التعريف بعلم العرفان والتصوف -2-
مقدمات توضيحية
(المقدمة الأولى): أهمية علم العرفان العملي والنظري وغايته
بقلم الفقير لله تعالى: أحمد يوسف نده
السبت 25-11-2017
……………………………………….
أولاً- أهمية العرفان والتصوف:
.
يكتسب البحث في (أحوال ومقامات العرفاء السالكين ودرجات ومنازل السائرين إلى جوار رب العالمين) أهمية كبيرة لأسباب عدة:
.
1)- أنه علم شريف في ذاته.. ويطلب لنفسه لا لغيره… فمتعلقه هو الحضرة الإلهية والتقرب منها علماً وعملاً.. ولا يوجد شرف في الوجود يضاهي شرف تقرب العبد من المعبود..
.
2)- إن هذا العلم محل ابتلاء الكثير من الناس.. فهو كان وما زال يشكل مزلة أقدام على مر الزمان.. لدقة مسالكه.. ووعورة طرقه.. وقلة سالكيه.. وندرة الواصلين والمرشدين..
.
3)- هذا البحث دارت وحامت حوله الشبهات والتلبيسات من قبل بعض الواهمين والغافلين.. الذين حاولوا حرف هذا العلم الشريف عن مساره الصحيح ويخلطونه بكثير من المغالطات والبدع والانحرافات.. مما أدى إلى انتشار الاستغلال من جهة.. وإظهار الدين بصورة غير لائقة من جهة أخرى.
………………………………………
ثانياً- الغاية من هذا العلم الشريف:
.
الغاية القصوى عند جمهور الفلاسفة والحكماء تكمن في استكمال النفس الناطقة الإنسانية في قوتيها العقليتين النظرية والعملية.
.
– أما (كمال القوة النظرية): فالغاية القصوى المقصودة هي صيرورة النفس الناطقة جوهراً عقلياً عالماً بالأشياء على ما هي عليه في الواقع ونفس الأمر ومعرفتها معرفةً حديةً برهانيةً.
وسبيله لا يكون إلا بالرياضة العقلية (الارتياض العقلي) وذلك بدراسة العلوم العقلية.. بهدف التغلب على الأحكام الوهمية والخيالات العرفية والعامية كي لا يكون لها مدخلٌ في الأحكام الاعتقادية.
.
– أما (كمال القوة العملية): فهو في استيلاء النفس الناطقة بقوتها العقلية على قواها البدنية الحيوانية وإخضاعها لأحكام العقل النظري..
وسبيل هذا الطريق عندهم هو السلوك العملي.. وذلك بالتجرد عن العلائق المادية والتحلي بالكمالات المعنوية.. والهدف من هذا السلوك العملي أمران أساسيان:
.
1- تحقيق الإيمان العملي بالعلوم والمعارف التي تم تحصيلها في المرتبة الأولى في مقام العقل النظري بحيث تنعكس على سلوك المتعلم بعد ذلك.. ليصل إلى مراتب اليقين والشهود والتذوق.
.
2- الغاية الثانية: تصفية النفس.. أي تصفية ذهن المتعلم.. لأن السلوك العملي يهدف إلى تغيير وجهة الإنسان من النشأة الطبيعية إلى النشأة الغيبية الملكوتية لكسب المعارف العقلية والإشراقات النورية.. فما دام متوجهاً للنشأة الطبيعية فلا يمكنه التوجه إلى النشأة الغيبية العقلية.. وبالتالي لا يحصّل شيئاً.. وإن حصّل فتكون أموراً مخلوطةً بالوهم..
لقد سمى سقراط الحكمة بتمرين الموت.. فلا بد أن يحدث الحد الأدنى من الإعراض عن الدنيا لتحصيل الحكمة..
.
وأما الذي اهتم بالجانب العملي دون النظري فإنه يصير صوفياً ولكنه يبقى جاهلاً عامياً.. وهذا الأمر لا يخلو من سلبيات ومشاكل لا تخفى عليكم.. لأن العلم إمام العمل.
فأنت لا تعلم بالأشياء إلا بالتفكير.. والتفكير لا بد أن يكون صحيحاً حتى يحصل للإنسان الاستقامة الفكرية.. وهي أشرف من الاستقامة العملية.. لأنها العصمة وطوق النجاة في تحصيل الاعتقاد الصحيح الذي يعيّن مصير الإنسان.. فالإنسان الذي عنده مشاكل عملية قد ينجو إذا تاب.. أما الإنسان الذي عنده عقائد فاسدة فلا ينجو حتى لو كان أخلاقياً…
.
وأما المقدمة الثانية في بيان ماهية السلوك العلمي فسنتركها ليوم الخميس القادم… أستودعكم الله والسلام عليكم..
.
ملاحظة: أتمنى القراءة بهدوء وتمعُّن… والمناقشات مفتوحة… وأرجو أن تكون التعليقات منضبطة وتتعلق بما ذكر في المنشور.. وأن تكون الأفكار والتساؤلات واضحة لغةً ومعنى.. وليست ارتجالية فوضوية.. وذلك كي تتم الفائدة المرجوة.. ونأمل من الأصدقاء أن ينبهوا أصدقاءهم الذين يهتمون بهذه المباحث كي تعم الفائدة للجميع.. دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى..
……………………….