إشراقات عرفانية

  • Creator
    Topic
  • #480
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    بسم الله الرحمن الرحيم

    * أصحاب القلوب من مشايخ العرفاء، يعرفون مريديهم كما يعرفون أبناءهم، لأنهم بالفعل أبناءهم، والأصح أساتذة العرفان الواصلون إلى مقام التجرد، يعرفون تلاميذهم، قبل لقائهم، مثلا أيام طفولتهم، أو حتى قبل ولادتهم في هذه الدار.

    * هناك شرط أساسي في علاقة المريد بالشيخ، وهو فناء المريد في الشيخ، أي محبة مفرطة شديدة لابد أن تكون بينهما، فنجد أن صورة الشيخ لاتكاد تفارق المريد في حله وترحاله.

     * لابد للمريد أن يضطر للشيخ، اضطرار الأم لوليدها إذا فقدته، عندئذ يحصل عليه، قال تعالى:”والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”….

     * المريد: رجل يعمل بين الخوف والرجاء، شاخصاً إلى الحب مع صحبة الحياء.

     * المراد: رجل مختطف من وادي التفرق (هذا العالم وكل ما سوى الله)، إلى وادي الجمع، (الحضرة الأحدية المقدسة).

     * المراد:”يجتبي إليه من يشاء”، والمريد:”يهدي إليه من ينيب.

     * المريد مراد أيضا، ولكن المريد يسير، والمراد يطير، فمتى يلحق السائر الطائر، كما قال الجنيد (رض).

     * المريد من سبق سلوكه جذبه، والمراد من سبق جذبه سلوكه.

     * المراد يقطع جميع عوالم الكثرة من غير مكابدة ولاتعب ولاعناء، المقصود بعوالم الكثرة عوالم المثال والملكوت، والجبروت، واللاهوت، والسماوات السبع، والملأ الأعلى، وجميع ماسوى الحق تبارك وتعالى،ويندك ف الحضرة الأحدية، لذلك يشيرون إلى المراد بقولم مختطف من وادي التفرق إلى وادي الجمع،،،

     * المريد يتعب ويكابد ويعاني في الوصول حتى يصل إلى أن يكون وليا لله تبارك وتعالى،،،

      * قال قدوة العارفين العارف المحقق، عبد الله الأنصاري الهروي (رض)، واعلم أن السائرين في هذه المقامات، على اختلاف مفظع، لايجمعهم ترتيب قاطع، ولايقفهم منتهى جامع.

     * لايخرج السالك من مقام وينزل ويقيم في مقام آخر، إلا بعلامة بينه وبين الحضرة المقدسة، يكشفها الحق تبارك وتعالى له.

    * عن الإمام الصادق عليه السلام:”اعلم أن الصورة الإنسانية هي الكتاب الذي كتبه الله بيده، والهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين،الإنسان يجمع جميع صور العالمين، فهو مع الملك ملك، ومع الملكوت ملكوت، ومع الجبروت جبروت ومع اللاهوت لاهوت، يغبطه على رتبته جبرائيل وميكائيل، ويندهش من رقيه إسرافيل، ويصحبه في هذا العالم عزرائيل، تلك هي بعض من مقامات الإنسان، الذي عرف نفسه، فهو عند القوم، “الإنسان الكامل”، هذا باختصار شديد.

    * أنقل لكم عبارة من آخر كتاب الشمس الساطعة، لآية الله السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني، قال له العلامة الطبطبائي (رض)، أنه التقى بعلي بن جعفر الصادق عليهما السلام، واقترب منه، حتى اختطلت أنفاسه بأنفاسه، فقال له علي بن جعفر (ع):”إن مسألة وحدة الوجود، من المسائل المسلمة عندنا – أهل البيت”!!!!

    * حضور الدروس، أو المجاهدة العلمية، قد يعتبر سلوكاً، إذا كان الدارس، يريد خرق الحجب، أي يريد السير على المقامات بحاله لابعلمه، أما إذا كان حضوراً بغير تصفية للإرادة، وبلاتهذيب للنفس، فستزداد الحجب غلظة وكثافة،”العلم هو الحجاب الأكبر”، لكنه حجاب نوري، “عليك بترك الكتب، ورفع الحجب”، وصية السيد الإمام الخميني (رض)، للسيدة فاطمة الطباطبائي.

    * النفس جوهر، غير الروح، وإليك الجواهر أو اللطائف السبعة المتداولة على ألسنة العرفاء:
    العقل، القلب، النفس، الروح، السر، الخفي، الأخفى

    * الروح التي هي جوهر من جواهر النفس الناطقة خلاف الروح الملقاة المذكورة التي مرحلة من الموجودات العالية، أشرف من جبرائيل وميكائيل.
    فروح الأنسان، وتلك الروح الملقاة، مشترك لفظي، كما لايخفى.
    نعم، روح الأنسان الكامل، تكون ملقاة عليها تلك الروح التي أعلى من جبرائيل وميكائيل:”صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى”،”فرقت أرواحها أطراف أجنحة الأرواح”، كلام أمير المؤمنين عليه السلام، قال تعالى:”رفيع الدرجات ذو العرش، يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده، لينذر يوم التلاق”، وقال تعالى:”ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده” – أول سورة النحل.

    * العوالم الغيبية هي السماوات السبع وتدرج منها: الملأ الأعلى، العرش، الكرسي، اللوح، القلم، الملائكة، الروح، الروح القدس، الجن، إلى غير ذلك مماهو مذكور في القرآن الكريم.

    * لأصحاب القلوب من مشايخ العرفاء تقسيمات أخرى للعوالم الغيبية، وهو مايطلقون عليه بالحضرات، وإنما سميت الحضرة بالحضرة، لحضور الذات الإلهية المقدسة فيها، فلاتسمى الذات حضرة، فالعالم الذي نعيش فيه، يطلق عليه حضرة عالم الناسوت، أو حضرة عالم الطبيعة، أو حضرة عالم المادة، وهناك من الممكن نحذف لفظة الحضرة، لأن هذا العالم الذي نعيش فيه، وهو واضح لكل الناس، حضيض عالم الناسوت، الذي هو أسفل العوالم، ثم رددناه أسفل سافلين.

    ولست هنا باستقصاء تقسيمات كبار هذه الطائفة للحضرات، فأذكر أشهرها، وقد ذكره السيد على الإطلاق، في عوالم الانطباق والإطباق، آية الحق والإحقاق، سماحة آية الله العظمى السيد الإمام الخميني (رض)، في كتابه سر الصلاة وصلاة العارفين، الحضرات الخمس:

    1. حضرة عالم الناسوت.
    2. حضرة عالم الملكوت.
    3. حضرة عالم الجبروت.
    4. حضرة عالم اللاهوت.
    5. الكون الجامع لهذه الحضرات.

    وهذا التقسيم يمكن القول عنه بأنه طولي، أي أن الذي يعيش في عالم الناسوت، يكون الملكوت فوقه، والملكوت بالنسبة للناسوت غيب، والناسوت بالنسبة للملكوت شهادة، وكذلك الجبروت بالنسبة للملكوت غيب، والملكوت بالنسبة للجبروت شهادة، وهكذا بالنسبة للاهوت أيضاً.

    ومن الممكن القول عن هذه الحضرات الخمس جميعاً الحضرة الواحدية، التي تأتي في كلام هذه الطائفة كثيراً جداً.

    الحضرة الواحدية أيضا قد تسمى الحضرة العلمية، لأنها معلومة بالكامل لأولياء الله تبارك وتعالى الكمل، بعكس الحضرة الأحدية، فحظ الواحدية معروف للكمل، ولهم حظ من الأحدية.

    هذه العوالم أيضاً على تقسيم صدر الحكماء المتألهين، وشيخ العرفاء الواصلين، ملا صدرا صاحب الأسفار، مؤسس الحكمة المتعالية.

    * السالك يجب عليه قطع جميع هذه العوالم، وإلا لايمكن اعتباره واصلا، ولاينعت بالعارف أو الواصل أو الكامل، طالما لم يتحقق له ذلك، وهناك طائفة من السالكين، موقوفون على سلوكهم، لم يتداركوا بالجذب، فهؤلاء لهم مقامهم، لكنهم بالطبع لايمكن أن يصبحوا مرشدين عرفان لعدم تداركهم بالجذب.

    * السكينة التي تنطق على ألسنة المحدثين”، وهي ليست شيئاً يملك، لكنها شيء من لطائف صنع الحق تبارك وتعالى، تلقي على قلب المحدث الحكمة، كما يلقي الملك الوحي على قلوب الأنبياء، وتنطق المحدثين، بنكت الحقائق، وكشف الشبه، وترويج الأسرار – صاحب المنازل.
    لم يذكر عالم المثال في ذلك التقسيم، لقربه من عالم المادة، ولم يذكر عالم البرزخ، الذي هو عالم مابعد الموت، حتى يوم القيامة، لأن هدف السالك عبور عالم البرزخ، وقد يتم ذلك بالموت الإرادي، أو الموت الاختياري، في اصطلاح القوم.

    * التجليات ممكن أن تكون حسية، وليس بالضرورة المرئية منها، بل من الممكن تكون سمعية، قال تعالى:”ولو علم فيهم خيراً لأسمعهم”، أو عن طريق حاسة الشم:”إني أجد نفس الرحمن من جهة اليمن”، قول رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الممكن أيضاً أن تكون تجليات معنوية، والحالة المشهورة لأولياء الحق تبارك وتعالى، هي انكشاف معنى من المعاني الغيبية كشفاً لاعن تلقي كتاب أو شيخ أو أستاذ، فهذا رجل ينطق عن موجوده، ويسير مع مشهوده، ولايحس برعونة رسمه، فهو ينطق عن موجوده، ينطق عن الأشياء التي يجدها بنفسه هو، أي مجموع الحقائق التي تنعكس في قلبه، دون علم عن طريق العلم المتداول.

    * الذكر يؤثر في السالك على حسب مقامه وقوة سلوكه، فهل هو تخلص تماماً من النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، فإذا أصبح من أرباب النفس المطمئنة، يشرق نور القلب، ويطفيء ظلمة النفس، أما الروح فشيء أعلى من ذلك بكثير، إذا أشرقت روح السالك وانفتحت بالفعل سيشعر بمفرده بأنه كان ميتا وأصبح حياً من جديد:”أو من كان ميتاً فأحييناه”، فحياة العلم من موت الجهل، وحياة الجمع من موت التفرقة، وحياة الوجود، فإذا انفتحت الروح لاستقبال أنوار عالم القدس هذه أول إشراقة للروح، أما قبل ذلك فلا أثر للذكر في الروح، ربما في القلب، لكن بالتأكيد ليس الروح، وعند ميلاد الروح، يصبح السالك على ساحل بحر الحقيقة، فلينتظر كيف سيخوض أمواجه ولججه.

    * الشواهد هي الآيات والكرامات والعلامات التي تأتي من عالم الغيب تؤيد السالك، وسميت بالشاهد والجمع شواهد، لأنها تشهد للسالك بصحة سيره وسلوكه وتوجهه نحو الله عز وجل، و من أوائلها البرق، الذي قالوا أنه باكورة تلمع للعبد تأذن له بالدخول في هذا الطريق، أو بداية السفر الثاني، ويأتي أيضاً في كلام القوم، البوارق، واللوامع والطوالع، ولكل منها حال ومقام، والباحث في العرفان من حقه أن يقول أن الشواهد علم قائم بذاته له تحقيقه الخاص به، بل علوم قائمة خاصة.

  • You must be logged in to reply to this topic.