ماهية السلوك العلمي والعملي

  • Creator
    Topic
  • #1420
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176
    التعريف بعلم العرفان والتصوف – 3 –
    مقدمات توضيحية
    (المقدمة الثانية): ماهية السلوك العلمي والعملي
    بقلم الفقير لله تعالى: أحمد يوسف نده
    الخميس 30-11-2017
    ……………………………………….
    لمعرفة ماهية السلوك العرفاني الصوفي علينا التعرف أولاً على نوع وأركان السلوكين العلمي والعملي… ثم التعرف على معنى التقرب من الله تعالى والوصول إليه.. لذلك كان لا بد من تقسيم هذه المقدمة إلى تقريرين:
    .
    – التقرير الأول: معرفة نوع وأركان السلوكين العلمي والعملي
    .
    عندما نتكلم عن السلوك فنحن نتكلم عن نحوٍ من الحركة الاستكمالية… لأن الاستكمال لا يكون إلا بالخروج من القوة إلى الفعل.. والسلوك العلمي هو استكمال في القوة النظرية.. بينما السلوك العملي فهو استكمال في القوة العملية..
    .
    ومن المعروف في الفلسفة أن الحركة لها أربعة انواع: الحركة في الأين.. والحركة في الوضع.. والحركة في الكم.. والحركة في الكيف..
    والحركة السلوكية بقسميها العلمي والعملي راجعة إلى نوع الحركة في الكيف.. لأن السلوك العلمي هو حركة تفكيرية.. والسلوك العملي هو حركة وجدانية.. والعلم والوجدان والأحوال النفسية كلها ترجع إلى الكيف النفساني.. والذي هو من أقسام الكيف..
    .
    والحركة لها ستة أركان: المحرِّك والمتحرِّك ومقدار الحركة ومبدأ الحركة ومنتهى الحركة وما فيه الحركة.. وهنا سنحاول بيان أركان حركة السلوك العلمي وأركان حركة السلوك العملي للتعرف على ماهية كل من السلوكين..
    .
    أولاً- أركان الحركة التفكيرية (السلوك العلمي أو العرفان النظري):
    .
    1- المحرّك: هو الله تعالى بتوسط العقل الفعَّال الذي يفيض العلم والحكمة ويُخرج العقول الإنسانية من مرتبتها الهيولانية إلى المرتبة الفعلية لتصبح عقلاً مستفاداً..
    2- مقدار الحركة: المراتب العلمية التي يقطعها الطالب.. وذلك بتحصيله علوم الشريعة والطريقة والحقيقة والدقيقة والرقيقة..
    3- المتحرّك: النفس الإنسانية بقوتها العاقلة أي بعقلها النظري..
    4- مبدأ الحركة التفكيرية: التساؤلات الفلسفية والدينية والعلمية..
    5- منتهى الحركة التفكيرية: معرفة الله.. ومعرفة النفس.. ومعرفة العالم.
    6- ما فيه الحركة: الكتاب التدويني (أي الوحي الإلهي المترجم بالقرآن والسنة والعترة).. والكتاب التكويني بقسميه (الآفاقي والأنفسي)..
    .
    .
    ثانياً- أركان الحركة الوجدانية (السلوك الوجداني أو التصوف العملي):
    .
    1- المحرّك: هو الحب والجذب والعشق الإلهي..
    2- مقدار الحركة: الأحوال والمقامات والمنازل التي يطويها السالك في سيره وسفره..
    3- المتحرّك: هو النفس الإنسانية بعقلها العملي وهو الذي يعبر عنه بالقلب كما جاء في القرآن الكريم (لمن كان له قلب)..
    4- مبدأ الحركة: اليقظة والتنبه وهو مقام النفس اللوامة..
    5- منتهى الحركة: الوصول والرجوع إلى الله تعالى وهو مقام النفس الراضية المرضية..
    6- ما فيه الحركة: الميول النفسانية.. ومثال على ذلك: العلاقة بالطعام والميل إليه.. فهناك النفس والطعام والحالة النفسانية تجاه الطعام وهي الميل إلى الطعام.. فهذه الكيفيات والميول النفسانية أي العلائق هي التي تقع فيها الحركة.. فكل إنسان يجد نفسه بعد ولادته مرتبطاً بعلاقات نفسانية مادية موجودة بالطبع والغريزة.. فيبدأ السالك بتخطي هذه العلاقات وتجاوزها.. فينتقل الإنسان من حالة نفسانية مادية إلى حالة معنوية.. وهذا الذي يسميه الصوفية بــ قطع العلائق.. فعندما أقطع علاقتي بك يعني أتجاوزك وأجعلك خلف ظهري..
    .
    بعبارة أخرى: نحن عندنا علائق وميول وارتباطات مع جميع الممكنات.. نريد قطعها لنصل إلى العلائق المعنوية الشريفة.. فيرتقي السالك بنفسه إلى مراتب أشرف وأعلى.. حتى يصل السالك إلى مقام يقطع علاقته مع نفسه ليرتبط بالمبدأ الأول وهو ما يسمى بالفناء.. فالسالك يقطع علاقته بغيره… والهاء في غيره تعني أن الضمير ما زال موجوداً وهو (أنا) الخاصة بالسالك.. فيقطع علاقته مع نفسه أيضاً.. فلا يرى إلا الله تعالى وهذا هو المنتهى… أي لا يبقى في قلبه إلا الله تعالى بعد أن يقطع جميع العلائق الإمكانية المادية والمعنوية… قال تعالى: (إلا من أتى الله بقلب سليم).. وجاء عن الأئمة عليهم السلام: (القلب السليم هو القلب الذي ليس فيه إلا الله)…
    فهذه هي الحركة السلوكية الصوفية العملية.. وهي الحركة التي تبدأ من حال خسيس لتنتقل إلى حال شريف ومن ثم إلى حال أشرف.. وهو ما يعبر عنه باصطلاح العرفاء بالتحلي والتخلي والتجلي..
    .
    وأما التقرير الثاني وهو التعرف على معنى التقرب والوصول إلى الله تعالى فنتركه للمنشور القادم.. كي نفسح المجال للقارئ الكريم أن يستفسر ويسأل ويراجع ما جاء في منشورنا هذا… دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    ………………………………
  • The forum ‘التعريف بعلم التصوف والعرفان – أحمد نده’ is closed to new topics and replies.