريق الانقلابات
فما هذه الا صور لفتن يتم ترويجها بين الناس فيساهم بها من يساهم ويسقط في غربالها من يسقط وفي نهايتها يتم تثبيت من يريدونهم على الكراسي ويتم تأميرهم على الناس إمّا ليذيقوهم الويلات وإمّا ليريحوهم منها قليلا حتى حين
وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
ففتنة عمر وأبو بكر وعثمان ومعاوية الذين ظاهرا قاموا بعمل انقلاب سياسي وعسكري على رسول الله وخلال حياته واستولوا على السلطة هم من ضمن هذا النظام الذي وضعه الملأ الأعلى ليجزي به العباد بما كانوا يعملون ((( وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)))ـ
وهم كذلك من ضمن النظام الذي سيُحبط به رب العالمين أعمال من سيكذّبون الآيات التي سيرسلونهم لهم
ـ((( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـــآيَــــــــاتِـــــــــــنَـــــا وَلِقَاء الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)))ـ
ولنتذكر هنا ان لسان الجمع هو لسان الملائكة والروح وربهم ،، وعليه فإن آياتهم هم الرسل والأئمة عليهم الصلاة السلام الذين يرسلونهم لهم
ومن يكذب الآية فإن جزائه أن يتم تأمير أحد هؤلاء الذين تولّاهم بدلا من الآية الذي ارسلوها لهم ،، تماما كما أراد وتماما كما استحق
فحين سيتم تأمير أحد هؤلاء الأربعة أو الخمسة على الناس في كلّ زمان من الأزمان فإن من سيحبهم وسيواليهم من الناس رغم ظلمهم وفسقهم الظاهر بينهم فستَحبط وتًحبط أعمالهم
فأسباب الثواب وأسباب العقاب يتواجدان سوية في كلّ زمان ومكان
وحتى في زماننا هذا تتواجد أسباب الثواب والعقاب سويّة
وكلاهما بيّن وواضح ،، هذا وهذا
فان تركت سبب الثواب الذي يتواجد معك كما ترك المسلمون الأوائل أمير المؤمنين ستجد نفسك تحصيل حاصل تتولّى مثـل ذاك الذي تولّاه المسلمون الأوائل بدل أمير المؤمنين
والأمر ليس بيدك أبدا ،، فالملأء الأعلى يرسلهما دائما وأبدا مع بعضهما البعض بين الناس، وأنت عندما تعادي أحدهما ستجد نفسك توالي الآخر بشكل طبيعي واتوماتيكي لأنه يتفق مع هواك الذي دفعك لأن تعادي الآول
وبالنتيجة سيَحبط عملك
فعليّ والأئمة وعمر وأصحابه يكرون دائما وأبدا بين الناس في كلّ زمان ومكان
والناس تُثاب وتُعاقب دائما وأبدا بنفس هذه الطريقة مرارا وتكرارا
يجب أن نبحث عن شبيه أمير المؤمنين في هذا الزمان وأن نتولاه ولا نعاديه ،، والا فإنّنا لا محالة سنتولى ونميل لشبيه عمر ولأشباه أصحابه بدون أن نعلم
والمتشيّعة والمحبين والشنيعة وكلّ من جُعلوا ونس للشيعة ،، هؤلاء كلهم يتولون اليوم أشباه عمر وصحبه بدون أن يعرفوا أو حتى أن يشعروا بذلك، لأن أمرهم أمر ربّاني ومكرهم مكر ربّاني وهو أمر خفيّ على الناس وأخفى عليهم من دبيب النمل الاسود على الصخر الاسود في الليلة الظلماء
فهؤلاء هم أدوات ربّانية ومن صُلب نظام العقاب والثواب الرباني
فالمجموعة الفاعلة والأمرة من الملأ الأعلى كما انها جعلت بأمرها وتقديرها بين الناس أئمّة يهدون للحقّ
وَجَــــــعَـــلْــــــنَــــاهُـــمْ أَئِــمَّــــةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ
فإنهم كذلك يجعلون من عندهم وبأمرهم وتقديرهم وتمكينهم ائمّة يدعون الى النار
وَجَــــــعَـــلْــــــنَــــاهُـــمْ أَئِــمَّــــةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ
وجميع الاهداف وصور الاحداث التي كان من المقرر لها أن تجري على الأرض كانت واضحة ومعروفة للجميع في اجتماع الملأ الأعلى ،، حروب ورجال ونساء وبنين وبنات وتجارات وأموال وسياسة وحكومات وظالمين ومظلومين و و و و و و
كل تلك التفاصيل واكثر منها كانت كلّها واضحة حينها ولجميع من كانوا حاضرين في اجتماع الملأ الأعلى
فكما قلنا في البداية أن هذه الحضارة الجديدة لم تكن بالنسبة لهم هي الحضارة الأولى ولن تكون الأخيرة
فقبلها كانت هناك حضارات وقصص لألف ألف آدم سابقين وهم من برأوا صورها وأحداثها أو هم من أخرجوا صورها واحداثها من عالم المكون لعالم الحضور
وبعد هذه الحضارة ستكون هناك حضارات وقصص جديدة لألف ألف آدم جديد وسيبرأون هم ايضا تفاصيل صور أحداثها من المكون للظهور والحضور
فالملأ الأعلى الذين كانوا مجتمعين حينها هم نفسهم نفسهم الملآ الأعلى الذين كانوا دائما ما يجتمعون قبل بداية التنزل بأحداث قصص كل آدم سابق من الألف ألف آدم السابقين
ربما يزيد عليهم كم واحد جديد أو ينقص منهم كم واحد قديم ممن قرروا ان يساهموا باخراج تفاصيل جديدة من العلم المكنون في الكتاب المكنون لكن في عوالم أخرى،، وتحت قبب أو سقوف مرفوعة أخرى غير قبتنا هذه أو غير السقف المرفوع الذي يحيط بأرضنا هذه
عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد الله: ما معنى السلام على رسول الله؟
فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله
ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن
وأن يُنزل لــــــــهــــــــم الـــبـــــيــــت الــــمــــعــــمـــور
ويُـــــظــــهـــر لـــهـــم الســــــــــقـــــــــف الـــــمـــرفــــــــــــوع
ويُـــــــريـــــــــــــــــــــــحـــهـــــــم مــــــــــــــن عـــــــــــدوّهــــم
والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لا شية فيها، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون
وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك
وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عز وجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه…..إنتهى
فالسقف المرفوع موجود إذن الآن من حولنا ،، لكننا لا نراه ،، أو اننا نراه بالفعل لكننا لا نراه بشكل مباشر كسقف مرفوع بل نرى فقط تلك الصور التي تنعكس لنا من عليه أو التي تُعرض لنا من عليه
فأمير المؤمنين عندما سئله عبدالله بن الكواء عن عدة مسائل والسقف المرفوع كان أحدها:ـ
ـ((((قال: يا امير المومنين و ما “السقف المرفوع”؟
قال: ”ويحك هو سماء الدنيا، و هى بحر مكفوف كفّه الله تعالى عن خلقه، فزينها بمصابيح ليهتدوا بها فى ظلمات البر و البحر ما خلق الله ذلك الا بالحق))))…..إنتهى
فلو اننا استبدلنا تعبير ((سماء الدنيا)) بتعبير السقف المرفوع فسيكون المعنى حينها أن السقف المرفوع هو الذي تم تزينه بالكواكب، وأنه تم اخفائه عنّا بصور هذه الكواكب التي تمّ تزينه بها
لكنّ زمان ظهور الامام كما أنه هو زمان ظهوره هو فإنّه هو أيضا زمان ظهور الحقائق وانكشافها للناس
فالبيت المعمور سيبقى حتى زمان الظهور مخفي عن الأنظار مثله في ذلك مثل السقف المرفوع وهو البيت الذي هو الآن بحذاء الكعبة أي بموازاتها وفوقها
بحيث يقسم رسول الله صلى الله عليه وآله لو انك كنت في البيت المعمور وألقيت منه بحجر فإنّ ذلك الحجر سيقع حينها على ظهر الكعبة
فالبيت المعمور هو الآن فوق الكعبة بمسافة ليست كبيرة جدا ولا حتى كبيرة ،، بل بمسافة معقولة جدا يصح معها لو انك القيت منه بحجر ما فإنه سوف لن يحيد عن مساره كثيرا فيقع حينها على ظهر الكعبة
توجد تفاصيل كثيرة كنت أودّ أن أتحدث عنها هنا لكن المقال أصبح طويلا فنكمله إن شاء الله في مقال آخر
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الابرار