بِسْم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم تسليماً ..
(( التجلي ))
( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً ) (الاعراف:143)
التجلي: هو ظهر جزء من الطاقة النورية من اللطافة الى الكثافة ، فظهرت بعد خفاء بزمان ومكان ( زمكان ) …. فموسى أراد أن يرى ربه ( ليس الله ) في هذا العالم بطلب منه وهو مدرك بإنه لا يُرى إلا أن يشاء ربه هو ،، بمعنى إن الرؤية تتم من ( ربه ) لا منه .. وأن يهبط إليه من ذلك العالم اللطيف بقوله ((أرني)) أي انت الفاعل بالكثافة للرؤية …(( أنظر اليك )) المفعول بالرؤية …….
ثم إن الرؤية البصرية على نحوين :
الأول : خروج النور من العين الباصرة الى المراد رؤيته ورجوعه الى العين … اي إن العين هي التي ترسل النور .
الثاني : انعكاس النور الى العين من جهة خارجية .. اي ان العين تستقبل من غير أن ترسل ،، والاول أصح بل هو الحق
لان الناظر بالعين إن كان ذو طاقة نورية عالية يستطيع أن يرسل نوراً من عينه الى المراد رؤيته حتى وإن كان خلف الجدار … فهو يتحكم بكمية النور التي يحتاجها للوصول الى رؤية ذلك الشيء .
بل إن ذلك النور لا يشترط أن يسلك مساراً مستقيماً لرؤية الشيء المراد رؤيته ، بل يرى خلفه كما يرى أمامه ويرى عن يمينه كما يرى عن شماله .
وعلى كلا النحوين فإن النظر لشيْ يستدعي توفر أمور ….الأمر الأول : أن لا يكون حجاب بين الناظر والمنظور اليه ….الثاني : أن لا يكون هنالك بعد مكاني بين الناظر والمنظور اليه …….الثالث : أن لا يكون هنالك بعد زماني بين الناظر والمنظور اليه ….هذا بالنسبة للناظر العيني ….
أما بالنسبة للناظر القلبي : حتى وإن رفع الحجاب فيبقى البعد المكاني والزماني .. وإن رفع البعد المكاني يبقى البعد الزماني …فالحادث لا يدرك القديم الا أن يكون الحادث قديما ….
ولهذا قال الرب لموسى ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى? لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ((( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ? قَالَ لَنْ تَرَانِي ))) وَلَ?كِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ? فَلَمَّا تَجَلَّى? رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى? صَعِقًا ? فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) ،،
وسواءٌ أكان الجبل مادي أو معنوي ،، من جبال الأرض أو محيط بها ( جبل ق ) فإن الرؤية لا تتم لان التجلي إصطلاحاً : هو انتقال الشيء من مكانه الاول الى مكانه الثاني مع بقائه في المكان الاول .. وهذا يستدعي خلو ربه من المكان الثاني ؟
أما إن كان التجلي صوري وليس جوهري فالمكان الثاني تتجلى صورة الشيء وليس جوهره ..
فلا بد من ان الصورة للشيء المتجلي ليست بتماس مباشر مع عيني موسى إذ لا بد من وجود مسافة للرؤية .. ؟
الامر الاخر لا بد من إن صورة الشيء ليست مجردة .. اي لا بد من كونها صورة مادية تقع تحت الصفات المادية لتتم الرؤية ،،
فلا بد للصورة من كونها حادثة وليست قديمة لان التجلي حادث بطلب الرؤية .
وهذا يستدعي بأن تكون تلك الصورة مخلوقة .
هذا بفرض عدم استقرار الجبل للصورة الحادثة ..
ولكن بفرض استقرار الجبل هل كانت الرؤية تتحقق .. ؟!
الجواب لا تتحقق ،،
لإن الصورة الكلية للرب يجب أن تكون جزئية لكي تقع ضمن دائرة الرؤية الزمانية …
والكل لا يكون جزء لانه سيفقد أجزائه المتبقية .
لذا أقول في النهاية : ولن تراني لأنني فيك .
هذا والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم تسليماً .