- This topic has 3 replies, 1 voice, and was last updated 5 months, 1 week ago by .
-
Topic
-
كيف نعي المعرفة بهياكل الانسان السبعة وأشكالها وتجلياتها
النظام الشمسي سباعي المستويات ، وكل يحوي سبعة مستويات تحتية، فعلى المستوى الفيزيائي، تشكل المستويات التحتية الأكثف ما ندعوه بالجسم المادي ، أو الفيزيقي ، وهو جسم مادي كثيف. أما المستويات التحتية الأقل كثافة على المستوى الفيزيقي فتشكل ما ندعوه بالجسم الأثيري، أو طاقة الحياة، برانا prana. أما على المستوى النجمي astral، فالإنسان يمتلك فقط جسماً نجمياً واحداً يتشكل من ذرات المستوى النجمي. وعلى المستوى العقلي، تشكل المستويات التحتية الكثيفة ما ندعوه بالجسم العقلي الأدنى أو الجسم الرغائبي kama rupa. والمستويات الأكثر شفافية تشكل الجسم العقلي الأعلى أو ماناس manas . وعلى المستوى الإشراقي بودهي buddhi، وعلى المستوى الروحي، يتشكل الجسم الروحي أو آتما atma. وعلى المستويات التحتية الكثيفة من مستوى آتما تبدو الشعلة الإلهية، الموناد Monad وكأنها منفصلة عن الشمس الإلهية. ويتحول الوعي الكوني إلى وعي فردي؛ بينما على المستويات التحتية الأكثر شفافية تبقى الشعلة الإلهية، الموناد، متجذِّرة في المركز الإلهي. ومن جهة ثانية، ففي وسط المستوى الجرمي المادي توجد نقطة الاتصال بين المرئي وغير المرئي. وكذلك في وسط المستوى النجمي astral توجد نقطة الاتصال بين الشخصية أو الذات الدنيا ، المؤلفة من الجسم الجرمي والأثيري والنجمي والرغائبي، وبين الفردية Individuality أو الذات العليا Higher Self، المؤلفة من الجسم العقلي والإشراقي والروحي Atma، وكذلك في وسط المستوى الروحي Atma توجد نقطة الاتصال بين الفردية والشعلة الإلهية، الموناد.
الإنسان يحوي بداخله الموناد، والفردية، والشخصية. فالفردية هي انعكاس للموناد، وهي ما يؤلف الكائن الروحي. أما الشخصية فهي انعكاس الانعكاس، أي هي انعكاس للفردية التي تستعملها كأداة تجسُّد لزمن لا يتعدى مدة تجسُّد أرضي واحدة . ففي نهاية كل تجسد أرضي، يموت الجسم الجرمي الفيزيقي، ويتبعه بعد فترة زمنية، كلٌّ من الجسمين الأثيري والنجمي. والأمر نفسه يحدث للجسم الرغائبي الذي يتلاشى بعد فترة من الوقت.
قد يتراءى لنا أن التركيب السباعي لأجسام الإنسان معقد، ولكن يجب ألا ننسى أن الوعي الذي يعبِّر عن نفسه من خلال هذه الأجسام هو وعي واحد. فعندما يعمل الوعي من خلال الجسم الإشراقي، مثلاً، يصير مقيداً باهتزازات هذا المستوى ويبدو كوعي إشراقي. ويمتد هذا الوعي إلى السماوي، آتما Atma. وعندما يعمل الوعي من خلال الجسم العِلِّي Causal body فإنه يصبح وعياً للعقل الأعلى Manas. وعندما يندمج الجسم العقلي الأدنى يصبح وعياً للجسم الرغائبي ويظهر كفكر. وباتحاد الوعي بالجسم النجمي يتحول إلى أحاسيس. ومع الجسم المادي يصير الوعي حركة وفعل. إذاً فالوعي واحد، لكنه يتجلَّى بطرق مختلفة بحسب “المركبة” أو الجسم الذي يعمل من خلاله.
في الشخصية ، حيث تصل الإشراطات إلى ذروتها، ينسى الوعي أصوله الإلهية، ويعتبر الإنسان نفسه منفصلاً عن الكون. ولكن بتنقية هذه الأجسام يبدأ بإدراك أن هذه الشخصية هي عبارة عن أداة تستعملها الفردية Individuality للعمل على المستويات الدنيا. وفيما يتعلق بالفردية نفسها فإن لديها الوعي بأنها من طبيعة إلهية وبأنها، بالتالي، خالدة لأنها انعكاس للموناد. ولكن في نهاية التطور الكوني ينعدم وجود الفردية، لأنها في الأساس كانت لها بداية وستكون لها نهاية، ما عدا الأتما الروحي الذي هو فعلاً أساس الفردية الحقيقية لأنه فوق الزمن، وهو شعاع من الشمس الإلهية.في نهاية كل تجسد، يقوم الجسم العِلِّي بهضم كل الخبرات المكتسبة أثناء الحياة الأرضية السابقة. وتتزايد معارف الفردية، وكذلك الأمر بالنسبة للشعلة الإلهية، الموناد، التي يجب عليها في نهاية المطاف أن تبلغ وعي الذات Self-consciousness. وهذه هي الغاية الأساسية من رحلتها السرمدية. ومن جهة ثانية، فإن صيرورة التطور هي المساعدة على التفتح والوعي. وعملنا يتلخص في تنقية هذه الأجسام المختلفة التي تحد من تفتح الوعي بسبب إشراطاتها، ومحاولة نقل مركز الوعي من الشخصية إلى الفردية، ومن الفردية إلى الموناد. إذ إنه في التطور الإنساني الفائق ينتقل مركز الوعي من المستويات الروحية إلى المستويات الإلهية، ومن الفردية إلى الموناد، الشعلة الإلهية.
وعندما نتكلم على مستويين “أعلى” و”أدنى”، يجب أن ننتبه إلى أن الفردية ليست فوق الشخصية، بل تحاذيها أو تتخللها، لأن الفردية وُجِدَتْ قبل الشخصية؛ ولذلك ففي هذا “الداخل” أو الباطن، وليس في الـ”ما فوق”، يجب أن نبحث عن الشعلة الإلهية. وعندما نتكلم على الأغلفة أو الأجسام التي تحيط بالشعلة الإلهية فليس المقصود أن هذه الأجسام تعوق “راحة” هذه الشعلة وأننا يجب أن نهمل أجسامنا، لأن الأجسام نفسها من مصدر إلهي، وكل شيء في الوجود إلهي الجوهر؛ وما عمل هذه الأجسام إلا حماية الموناد أو الشعلة الإلهية. وعدم معرفتنا بهذه الحقيقة يجعلنا نتوهم أن المركبات الجسمية هي عائق للتطور. لكن كل ما علينا عمله للإسراع في تفتح الوعي بداخلنا هو ترك الإلهي يُعبِّر عن نفسه من خلال أفكارنا وأحاسيسنا وأفعالنا – وهذه هي الغاية الأولى من التجسد الأرضي. ويكون ذلك بتطهير أفكارنا من الشوائب، وبمزيد من الغيرية نحو الأكثر ضعفاً وبؤساً بين البشر، وبمزيد من المحبة نحو الآخرين.
فلنسلِّط الآن الضوء على المركبات المكوِّنة للإنسان.1- الجسم المادي
يجب أن نتجنب الاعتقاد بأن ثنائية الوعي والطاقة إنما تعبِّر عن التضاد للروح والمادة، وبأنها تعبير عن الإشكال الفلسفي الواقع بين الماديين والروحيين على أن الماديين الحقيقيين هم أولئك الذين يرون العالم بواسطة أعضاء الحواس وحسب، ويرفضون القبول بوجود مستويات وعوالم ألطف اهتزازاً بحيث لا نراها بالعين المجردة؛ بينما الروحانيون الحقيقيون لا يديرون ظهورهم للحواس الخمس، وإنما يعتبرونها التجلِّي الأكثر ظاهرية لحقيقة لا يزال وجهها الباطني مستوراً ومخفياً عن عيوننا. وعندما ندرك تمام الإدراك موقع الجسم الجرمي المادي في الكون ودورة العالم ، فإننا سنوجِّه اهتماماً أكبر له، لأنه الأساس الذي نستطيع من خلاله رؤية العالم خارجياً وإقامة الصلة ما بين العالم الخارجي والعالم الباطني.
“جسمك هو حصانك الذي تمتطيه “. ولهذا يجب معاملته جيداً والاعتناء به.” الفارس الأصيل هو ذاك الذي يحب حصانه، وبمحبته له، يعرف حاجاته، وكيفية قيادته ليقوم بالعمل المطلوب منه. والأمر نفسه ينطبق على الجسم الفيزيقي الجرمي؛ فإذا أردناه ألا يكون عقبة لنا في أبحاثنا الروحية، يجب أن نحبه ونهتم لاحتياجاته، لأنه بالمحبة والاحترام للمملكة الإنسانية التي يعبِّر عنها الجسم الجرمي في أكثف اهتزازاتها، نصل إلى المستويات الشفافة في هذا المستوى الجرمي الذي يحيط بنا. فلكي نحب شيئاً ما يجب علينا معرفته. والعلم لا يعرف إلا القليل عن عمل الجسم الجرمي.
الجسم الجرمي، أو الجزء الكثيف منه، قد تشكل من المستويات التحتية الدنيا الثلاثة هي: الصلبة والسائلة والغازية. أما الجزء الأشف فقد تشكل من المستويات التحتية العليا الأربعة للمستوى الفيزيقي المادي، المدعوة بالمستويات الأثيرية. وبذلك نحصل على جسم جرمي كثيف نراه بالعين المجردة، وجسم أثيري غير منظور يرتبط بالجسم الجرمي. وهذا الجسم الأثيري هو ما ندعوه أيضاً بالبرانا prana، أو الطاقة التي تُمِدُّ الجسم الجرمي بالطاقة الكونية وتحفظ له تماسكه أثناء الحياة الأرضية. ولكن الجسم الأثيري ليس له وعي خاص به؛ ويبقى مرتبطاً بالجسم الجرمي طوال الحياة،. أما الجسمان النجمي والرغائبي فهما يغادران الجسم المادي أثناء النوم مع بقائهما مرتبطين به بواسطة حبل أثيري يدعى “الحبل الفضي” الذي سنأتي على ذكره عند دراستنا صيرورة الموت. ولكن بدون الجسم الأثيري يفقد الجسم المادي كل وظائفه الحيوية والعضوية؛ فكلا الجسمين يحتاج للآخر. أما عن عمل الجسم الأثيري فهو يتلخص في نقاط ثلاث:
1. الجسم الأثيري هو القالب أو النموذج الذي على أساسه تشكَّل الجسم الجرمي.2. هو الموزع للطاقة الحيوية المستمدة من الشمس.3. هو المركز حيث تتوضع التشاكرا chakra، أو مراكز الطاقة التي هي صلة الوصل بين الجسم المادي والجسم النوراني.
النقطة الأولى:إن الشكل المادي للإنسان لم يُخلَق من تدخل عوامل مادية بحتة فقط، كالوراثة مثلاً، بل من فطنة إلهية ومن “نموذج إلهي” أنزلته كائنات روحية إلى المستوى المادي عند بدء كل تجسد جديد. فجسم الطفل المادي يتشكل بحسب نموذج أثيري تعطيه هذه الكائنات الروحية التي يدعوها الناس بالملائكة، وتدعوها الثيوصوفية بـ”سادة كارما”. وهذا الشكل هو أساساً نتيجة الكارما Karma، أو نتائج أفعال الإنسان في حياته السابقة. فالجسم الجرمي الذي يتجسد فيه الإنسان عند ولادته يعود إلى نموذج أثيري ساهم الإنسان نفسه في صياغته خلال أعماره السابقة من خلال التأثيرات الفكرية الصالحة أو الطالحة التي شكلت ذرات الجسم الأثيري، النموذج الأساسي للتركيب الخلوي للجسم الجرمي.
النقطة الثانية:الجسم الأثيري هو الموزِّع للطاقة الحيوية الصادرة عن الشمس والمنتشرة في الكون كله. وتدعى هذه الطاقة باسم برانا على المستوى الفيزيقي. البرانا موجود في كل المستويات في النظام الشمسي والكون، وبالتالي يوجد برانا نجمي، وبرانا عقلي، إلخ، لأن البرانا هو مبدأ الحياة وهو طاقة واعية تربط الوعي بالطاقة على كل مستوى. فعلى المستوى الفيزيقي، تقوم البرانا بتغذية الأعضاء والأعصاب وكل ما يوجد في الإنسان بالطاقة الحيوية؛ وهي المسؤولة عن تماسك الجزيئات المادية ليتشكل منها جهاز عضوي، وتساعد على نقل الأكسجين في الدم، وعلى هضم الطعام.
النقطة الثالثة:إن عملية تلقي الإنسان للمعارف والإيحاءات من العوالم التي تتجاوز عالمنا الأرضي تتوقف على درجة الاهتزازات وشفافيتها. فكلما كان الإنسان ذا قدرة روحية سامية ازدادت لديه قدرة الاهتزازات الدماغية؛ وبالتالي يستطيع الدماغ أن يلتقط الموجات والاهتزازات القادمة من عوالم أرق ويختزنها في الذاكرة. فأثناء التأمل الداخلي أو في الحلم يكون “متوضعاً” في عالم ذي درجات اهتزازية عالية. ولكن إن لم يكن دماغه “متوضعاً” أيضاً على نفس درجة الاهتزاز السابقة في العالم الآخر فإنه لن يتذكر أي شيء من الحلم أو الرؤيا الروحية. ومن المعروف بأنه توجد أربعة موجات للدماغ هي:1. الأولى: ألفا α؛ وهي تناسب حالات التأمل والاستغراق.2. الثانية: بيتا β؛ وتظهر في حالة اليقظة الطبيعية وتترافق مع النشاط الذهني.3. الثالثة: دلتا δ؛ وتُعتبَر الأبطأ بين الموجات الدماغية، وهي التي تتوافق مع حالة النوم العميق.4. الرابعة: ثيتا θ؛ وتتوافق مع الأحلام.
الجسم الأثيري هو مكان استقرار التشاكرات Chakra، وهي مراكز نقاط التقاء بين الجسم الجرمي والجسم النجمي. وعندما تصبح هذه الشاكرات متطورة بما فيه الكفاية فإننا نستطيع بواسطتها أن نتذكر كل التجارب التي نمر بها في العالم النوراني أثناء النوم. وخلال دراستنا لصيرورة الموت وبدء تفكك الأجسام الدنيا للإنسان، سنذكر السبب الذي يدفع الهندوس إلى حرق جثمان الميت بدلاً من دفنه في المدافن .
تطور البشرية ووجودها على كوكب الأرض لم يحدث بشكل مفاجئ ؛ الوجود عبارة عن انبثاق من المطلق. والجسم الجرمي قد تطور خلال مسيرة طويلة ولم يصل إلى ما هو عليه الآن إلا بعد مروره بمراحل تطورية، بدءاً من الذرية البشرية الأولي وحتى وصوله إلى جنسنا البشري الحالي، الذرية البشرية الخامسة.
مرَّت على كوكب الأرض أربع ذريات بشرية واندثرت. ففي الذريتين البشريتين الأولى والثانية كان الجسم الجرمي عبارة عن شكل هيولي لاعضوي. ولكن في الذرية البشرية الثالثة حصل الانقسام الجنسي الذي كان له الدور الكبير في التطور الإنساني. ولم يحصل الجسم الجرمي على شكله العضوي إلا في الذرية البشرية الرابعة؛ وعندها بدأ يتشكل جسمُ الرغبات والعقل العاطفي. ولا تزال بقايا الذرية البشرية الرابعة على كوكب الأرض، لأنه يوجد تداخل بين كل جنس بشري قديم وجديد، رغم اندثار أغلبية الذرية البشرية القديمة. وفي بداية الذرية البشرية الخامسة (الحالية) بدأ العقل Manas يلعب دوراً كبيراً في تطور الإنسانية. ومع ذلك فلا تزال أمام الجسم الجرمي إمكانيات للتطور مستقبلية. فالعلم الغيبي Occult Science يقول لنا بأن الجسم المادي الجرمي سيحوز على الحاستين السادسة والسابعة خلال ظهور الذريتين البشريتين السادسة والسابعة القادمتين. فالجهاز العصبي سيطرأ عليه تغيير وسيصبح أكثر رقة وشفافية، خاصة فيما يتعلق بالدماغ. وكلنا يعرف بوجود الغدة النخامية في الدماغ، وكذلك الغدة الصنوبرية؛ وهاتان الغدتان لم تتطورا بما فيه الكفاية، أي أنهما لا تزالان تمتلكان إمكانيات هائلة في عملهما الحقيقي الذي لا يعرف عنه الطب الكثير؛ وهما ستفصحان عن كل إمكانيتهما أثناء تطور الحاستين السادسة والسابعة اللتين ستحوز عليهما الذريات البشرية القادمة. ولكننا نذكر أن الغدة الصنوبرية كانت في الأصل عضو الرؤيا الروحية، أو “العين الثالثة”، ولها ارتباط كبير جداً بالمستويات والقدرات الروحية التي يحوزها الإنسان في حالة الكمون. والأبحاث التي أجريت على هذه الغدة دلت على امتلاكها مادة خاصة، وهي المادة التي تساعد على تطور الذكاء؛ وقد تبيَّن أن أكبر كمية من هذه المادة توجد في الغدة الصنوبرية لدى الإنسان، وبعده يأتي الشمبانزي ثم الدلفين. فكلما كانت الغدة الصنوبرية نامية عند كائن حي ازدادت إفرازاتها، وتطوَّر هذا الكائن أكثر من غيره من الكائنات الأخرى.دراسة الجسم الجرمي ينبغي ألا تقتصر على مستوى الفضول الفكري، بل ينبغي أن تحفزنا على تغيير نظرتنا لهذا الجسم، على مستوى العقل والإحساس والفكر. فنحن لا ندرك كم نتماهى مع هذا الجسم الجرمي. فعندما تطلب معدتنا الطعام نقول: “أنا جائع!” وعندما تشعر المعدة بالتعب نقول: “معدتي تؤلمني!” ولكن من هو الذي يشعر بالجوع أو الألم؟ هل هو الجسم الجرمي أم الذات ؟! فما دمنا نستمر في التماهي مع الجسم الجرمي واعتباره الذات الحقيقية للإنسان فلن نستطيع السيطرة عليه وتوجيهه بطريقة مثالية، بحيث لا يكون عقبة أمام تطورنا الروحي. فلو قلت: “سوف أغذي جسمي المادي بالطعام” بدلاً من أن أقول: “سوف أتناول الطعام” فإن طبيعتي ونظرتي للطعام ستكون مختلفة تماماً. وليس المقصود بذلك بأن نحرم أنفسنا من رغبة حسية ما، أو أن نعيش حالة تقشف، ولكن الهدف الرئيسي هو الإحساس بأننا منفصلين عن الحواس ومواضيع الحواس، والنظر إليها على حقيقتها، أي بكونها خارجية عن ذاتنا وليست هي “نحن”، وإدراك أن الحواس ليست إلا غطاء أو غلافاً يحيط بالذات الحقيقية التي هي “نحن”. فمن طبيعة الجسم الجرمي والنجمي والرغائبي العمل بطريقة آلية تلقائية؛ وهذه النزعة إلى التكرار الآلي للفعل هي التي تحد من الاستعمال الحر للجسم وتمنعه من “هضم” معارف جديدة. والتطور والتقدم للأمام يتطلب منا أن “نوقف” كثير من هذه الآليات، وأن نعمل على امتلاك آليات جديدة أكثر رقياً وشفافية.نحن نعرف أن كل شيء في الكون هو عبارة عن اهتزاز؛ وتنقية الجسم الجرمي تعني جعله مؤهلاً لاستقبال وتلقي اهتزازات أكثر شفافية، والامتناع عن الرد على الاهتزازات الكثيفة التي تصدرها الأفكار السيئة والنوايا الخبيثة، ليس فقط في العالم الفيزيقي وإنما في أيضاً في العالمين النوراني والعقلي. ونحن نعرف أن خلايا الجسم تتجدد كل سبع سنوات. فإذا غيرنا طريقة تغذيتنا فإننا سنحصل بعد سبع سنوات على جسم مادي جديد قابل لتلقي اهتزازات أكثر شفافية. ذلك أن الطعام الذي نتناوله يتصف، ككل ما في الوجود، بخاصية اهتزازية: فبعض الأطعمة تسبب الخمول أو تثير الإنسان حسياً؛ وبعضها الآخر يعيد التناغم للجسم الجرمي. ولذلك يجب أن نعرف نوعية الطعام الذي نتناوله لكي نحفظ للجسم حيويته واهتزازه الشفاف.
الجسم الجرمي مركبة إلهية؛ ولكي يستطيع التجاوب مع الاهتزازات الإلهية ينبغي أن يصبح حساساً وأن يتمتع بشفافية عالية. ونحن نعرف أن مركز الإرهاف الحسي هو في الجهاز العصبي، وعلى الأخص في الدماغ. ولكي نصل إلى هذه الغاية، أي تأهيل الدماغ ليستطيع نقل المعارف من مستويات أكثر شفافية، يجب أن نجعله حساساً ومرهفاً. وهذا يتم بواسطة التأمل والتركيز العقلي واليوغا والصلاة الباطنية الصامتة. فهدف التأمل هو تلقي الطاقة من مستويات عليا، وليس مغادرة المستوى المادي إلى مستويات أعلى! لنتخيل وجود محطة إذاعية عالمية ترسل برامجها، ونحن نملك جهاز راديو صغير. فعندما نوجه إبرة الراديو على الموجة 60، مثلاً، نحصل على إذاعة عمان ، وبتغيير الموجة إلى 80، مثلاً، نحصل على إذاعة لندن ، وهكذا دواليك. ولكن عندما نقوم بتدوير الإبرة عشوائياً فإننا لا نحصل إلا على التشويش والأصوات المزعجة.
الأمر نفسه يحدث لنا: فلنتخيل، بدلاً من المحطة الإذاعية العالمية، وجود عقل كوني يبث المحبة والتعاليم الروحية، ولنشبِّه دماغنا بجهاز الراديو. وبطبيعة الحال فإننا لن نستلم أية “رسالة” من هذا العقل الكوني لأن الإبرة الموجودة في دماغنا مشغولة بالهموم المادية والجنسية والبغضاء؛ ولذلك فهي تتحرك عشوائياً. ولكننا إذا بدأنا بالصلاة والتأمل والتركيز فإن الإبرة تتركز على نفس الموجة التي يبث عليها العقل الكوني محبته وتعاليمه؛ وعندئذ نبدأ بإدراك ما يريده الخالق منا، ونبدأ باستلام “الرسائل” منه. بمعنى آخر، يجب علينا أن ننقل مركز وعينا من الشخصية إلى الفردية. فهناك ثلاث حالات للوعي:1. حالة الوعي الشخصي، المرتبط بالشخصية؛2. حالة الوعي الروحي، المرتبط بالفردية؛3. حالة الوعي الإلهي، المرتبط بآتما Atma نفسه.
وللسيطرة على الجسم الجرمي ينبغي علينا نقل مركز الوعي من الشخصية إلى الفردية، أي من مستوى الوعي الشخصي إلى مستوى الوعي الروحي.
الجسم النجميكما ذكرنا سابقاً فإن الإنسان ينطوي على سبع مركبات :1. الجسم الفيزيقي physical: الجسم المادي.2. الجسم الأثيري etheric: البرانا prana، طاقة الحياة.3. الجسم النوراني astral.4. الجسم العقلي الأدنى lower Manas: الجسم الرغائبي.5. الجسم العقلي الأعلى higher Manas: الجسم العقلي.6. الجسم البودهي Buddhi: الجسم الإشراقي.7. الجسم الآتمي Atma: الآتما أو الروح.
Viewing 3 replies - 1 through 3 (of 3 total)
Viewing 3 replies - 1 through 3 (of 3 total)
- You must be logged in to reply to this topic.