حالات الدهشة عند أولياء الله

  • Creator
    Topic
  • #490
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    الدهشة من مقامات عشاق الحق تبارك وتعالى، وليس لغيرهم حظ فيها، فهي من خصائص صفوة الحق تبارك وتعالى،،،

    على أنه من الطبيعي أن يفاجئ المحبوب حبيبه، بمفاجآت سارة، تخرجه من حالات الفتور، وتصعد به من الوهن إلى بهجة المناجاة، وتذيقه طعم لذة القرب الإلهي، الذي لايوقف على حده، وتتثاقل العبارات عن وصفه، وتضحمل الإشارات عن بلوغ كنهه، وتخرس الألسنة عن إدراك معناه.

    فليس غريباً إذن أن يفاجئ الحق تبارك وتعالى الصفوة من عباده بأشياء تغرقهم في الدهش، وإن سأل سائل مثل ماذا، كان الجواب:

    هناك الدهشة العلمية: كأن لايكون يفقه شيئاً في أحد الكتب الدراسية، فتحدث معه حادثة، يستيطع بعدها فوراً ودون أي مقدمات أن يكتب حاشية على ذلك الكتاب.

    ومن الدهشة العلمية أيضاً، أن يرزقه الحق تبارك وتعالى الفهم في الكتب والموسوعات الضخمة المتعددة المجلدات، بحيث يريه الحق تبارك وتعالى تلك المجلدات، وكأنها صفحة واحدة، يحيط عقله بكل مافيها، ويصول ويجول في مباحثها، فهو يتعجب من نفسه كيف صار كذلك، وهو لم يدرسها على أحد ولم يقرأها على أهل العلم بها.

    ومن الدهشة العلمية أيضاً ما يحدث لبعض الخطباء المخلصين، حيث ينتقل منهم من كان من صفوة الله من حال إلى حال، ففي الحال الأول كان عليه أن يحضر ويعاني ويتعب، ثم يجد نفسه ينطلق على المنبر ساعات وساعات، دون أي تحضير، وقد يتعجب هو من نفسه، كيف يفتح الحق تبارك وتعالى عليه، وكيف صار كذلك،،، وقد تكون بعض تلك الفتوحات من منازل السكينة التي تنطق على ألسنة المحدثين – بالفتح – أي عباد الله الذين اختصهم بحديث الملائكة.
    فمصدر هذه الدهشة العلمية، هو العلم المتولد من الفتوحات التي قد تسمى أيضا تنزلات.
    إلا أن للدهشة مصادر أخرى، كالدهشة التي قد تحدث عند المكاشفة والمشاهدة، إذا كوشف بشيء يغلب علمه أو عقله أو صبره، فمثلا مكاشفة الحوراء للسيد العلامة الطباطبائي (رض)، تركت فيه أثراً وإن لم يكن من باب الدهش، لكن يحدث مع بعضهم آثار ذلك الدهش.

    فهناك أيضا الدهشة المتولدة من سائر المكاشفات والمشاهدات، والتي قد يكون موضوعها البصر أو السماع، أو أي من الحواس، أو جميعها.

    دهشة الأنفاس: في أوائل السلوك، تأتي العبد أنفاس وتنهيدات، مملوءة بالهموم، لأنه يشعر كم هو بعيد عن أهل الحق تبارك وتعالى، كم هو محجوب عن أهل القرب، كم هو في المنفى والظلم، ويقال لهذه الأنفاس: أنفاس وحشة الاستتار (الوقوع في الحجاب بعكس التجلي)، وقد تخالجها أنفاس هموم مصائب أهل البيت (ع)، “نفس المهموم لهمنا تسبيح”،،،

    دهشة خوف المكر: فإذا أصبح من أهل التجلي أتته أنفاس غاية في الحلاوة واللذة، فقد يخالجه خوف من أن يكون ممكوراً به لفرط الطرب الذي وقع فيه، فيصول خوف المكر على الخوف من العقوبة، فيحدث الدهش.

    دهشة هيبة الإجلال: ثم تصول هيبة جلال الحق تبارك وتعالى على خوف المكر، وكلاهما على الخوف من العقوبة، فيتولد الدهش، ومن الواضح أن كل هذه مذاقات يعرفها من تذوقها، والذي لم يتذوقها، كثيراً مايجحدها، ويضلل أهلها، وربما أكثر من ذلك.

    دهشة الرجاء: قال تعالى:”من كان يرجو لقاء الله، فإن أجل الله لآت”، فعند صولة رجاء لقاء الله تعالى على رجاء دخول الجنة، يتولد الدهش،،،

    قد يتولد الدهش من الرؤى العجيبة التي يراها أهل الله وهم في العوالم الغيبية الأخرى يسبحون، وفي غمراتها يصولون ويجولون.

    دهشة الحياء: الحياء المتولد من إقبال الحق تبارك وتعالى على العبد، وإغراقه في نعم لايستحقها يولد شعوار بالحياء، وهذا الحياء الذي يتولد من علم العبد بنظر الحق إليه، وأعلى من حياء يتولد من نظر العبد في علم القرب، فإذا صال حياء القرب على حياء علم العبد، يحدث الدهش، وأعلى منهما الحياء المتولد من شهود الحضرة، الذي إذا صال على كلا الاثنين تولد الدهش.

    دهشة شوق العيان: حين يصول شوق العيان على شوق الخبر، يتولد الدهش، وقد قال صاحب المنازل في باب الدهش.

    باب الدهش

    قال الله عز وجل:”فلما رأينه أكبرنه”، [12/31].
    الدهش بهتة تأخذ العبد إذا فجأه ما يغلب عقله أو صبره أو علمه. وهو على ثلاث درجات:
    الدرجة الأولى دهشة المريد، عند صولة الحال على علمه، والوجد على طاقته، والكشف على همته.
    والدرجة الثانية دهشة السالك، عند صولة الجمع على رسمه، والسبق على وقته، والمشاهدة على روحه.
    والدرحة الثالثة دهشة المحب، عند صولة الاتصال على لطف العطية، وصولة نور القرب على نور العطف، وصولة شوق العيان على شوق الخبر.

    ونترك شرحها لوقت آخر،،،

    وقال هذا الحقير في باب الدهش، في كتاب:”العرفان ومقامات أهل الولاية”

    9. باب الدهش
    الدهش صعود مفاجئ من الحيرة إلى البهتة.
    دهشة عند ساحل الوصول، على بحر الذهول، حيث نهاية الخلق والأمر.
    دهشة في لجة بحر الذهول، عند تلاطم أمواجه، وإشراق أنواره، على هياكل التوحيد.
    دهشة عند سماع القرآن وتلاوته، عند بزوغ بطونه، ولياح حججه.

  • You must be logged in to reply to this topic.