بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم تسليماً.
سفينة نوح
مقدمة : إلحاقاً بالموضوع السابق (التأويل الجديد ) سابدأ بتحليل الرموز الخاصة بالأنبياء والذين ذكروا في القرآن الكريم وهم الذين سيخرجون مع القائم في هذا الدور .
وأبدأ ب( سفينة نوح ) ومن ثم عصى موسى وفرسه وتابوت الشهادة وناقة صالح ودرع داوود وخاتم سليمان وبساطه ونفخة عيسى …ثم أنتقل الى سيف ذو الفقار والبراق إن شاء الله .
وسأبقى أكمل التأويلات الخاصة بموسى والعبد ..وسانشر يوم غدٍ إن شاء الله التأويل الثالث .
سفينة نوح …كتحليل
{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ } (سورة العنْكبوت 15)
بسم الله الرحمن الرحيم
(((وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ.)))القمر 13
الخطاب القرآني يتكلم عن الْفُلْكِ الذي حُمِلَ عليه نوحٌ نبي الله ….قد يتبادر للذهن بأن نوح صنع سفينة كبيرة الحجم من الخشب وحمل فيها من كل زوجين إثنين وأهله وركب هو معهم ومن ثم جرت السفينة بهم في موج كالجبال وكان أبنه في معزل فقال له نوح يا بني أركب معنا قال سأوي الى جبل يعصمني من الماء فلم يركب فغرق ومن ثم ابتلعت الارض ماءها واقتلعت السماء وقضي الامر واستوت على مكان ما يسمى الجودي ؟
التحليل :
قال تعالى : (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ …..(هود 38) المفهوم من الآية بأن نوح صنع الفلك لوحده ؟ فكم يحتاج الى وقت لبناء سفينة تتسع لكل زوجين إثنين ؟
قال تعالى وحملناه ولم يقل وحملناهم على ذات الواح ؟ ثم أن السفينة مصنوعة من ألواح فلما يقول ذات ألواح و(ذات الواح) أي صاحبة ألواح ؟ ودسر يقولون (المسامير التي ثبتت بها الواح السفينة ؟؟ وهذا الأغرب !! لأن اي سفينة مصنوعة من ألواح من الخشب تحتاج الى مسامير لتثبيتها ؟ فهنا لم يُقصد ممن بنيت السفينة بل قصد صفة السفينة بقوله (ذات ألواح ودسر ) والذات في اللغة بمعنى صاحبة فيستقيم المعنى كالآتي :صاحبة الألواح والدسر ؟ فإن كانت صفة السفينة أن لها ألواح ودسر فتكون تلك الألواح والدسر خارج بدن السفينة ومرتبط بها وليس من أجزاءها المتعارف عليها ؟ لذا أقول :أما أن تكون تلك الألواح والدسر كغطاء يحمي بدن السفينة لانها تجري في موج كالجبال ؟ وأما هي كزعانف السمكة على جانبيها للتوازن والدسر ذيلها ؟ وأما أن الألواح والدسرهي مركز قيادة السفينة والتي يحتمل بأن تكون غواصة أصلاً وهي غرفة خاصة بنوح بأمكانها أن تنعزل عن السفينة كالغواصة الصغيرة وهي تتسع لشخص واحد فقط فلذا قال (وحملناه) وهي أشارة لنوح ولم يقل وحملناهم ؟ وهي التي من خلالها نادى نوح أبنه يا بني أركب معنا ……وبحسب السياق القرآني فأن أبن نوح في معزل عن السفينة بقرينة ( { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } (سورة هود 42)) فتخيل أنك في داخل السفينة والسماء تصب عليك الماء صباً والأمواج تأخذ بالسفينة يميناً وشمالاً وأصوات الحيوانات وأصوات السفينة فكيف ستنادي شخصاً خارج السفينة وهو بمعزل عنك ؟ هل تتصور بأنه سيسمعك ؟ الأ أن تكون قد أقتربت منه وحدك بحيث يسمعك ؟ وهذا فعلا ما حصل فالمنادي نوح وقد أنعزل عن السفينة وأقترب من أبنه ؟
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (هود40)
عند التمعن بقوله (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور …..) ما الرابط بين فوران التنور وحمل من كل زوجين إثنين ؟ إلا أن يكون المعنى من التنور وفورانه أنه المحرك للسفينة أو الغواصة (الفلك المشحون) …..ففارالتنور أي( بدأ التفاعل ) كالتفاعل النووي للنهوض بالغواصة وجعلها تخرج تارة وتارة تغوص الى أعماق المياه كالغواصات المتعارف عليها والتي تسير بالمفاعل النووي …..ففار التنور بدأ المفاعل النووي بالعمل داخل الفلك .ومن ثم قوله تعالى : أحمل فيها من كل زوجين إثنين يثير العجب والتسأول ؟ من كل زوجين أي من كل المخلوقات بدلالة قوله : { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (سورة الذاريات 49) حتى وأن كان المستفاد من قوله (زوجين ) أربع فكل (زوج ) أثنين …..ولكن لنفرض أنه حمل (ذكر وأنثى ) في السفينة لكي لا تموت حياة الاجناس ؟ فما هو حجم السفينة التي تتسع لهذا العدد الهائل من المخلوقات ؟ وبحسب ما يروي القرأن أنه صنع السفينة وحده ؟! وحتى إن كان هنالك من يساعده في البناء فما حجم السفينة ؟ ولنفرض بأنها كبيرة وتتسع لهكذا عدد هائل من كل زوجين إثنين! فما ذنب الأزواج المتبقية والتي ستغرق بالطوفان ؟ هذا إذا قلنا بأن نوح قد حمل من من كل زوجين إثنين أي حمل الفيلة والسباع والضباع والطيور والاسماك والديدان والاشجار وانواع الثمار ……..الخ .
ولكن عند التمعن أكثر بالآية ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ …)هود 40 ………نجد بأن قوله تعالى (من كل زوجين ) ليس المقصود كل (جنس وفصل ) أحمل ذكر وأنثى …..لا وإنما من تركيبتهما أو بذور حياتهما ( الدي أن أي ) ,,,,فمثلما حمل بذور النبات حمل بذور الحياة ؟ ولكي تبقى بذورالحياة (الكروموسومات )الذكرية والانثوية حية ولا تموت يحتاج الى طاقة لتخزينها وإعادة إنتاجها …فكانت تلك الطاقة الناتجة من فوران التنور طاقة للخزن وبداية حفظ ال(دي أن أي) فلذلك قال أحمل فيها من كل زوجين أثنين أي أربعة (دي أن أي ) (إثنان ذكرية وإثنان أنثوية ) وهذا يفيد مباحث الوراثة .
………………………………………
هذا التحليل من الجهة المادية فقط …
وهي نفس السفينة التي ركبا فيها موسى والعبد .
وهذه إشارة لأولي الألباب ..
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم تسليما