بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((الوجود العقلي للوجود لا الوجود المادي))
واحد من أهم قناعاتي هو أن هذا الوجود هو وجود عقلي وليس وجود مادي حتى ولو شعورنا به كذلك،
وأن هذا الوجود بكل ما تراه وتسمعه وتشعر به جميع المخلوقات على اختلاف مستوياتها الوجودية بكل صوره وصور احتمالاته الممكنة
هي موجودة فعلا كوجود علميّ جمعيّ في هذا العقل الكوني الجامع لكل ما كان وما يكون وما سيكون من الأحداث،،
أي أن هذا العقل الكوني الكلّي يعلم بجميع الإحتمالات الممكنة لكل حدث قد يحدث ولكل اختيار قد يختاره أي مختار ،،
ويعلم أيضا بما سيستتبع ذلك من الأحداث جرّاء اختيارات كل من سيختار بإرادته الحرة وهو يعيش داخل تلك الأحداث المحتملة
فالله المعنى المعبود خلق هذا النور،
او انه خلق هذا العقل الكلّيّ
او هذا العقل الكونيّ بهذا الشكل ،،
لقد خلقه وأودع به علم جميع صور الإحتمالات الممكنة وعلم جميع صور سلاسل الاحتمالات التي ستتفرع من كل احتمال منها،،
فهذا العقل الكوني يعلم ويحيط إحاطة حضورية بجميع صور جميع احتمالات اختياراتنا في أي موقف من المواقف ،،
مثلا،
حين تختار أن تقفز من أعلى الجبل لتنتحر ليأسك من استطاعتك من النزول من عليه حيّا ،،، فإن هذا العقل الكوني يعلم علم إحاطة بجميع احتمالات كيف ستجري حياتك من بعد ذلك،
وهو يعلم أيضا بجميع صور احداث جميع ما سيتفرع من أختيارك لهذا القرارر او لغيره،
فهو يعلم أيضا بصور احداث حياتك إذا ما اخترت النزول من عليه خطوة بعد خطوة ،،
أو إذا ما قررت ان تقيم طوال حياتك على قمة ذلك الجبل،
فكل ذرة من الوجود هو يعلم بفروع جميع صور سلاسل الاختيارات منها ولها،
وكل نفس عاقلة بالوجود هو يعلم أيضا بجميع سلاسل صور اختياراتها وجميع صور ما يمكن ان يتفرع من كل اختيار قد تختاره منها
فهكذا خلق الله هذا النور او هذا العقل الكوني
فالله أحسن الخالقين عندما يخلق يكون خلقه على هذه الهيئة من العظمة بل وباكبر مما يمكن لعقولنا ان تتخيله من العظمة،،
فـــ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ،،
فالله أحسن الخالقين عندما يخلق لا بد أن يكون خلقه
أحسن ما يمكن من الخلق
وأعظم ما يمكن من الخلق
وأقدر ما يمكن من الخلق
وأجمل ما يمكن من الخلق
و و و و و و و و ،،،
وإلى أبد الآبدين من الأحسن والأحسن والأحسن
والله المعنى المعبود أحسن الخالقين أودع ذلك العلم كله بهذا العقل الكونيّ الكلّيّ كعلم إجمالي لا تفصيل به،،
تماما كما أنني وأنك وأننا جميعا نختزن بوجودنا وفي مكان ما من وعينا علوم كثيرة نختزنها كنوع من العلم الإجمالي الذي لا تفصيل به
فمثلا هذه المواضيع والأفكار الكثيرة التي اكتبها هنا هي غير موجودة في عقلي كمواضيع مكتوبة او متسلسلة
او حتى كمواضيع مجملة أو كموضوع واحد طويل اقوم بتجزئته على هذه الصفحة أو غيرها
فالأمر ليس كذلك أبدا،،
بل هو أبسط أو أعقد من ذلك أيضا ((يعتمد على الزاوية التي تنظر منها للموضوع))
وحتى هذه الكلمات وهذه الحروف التي أكتبها او أنطق بها أو أفكّر بها هي أيضا غير موجودة داخل عقلي ((وهنا لا أقول داخل مخّي بل داخل عقلي))
فهي غير موجودة داخل عقلي كحروف أو ككلمات فتنقص كلما أخذت منها لأتكلم منها أو لأكتب بها على الورق ما أشاء وكلما شئت
ففي عقلي لا يوجد هذا التفصيل للحروف أو للكلمات ،،
ولكن يوجد به أو يوجد عنده وجود إجمالي غير تفصيلي لجميع ذلك
ويستطيع بهذا الوجود الاجمالي ومنه أن يُوجد حروف ويصنع منها كلمات وجُمل
ويكوّن منها صور يتخيلها وينطق بها فيُعبّر بها عن نفسه نطقا وكتبا وتصوّرا ،،
وهذا الوجود الإجمالي الذي أتكلم عنه هنا والذي سيمكننا منه وبه أن نعبر عن أنفسنا بشتى الطرق والأشكال والوسائل يجب أن تكون صفته أنه :
بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطوق، وبالشخص غير مجسد، وبالتشبية غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور،
فنحن جميعنا نختزن جميع ما نعلمه ونتعلمه في هذا الوجود الإجمالي الذي قلنا أنه بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطوق، وووووو
فمهما تعلمنا وزاد علمنا فلن يزيد حجم هذا الوجود داخلنا،،
تماما كما أنه أيضا لن ينقص بالجهل،،
فهذا الوجود الإجمالي هو كثقب أسود يمتص جميع ما يصل له ويحفظه في كيانه كوجود اجمالي لا تفصيل به،
فجميع سلاسل صور الأحتمالات الممكنة في الوجود وجميع السلاسل المتفرعة منها والمتفرعة من المتفرعة أيضا ووووو ،،
كلها موجودة في هذا العقل الكوني كوجود إجمالي لا تفصيل به
يمكننا أن نقول أن هذا العقل الكوني عبارة عن ثقب أسود كبير يجمع في وجوده صور جميع الاحتمالات كوجود كلي إجمالي لا تفصيل به
ومن سيستطيع أن ينفُذ لهذا الثقب الأسود أو لهذا العقل الكوني أو لسجلات أكاشا كما يطلق عليها البعض ،، والتي بها صور جميع الإحتمالات،
سيتمكن حينها من أن يشرب الماء المعين من هذا العقل الكوني ،،،
وأقصد بذلك أنه سيتمكن من معرفة ما يريد معرفته بمجرد أن يريد الوصول لتلك المعرفة الجزئية أو أن يشاء الاحاطة بتلك المعرفة الجزئية،،
فكل قطرة علم من بحر هذا العقل الكونيّ الكلّيّ هي تحوي جميع العلوم وجميع صور الاحتمالات بلا استثناء،، ما كان منها وما يكون وما سيكون منها على الإطلاق
فأنا وأنت ونحن جميعا كمخلوقات عاقلة ناطقة مرتبطون بلا استثناء بهذا العقل الكوني
بل وحتى كل ذرة وكلّ الكترون وبروتون وما هو أدنى من ذلك بالحجم هي أيضا مثلنا متصلة بهذا العقل الكوني ،،
فنحن جميعنا متصلون بهذا العقل الكوني الكبير ونتعامل معه معلوماتيا أخذا وعطائا لكي نَشعُر من خلاله بما حولنا من الموجودات ،،
و لكي نُشعِرها بوجودنا أيضا،،
فوجودنا بالنسبة لغيرنا مرتبط بعملية تغذيتنا لهذا العقل العقل الكوني بالمعلومات الخاصة بنا بشكل سيّال ومتصل كنهر جاري لا ينقطع ،،
وبسبب ارتباط بقية العقول به وتغذيتها له بمعلوماتها فإننا جميعا سنستطيع ان نعلم حينها من خلاله بوجودنا من حول بعضنا
فهو عقل كوني له رؤوس بعدد الخلائق كما تقول الرواية المروية عن رسول الله وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما
وداخل كل عقل جزئي منها يوجد ذلك الوجود الإجمالي الذي سيربط العقل الجزئي بالعقل الكلي فيتبادل معه المعلومات أخذا وعطائا وبشكل مستمر
هذا العقل الكوني الكلّي الذي جمع بوجوده كلّ الموجودات
أو بتعبير آخر ،،، هذا النور ،، نور السماوات والأرض الذي خلقه الله وخلق به ومنه بعد ذلك كل جميل ،،
هذا هو اسم الله المخلوق الذي لا تجوز عبادته أبدا،،
فالعبادة يجب أن تكون لله الذي خلقه فقط ((هذه الجزئية المهمّة يجب أن تتذكّروها دائما وأبدا،، على الأقل لكل من قد يشعر أن ما يقرئه من كلماتي بها شرك او كفر ،، ،،، ،،،، فالامر ليس كذلك))
فنحن جميعا إذن متصلون بهذا العقل الكوني،، وهو عالم مشيئة الله
سواء أكنّا من موجودات عالم الأمر ،، وهي المُظهِرات للمشيئة الالهية في عالم الأمر
أو من موجودات عالم الخلق ،، وهي المظهرات للمشيئة الإلهية في عالم الخلق
فالجميع بلا استثناء متصلون به ،، أو لنقل أن الجميع بلا استثناء ممسوس به
لكن الفرق بين موجودات عالم الأمر وبين موجودات عالم الخلق هو أن موجودات عالم الأمر تعي باتصالها بالعقل الكوني وتتعامل معه بشكل مباشر ولحظوي لحظة بعد لحظة وبشكل دائم،،
خصوصا عندما تريد أن تتنزل بأمر ما في عالم الخلق
أمّا موجودات عالم الخلق فهي رغم أن حالها بذلك حال جميع موجودات عالم الأمر ومتصلة دائما وأبدا بالعقل الكوني
لكنها كمخلوقات في عالم الخلق تعيش حالة الغفلة والنسيان لهذه الحقيقة أو لهذا الاتصال والارتباط
فهي تعيشه وكأنها منفصلة به عن بقية موجودات الوجود الكلي أو عن بقية العقول الجزئية القائمة بـهذا العقل الكونيّ الكلّيّ
فموجودات عالم الخلق هي موجدات أمريّة تتنزل بها موجودات عالم الأمر في عالم الخلق لكي تعيش به حالة الجهل والنسيان والإنفصال
لكن كيف ستتم تلك التنزلات؟
هذا ما ستتكفل بتبيانه لنا رواية أمير المؤمنين عليه السلام التي تتحدث عن النفس وأجزائها وطبيعة تكوين كل نفس منها وكذلك تصف لنا مواد عمل كل نفس منها
روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس
فقال له :عن اي نفس تسأل؟
فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟
فقال عليه السلام: نعم،
نفس نامية نباتية،
ونفس حسية حيوانية،
ونفس ناطقة قدسية،
ونفس إلهية ملكوتية كلية.
قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟
قال: قوة أصلها الطبايع الاربع
بدو إيجادها مسقط النطفة،
مقرها الكبد،
مادتها من لطايف الأغذية،
فعلها النمو والزيادة،
وسبب فراقها اختلاف المتولدات
فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.
فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال:
قوة فلكية وحرارة غريزية
أصلها الافلاك
بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية
فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
مقرها القلب
سبب فراقها اختلاف المتولدات،
فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.
فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟
قال:
قوة لاهوتية
بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية،
مقرها العلوم الحقيقية الدينية،
موادها التأييدات العقلية،
فعلها المعارف الربانية،
سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية،
فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.
فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟
فقال:
قوة لاهوتية
جوهرة بسيطة حية بالذات
أصلها العقل
منه بدت
وعنه دعت
وإليه دلت وأشارت
وعودتها إليه إذا كملت وشابهته،
ومنها بدأت الموجودات
وإليها تعود بالكمال
فهو ذات الله العليا
وشجرة طوبى
وسدرة المنتهى
وجنة المأوى،
من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .
فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟
قال:
العقل جوهر درّاك
محيط بالاشياء من جميع جهاتها،
عارف بالشيء قبل كونه،
فهو علة الموجودات ونهاية المطالب)…….انتهى
.
.
وقبل أن نبدء هنا بتبيان كيف ستنسى النفس الناطقة اتصالها بالعقل الكوني سنحدّد من من تلك الأجزاء سيعيش ، أو من منها سينزل من عالم الأمر في عالم الخلق
ومن منها التي تعيش دائما وأبدا في عالم الأمر
اذا عدنا للرواية سنجدها تصف لنا خمس كيانات هي:
1- النامية النباتية
2- الحسية الحيوانية
3- الناطقة القدسية
4- الكلية الالهية
5- العقل الكل
من خلال هذه الرواية يتبين لنا أن النفس الكلية الالهية والعقل الكل هما من عالم الأمر، بل هما أصل عالم الأمر بكله وكليله
فالعقل هو علة الموجودات كلها ،، أمرها وخلقها
والنفس الكلية الالهية تقول الرواية أنّ منها بدأت الموجودات وإليها تعود،،
فهي أصل عالم الموجودات الأمريّة وهي شجرته وهي الجنّة
هذه الشجرة الجَنّة لها جذور
ولها أصل وجذع
وسوق وأفرع
ومنابت أوراق
وأوراق
وفقط الأوراق هي من تتبدل في هذه الشجرة،،
وكلما سقطت ورقة منها ستنبت مكانها ورقة أخرى لتنمو وتكبر وتثمر ثم تذبل وتصفرّ وتسقط أخيرا
لتعاد الكرة مرة أخرى فتنبت ورقة جديدة من نفس المكان،،
ستنبت ورقة جديدة من نفس تلك العقدة الثابتة على الأصل والجذع والساق والفرع والتي نبتت منها الورقة الماضية ثم سقطت
وجميع من يتصل بهذه الشجرة الإلهية هم جميعهم فعلا في جنة المأوى يتنعمون بها
.
طيب إذا كانت هذه الشجرة الأمرية هي جنة المأوى والتي منها بدأت الموجودات كلها وإليها ستعود بالكمال فأين هي النار إذن؟
إن أضعف أجزاء هذه الشجرة هي تلك الأوراق التي تنبت ثم تموت وتسقط بعد ذلك
فلا بد إذن أن مفارقة تلك الأوراق لجنة المأوى
أو ان شعور تلك الأوراق الوهمي بالانفصال عن جنة المأوى هو نفسه النار لا محالة،،
فحتى هنا لا يوجد نار في هذه المعادلة او في هذه الرواية الشريفة
فأصل
وجذع
وكل فروع
وكل سوق
وكل منابت الأوراق
على هذه الشجرة الأمريّة هم دائما وأبدا في الجنة المأوى ومنها ولا يفارقونها
فالجميع في عالم الخلق وهم الذين يعيشون حالة النسيان ،،،
جميعهم ، خيّرهم وشريرهم وبدون استثناء ،
هم من مستوى من مستويات وجودهم الأمريّ هم دائما وأبدا هم فعلا بالجنة
لكنهم من مستوى آخر من وجودهم كموجودات عالم الخلق لا يعلمون بذلك وغافلين عنه
هذه الغفلة ليست غفلة دائمة، بل هي غفلة مؤقتة ومتكررة ومتفق عليها بين موجودات عالم الأمر العليا وموجودات عالم الأمر الأدنى منها
إذا عدنا للشجرة فإن عيش حالة الغفلة في عالم الخلق هو أمر متفق عليه بين السوق ومنابت الأوراق الثابتة عليها
والجزء الذي سيعيش حالة الغفلة والنسيان في عالم الخلق هي النفوس المطمئنة ،
أو النفوس الناطقة القدسيّة المذكورة في هذه الرواية ،، فالقرآن الكريم يقول
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ () ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً () فَادْخُلِي فِي عِبَادِي () وَادْخُلِي جَنَّتِي
والرواية تقول : فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.
فهي ستعود للجزء الذي ستذكره الرواية بعدها وهي النفس الإلهية الكلية أو شجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى
فهي ستعود أخيرا لتدخل في جنة المأوى بعد أن تخرج ،، أو بعد أن تتخلص من حالة الغفلة والنسيان التي اتفقت عليها مع نفسها العليا وعاهدتها على أن تعيشها مرارا وتكرارا بكل حلوها ومرّها
لكن متى ستتذكر حقيقتها وتعود لتعيش النعيم في جنة المأوى؟
الرواية تقول أنها ستعود حين تفارق النفس الحيوانية وتعود إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتنعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.
فبفناء أو بتفكك صورة وتركيبة هذه النفس الحسية الحيوانية والتي فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية ،،، وعودتها أخيرا بعد مرورها بالحياة البرزخية بكل صورها ومشاعرها لتعود لما منه بدأت عود ممازجة ،،،،
ففقط حينها ستتخلص النفس المطمئنة او النفس الناطقة القدسية من جميع تلك الأغلال أو تلك الأقنعة التي كانت مصممة بطريقة معقدة لتمنعها من تذكر حقيقتها ودوام اتصالها بالشجرة وطيب أصلها وصفاء ماء منبعها وطِيبه في جنة المأوى
نستطيع أن نقول أن الورقة نبتت من العقدة ،
والعقدة نبتت على الساق ،
والساق نبت على الفرع ،
والفرع على الجذع
وكذلك نستطيع ان نقول
أن الجذع هو الذي انبت الفرع ،
والفرع هو الذي أنبت الساق ،
والساق هو الذي أنبت العقدة ،
والعقدة هي التي أنبتت الورقة ،
ونستطيع كذلك أن نقول أن الشجرة هي من تفعل جميع ذلك بلا استثناء
ونستطيع أيضا ان نقول أن الله الذي خلق الشجرة بما فيها وعليها هو من يفعل جميع ذلك قاطبة
وهكذا فإننا عندما نقول أن موجودات عالم الأمر هي من تخلق موجودات عالم الخلق فنقصد من ذلك أنها تُوجِدها ،،
تماما كما أن الجذع هو الذي يُوجد الفروع ،،
والفروع هي التي تُوجد الاغصان ،،
والاغصان هي من تُوجد العُقَد ،،
والعُقَد هي من تُوجد الاوراق ،، ورقة بعد ورقة بعد ورقة
ولو كانت الشجرة معمّرة بما يكفي فكل عقدة على أغصانها قد يورق منها مائة الف الف ورقة
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الابرار