- This topic has 0 replies, 1 voice, and was last updated 5 months, 2 weeks ago by .
-
Topic
-
لسؤال : مارأيك فيمن يقول أن المذهب في السلوك والعرفان وبهذه الطريقه المتعارفه عليه اليوم . . لم تكن موجودة في عصر أهل البيت صلوات الله عليهم . . ولا المصطلحات العرفانية الحديثة أيضاً ، ولم يظهر هذا الا بعد عصر الغيبة الكبرى . . وأدخل هذا المفهوم للعرفان في أوساط الشيعة بسبب تأثرهم بالصوفيين وأن الصوفيين هم من أسسوا هذا الاساس من السلوك والعرفان الذي لم يكن موجوداً قبل عصر الغيبة الكبرى . .
ويقول هذا الكاتب (السيد كاظم الحائري) المؤلف لكتاب تزكية النفس . .
أن شيعة أهل البيت صلوات الله عليهم ليسوا محتاجين لهذا السلوك الصعب والمرهق لأنهم يملكون إرثاً من الروحانيات تكفيهم . . وأن هذا السلوك المعروف عليه اليوم والذي يقتضي التروكات والختومات وغيره هو من نتاج من أحس بالجوع الروحي لبعده عن منبع الفيض وهو المتصوفه . .الجواب : العرفان (مذهب أهل البيت)، والتصوف (مذهب المخالفين لهم)، ليس مختصا بالإسلام، ولم يظهر بعد الغيبة الكبرى، لكنه موجود منذ بدأت الخليقة، فالإنسان منذ وجد على الأرض هناك لدية أسئلة كثيرة جدا في حياته الواقعية لايجد إجدابة عليها،
فكانت إحدى الطرق كي يجيب على كل أسئلته أن يعمل عقله كي يحصل على إجابات مقنعة،
وكان آخرون قد لاحظوا أنهم إذا تحلوا بالفضيلة والفضائل، وتخلوا عن الرئيلة والرذائل، فتنجلي مرآة قلوبهم للحقائق، وينجخون في الإجابة عن الأسئلة التي تؤرق كلا من الفريقين، بل تؤرق كل البشرية منذ بدء الخليقة حتى نهايتها،
ولعل هذا المنهج الأخير قد تألق في فكر أفلاطون، ثم تمرد أرسطو عليه بالمنهج العقلي وتأسيسه المنطق في كتابه التأسيسي:”الأرغانون”، كان انتصارا للفكر الأول على الفكر الثاني، بعد تمكنه أيضا من كلا الجانبين،
(وهناك خط من أفلاطون الذي أستاذه سقراط يرجع إلى فيثاغورث، ومن فيثاغورث إلى “هيرمس” أحد قدماء المصريين قد يرجح البعض أنه على ديانة الصابئين)
وكان الكثير يعرف أنه في المستقبل سيأتي تنزيل من السماء بطريقة أو طرق أفضل من هاتين كليهما
فكلمة:”الإنجيل”، كتاب نبي الله عيسى – عليه وعلى نبينا وآله السلام – ليست بكلمة عربية الأصل، لكن أصلها إغريقي “Evangile” وتعني:”الخبر السعيد”، وهو ولادة المسيح (ع)،ثم قوله تعالى:”والذين يتبعون النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة…”، إلى آخر الآية، فواضح أنه كان هناك قوما ينتظرون تلك الأخبار السعيدة بمقدم نبي عظيم، وأن هناك تنزيلا من السماء إلى الأرض، يخلص البشرية ويهديها في مسيرتها،
بالضبط كما عليه البشرية الآن في القضية:”المهدوية”،
فبالتأكيد أن البعض كان يعرف أن هناك طريقا سيأتي به النبي يحدث ثورة في السير والسلوك نحو الحق تبارك وتعالى، وليس تحسنا تدريجيا كما كان عند الإغريق أحد أعلامهم تلو الآخر،
فالذي يريد أن يتأمل عليه بمعرفة كيف حل القرآن والسنة المشاكل التي بين أرسطو وأفلاطون، و حول علومهم الجافة إلى علوم مشهودة لمن لديهم الإيمان.
فتبين الآن أن العرفان يبحث موضوع:”الحياة ومشاكلها وحقيقتها وحقيقة كل شيء”، وهذا الموضوع موجود من قبل أن يأتي الإسلام أصلا، فأتى الإسلام بحلول مدهشة له، والذي لايندهش ولايذهل لحلول الإسلام لتلك المشاكل العالقة في تاريخ البشرية، لايعني مطلقا عدم اندهاش الآخرين من الباحثين المتتبعين،
وكلام حضرتكم عن المصطلحات الحديثة، فهذا أمر وارد في كل علم من العلوم، وفي كل مجتمع من المجتمعات، وفي كل بلد من البلدان،
مثلا هذا الحقير بروفسور في:”الذكاء الصناعي”، في علوم الحاسوب، حصلت في أبحاثي على نتيجة في غاية الأهمية لكن ليست في مجالي:”الذكاء الصناعي”، بل في نظرية:”التعقيد الحاسوبي”، فمسئوليتي أن أتعلم مصطلحات مجتمع الباحثين في نظرية التعقيد الحاسوبي، حتى أستطيع أن أعرض عليهم نتائج أبحاثي، وكي أتمكن من إقناعهم بصحتها، وأهميتها،
فالذي أريد أن أقوله لو أتى أحد من علماء الحاسوب ليس متخصصا في الذكاء الصناعي، ثم حضر مؤتمراته سيجد أنهم يتناقشون، ويتحاورون، ويتجادلون، ويحتجون،
كيف؟
بلغتهم،
ماهي لغتهم؟
لن يجدها مكتوبة لا في كتبهم، ولا في أبحاثهم،
الطريقة الوحيدة كي يتعلم لغة هذا المجتمع هي بالانخراط فيه، بالتدريج، كي يتقن لغته،
فهذا هو:”المجتمع العلمي”، في العلوم الدنيوية، عبارة عن عدة مجتمعات، لكل منها لغته ومصطلحاته وأساليبه المقبولة لديه،
فماهي المشكلة أن تكون المصطلحات العرفانية لم تكن موجودة زمان الأئمة عليهم السلام، لكن كل المعاني التي تدور حولها كانت كذلك،
فلا بأس أن تكون هناك كل يوم علم يتفرع عن الآخر، فهل كل مصطلحات الفقهاء كانت موجودة لديهم، بالتأكيد ليس صحيحا، فتلك المصطلحات عبارة عن ألفاظ تختصر معاني يتفاهمون عليها فيما بينهم، لمن أراد أن ينخرط في طريقهم،
وقول حضرتكم أن الصوفيين هم مؤسسو هذا النهج ليس صحيحا، كما اتضح إنه موجود قبل الإسلام، وقد أشرت إلى الإغريق، ولكنه أيضا عند غيرهم كما أوضحت عن:”هيرمس”،
لكن الذي حدث مع المخالفين أنهم يتبعون الفقهاء الأربعة، وهم كلهم فقهاء فروع، وليسوا في الأصول أصول الدين، فكما يرى الأزهر الشريف أنهم يأخذون أصول الدين عن:”الأشعري” – الشيخ سليم البشري (قد) في المراجعات،
فنشأت لديهم مشكلة ليست موجودة في طريق أهل البيت (ع) إطلاقا، وهي من أين يأخذون الأخلاق التي هي الطريقة؟
ولعل الخلاف بين الحارث المحاسبي وأحمد بن حنبل يمثل أوائل الخلاف بين المتشرعة والمتصوفة، الذي لايزال موجوداً إلى اليوم، بنحو أو بآخر،
فالحارث المحاسبي قام بتأليف كتبه في محاسبة النفس، التي عارضها أحمد بن حنبل بشدة، ثم تلميذ الحارث المحاسبي، هو الجنيد الذي يسميه الصوفية:”شيخ الطائفة”، والجنيد أيضا تلميذ السري السقطي، الذي هو خاله، وهذا الأخير تلميذ معروف الكرخي، تلميذ الإمام الرضا عليه السلام،
ولعل أول من حاول حل الخلاف بين المتشرعة والمتصوفة كان الغزالي في:”إحياء علوم الدين”، ويمكن تبرير الانتشار الواسع لهذا الكتاب في أنحاء بلاد المسلمين لهذا السبب،
وقد قام العارف الكامل الفيض الكاشاني (رض) بتهذيبه على مذهب أهل البيت (ع)، في ثمانية مجلدات:”المحجة البيضاء، في تهذيب الإحياء”،
لكن العارفين الواصلين من أتباع الأئمة (ع) وفي زمانهم كسلمان (رض)، وكميل (رض)، واصحاب سر أمير المؤمنين (ع)، وأبي حمزة الثمالي (رض)، وغيرهم لايقارنون بأتباع غيرهم،
ففي طريق السير إلى الله أي شخص يستطيع البدء في السير، لكن يستحيل الوصول إلا بالولاية، فالتوحيد والولاية حقيقة واحدة، لايمكن الوصول إلى إحداها دون الأخرى،
الحكمة المشائية كانت موجودة قبل الإسلام (أرسطو، المعلم الأول، معلم الصناعة)، لكن استطاع الإسلام أن يحل المواضيع التي تطرقت لها بشكل أفضل بكثير مما كانت عليه من قبل، كما فعل الفارابي (رض)، والشيخ الرئيس ابن سينا (رض)،
وكذلك الحكمة الإشراقية أيضا كانت موجودة (أفلاطون)، فدفع شيخ الإشراق حياته ثمنا كي يعطيها دفعة قوية بواسطة الإسلام، الشيخ المقتول، السهروردي (رض)، شيخ الإشراق،
ولايزال ملا صدرا (رض) تكال إليه التهم في مدرسته:”الحكمة المتعالية”، التي رفعت المائتين مسألة للشيخ الرئيس إلى سبعمائة مسألة، ووفقت بين كلا الجانبين،
فكل ماثبت بالعقل (حكمة مشائية)، اثبته بالكشف (حكمة إشراقية)،
والعكس أيضا،
وقد قال الشيهد السعيد مرتضى مطهري (رض):”من بين العشرات الذين يقضون أعمارهم كلها في فهم مطالب الحكمة المتعالية، لايستطيع فهمها سوى عدد محدود على عدد أصابع اليد الواحدة” – أسس الفلسفة،
فبالتأكيد الغير متمكن منها (وهم قليلون جدا)، سيعارضونها، كما حدث مع سيدنا العلامة الطباطبائي (رض)،
وقد لايعلم الكثيرون بأن الغرب الذي يحكمنا بالعلم، وفقط بالعلم، لابشيء غيره، فهذا العلم وليد الفلسفة، فكل علوم الغرب ترجع إلى السير إسحاق نيوتن (طريقته الصوفية Rozicrucian) – طبعا هذا شيء معروف لقلة قليلة – وهو يرجع إلى رينيه ديكارت (مؤسس الفكر الحديث) وجاليلو أول من وجه التليسكوب إلى السماء، وكل هؤلاء يرجعون إلى الشيخ الرئيس ابن سينا، فلم يدرسوا في مدارسهم وجامعاتهم، غير كتبه مترجمة إلى اللاتينية،
فنحن أباطرة وملوك الفلسفة وهم يحكموننا بالفلسفة، أو بالعلم الذي هو مولودها من رحمها،
ولايوجد سلوك صعب مرهق عند أحد، كلها أعمال شرعية على نحو الرسالة العملية ومفاتيح الجنان، وكلها مروية، وهذه هي طريقة السيد الإمام الخميني (س)، والسيد القاضي (س)، وثناء السيد الحائري (حفظه الله) في هذا الكتاب على السيد الإمام الخميني (س)، هو ثناء على هذا النهج بأكمله كما يتبين من طعنه في السيد الحداد (رض)، الذي قد رد عليه هذا الحقير في موضوع بعنوان:”نورانية آية الحق والعرفان السيد الحداد (رض)”،
- You must be logged in to reply to this topic.