التعريف بعلم العرفان والتصوف – 11-
مقدمات توضيحية
(المقدمة الثامنة): أقوال عرفاء الصوفية في هذا العلم
بقلم الفقير لله تعالى: أحمد يوسف نده
الخميس 2018/1/25
……………………………………….
لا بأس أن نستعرض معكم أيها الأصدقاء كلمات الأكابر من عرفاء المسلمين وحكمائهم ممن كان لهم بصمة في عالم التصوف والسير والسلوك.. عسى أن نلتفت لما يقوله هؤلاء الذين خاضوا تجارب ذاتية أدَّت إلى ارتقائهم فكرياً وسلوكياً وأخلاقياً ليكونوا أيقونة في عالم الإسلام والإنسانية.. فأرجو منكم قراءة هذه الأقوال التي اخترتها لكم بروية وهدوء.. لتتضح لكم منها معانيها السامية..
.
وأول ما نبدأ به كلام الجنيد السائح رضي الله عنه وهو من أبرز العرفاء والصوفية.. فقد سُئل عن التصوف فأجاب: (التصوف هو أن يميتك الحق عنك.. ويحييك به).
وقال أيضاً: (الصوفي كالسحاب يظل كل شيء.. وكالقطر يسقي كل شيء).
وقال معروف الكرخي رضي الله عنه: (التصوف هو الأخذ بالحقائق.. واليأس مما في أيدي الخلائق).
وقال الشبلي رضي الله عنه: (الصوفي منقطع عن الخلق متصل بالحق).
وسُئل ذو النون المصري رضي الله عنه عن الصوفيين فقال: (هم قومٌ آثروا الله عز وجل على كل شيء.. فآثرهم الله عز وجل على كل شيء).
وسئل أحد الحكماء عن العارف فقال: (العارف هو الذي لا يُطفئُ نورُ معرفته نورَ ورعه.. ولا يتكلم في باطن علمٍ ينقضه عليه ظاهر الكتاب والسنَّة.. ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله)..
.
وسنقف قليلاً مع كلمات السيد حيدر الآملي رحمه الله .. حيث أشار إلى أنه مع كونه إمامي اثنا عشري فهو صوفي أيضاً.. وبالتالي فهو يستغرب من أولئك الشيعة الذين ينكرون التصوف مع أن أئمتهم ع هم أقطاب التصوف.. كما يستغرب من الصوفية الذين ينكرون التشيع لأئمة أهل البيت ع مع أنهم أنفسهم ينتسبون إليهم بالخرقة.. فانظر إلى ما يقول في مقدمة كتابه (جامع الأسرار ومنبع الأنوار)…
يقول: (لأن من بين الفرق الإسلامية والطوائف المختلفة المحمدية ليس أحد ينكر على الطائفة الصوفية مثل طائفة الشيعة.. ولا على الشيعة مثل الطائفة الصوفية.. مع أن مأخذهم واحد ومشربهم واحد ومرجعهم ليس إلا إلى أمير المؤمنين علي ع.. فهو مأخذهم ومشربهم ومسند علومهم ومرجع أصولهم.. وكذلك الصوفية الحقة.. لأنهم أيضاً لا يسندون علومهم ولا ينسبون خرقتهم إلا إليه.. فنسبتهم إما إلى كميل بن زياد النخعي وهو تلميذه الخاص ومريده الخالص.. وإما إلى الحسن البصري وهو أيضاً من أعظم تلامذته وأكبر مريديه.. وإما إلى جعفر الصادق ع…)
إلى أن يقول: (لأن أكثر الصوفية – من جهلهم – يتصورون أن الأئمة المعصومين عليهم السلام كانوا عارين عن هذه الفضيلة -أي العرفان- وكذلك الشيعة فإنهم أيضاً يتوهمون أن فضيلة أئمتهم كانت منحصرة في هذه العلوم المتداولة بينهم.. وليس كذلك.. لأن كل واحد منهما مخطئ في تصوّره غير مصيب في توهّمه… لأنه ليس هناك علمٌ إلا وهم منبعه.. ولا سرٌّ إلا وهم معدنه.. وهم رؤساء أرباب الشريعة.. وأئمة أهل الطريقة.. وأقطاب أساطين الحقيقة.. وهم خلفاء الله في أرضه وسمائه.. ومظاهر كبريائه وجلاله في ملكه وملكوته.. وليس هناك أكمل من هؤلاء المذكورين عقلاً ونقلاً وكشفاً بالاتفاق.. )..
.
وأخيراً بَحثنَا عن مسك الختام فلم نجد مسكاً أطيب من قول أمير الكلام.. الأمير حسن بن مكزون السنجاري قدَّسه الله في ديوانه:
(حـيَّ علـى تصوُّفٍ بمثله…..فليَطُـلِ العُجـبُ لأربابِ القِصَر)
.
وفي المنشور القادم سنقف على مراتب الحكماء ومنازلهم وتفاضلهم.. دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
………………………………….