- This topic has 0 replies, 1 voice, and was last updated 5 months, 2 weeks ago by .
-
Topic
-
العرفان بين حقيقة المعرفة والجهل بها
وبين الإصطلاحات
كتبه: السيد لطيف الحسنيكَثُرَ ويَكثر الحديث عن العرفان وكأنَّه جريمةٌ تُرتكب بحق الدين الإسلامي وأنه إنحراف في مسار الشريعة الإسلامية التي أُنزِلت من الحق تعالى والتي بَشَّر بها سيد المرسلين النبي الخاتم صلوات الله تعالى عليه وآله أجمعين . من غير أن يتفهّموا ويُدركوا حقيقة العرفان .
{ فاقد الشئ لا يُعطيه }
فالعرفان في اللغة هو المعرفة .
أما في الاصطلاح :
فهو المعرفة الحاصلة عن طريق المشاهدة القلبية نتيجة لتنقية وطهارة القلب .
لا من خلال التجربة الحسيّة فأن المريد الذي حقق تقدماً في سيره العرفاني ينظر إلى هذا العالم على انه مظهر من مظاهر التجلّي الإلهي جلَّ جلاله وان كل ظاهرة في هذا الوجود انما هي مرآة تعكس ذلك التجلّي للجمال الازلي وهو الوجود الأقدس لله جلَّ جلاله .
وكذلك فالعرفان الحقيقي هو إرتباطاً صميميّاً بمعرفة الحقيقة المحمدية المقدسة والمُتمثّلة بشخص النبي الخاتم وأهل بيته الأطهار صلوات الله تعالى عليهم أجمعين . معرفة حقيقية ومن خلال هذه المعرفة يكون معرفة حقيقة الدين والوصول الى كمال التوحيد الإلهي وليس العكس .
وكما جاء في الحديث الشريف .
(اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)ولكن البعض ممن لم يعرف العرفان أو جهِلَ حقيقة العرفان وصفه بأنَّه عبارة فقط عن مكاشفات ومشاهدات ومصطلحات رنانة والكلام ببعض الأمور الغيبية وما الى ذلك من الأمور الأخرى . وحتى وصل بهم الحال أن يعتبروا من سلك هذا الطريق فهو مشرك والبعض أعتبره كافر .
فالمكاشفات والمشاهدات هي تحصيل حاصل وهي نتيجة لتنقية باطن الإنسان وإتِّباع رياضات خاصة والإمتناع عن بعض المأكولات وهذه لوحدها ليس ميزة للعرفان فقد تحصل هذه الأمور حتى عند غير المسلمين مثل السيخ والهندوس وغيرهم .
فالعرفان الحقيقي هو يأتي من خلال معرفة محمد وآل محمد معرفةً حقيقية صلوات الله تعالى عليهم وحتى هذه المعرفة تكون بمشيئتهم صلوات الله تعالى عليهم ولمن يريدون أن يمنحوه ذلك الشرف فهم كتاب الله الناطق الذي ينطق بالحق ومن خلالهم يتم معرفة الدين معرفةً حقيقية لأنهم صلوات الله تعالى عليهم هم المعرفة الإلهية التي من خلالهم عُرِف الله تعالى .
وكما قال الحبيب المصطفى صلوات الله تعالى عليه وآله :
( ان أَمرنا لصَعبٌ مُستَصعب لا يَحتملهُ اِلا مَلَكٌ مُقَرّبٌ او نبي مُرسَل أو عَبدٌ مؤمنٌ امَتَحن الله قلبه للأيمان وَبِمَشِئَتِنا )لذلك على المريد أن يقوم بالإهتمام والتركيز على المجاهدات والمراقبة الشديدة لتحرّكات نفسه وتنقيتها وإصلاح ما فسد منها وعدم الاهتمام بتعلم الاصطلاحات والجري خلفها وخلف المكاشفات والمشاهدات والكلمات الرنانة التي وضعها بعض أصحاب الذوق والمعرفة فكل واحداً من هؤلاء له بعض المصطلحات التي وضعها لنفسه ليس من الضروري الجري ورائها.
وقد لا تنفعه هو بالذات وقد تكون هذه المكاشفات والمشاهدات والإصطلاحات التي أتعب نفسه من أجلها وحصل على بعضاً منها أن تكون هي نفسها حجاباً له تحجبه عن الحق تعالى لإهتمامه بها والإنشغال عن إكمال المسير وإتمام مراحل السير الى جمال النور الأزلي .
إن كمال الإنسان لا يتحقق من خلال حفظ الاصطلاحات العرفانية أو غيرها من المصطلحات فهذه كلها أمور شكلية لا جوهرية وإنما الكمال أن تبدأ المسيرة إلى الله سبحانه وتعالى بعد أن تُطهِّر نفسك من الشوائب والقاذورات وتعود الى نقاء فطرتك التي فطرك الله تعالى عليها حتى تصل الى معرفة الحقيقة المحمدية المقدسة والتي تجسدت بالنبي الخاتم صلوات الله تعالى عليه وآله أجمعين وتجعل الشريعة السماوية المقدسة من خلالهم هي الرائد والنبراس والقائد في حركتك وتبدأ في المسير .
فمعرفة الإصطلاحات وبعض المفاهيم العرفانية والأخلاقية من غير الارتباط بالشريعة السماوية المقدسة إرتباطاً مباشراً ليس لها أي قيمة فكل ذلك يكون هباء منثوراً وبدلاً من أن يزداد معرفةً وتقرُّباً من الله تعالى. يزداد جهلاً وبُعداً من الله تبارك وتعالى .(( الفقير الأحقر شأناً ))
- You must be logged in to reply to this topic.