فما هو الفرق بين طريقة ومنهج المفكّرين بالتعامل مع هذه الافكار والمعلومات الكثيرة عن المتفكّرين؟
ربما يرى بعضنا هذا الامر من منظار يختلف عما اراه واصفه هنا لكن هذا الاختلاف ان شاء الله لا ولن يفسد للود قضية،،
وسابين هنا الفرق بينهما حسب وجهة نظري وفهمي للأمر
أمّا المفكر فإنه يحتفظ بتلك الافكار بذاكرته كما هي بدون أن يغوص في باطنها،،
وربما ليخرج بنتيجة فكريّة منها فإنه سيعمد لأن يزاوج بين فكرتين او ثلاثة أفكار او حتى عشرة افكار منها ،،
لكنه بشكل عام سيحتفظ بتلك الافكار كاصول ثابتة في عقله،،
تماما كما إننا نحتفظ بالسندات والكمبيالات والصكوك داخل خزائن حديدية ،،
فهو يحتفظ بها كما هي داخل عقله وذاكرته وكلما احتاج لبعضها فإنه يخرجها فرادى من تلك الخزائن العقلية وكما هي ،،
فيستنسخها ويستعملها لصياغة الفكرة التي يريدها ثم يرجع ويعيدها بعد ذلك لمكانها من دون ان يحدث اي تغيير او تبديل عليها
وهذا الانسان نجده مع الايام يحاول بجِـدّ كبير ان يزيد من حجم هذا الخزين المعلوماتي والافكاري الذي يضعه بهذه الخزائن ،،
فهو يعتبر ان ثروته تكمن بكثرة الاصول الثابتة وتعددها وتنوعها ،،
فتراه طوال الوقت مشغول بجمع المزيد منها من مختلف المصادر ،، ومشغول بتصنيفها وتبويبها وفهرستها داخل عقله ،،
وكثيرا ما نجد أن هذا المفكّر يتناقض مع نفسه فيما يكتب او حين يتحدث في مواطن ومواقف متعددة عن مواضيع مختلفة ،،
والسبب في ذلك انه قد يستحضر نفس المعلومات والافكار المختلفة المخزونة عنده ليقوم بعد ذلك بالمزاوجة بينها لتأييد الفكرة التي يتحدث عنها
فهو يتعامل مع كل موقف على حدة ،،
فيأخذ أو ينتقي له من الافكار والمعلومات الكثيرة المخزونة عنده ويرتبها بشكل تعطيه نتيجة معقولة ومترابطة ،،،
لكن فقط عن هذا الموقف او عن ذاك،،
وبغض النظر ما لو انه كان متناقضا مع نفسه في ما تحدث عنه في مواضيع أخرى
وهذا سيحكم عليه المستمع المتابع بانه متناقض في كلامه وافكاره ،،
بينما هو لا يرى ذلك من نفسه أبدا ،،
فهو يتكلم من خلال معلومات وافكار حقيقية وصحيحة هو يحويها فعلا في خزائنه العقلية ،،
فهو يرى أنه صادق مع نفسه كليا، لانه لم ياتي بشيء غريب عنه ليتحدث به وعنه،،
فلقد تعب كثيرا خلال أيّام حياته في جمع تلك المعلومات وتصنيفها وتبويبها وحفظها لكي يستعملها عند الحاجة،،
أمّا المتفكّر فحاله يختلف كلّيا ،،
فهذا يجمع خلال النهار كل المعلومات الممكنة ثم يصهرها آخر النهار او في جوف الليل ببوتقة التّفكّر والتأمل،،
وفي صباح اليوم التالي لن تجد عنده في خزائنه فكرتين اثنتين او حتى فكرة واحدة
فهو لا يهتم بالافكار ،،
ولا يريد ان يزيد الافكار برأسه ،،
وبدل ان يشغل نفسه بتبويبها وفهرستها وحفظها
فانه يصهرها قبل طلوع فجر ثاني يوم ببوتقة التفكر والتامل مع جميع الافكار التي صهرها سابقا ،،
وهو عندما يصهر تلك الافكار والمعلومات فانه يسعى لأن يكون منها كتلة فكرية واحدة مترابط اولها بآخرها ،،
كتلة فكرية واحدة تشبه المرآة السحرية التي كلما نظر الساحر بها فإنه سيشاهد فيها ما كان يبحث عنه
فالمتفكّر لا توجد بعقله فهارس وابواب وفصول معلوماتية ،،
وكل ما يملكه في عقله هو هذه الكتلة الفكرية ،،
أو هذه المرآة السحرية ،،
طبعا في البداية سيتعب كثيرا حتى يصقل سطح هذه المرآة لتصبح مرآة عاكسة،،
لأنه في البداية سيتفكّر كثيرا وكثيرا جدا بالمعلومات التي حصل عليها وصهرها في كتلة فكرية واحدة ،،
وهذه الكتلة الفكرية الواحدة ستتحول بعد فترة من الزمان لنظرة كونية ثلاثية الأبعاد ،،
لكنها ستكون نظرة كونية غير مصقولة بشكل جيد ولا زالت الكثير من صورها مشوبة بالضبابية
ويمكن تشبيه ما يقوم به المتفكّر بنفس ما يقوم به الذي يجمع اجزاء الصورة المجزئة لألف جزء ،،
فكل معلومة بالنسبة له هي جزء واحد من الصورة ،،
وهو غير مهتم بالاجزاء لكونها أجزاء حتى ولو كانت صور وألوان تلك الأجزاء صور وألوان جميلة ،،
لكنه مهتم بها،، أي بالاجزاء لكونها اجزاء للصورة الكليّة الواحدة الشاملة التي يبحث عنها ،،
فلذلك فإنه عندما سيحصل على أي معلومة جديدة فإنه سيتفكّر بها كثيرا لكي يضعها في مكانها الصحيح بجانب المعلومات الاخرى التي تكملها وتتناسق معها من كل الجهات ،،
وبعد أن يفعل ذلك فإن حفظ وتبويب وفهرسة نفس تلك المعلومة ستصبح عملية غير مهمة على الإطلاق لأنها أخذت مكانها الصحيح داخل الصورة وثبتت به واضافت بُعدا جديدا للصورة الكلية التي يبحث عنها
وكلما كملت أجزاء الصورة عنده في اماكنها الصحيحة كلما أصبحت الصورة عنده أكمل وأوضح ،،
لكن توجد هناك دائما صور جزئية صغيرة ناقصة هنا وهناك في تلك الصورة الكونية الشاملة التي بدء يراها بعقله
ولكي يكملها فإنه سيبحث دائما عن من سيسئله الاسئلة الجديدة التي لم يسئلها أحد من قبل ،، طبعا هو غير مهتم اطلاقا بالصور او بالأسئلة الأخرى التي اجاباتها لا تكمل هذه الصورة له
فتفكّره بتلك الأسئلة الجديدة ليجيب عنها سيسلط عدسة الفكر عنده على تلك الأجزاء الناقصة من الصورة
وهنا تماما سيدخل دور المعلم الداخلي بالعملية ،، أو الكونداليني ،، او داعي الله،، أو النفس الناطقة القدسية التي مقرها العلوم الحقيقية الدينية، وموادها التأييدات العقلية، وفعلها المعارف الربانية ،،
فالمتفكّر أو المتأمّل تعلم خلال رحلة حياته وتفكّره وتأمّله الطويلة أن يُنصت ويستمع لصوت المعلم الداخلي عندما يتكلم
والمعلم الداخلي لا يعطيك المعلومة الجديدة ولا يخلقها بكيانك خلقا،،
نعم ربما سيدلك عليها ،، لكن أنت من عليك السعي لها لتحصيلها
و سيأتي دور المعلم الداخلي فقط بعد أن تسعى للمعلومة وتبذل جهدا من أجل تحصيلها والتّفكّر بها
فتلك المعلومات المختلفة الكثيرة التي سعيت لتحصيلها وحصّلتها فعلا
فإن كلّ معلومة منها تمثل صورة جزئية واحدة ناقصة من أجزاء الصورة الكلية ،،
لكنك لا تعلم بعد أين هو موقعها من الصورة لتضع تلك المعلومة بها وتكمل بها الصورة ،،
الكونداليني أو المعلم الداخلي هو من يعلم بها
هو من يعلم أين بالضبط يجب أن تضع تلك المعلومة
لكنه يحتاج منك أن تركّز عدسة الفكر بحثا عن هذه الصورة الناقصة وحين تجدها فقط فسيمكنه أن يشير لك لمكانها الصحيح فتضعها فيها
انه يريد منك أن تسأل السؤال الصحيح فيدلك على مكان الاجابة،،
فعندما تكون الصورة الجزئية كمعلومة جزئية هي بحوزتك فعلا،،
وعندما تطرح السؤال المناسب
فإن المعلم الداخلي سيدلك أين يجب عليك أن تضع تلك المعلومة أو تلك الصورة الجزئية ،،
وعندما ستضعها حيث اشار لك ستكتشف الجواب من عدة جهات
بل انك سترى الجواب كرؤية قلبية ثلاثية الابعاد
فمهمة الكونداليني او المعلم الداخلي هي أن يدلك فقط اين يجب عليك أن تضع هذا الجزء من الصورة او ذاك الجزء منها لتتوضّح لك الصورة الكبيرة حينها أكثر وأكثر
ولذلك فإن من يريد أن ينشط الكونداليني عنده يجب عليه الاكثار من الكتابة ،،
من يريد أن يتصل بمعلمه الداخلي عليه الاكثار من الكتابة ،،
ان كانت غايتك أن تتنور فلا يهم حينها ماذا ستكتب
فأنت تريد أن تفتح الاذن الداخلية لكي تسمع كلام المعلم الداخلي
ومع كل سطر جديد ستكتبه ستنفتح اذنك الداخلية شيء قليل
وحين تكتب يجب عليك أن تتعلم الانصات لنفسك وهي تتحدث
جلسات التأمل الصامتة مفيدة ،
لكنها لن تخرج الافكار من قلبك لعقلك بشكل واضح ومتكامل
لكنك مع الكتابة ستجد أن مع مرور الايام ستستطيع أن تكتب مائة او مائتين او حتى ألف صفحة عن مواضيع عميقة لا فكرة سابقة لك عنها على الاطلاق
من يقول لك أنك تستطيع أن تنشط الكونداليني من خلال تونات موسيقية فانه يخدعك
فالكونداليني نشط أكثر منك وحيّ أكثر منك
وهو ينتظرك لأن تستيقظ وتأتي إليه ليوقظك بيقظته
يقولون لك أن الكونداليني هي طاقة الحياة ثم يقولون لك أنها نائمة!!!
فمتى نامت طاقة الحياة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ويقولون لك أن الكونداليني هو الروح القدس!!!!!!!
فهل ينام الروح القدس أبدا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أنت من عليك أن تستيقظ
أنت من عليك أن تنتفض وتخرج من سباتك
لا أعرف كم ورقة يجب عليك أن تكتب لكي تتمكن من الاستماع لصوت داعي الله في نفسك وبشكل واضح
ربما عشرة أوراق أو ربما عشرة آلآف ورقة وأكثر
فالأمر يعتمد على قابلياتك الروحية واستعداداتك النفسية ، وقبل ذلك يعتمد على هدفك من سعيك للاتصال به
وهدفك يجب أن يكون طلب المعرفة للمعرفة فقط
ليس لتنال الجنة
ليس للتخلص من نظام الكرات
ليس لطلب الجاه والسمعة
ليس لأي شيء
المعرفة للمعرفة
طلب المعرفة فقط للمعرفة
طالب المعرفة هو الكلم الطيب
والكونداليني هو العمل الصالح
أطلب المعرفة يرفعك العمل الصالح
النيّة الصحيحة والوحيدة هي أن تطلب المعرفة حبا بالمعرفة وشغفا بالمعرفة وشوقا للمعرفة وغراما بالمعرفة
وهذه هي أصعب نيّة
وهذه هي الصورة الأبهى والأكمل والأتم لعبادة الحب الخالص من كل أطماع او مخاوف
لكن اذا اردت أن يبدء الكونداليني طريقه معك وأن يكمل الطريق معك للاخير فيجب عليك أن تكون دائما وفي جميع الأحوال من الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار