بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه و آله وسلم تسليما
( الغدَة الصنوبريَة .. والبوابات الروحية ) الجزء الأول.
العين الثالثة … هل هي واحدة ام اثنتين ؟
لربما يكون العنوان غريباً بل ومخالفاً لجميع ما ذُكر فيما يخص العين الثالثة .. بل ويفهم منه أيضاً بإنه مخالفاً لما ذكرته لكم !
كلا يا اخوتي واخواتي الطيبين … لا تتعجلوا الحكم إلا بعد إتمام البحث … فهذا البحث مهم جدا جدا لانه سوف يكون الحد الفاصل بين الحقيقة والإدعاء ..
بداية اذكر لكم تلك المرويات عن آل الله منهم السلام .. لتكون مقدمة للبحث .
روي عن رسول الله ( منه السلام ) أنه قال : مَا مِنْ عَبدٍ إلاَّ وفي وجْهِهِ عَينَان يُبْصرُ بِهِما أمْرَ الدُّنيا ، و( عَيْنان في قَلبِهِ ) يُبصِرُ بهما أمْرَ الآخِرَة ، فإذَا أرَادَ بِعبدٍ خَيراً فتحَ عَيْنَيه اللَّتَينِ في قَلبِه ، فأبْصَرَ بِهِمَا مَا وَعَدَهُ بالغَيبِ ، فآمَنَ بِالغَيبِ عَلى الغَيبِ .
روي عن الإمام زين العابدين ( منه السلام ) : ألا إنَّ للعبد أربع أعين : عينان يبصر بهما أمر دينه ودنياه ، ( وعينان يبصر بهما أمر آخرته ) ، فإذا أراد الله بعبد خيراً فتح له ( العينين في قلبه ) فأبصر بهما الغيب في أمر آخرته .
روي عن الإمام الصادق ( منه السلام ) قوله : إنَّما شيعَتُنا أَصْحَابُ الاْرْبِعَةِ الاْعْيُنِ عَيْنٍ فِي الرَّاسِ، ( وَ عَيْنٍ فِي القَلْبِ ) أَلا وَالْخَلائِقُ كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، إِلاّ أَنَّ اللهَ فَتَحَ أَبْصَارَكُمْ وَ أَعْمَي أَبْصَارَهُمْ .
فلو دققتم في المرويتين الأولى والثانية فإنكم ستجدون ذكر ( عيني القلب ) .. وهي دلالة على وجود عينين وليست عين واحدة في القلب ؟
أما في المروية الثالثة فإنكم ستجدون بإن الإمام منه اللام يذكر أربعة أعين ثم ينتقل إلى ذكر ( عين في الرأس ) و ( عين في القلب ) !
ولكن لكي أبين لكم المطلب دعونا نتعرف في بادئ الأمر على ( القلب ) .. وهل هو القلب الكمثري النابض الموجود في الصدر .. ام المعني ها هنا هو القلب المعنوي ؟ ولكن اين يوجد ذلك القلب المعنوي إن سلمنا بإن المعني هو في جميع المرويات ؟
لقد أشرت فيما سبق في اكثر من موضع بإن ( الروح ) أو ( الذرة المستديرة ) أو ( النفس الإلهية ) توجد في القلب المعنوي والذي يكون بدوره موجود في العقل المعنوي والذي يكون الآخر موجود في باطن العين الثالثة عند التقاء النصفين الأيمن والأيسر للدماغ .. ويسمى هذا الموضع بالمهاد العيني ..
لذا فإن القلب المعنوي هو قالب الروح أو الذرة المستديرة أو النفس الإلهية .. وهو بيت الرب ..
إذ أوحى الله لنبي له ( طهر لي بيتا اسكنه .. فقال : يا رب واي بيت يسعدك .. فقال له : لن تسعني ارضي ولا سمائي ويسعني قلب عبدي المؤمن ) .
نأتي الان لبيان ان كان المعني هو القلب المعنوي في المرويات و الذي هو قالب الروح وبيت الرب فأين تقع العينين .. والمروية الثالثة تخبر عن المعصوم بإن احدى العينين في الرأس والاخرى في القلب مما يثبت بإن القلب المشار إليه ليس في الرأس ؟
نعم … ولكن لو دققتم لوجدتم بإن الإمام يذكر العينين في الرأس الظاهرية والتي تبصر بهما الأشياء عن طريق خروج النور من تلك العينين وسقوطه على الأشياء المراد رؤيتها .. ثم ينتقل إلى العينين للقلب ونحن نعلم بإن القلب النابض لا توجد فيه أعين؟ بل إن هنالك من يبدل قلبه بقلب اصطناعي فهل معنى هذا بإنه لن يبصر أمر آخرته كما في المرويتين الاولتين ! ثم ان المعصوم منه السلام لم يحدد مكان القلب .. واكتفى بتحديد مكان العين الأخرى فيه .. فيكون المعنى القلب المعنوي دون أدنى شك .
نأتي الان لبيان لماذا ذكر المعصوم في المروية الثالثة اربعة اعين ومن ثم شخص عينين فقط ؟
وجواب ذلك يكون من حيثيتين ..
الحيثية الأولى بإن عمل العينين الظاهرتين عمل واحد .. اي انك ترى بهما … إحداهما لنصف الرأس الايمن والاخرى لنصف الرأس الايسر وهن متشابهتين بالتركيب وبالعمل … فإنك إن اغلقت احداهما رأيت بالاخرى .
الحيثية الثانية .. أنهن تلتقين بالنظر بحسب بعد الشيء المنظور إليه .. كإنهن عين واحدة .. إذ أن لو كانتا لكل منهن عمل يختلف عن الأخرى وخروج النور لاحداهن سابق للأخرى لكنت ترى صورتين للشيء الواحد المنظور إليه لا ان ترى صورة واحدة .
وبعد هذا الإيضاح
نأتي الى ربط وتطبيق تماما الحيثيتين على العينين للقلب المعنوي .
ففي الحيثية الأولى كتطبيق .. فإن رؤية العين الثالثة من الجهة اليمنى هي صورة معكوسة لرؤيتها من الجهة اليسرى .. بمعنى اوضح ..
إنك لو شققت الرأس نصفين بالتساوي كما تشق التفاحة فإنك سترى في منتصف الشق الايمن صورة عين .. وكذلك في منتصف الشق الايسر صورة عين اخرى .. وهذا لانك شققت الغدة الصنوبرية إلى نصفين فبانت لك عينين لكل شق .
اما التطبيق في الحيثية الثانية .. فإن الغدة الصنوبرية
هي نفسها العين البرزخية لانها تقع في منتصف الدماغ البرزخ الذي يفصل الجزء الأيمن والأيسر وكذلك هي برزخ ونقطة اتصال بين العالم العلوي والعالم السفلي .. فكما لديك عينين ظاهريتين لديك عينين باطنيتين .. وكما لديك قلب كمثري لديك قلب معنوي
وكذلك لديك عقل ظاهري لديك في باطنه عقل معنوي محيط بالقلب المعنوي …
وبعد اثبات بإن العين الثالثة هي ليست عين ثالثة بل عينين …. سنأتي لبيان كيفية الرؤية بعيني القلب بعد معرفة ما هي وظيفة الغدة الصنوبرية بكافة تفاصيلها وما الذي يحفزها وما الذي يبقيها خاملة .. وهذا سيكون ان شاء الله وآل الله في الجزء الثاني من العين الثالثة .. دفعاً للإطالة .
هذا والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه و آله وسلم تسليما.