إن الله خلق نور محمد من نور ابتدعه

  • Creator
    Topic
  • #446
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    عن جابر بن يزيد الجعفي, عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم “عَليهما السَّلام” قال: إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد “صلَّى اللهُ عَليهِ وآلهِ” مِن نورٍ اخْتَرَعَهُ مِن نور عظمته وجلاله وهو نورُ لاهُوْتِيَّتِه الذي تَبَدَّى وتجلّى لموسى بن عمران “عَليهِ السَّلام” في طور سيناء, فما اسْتقَرّ له ولا أطاق موسى لِرؤيته, ولا ثبت له حتّى خرّ صعِقاً مغشِيّاً عليه وكان ذلك النّور نور محمد “صلَّى اللهُ عَليهِ وآلهِ”, فلمّا أراد أن يخلُق محمّداً منه قسَّم ذلك النُّور شطرين, فخلق مِن الشّطر الأول محمّداً, ومِن الشّطر الآخر علي بن أبي طالب “عَليهِ السَّلام”, ولَمْ يخلق مِن ذلك النور غيرهما, خلقهما الله بيدِه ونفخ فيهما بنفْسِه مِن نفْسِه لِنَفْسِه وصوّرَهُما على صُورتِهما وجعلهما أُمناء له وشُهداء على خلقه, وخُلفاء على خليقته, وعيْناً له عليهم, ولِساناً له إليهم قد اسْتَودَع فيهما عِلْمه, وعلّمهما البيان, واسْتطْلَعَهما على غيْبه وعلى نفسه وجعل أحدهما نفسه والآخر رُوحه, لا يقومُ واحدٍ بغيرِ صاحبه, ظاهرُهُما بشَرِيّة وباطنهما لاهوتِيّة, ظهَروا للخلق على هياكل النّاسُوْتِيّة حتى يُطِيقُوا رؤيتهما, وهو قوله تعالى {ولَلَبَسْنَا عليهم ما يلبِسون} فهُما مَقاما ربّ العالمين وحِجَابَا خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح الله بدْءَ الخلْق, وبهما يختِمُ الملك والمقادير, ثمّ اقْتبَس مِن نور محمد فاطمة ابنته كما اقتبس نُور عليٍّ مِن نوره واقْتبَس مِن نُور فاطمة وعليٍّ الحسن والحسين كاقْتِباس المصابيح, هُم خُلِقُوا مِن الأنوار وانْتقَلُوا مِن ظهْرٍ إلى ظهْر, وصُلْبٍ إلى صلب, ومِن رَحِم إلى رحِم في الطّبقة العُليا مِن غير نجاسَة, بل نقلاً بعدَ نقل, لا مِن ماء مهِين, ولا نُطفة خشِرة كسائر خلقه, بل أنوار انتَقَلُوا مِن أصلاب الطّاهرين إلى أرحام المُطهَّرات, لأنهم صفْوة الصّفوة, اصْطفَاهم لِنفسه وجعلهُم خُزّان علْمه وبُلغاء عنه إلى خلقه, أقامهم مَقام نفسه, لأنه لا يُرى ولا يُدرك ولا تُعرف كيفِيّتُه ولا إنِّيّتُه, فهؤلاء الناطقون المُبلِّغون عنه, المُتصرِّفون في أمْره ونهْيِه, فبهِم يُظهِرُ قُدرته, ومِنهم تُرى آياته ومُعجِزاته, وبهِم ومنهُم عَرَّفَ عباده نفسه, وبهِم يُطاع أمْره, ولُولاهم ما عُرِف الله ولا يُدرى كيف يُعبد الرّحمن، فالله يُجرِي أمْره كيف يشاء فِيما يشاء {لا يُسئَل عمّا يفعل وهم يُسْألون}.
    [📚 تأويل اﻵيات الظاهرة]

  • You must be logged in to reply to this topic.