سر الفرج في المعرفة

  • Creator
    Topic
  • #359
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    جاء في مناجاة العارفين في طلب المعرفة :
    (( … ولا تجعلني يا إلهي ممن يعبد الاسم دون المعنى …)).
    أغلب المسلمون على تلون مذاهبهم وفرقهم وقاداتهم وعرفائهم وشيوخهم لا يعرفون لا اسم ولا معنى.
    فكيف سيعبدون ؟.
    بل كيف سيعرفون ؟.

    في مذهب العامة العبادة عندهم علاقة مفتوحة ساذجة لا يعرفون ولا يعلمون لا معنى ولا اسم.

    في مذهب الخاصة يعرفون الاسم ويعبدونه ولا يعرفون المعنى ولا يعبدونه.

    في مذهب خاصة الخاصة يعرفون المعنى واسمه ويعبدون المعنى دون اسمه.

    من أراد أن يلتحق بمذهب خاصة الخاصة عليه أن يدوام مناجاة العارفين في طلب  المعرفة تلك المعرفة التي ينكرها أكثر المتدينين على مذهب الخاصة .
    هذه المناجاة هي موجودة في كتاب خزانة الأسرار في ختوم والأذكار فرغم أن هذا الكتاب من كتب القوم إلا أنهم  ينكرونها ، لأنها المناجاة الوحيدة التي ذكر فيها الاسم والمعنى.

    فلو عرف  المسلمون المعنى وعبدوه لما تأخر عنهم الفرج .
    واليكم مناجاة العارفين في طلب المعرفة.

    «قال نَوفُ البِكاليّ: رأيتُ أمير المؤمنين صلوات الله عليه مولّياً مبادراً (بمعنى أنه عليه السلام اجتازه متباعداً عنه) فقلت: أين تريدُ يا مولاي؟

    فقال: دَعْني يا نَوف، إن آمالي تَقدَّمُني في المحبوب.

    فقلت: يا مولاي، وما آمالك؟

    قال: قد عَلِمَها المأمول، واستغنيتُ عن تَبيينها لغيره، و كفى بالعبد أدباً، أن لا يُشرِكَ في نِعَمِه وأَرَبِه غير ربِّه. (الأَرَب، بفتحتين: فرْطُ الحاجة)

    فقلت: يا أمير المؤمنين، إني خائفٌ على نفسي من الشَّرَه، والتطلُّع إلى طمعٍ من أطماع الدنيا.

    فقال لي: وأين أنت عن عصمة الخائفينَ وكهف العارفين؟

    فقلت: دُلّني عليه.

    قال: اللهُ العليّ العظيم، تَصِلُ أملَك بحُسن تفضُّله، وتُقبِلُ عليه بِهَمِّك، وأعْرِضْ عن النازلةِ في قلبِك، فإنْ أَجَّلَكَ بها فأنا الضامنُ مِن موردِها، وانقطِعْ إلى الله سبحانه “..”

    ثم قال عليه وعلى آله السلام، لي: يا نوف، ادْعُ بهذا الدعاء:

    إلهي، إنْ حَمَدْتُكَ فبِمَواهبِك، وإنْ مَجَّدْتُكَ فبِمُرادِكَ، وإنْ قَدَّسْتُكَ فبِقوَّتِكَ، وإنْ هلّلتُكَ فَبقدرتِكَ، وإنْ نظرتُ فإلى رحمتِكَ، وإنْ عَضَضْتُ فعلى نِعمتِكَ.

    إلهي، إنّه مَن لمْ يشغلْهُ الوَلوعُ بذِكركَ، ولم يَزْوِهِ السَّفَرُ بقُربكَ، كانتْ حياتُه عليهِ مِيتةً ومِيتَتُهُ عليهِ حَسرةً. (الوَلوع: شدّة التعلّق)

    إلهي، تَناهتْ أبصارُ الناظرينَ إليكَ بسَرائرِ القلوبِ، وطالعتْ أصْغى السامعينَ لكَ نجيّاتُ الصُّدور، فلم يلقَ أبصارَهم ردٌّ دونَ ما يُريدون، هَتَكْتَ بينكَ وبينَهم حُجُبَ الغَفلةِ، فسَكنوا في نورِكَ، وتنفَّسوا برَوحِكَ، فصارتْ قلوبُهم مغارساً لِهَيبتِكَ، وأبصارُهم مآكفاً لقُدرتِكَ، وقَرَّبْتَ أرواحَهم من قُدسِكَ، فجالَسوا اسمَكَ بوَقارِ المجالَسةِ وخضوعِ المخاطَبة، فأقبلتَ إليهم إقبالَ الشّفيق، وأَنْصَتَّ لهم إنصاتَ الرّفيق، وأجَبْتَهُم إجاباتِ الأحبّاء، وناجيتَهم مناجاةَ الأخِلّاء، فَبَلِّغْ بيَ المحلَّ الذي إليهِ وصَلوا، وانقُلنِي من ذِكري إلى ذِكركَ، ولا تتركْ بيني وبينَ ملكوتِ عزِّكَ باباً إلا فتحتَه، ولا حِجاباً من حُجُبِ الغفلةِ إلا هتكتَهُ، حتّى تُقيمَ رُوحي بينَ ضياءِ عرشِكَ، وتجعلَ لها مقاماً نُصْبَ نُورِكَ، إنّكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

    إلهي، ما أوحشَ طريقاً لا يكونُ رَفيقي فيهِ أمَلي فيكَ، وأبعدَ سَفَراً لا يكونُ رَجائي منهُ دَليلي منكَ، خابَ مَنِ اعتصمَ بحَبلِ غَيرِكَ، وضَعُفَ رُكْنُ مَنِ استندَ إلى غيرِ رُكْنِكَ، فيَا مُعَلِّمَ مُؤَمِّليهِ الأملَ فَيُذْهِبُ عَنهم كآبةَ الوَجَل، لا تَحْرِمْني صالحَ العملِ، وَاكْلَأْنِي كِلاءَةَ مَنْ فارَقَتْهُ الحِيَلُ، فكيفَ يَلحقُ مُؤَمِّليكَ ذلُّ الفقرِ وأنتَ الغنيُّ عَن مَضارِّ المُذْنِبين؟

    إلهي، وإنّ كلَّ حلاوةٍ مُنقطِعَة، وحلاوةُ الإيمانِ تزدادُ حلاوتُها اتّصالاً بكَ.

    إلهي، وإنّ قَلبي قدْ بسطَ أملَه فيكَ، فأذِقْهُ من حَلاوةِ بَسْطِكَ إيّاهُ البلوغَ لِما أَمَّلَ، إنّكَ عَلى كلِّ شيءٍ قديرٌ.

    إلهي، أسأَلُكَ – مسألةَ مَن يعرفُكَ كُنْهَ معرفتِكَ – من كلِّ خيرٍ يَنبغي للمؤمنِ أن يَسْلُكَه، وأعوذُ بكَ من كلِّ شرٍّ وفتنةٍ أعذتَ بها أحبّاءَكَ من خلقِكَ، إنّكَ عَلى كلِّ شيءٍ قديرٌ.

    إلهي، أسألُكَ مسألةَ المسكينِ الذي قد تَحيّرَ في رَجاه، فلا يَجِدُ مَلْجَأً ولا مَسْنَدَاً يَصِلُ به إليكَ، ولا يَسْتَدِلُّ بهِ عليكَ… إلا بكَ وبأركانِكَ ومَقاماتِكَ التي لا تعطيلَ لها مِنكَ، فأسألُكَ باسمِكَ الذي ظهرتَ به لِخاصّةِ أوليائكَ، فَوَحَّدوكَ وعَرفوكَ فعَبدوكَ بحقيقتِكَ؛ أنْ تُعَرِّفَنِي نَفْسَكَ لِأُقِرَّ لكَ برُبوبيَّتِكَ على حقيقةِ الإيمانِ بكَ، ولا تَجْعَلْنِي يَا إلهي مِمَّن يعبدُ الاسمَ دونَ المعنى، والحَظْنِي بِلَحْظَةٍ مِن لَحَظاتِكَ تُنَوِّرُ بِها قَلبي بمَعرفتِكَ خاصَّة، ومعرفةِ أوليائكَ، إنّكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ».

    ـــــــــــــــ

    * (بحار الأنوار:91/94-96، مختصر)، نقلاً عن (مجموع الدعوات) لمحمّد بن هارون التلعكبري. والراوي نوفُ بن فضالة البِكالي، كان له اختصاصٌ بأمير المؤمنين عليه السلام، وبِكال ككتاب، بطنٌ من حِميَر

  • The forum ‘بحوث السيد يوسف العاملي’ is closed to new topics and replies.