مغــالطــات التــائهيــن في علــم التصـوف -2
(شطحات الصوفية وانحرافهم عن جادة التوحيد)
بقلم الفقير لله تعالى أحمد يوسف نده
طرطوس- الشيخ بدر: 8-11-2016
………………………………………………..
شطحات الصوفية: هي من السخافات والترهات التي يقع بها مدَّعي الفناء والكشف والسكر..
وهذا نتيجة دخول بيت التصوف من غير بابه.. والمشي في طريق السالكين بلا نور ولا ضياء ولا مرشد ولا مربي.. فإنه سيتعثر في سيره ويقع في حفر جهله.. لا بل قد يضل الطريق ويسيء استخدام الرفيق.. ويضيع في غابات الغيابات.. ويعلق بأشواك الشك.. وينزلق في مهاوي المهالك.. نتيجة ما يظنه كشفاً وذوقاً وإلهاماً.. وما هو إلا أضغاث أحلام وأوهام صبيان ووساوس شيطان.. ونحن سنشير هنا باختصار إلى أهم هذه الشطحات.. وسنرد على تلك التفاهات والهرطقات:
.
1- (الحلول): فيقول أن الله حل به.. وأنه ليس تحت الجبة إلا الله.. ثم يأتي من يبرِّر هذه التفاهات بأنه ينطق في حال السكر والفناء فلا يرى إلا (أنا) الحق..
وما علم هذا المسكين أن العبادة المفرطة أرهقته.. والرياضة اللاشرعية أهلكته.. فخانه لسانه.. ونطق من فمه شيطانه.. فلو كان سالكاً على الحق لما نطق في مقام المحق.. لأن الفاني في الله تكون جوارحه خاضعة لله.. وأولها اللسان.. والله لا يأمر بالكفر والحلول.. فعلمنا من ذلك أن الشيطان تحكم بلسانه والقول..
والحلول باطل شرعاً وعقلاً ونقلاً.. فكيف يحلُّ الخالق اللامتناهي في المخلوق المتناهي.. وكيف يحيط المحدود بالحق الذي لا تحصره حدود.. تعالى الله عن قول الظالمين وشطحات المنقطعين..
.
2- (الاتحاد): فيقول أنه ارتقى في معارج الكمال حتى اتحد بذات الجلال.. فصارا روحاً واحدة حلت في جسد واحد..
وما علم هذا المسكين أنه بقوله هذا سقط في حبال إبليس اللعين.. فكيف للممكن المخلوق المحدث أن يتَّحد بواجب الوجود.. وكيف للعبد أن يصبح معبود… فالوجوب والإمكان بحران لا يلتقيان وبينهما برزخ لا يبغيان.. تعالى الله عن قول الضالين واعداء المضلّين..
.
3- (وحدة الوجود العيني): فهؤلاء قالوا بأن الوجود الخارجي واحد ومصداقه واحد.. وأن الروح السارية في العالم واحدة وهي الذات الواجبة.. بحيث يكون العالم جسدا لذات الإله وصورة لتجلي المعبود..
وما علم هذا المأفون أنه بذلك خالف شرائع الأنبياء.. وهم الأعلم بأخبار السماء.. فلو كان الوجود جسد والله فيه ساكن.. أو كان العالَم صورة والرب فيها كامن.. لكان عبدة الأصنام موحّدون.. وعبدة الحيوان مؤمنون.. وعبدة الجمادات مسلمون.. وعبدة البشر عارفون.. ولكان فرعون صادقاً ونمرود ولياً.. ولكان الخليل إبراهيم مخطئاً.. وكان الخاتم محمد وموسى وعيسى وبقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام -والعياذ بالله- ظالمون.. ولبطلت الشرائع والعقائد والأديان الإبراهيمية التوحيدية.. وهذا مخالف لصريح التوحيد الحق النازل في الكتب السماوية.. تعالى الله عن قول المشركين.. وتنزَّهت ذاته المقدسة عن وصف الواصفون.. وتقدَّست ساحة الأنبياء عن شك الشاكين وشرك الجاهلين..
.
وأما (التوحيد الحق) فهو الفناء في المعرفة والإخلاص في التوحيد.. من غير مغالاة في النفس وتأليه للمخلوق.. ولا نفي للممكنات وجعل الكثرات أوهاماً لا تحقق لها.. بل التوحيد الحق يكون بإثبات حاق الوجود للواجب الحق.. وتأكيد الظلية في الوجود الفقري للمخلوقات الإمكانية.. المفتقرة في وجودها الظلي للنور الواجبي..
وهذا لا يكون إلا بإثبات الكمال لله مع نفي الحد.. وإرجاع كل نقص وقيد للعبد.. وأما ما يمتلكه العبد من صفات وكمالات.. فهي له بالوكالة والاستعارة.. وإلا فإن مصدرها ونبعها الحقيقي هو أس الوجود ونور الرب المعبود..
.
نسأل الله تعالى التوفيق والهداية.. وأن يعيذنا من الجهل والغواية.. وفي هذا الكلام هدىً وكفاية.. لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فهذه هي الغاية.. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
……………………………..