بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالين من أخ وأخت كريمين أحببت أن أجيب عنهما بموضوع واحد
اقتباس:(( الاخ طالب التوحيد اذا كانت الحياة هي جهنم هل يعني انها الجنة ايضا وهل مغادرة جهنم هي مغادرة حقيقية ام مغادرة وعي وكذلك الجنة هل هي مكان اخر ام نعيشها بوعي اخر هنا على الارض وماتفسير عودة الانبياء للاض والعيش في جهنم مرة اخرى))
إقتباس (( وماالفائدة من هذا كله ???? وهل الخالق الاعظم في حاجة لكل هذا ??? حتي صور العبادات كلها يعلمها فلما كل هذا العناء ….وبعد ان نعرف ماذكرتهه وتفضلت به …ماذا بعد هذا ??? وكيف تنتهي اليس هناك سقف لتلك الكرات والمعاناة …وماذا بعد المعارف وحصولها ??? اتمني عليك الاجابة))
الحياة الدنيا أخي الكريم على هذه الأرض تحت السقف المرفوع وفي هذا الزمان هي فعلا جهنم
والمشاعر المختلفة التي نعيشها داخلها هي نيران جهنم
ونحن حطب جهنم ،، فنحن من يحترق بهذه المشاعر
فأجسادنا تُبلى سريعا بسبب هذه المشاعر،، بل هي من نحترق بها
أمّا أروحنا فهي تتعذب بسبب هذه المشاعر ،، بل بسبب هذه النيران
فحتى مشاعر الحبّ بكل صورها لن تلبث أن تتحول بها سريعا لعذابات ونيران فتُحرقنا قلبا وقالبا
كل شيء تحبه بهذه الدنيا سيزول أخيرا ويحترق قلبك عليه، وقبل أن يزول ستعيش الخوف عليه من أن يزول فتحترق بهذا الخوف عليه رويدا رويدا حتى تاتيك تلك اللحظة التي ستشب بك النار بسببه فتلتهمك مرة واحدة
نعم هذه الحياة الدنيا على هذه الأرض هي جهنم
لكنها هي الجنّة أيضا،، لكن لا تستعجل بالفرح والسرور ،،، فإنها ليست جنّتك أنت كنفس ناطقة قدسية
فأنت نصيبك منها فقط العذاب باحداثها وحاجاتها والاحتراق بمشاعرها ،،
وستبقى تتعذب بها حتى تنجح أخيرا بأن تتخلص منها حين تهرب منها ولا تعود إليها أبدا
لكنك حين تهرب منها وتتخلص منها ،، فإنك ستعود إليها بعد مدة لتسمتع فيها
حين تهرب منها فإنك لن تعود صفتك أنك نفس ناطقة قدسية والتي هي أشبه الأشياء بالملائكة
فحين تنجح بالهروب منها سيتم رفع رتبتك الوجودية درجة فتصبح من الملائكة
حينها لن يعود وجودك هو أشبه الاشياء بالملائكة أو بالنفوس الملكية كما يقول أمير المؤمنين في حديثه مع كميل:
((والناطقة القدسية لها خمس قوى : فكر وذكر وعلم وحلم ونباهة ، وليس لها انبعاث ،
وهي أشبه الأشياء بالنفوس القدسيّة الملكيّة
ولها خاصيتان : النزاهة والحكمة .))
بل ستصبح من النفوس القدسيّة الملكيّة،
يعني حينها فإنك ستصبح بدرجة الملائكة
الذين سيتنزلون باذن ربهم من كل أمر
حين كنت معنا في جهنم ، يعني في هذه الأرض فأنت كنت جزء منها
لكنك حين ستخرج منها إن شاء الله فإنك سترثها،، أي انّك سترث هذه الأرض بالاضافة لغيرها
فالسماء كلها ستكون دارك الكبيرة ،، أو جنتك الكبيرة تتنقّـل فيها أينما تشاء ومتى ما تشاء
وجميع الأرض ،، يعني جميع الكواكب الموجودة حاليا والتي سيتم خلقها بالمستقبل ستكون جزء من دارك الجديدة الكبيرة هذه ، أو جزء من جنتك الكبيرة التي انتقلت إليها
جميع الكواكب ستكون تحت تصرفك ، ويمكنك أن تعيش جميع ما يجري عليها بعمليات التنزيل بدون أن تفقد لحظة واحدة من لحظات سعادتك في الجنة السماوية
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا
حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ
وَأَوْرَثْنَا الأَرْضَ
نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء
فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
حين يأتي موعد خروجك من جهنم ان شاء الله
فسيوضع بقدمك حجل من نور
ويتم إلباسك ملابس خضراء
وسترافق قائد الغر المحجّلين لجنة الفردوس السماوية وأنت تركب بجواره على مركبتك السماوية او على سفينتك السماوية
والتي جُلبت من جنة الفردوس خصيصا لك ولأصحابك
(((قال أمير المؤمنين(عليه السلام): فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟
قال: اي وربي انه لشيعتك، وانهم ليخرجُون يوم القيامة وهم يقولون:
«لا اله الا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب حجة الله»
فيؤتون بحُلل خُضر من الجنة
واكاليل من الجنة
ونجائب من الجنة
فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء،
ويوضع على رأسه تاج الملك في اكليل الكرامة،
ثم يركبون النجائب فتَطيرُ بهم الى الجنة
لا يحزنهم الفزغ الاكبر، وتتلقّاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون……إنتهى النقل)))
وحينها فإن كل السماء وما فيها وكذلك كلّ الكواكب الأرضية التي تسبح بها ستكون كلّها من ضمن جنتك السماوية الكبرى
فأنت ستطير مع الملائكة لأنك أصبحت منهم
وربما بعد فترة مليون او مليونين سنة من سنين هذه الارض تقضيها تتنقل في جنّات السماء ستفكّر أنك تريد أن تهبط على أحد تلك الكواكب
لكنك تعرف أن الهبوط على أي كوكب هو نوع من أنواع التّنزل عليه بحدث من الأحداث
وهنا سيتم وبطريقة ما ستتطلع عليها حينذاك توفير عدة نفوس ناطقة قدسية تستطيع أن تعيش من خلالها ما تشاؤه من الاحداث على تلك الكواكب،،
فأنت ستبقى في جنتك وفي تمتعك بها بدون أن تنقص شيء،
لكنك سترسل من عندك رسول يهبط على ذلك الكوكب ويعيش عليه ،،
وأنت من مكانك ستستمتع بكل المشاعر التي سيرسلها لك هذا الرسول
ومهما كان نوعها
يعني بعد أن كنت نفس ناطقة قدسية مُنَزَّلة على هذه الارض او غيرها ،، ستصبح أنت من سينِزِّل من عنده أنفس ناطقة قدسية على هذه الارض أو على غيرها
.
هذه العملية لن تنتهي أبدا ،، قصدي عملية التّنزل في العوالم الأرضية
فالكون في توسع دائم لا يتوقف ،،
فكواكب جديدة يتم خلقها كل يوم ،، ويتم إظهار انواع جديدة من صور العبادة عليها ،،
وهذه الكواكب الجديدة تحتاج دائما الى مُنزِّلين جدد والى متنزَّلين جدد أيضا ليتم من خلالهم اظهار صور الاحداث والعبادات الجديدة عليها
بالتأكيد توجد آلية معيّنة ومحددة لكي تترقى بها وجوديا فتصعد من خلالها للمستوى الأعلى التالي من مستويات وجودك ،، ستعرفها في حينها وستسعى لتحقيقها والنجاح بها ربما للألف مليون سنة القادمة
لكن هذه الأرض وغيرها ستكون جزء من جنتك التي ستتنزل بها بمشيئتك وإرادتك بعد أن كانت جحيمك التي كانت مفروضة عليك وكنت تسعى جاهدا للهروب منها
الله المعنى المعبود ليس بحاجة إلى شيء
وكل ما بالكون من الذي نراه حاليا او من الذي لا نراه
وكل ما بالكون من الذي سينخلق بعد ذلك
كلّه مخلوق بالفعل وكله محصي بالفعل بالكتاب المبين أو بالكتاب المكنون أو بالامام المبين
الملائكة والروح وربهم هم من يبرأون تلك المخلوقات من الكتاب المكنون ،، يعني هم من يخرجونها بإعمال مشيئتهم من حالة مكونها فيظهرونها في عالم التجلي والظهور لأنفسهم،، فهي كانت مكنونة عنهم وهم يقومون باظهارها لانفسهم
يعني انهم يتعلمون بهذه العملية ما لم يكونوا يعلمون
والأنبياء هم جزء فاعل ومهم من عالم الأمر ، وأعتقد أنهم يظهرون دائما وأبدا بين الناس بشخصيات مختلفة ليس بالضرورة أن يكونوا فيها انبياء
تماما كما أن محمد وآل محمد يظهرون دائما وابدا بين الناس بشخصيات مختلفة بأسماء مختلفة بغرض تعليم الناس عبادة الله الواحد الأحد على هذا الكوكب او على اي كوكب آخر
فلولا هم لما عُبِد الله
ولولا هم لما عُرِف الله
ولولا هم لما وُحِّد الله
وضمير الجمع في القرآن الكريم هو ضميرهم
لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً
أمّا الله المعنى المعبود فقد تحقق مراده بمجرد أن خلق مشيئته
لقد أحبّ أن يعرف نفسه حضوريا فشاء ، فعرف نفسه بنفسه حضوريّا معرفة حضوريّة كاملة لا تزيد ولا تنقص بمجرد أن أحبّ ..
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الابرار