مراتب الوجود الخمسة

  • Creator
    Topic
  • #581
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,178

    خلاصة السؤال
    على أی أساس تمّ تقسیم مراتب الوجود على اللاهوت و الجبروت و الملکوت و …؟


    السؤال
    یُذکر دائما فی الکتب الفلسفیة و العرفانیة الحکمیة و غیر ذلک من الکتب التی تعنی بمثل هذه المباحث , حین تحدثها عن العوالم الوجود و تقسیماتها مثلا بـ عالم اللاهوت و الجبروت و الملکوت , الملک أو الناسوت , أو بتقسیم آخر عالم العقل عالم المثال , أو بلسان الشرع عالم الآخرة عالم البرزخ و عالم الدنیا , و هکذا تقسیمات , الحقیقة أنا أتفهم و جود عالم الآخرة و البرزخ و الدنیا , لأنها مستدلة فی نظری روائیا و قرآنیا , و لکن الحقیقة أود فعلا أن أقف على إستدلال و اضح و متین و سهل الفهم على تقسیم العوالم و الإستدلال على و جودها , مثلا کی نستدل أن هناک فعلا عالم جبروت و نعطیها خصائص معینة و نحصر العوالم بهذا العدد بناء على هذا التقسیم . لذا أرجوا منکم متفضلا أن تستدلوا على و جود هذه العوالم أی اللاهوت , الجبروت , الملکوت , الناسوت , العقل و المثال , و لماذا تم الحصر بهذا التقسیم و کیف و بناءا على ماذا أو بالأحرى کیف تم معرفة خصائص کل عالم من هذه العوالم , و کیف تترابط هذه العوالم ببعضها البعض و کیف یتم التناقل فیما بینها , فمثلا الموت هو و سیلة لإنتقالنا لعالم البرزخ فکیف یکون التناقل بین العوالم إن کان ذلک ممکنا . أرجوا أن یکون الإستدلال یشمل أیضا النصوص القرآنیة و الروائیة فی الإستدلال على هذه العوالم.


    الجواب الإجمالي
    إن تقسیم عوالم الوجود إلى عوالم المادة و المثال و العقل أمر معهود منذ القدم، کما قد ذکرت أدلة على سبب هذا التقسیم. و من جانب آخر، کثیر من الحکماء الإلهیین قد اعتبروا الوجود على أربع مراتب و قد طرحوا غیر عالم المادة و المثال و العقول عالم اللاهوت أو العالم الربوبی أیضا. و إن أصل هذا التقسیم على ید مؤسسیه تابع لبحوث عقلیة فی الجملة.

    و قد ذکرت فی العرفان مضافا إلى هذه العوالم مرتبة أخرى تحت عنوان المرتبة الجامعة أو “الإنسان” الذی هو یشمل جمیع العوالم.

    راجعوا الجواب التفصیلی لمشاهدة الشرح و التوضیح.

    الجواب التفصيلي
    مراتب الوجود

    إن تقسیم عوالم الوجود إلى عوالم المادة و المثال و العقل أمر معهود منذ القدم، کما قد ذکرت أدلة على سبب هذا التقسیم. و من جانب آخر، کثیر من الحکماء الإلهیین قد اعتبروا الوجود على أربع مراتب و قد طرحوا غیر عالم المادة و المثال و العقول عالم اللاهوت أو العالم الربوبی أیضا. و قد سمیت هذه العوالم الأربعة فی معارفنا الدینیة بالناسوت و الملکوت و الجبروت و اللاهوت. و یمکن التحقیق فی الاستدلالات القائمة على ضرورة و جود هذه العوالم فی الفلسفة و الحکمة، و إن أصل هذا التقسیم على ید مؤسسیه تابع لبحوث عقلیة فی الجملة.

    وقد ذکرت فی العرفان مضافا إلى هذه العوالم مرتبة أخرى تحت عنوان المرتبة الجامعة أو “الإنسان” الذی هو یشمل جمیع العوالم.

    إن هذه المراتب الخمس أی المادة و المثال و العقول و العالم الربوبی و المرتبة الجامعة أو الإنسان قد سمیت فی المعارف العرفانیة بالحضرات الخمس.

    فی الرؤیة العرفانیة غالبا ما یطلق لفظ الحضرة بدلا من اصطلاح العالم، إذ أن عالم الوجود فی الرؤیة العرفانیة محضر الله و محل حضوره، فالعرفاء الکبار یشاهدون و یعرّفون عوالم الوجود فی خمس حضرات التی اشتهرت بالحضرات الخمس.

    نحن نعتمد تقسیم الوجود إلى الحضرات الخمس بصفته أکمل تقسیم، و نجعله أساس بحثنا، و من هذا المنطلق نتناول کلا من هؤلاء الحضرات الخمس بالبحث و الدراسة و نستعرض الشواهد القرآنیة و الروائیة و الأسماء المختلفة التی جاءت فی القرآن و الروایات و الفلسفة و الکلام و غیرها لتعبّر عن هذه العوالم و الحضرات.

    الحضرات الخمس فی العرفان

    إن أکثر تفاصیل البحث فی هذه المراتب الخمس، توجد فی آثار ابن عربی و من بعده بحث صدر الدین القونوی فی اصطلاح الحضرات الخمس بشکل مدون.

    إن هذه الحضرات الخمس عبارة عن:

    1ـ الغیب المطلق

    قد اعتبروا أن هذه الحضرة ذات تعیّنین: الأحدیة و الواحدیة. و هذا ما أخذ من المعارف القرآنیة کقوله تعالى «قل هو الله احد»[1]. و «هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ»[2].

    کما أن اصطلاح الغیب المطلق مأخوذ من القرآن؛ “و عنده مفاتح الغیب لایعلمها الا هو”[3].

    الاسم الآخر لهذه المرتبة هو “العماء” و هو اسم ملموس أکثر کما قد سئل النبی (ص) أین کان الله قبل الخلق، فقال فی العماء[4] الذی یدل على عدم وجود أیة صفة و الوحدة المحضة، و قد یعبّر العرفاء عن هذا المعنى بلفظ العدم. [5] فهذا العدم لیس بمعنى اللا شیئیة، بل بمعنى الوجود الحق الذی یعرف فی ذهن الإنسان المتمحور على الألفاظ بالعدم، و لا یمکن درک هذه المرتبة بدون فناء الذهنیات و کل وجود ظاهری. إذ أی وجود یعرفه الذهن فهو بعید عن هذا المقام.

    إن مرتبة العزة الکاملة و التنزیه المطلق لله مرتبط بهذه الحضرة الإلهیة. إذن بعض الآیات من قبیل «انَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ الْعالَمینَ»[6] تشیر إلى هذا المقام. کما أن کثیرا من الروایات التی تشیر إلى مقام تنزیه الله بشکل مطلق قد صدرت فی هذا المقام.

    2ـ الجبروت أو عالم المجردات المحضة

    إن هذه المرتبة التی تسمّى بحضرة اللوح المحفوظ و عالم الأرواح المجردة، هی نفس عالم المفارقات التامة فی اصطلاح الحکمة الإسلامیة. إن الموجودات فی هذه المرتبة على قسمین:

    أ: الکروبیین.

    هؤلاء موجودات لیس لهم تدبیر و تصرف فی عالم الأجسام و هم فانون فی جمال الله و جلاله. کما قد عبّر عنهم بالملائکة المهیّمة. و التهیّم بمعنى شدة الحب و الشغف. فالملائکة المهیّمة هم الذین امتلأ وجودهم بحب الله سبحانه و لیسوا بحاجة إلى واسطة لاستلام الفیض الإلهی. إنهم والهون و فانون فی جمال الله و لهذا لا یعرفون أحدا غیر الله تعالى، و حتى لا یلتفتون إلى أنفسهم. لقد تحدث العرفاء عن هؤلاء الملائکة ببرکة شهودهم و وصفوا حقیقتهم. و جدیر بالذکر أن بعض هؤلاء الملائکة و إن کانوا غیر متعقلین بعالم الأجسام و لکنهم واسطة الفیض الإلهی على عالم الأجسام.

    ب: الروحانیین.

    مع أن هؤلاء الموجودات مجرّدون و لکنهم متعلقون بعالم الأجسام و یدبرون و یتصرفون فیه.

    لقد أشیر إلى هذه المرتبة کثیرا فی الآیات و الروایات و یمکن البحث و التحقق فی باب الملائکة الکروبیین و الأرواح القدسیة و الروح الأعظم و اصطلاح الروح من خلال آیات القرآن حیث قال: «تنزل الملئکه و الروح فیها باذن ربهم من کل امر»[7]

    کما یمکن ذکر روایات کثیرة فی هذا المجال و لکن نکتفی بنقل هذه الروایة فی هذا الخصوص:

    عَنْ عُبَیْدِ بْنِ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْفَارِسِیِّ و غَیْرِهِ رَفَعُوهُ إِلَى أَبِی عَبْدِ اللَّهِ عَلَیْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ الْکَرُوبِیِّینَ قَوْمٌ مِنْ شِیعَتِنَا مِنَ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ جَعَلَهُمُ اللَّهُ خَلْفَ الْعَرْشِ لَوْ قُسِمَ نُورُ و احِدٍ مِنْهُمْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَکَفَاهُمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مُوسَى عَلَیْهِ السَّلَامُ لَمَّا أَنْ سَأَلَ رَبَّهُ مَا سَأَلَ أَمَرَ و احِداً مِنَ الْکَرُوبِیِّینَ فَتَجَلَّى لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَکّاً [8]

    و فی نسخة أخرى للروایة یسأل الراوی و یقول ما اسم هؤلاء الکروبیین فیقول (ع): نوح و إبراهیم و موسى و عیسى و النور الذی تجلّى لموسى کان نور موسى الکروبی [عینه الثابته].[9]

    من باب الاختصار هنا، لا یمکن نقل و دراسة کل الروایات الواردة فی هذا الباب و منها الروایات التی جاءت فی حقیقة النور المحمدی (ص) و معرفة نور الإمام علی (ع) و کذلک الروایات التی تشیر إلى أن النبی قد شاهد فی المعراج مثال علی (ع) النوری خلف العرش.[10]

    و قد فهمت کثیر من هذه الروایات بأنها تنسب الألوهیة للمعصومین بینما هی تختصّ بهذه المرتبة من الوجود النوری و لا تعنی الغلوّ.

    3ـ الملکوت أو عالم المثال

    الحضرة الثالثة هی مرتبة عالم المثال و هی نشأة ظهور الحقائق المجرّدة و اللطیفة مع آثار و عوارض جسمانیة کالشکل و المقدار. و قد عبّر عن هذه المرتبة “بالخیال المنفصل” و جاء ذکرها فی لسان الشّرع تحت عنوان “البرزخ”. یمثّل هذا العالم الحد الوسط بین عالم الأرواح و عالم المادة. یقول القونوی فی بیان علة إیجاد عالم المثال: لعالم الأرواح تقدم وجودی و رتبی على عالم الأجسام و هو الواسطة لوصول فیض الحق على الأجسام؛ و لکن بما أن بین الأرواح و الأجسام و باعتبار ترکیب هؤلاء و بساطة هؤلاء تباین ذاتی و لا سنخیة بینهما، فخلق الله عالم المثال لیکون برزخا و جامعا و الحد الفاصل بین العالم الأرواح و الأجسام و یصیر سببا لارتباط هذین العالمین معا و بواسطته یصل فیض الله و إمداده عن طریق الأرواح.[11]

    أن عالم البرزخ فی مصطلح الشرع و القرآن أعرف من أن یحتاج إلى بحث، و المصطلح الآخر الذی یطلق علیه فی الروایات هو اصطلاح القبر أو عالم القبر.

    4ـ الناسوت أو عالم المادة

    الحضرة الرابعة، نشأة العالم المادة و هی حضرة الشهادة المطلقة أو عالم الأجسام و مرتبة الحس و المحسوسات. إن کائنات هذا العالم فی غایة الترکیب. و إن هذا العالم المشهود لدى أهل الظاهر أکثر العوالم قشریة و سطحیة:

    (یَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَیاةِ الدُّنْیا و هُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ)[12]

    5ـ المرتبة الجامعة أو عالم الإنسان (الإنسان الکامل)

    الحضرة الخامسة هی الإنسان الکامل الذی جامع لجمیع المراتب الإلهیة و الکونیة و جمیع التنزلات. و قد یعبر عن هذه المرتبة بالکون الجامع. و من بین الکائنات لا یقدر أحد على جمع جمیع حضرات الوجود فی وجود أحدی واحد و أن یطبقها فی نفسه و أن یشتمل على جمیع الجهات الحقّیة و الخلقیة إلا الإنسان.

    یحظى الإنسان بمکانة خاصة فی العرفان النظری. و رتبته الوجودیة تفوق مراتب جمیع الموجودات، حتى قد اعتبر العرفاء أن المقصود من إیجاد العالم هو العالم الإنسانی و نشأة الإنسان.

    إن بحث الخلافة الإلهیة فی القرآن و حمل الإنسان للأمانة یختص بهذه النشأة. و هناک روایات کثیرة فی مجال معرفة الإمام فی مذهب الإمامیة حیث تعتبر الإمام قطب العالم و جمیع هذه الروایات تثبت و جود هذه المرتبة. إن هذه الروایات فوق حد الإحصاء و غیر خفیة عن أی محقّق. هنا نشیر إلى روایة فی هذا المجال و هی فی نفس الوقت تفسّر إحدى آیات القرآن:

    عن أبی الجارود عن أبی جعفر محمد بن علی الباقر ع قال لما نزلت هذه الآیة على رسول الله ص و کُلَّ شَیْ‏ءٍ أَحْصَیْناهُ فِی إِمامٍ مُبِینٍ قام رجلان من مجلسهما فقالا یا رسول الله هو التوراة قال لا قالا فهو الإنجیل قال لا قالا فهو القرآن قال لا قال فأقبل أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب ع فقال رسول الله ص هو هذا إنه الإمام الذی أحصى الله تبارک و تعالى فیه علم کل شی‏ء.

    دلیل تقسیم مراتب الوجود الکلیة إلى الحضرات الخمس

    فی خصوص التبیین المنطقی لهذا التقسیم و بیان دلیل حصر العوالم فی هذه المراتب الخمسة نقول: أولا إن مراتب الوجود و الحضرات الإلهیة فوق حدّ الإحصاء و إن هذا التقسیم مجرّد اعتبار کلی، و لا یتعارض مع غیره من تقسیمات عوالم الوجود إلى مراتب و نشآت أکثر أو أقل. مثلا یمکن تفسیم کل العوالم إلى الغیب و الشهادة، أو إلى العالم الأدنى و الآخرة، أو إلى ألف عالم أو ثمانیة عشر ألف عالم و … و لکن الأصل فی هذا البحث هو أن تقسیم کل العوالم إلى خمس مراتب تمّ على أساس نظم إلهی، و أی تقسیم آخر لمراتب الوجود یدخل فی هذا التقسیم العام.

    یذکر صدر الدین القونوی حول هذا التقسیم بیانا یتضمّن استدلالا على هذا التقسیم:

    الکتب الإلهیّة الکلیّة خمسة على عدد الحضرات الأول الأصلیّة.

    فأوّلها الحضرة الغیبیّة العلمیّة النوریّة المحیطة بکلّ ما ظهر، و لها المعانی المجرّدة و النسب الأسمائیّة العلمیّة.

    و تقابلها حضرة الظهور و الشهادة، و لها ظاهر الوجود الکونی- المسمّى بالکتاب الکبیر- و سائر التشخّصات الصوریّة. و حضرة الجمع و الوجود و الإخفاء و الإعلان، و لها الوسط، و صاحبها الإنسان.[13]

    و الحاصل أن الترتیب المنطقی للعوالم على أساس ما ذکر هو:

    الغیب المطلق، عالم الأرواح، الإنسان الکامل، عالم المثال، و عالم المادة. و الإنسان الکامل بصفته جامعا لجمیع العوالم یقع فی مرکز الوجود و هو شامل لعالم الشهادة و عالم الملکوت (المثال) و عالم الجبروت و العماء أو الغیب المطلق معا.

    ———————–
    [1] الاخلاص، 1.

    [2]الزمر، 4.

    [3] الأنعام، 59.

    [4] الإمام الخمینی، روح الله ، مصباح الهدایة إلى الخلافة و الولایة، ص 29، مؤسسة حفظ و نشر آثار الإمام الخمینی، طهران الطبعة الثالثة، 1376 هـ. ش.

    [5]. من قبیل المولوی فی المثنوی.

    [6]. آل عمران، 97.

    [7]. القدر، 4.

    [8]. المجلسی، بحار الأنوار، ج13، ص224، ‌موسسة الوفاء، ‌بیروت.

    [9]. المامقانی، محمد تقی، ناموص الناصری،‌ نشر تاریخ ایران، 1388 ش.

    [10] «لَمَّا صِرْتُ تَحْتَ الْعَرْشِ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِعَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ و اقِفاً تَحْتَ عَرْشِ رَبِّی فَقُلْتُ یَا عَلِیُّ سَبَقْتَنِی فَقَالَ لِی جَبْرَئِیلُ ع یَا مُحَمَّدُ مَنْ هَذَا الَّذِی یُکَلِّمُکَ قُلْتُ هَذَا أَخِی عَلِیُّ بْنُ أَبِی طَالِبٍ قَالَ لِی یَا مُحَمَّدُ لَیْسَ هَذَا عَلِیّاً و لَکِنَّهُ مَلَکٌ مِنْ مَلَائِکَةِ الرَّحْمَنِ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى صُورَةِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ » المجلسی، ‌بحار الأنوار،‌ ج1، ص300. موسسة الوفاء، بیروت؛ و ابن شاذان، القمی، مأة منقبة، ص32،‌ نشر مدرسة الإمام المهدی عج، ‌قم.

    [11]القونوی، شرح الحدیث، ص143.

    [12]الروم، 7.

    [13] القونوی، ‌صدر الدین، إعجاز البیان فی تفسیر أم القرآن، ‌ص10، مرکز النشر لمکتب التبلیغ الإسلامی‏، قم‏، ‌1381ش

Viewing 1 replies (of 1 total)
  • Author
    Replies
  • #582
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,178

     

    خلاصة السؤال
    توضیح مطابقة مراتب الوجود مع الاصطلاح القرآنی للبرزخ و القیامة، و هل أن مراتب الوجود کلها حقیقة منبسطة واحدة؟


    السؤال
    قرأت فی إحدى الأجوبة فی موقعکم الموقر ” و قد برهن فی محله أن عوالم الوجود هی فی طول بعضها البعض، و أن کل مرتبة نازلة هی عبارة عن مظهر و مثال لمراتب فوقها و هی تظهر و تنشأ فی ظلّها، و أن دنیانا التی نحن فیها هی أرذل و أنزل مراتب عوالم الموجودات و هی عالم المجاز و عالم القشور، و موجودات هذا العالم لیست الا مثلاً و مظهراً عن العالم الاعلی. و فوق هذا العالم عالم و هو فی قوس صعودنا عالم البرزخ و هو واسطة بین عالم الدنیا و عالم القیامة، و عالم البرزخ هو عالم الصورة و عالم المعنی، و ما فوقه بالنسبة الی البشر هو عالم القیامة و هو عالم الجمع و عالم الحقیقة و عالم الحیاة و هو حدّ و منتهی سیر البشر، فإن من أسماء القیامة “الحاقة” و تعنی حاق الحقیقة و عین الواقع و هو الیوم الذی تظهر فبه بواطن و أسرار کل الأشیاء (یوم تبلی السرائر).
    فالقیامة هو الیوم الذی تظهر فیه البواطن و هو أیضاً عالم الحیاة (و أن الدار الآخرة لهی الحیوان لو کانوا یعلمون) ” هل لکم التفصیل الممل و الدقیق فی شرح هذه الفقرة أعلاه لأهمیتها عندی , هل الوجود حقیقة متصلة مطاطة ؟ أرجوا التفصیل , فإنی سعید جدا بأن وجدت موقعا علمیا و دقیقا مثل موقعکم تُعرض فیه الأجوبة بشکل مفصل و دقیق , هذا رجائی منکم فی شرح هذه الفقرة فی الجواب على سؤالی. و أشکرکم کثیرا.

    الجواب التفصيلي
    اذا اخذنا بنظر الاعتبار التقسیمات التی ذکرت لمراتب الوجود فی کل من الحکمة و العرفان و مطابقتها مع القرآن الکریم و الاحادیث الشریفة، فحینئذ نستطیع القول: بأن القرآن الکریم اشار الى عدة تقسیمات لمراتب الوجود؛ من قبیل الدنیا و الآخرة؛ الغیب و الشهادة؛ و تقسیم عوالم الوجود الى عالم الدنیا، البرزخ، عالم القیامة. و المراد من عالم القیامة، عالم ظهور الحقیقة بعد حدوث القیامة. هذا من جهة.

    و من جهة أخرى، نحن نؤمن بان جنة القیامة هی مخلوقة الآن و حاضرة و هذا ما اثبت فی المباحث الکلامیة و التفسیریة و الروائیة.

    انطلاقا من ذلک فان القیامة واقعة لبعض الافراد فعلا و بصورة شخصیة و هذا ما یظهر من کلام أمیر المؤمنین (ع): “لو کشف الغطاء ما ازددت یقینا”.[1]و غیرها من الشواهد الکثیرة المبثوثة فی الاحادیث الشریفة.

    إذن احدى التقسیمات القرآنیة بالنسبة الى عالم الوجود تقسیمها الى عالم الدنیا و عالم البرزخ و عوالم القیامة. و للمقارنة بین تلک العوامل حسب هذا التقسیم و التقسیم العرفانی الذی قسم العوالم الى عالم الشهادة، الملکوت أو المثال، الجبروت و اللاهوت.[2] نقول: إن المراد من عالم الشهادة عالم الدنیا، و عالم المثال ینطبق على عالم البرزخ، و اما العوالم الاخرى العلیا کعالم الجبروت و اللاهوت فیراد منها عالم القیامة.

    و على هذا الاساس یمثل عالم الدنیا ظاهرَ عالم الوجود، و اما عالم المثال و البرزخ فلا یمثل حقائق الاشیاء فعلا، بل هو مثال من الحقیقة. و أما عوالم الجبروت و سائر عوالم القیامة فتمثل التجلّی التام لحقیقة العالم.

    من هنا اتضح أن من الممکن فی مورد اصطلاحات الحکمة و العرفان الاسلامی و هکذا الاصطلاحات القرآنیة و الروائیة، الوصول من خلال مطالعة القرآن و الروایات و الکتب الحکمیة و العرفانیة المختارة، الى تفصیل البحث و معرفة کیفیة تجلی کل عالم من تلک العوالم لسالک الطریق قبل الموت و القیامة؛ و تجلیها لکافة الناس بعد الموت و بعد القیامة الکبرى.


    [1] غرر الحکم و در الکلم، ص 119، انتشارات مکتب التبلیغ الاسلامی،‌قم.

    [2] انظر موضوع الحضرات الخمسة، السؤال رقم13064.

    [3] المفهوم المشکک هنا مقابل المتواطئ لا مقابل الظن و الیقین.

    [4] فی الوقت الذی قبل العرفاء بوحدة الوجود او التوحید الوجودی حسب تعبیرهم و لکنهم رفضوا القول بتشکیکیة الوجود.

    [5] یمکن التعبیر عنه بالتوحید الوجودی أو وحدة الوجود العرفانی لا الوحدة التشکیکیة.

Viewing 1 replies (of 1 total)
  • You must be logged in to reply to this topic.