بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا () فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
هذه النفس قبل أن تُلهم جنود الجهل وجنود العقل هي ذلك الطرف المحايد ،،
هي ذلك الوعاء الفارغ ،،
هذه النفس لا ذكر هي ولا هي أنثى ،،
ولا هي ينج ولا يانج ،،
ولا موجب ولا سالب ،،
هذه النفس لا صفة لها سوى أنها نفس قادرة على الإختيار ،،
فإن لم يُعرض عليها سوى الأسود فلن تستطيع أن تختار حينها سوى الأسود ،،
وإن لم يعرض عليها سوى الأسود والأبيض فلن يمكنها الاختيار الّا بينهما ،،
لكن لو عُرض عليها 144 اختيار مختلف فحينها سوف يكون مجال اختيارها أوسع وأكبر
ولو كانت درجات كلّ اختيار تتراوح بين جزء وتسعة واربعين جزء فسيكون مجال اختياراتها حينها مجال فلكي ،،
يعني جندي الكرم مثلا ،، سيمكنها ان تختار ان تكون كريمة 100% فتحوي ال49 جزء من جندي الكرم الممكنة كلّها في كيانها فتتصف به،، أو يمكنها أن تتصف ب99% كرم و 1% بخل ،، او 88% كرم و2% بخل ،،
وعلى هذا القياس يمكننا ان نستمر مع جندي الكرم ومع جميع الجنود الأخرى أيضا وبنفس الوقت
ولو أننا بدّلنا الظروف المحيطة بنفسين مختلفتين تحملان نفس النسب في صفاتها وبصورة كاملة ومتطابقة فإننا سنحصل منهما على اختيارات مختلفة لاختلاف المحيط الخارجي
يعني لو ركبنا إحدى تلك النفسين المتطابقتين بالنسب على صورة نملة ،، وركبنا النفس الأخرى على صورة طير، فإننا سنحصل منهما على صورة حياتين مختلفتين
وأيضا على صورتين مختلفتين من تجليات الأخلاق
ولو ركبنا إحداهما على صورة انسان يعيش بظروف عالم لا بحار به ولا انهار
وأنزلنا الأخرى لتعيش في مثل عالمنا هذا فسنحصل حينها منهما أيضا على صورتين مختلفتين من صور الاحتمالات
يعني لو غيرنا صورته في نفس المحيط ستتبدل صور الاحتمالات
ولو بدلنا صورة المحيط وابقينا على صورته الشخصية فستتبدل صور الاحتمالات ايضا
وكذلك لو اننا بدلنا صورته وصورة المحيط ايضا فستتبدل صور الاحتمالات معهما
وهذا هو تمام ما تقوم به موجودات عالم الأمر الإلهي من الملائكة والروح وربهم
انهم يقومون بإخراج أو ببرأ ما يمكنهم اخراجه أو برأه من صور الاحتمالات الممكنة عبر ايجادهم لعوالم متعددة ذات ظروف خارجية مختلفة ،، يقومون هم بتصميمها
وعبر تركيبهم النفوس المطمئنة بعد ذلك بصور واشكال مختلفة في تلك العوالم ذات الظروف المعيشية المختلفة
انهم يُخرجون أو يبرأون بهذه العملية وبتلك العوالم المختلفة جميع صور الاحتمالات الممكنة والمكنونة في الكتاب التكويني العقل الكلي ،، انهم يخرجونها من حالة مكونها وخفائها عنهم لحالة ظهورها بهم ولهم
عالم الأمر ،، عالم الملائكة والروح وربهم ،،
انهم يزدادون كلّ يوم علما من علم الله الذي يكتشفونه بانفسهم من خلال تفعيل مشيئتهم وارادتهم بمباشرة فعلهم باخراج ذلك العلم المكنون من حالة مكونه وخفائه عنهم لحالة ظهوره لهم
انهم يتعلّمون كلّ يوم علوم جديدة بهذه العملية
كما انهم يكتشفون قلّة علمهم مع كلّ صورة جديدة من صور تلك الاحتمالات الجديدة التي سيكتشفونها كلّ يوم
ســــــــــــؤال
إن وجود الاحتمالات أمر جميل، فذلك سيقودنا الى ان الانسان له قدرة على الاختيار فهو مخير غير مسير … وهذا يعنى انه يعاقب بالنار او سيجزى بالجنة لقدرته على الاختيار وهذا امر راجح
لان الله هو العدل فلا بد وان يترك الاختيار لانسان لكى يختار بقدرة الاحتمالات بين الخير والشر … الجنة والنار … وليس كما يروج البعض بانك خُلقت والله يعلم بانّك فى الجنة اوالنار قبل ولادتك
لكن هذا سيقودك علي الارجح لطريق آخر ربما لم تفكر به ولقد تفكرت به كثيرا لكنني لم أجد له حل
فأنت مثلا عندما يكون أمامك اختيارين لفعل فعل ما، وكلاهما متاحين أمامك لكن العقوبة التي ستواجهها من السلطة الاعلى على أحدهما ستكون شديدة جدا جدا ولنقل ان عقوبتها ستكون دخولك للسجن والتعذيب فإنك لا أراديا ستحاول حينها ان تبتعد عنه قدر استطاعتك
مثل أن تكون كاتب سياسي وتكتب عن السياسه المحلية والخارجية،، وقالت لك سلطات الدولة: اكتب ما شئت لكن لو كتبت في مدحنا ستصبح من أحبابنا،،بينما لو كتبت ضدنا فعليك أن تتأكد من سوء العاقبة
او مثل أن يُقدّم لك صنفين من الطعام ويقولون لك انت حر بأن تاكل ايهما ،، لـــــــكنك لو اكلت الصنف الثاني سنحرق جلدك حرقا من الضرب
بهذه الطريقة سيكونون قد سلبوك حق الاختيار الذي وهبوه لك في البداية
وقس على ذلك مبدء حرية الاختيار في ظل وجود الجزاء بالجنة على ما يريدونك أن تفعله وتعتقد به ،، والعقاب بالنار على ما لا يريدونك أن تفعله أو ان تعتقد به
أعطوك العقل واعطوك حرية التفكير بهذا العقل ، لكنك لو الحدت حين استخدمته بحرية فأنهم سيحرقونك بالنار،، ولو انك لم تستخدمه ولم تفكر به وفعلت ما ارادوه فانهم سيدخلونك الجنة،، يعني اعطوك العقل لتفكّر به بحريّة تامة ،، ثم بعد ذلك حذروك من ان تفكر به بحرية تامة
يوجد تناقض في هذا الأمر ،، فما هو الحل؟
الـــــــــجـــــــــــــــواب
كلّ هذه الأمور بالنسبة لي محلولة ان شاء الله، وأهم شيء ان نحدد المفاهيم التي نتكلم عنها
ولقد فعلت ذلك قبل أن ابدء بكتابة هذه المواضيع
فعندما نتحدث عن الجنة والنار وجهنم وعذاباتها منطلقين في ذلك من الفهم الشائع بين الناس من الفين أو ثلاثة آلآف سنة وحتى اليوم فاننا سنصاب بالهلع حينها
فهذا المفهوم العقلي للجنة والنار ولجهنم بكل صورها لم يكن موجود بالسابق في مخيلات الناس
ففقط من الفين او ثلاثة آلآف سنة تحول وعي الناس لهذه المفاهيم بصورة كبيرة ،، فظهرت مع هذا التحوّل بالوعي صور جديدة للعبادة وللحياة وللعقائد وكلها مختلفة عن سابقاتها
بالنسبة لي فإن أقول بكل وضوح أن جهنم هي نفسها هذه الأرض
ونيرانها هي هذه المشاعر الانسانية المتضاربة ،، والشعور معها بالحاجة للحاجات والاشياء الكثيرة ،، بدء من الطعام والشراب والجنس والزواج والعمل ووووووو
هذه المشاعر المختلفة تجعل الانسان يعيش في قلق دائم وعدم استقرار ومعاناة كبيرة
والانسان بهذه النظرة هو المشتعل بهذه النيران ،، وهو وقود جهنم ، أي وقود هذا العالم في الوضع الحالي ،، فهي جهنم
فالارض هي جهنم
ونيرانها هي المشاعر الانسانية المتضاربة وحاجاتهم الكثيرة
والناس هم وقود جهنم ، وهم أيضا من يشتعلون بنيرانها
والنظام الكوني حسب القانون الالهي انما تجزون بما كنتم تعملون يحكم عملية الكرّات المتتابعة للانسان على هذه الأرض
فكلما ماتت شخصيّة تقمصها بروحه في حياة سابقة فإنه سيتقمص شخصيّة أخرى في حياة لاحقة تكون ظروفها مناسبة ومشابهة لاخلاقه واعماله التي عاش حياته السابقة عليها
والنفس الناطقة القدسيّة في كلّ ذلك ستتعلم من كلّ حياة جديدة شيء جديد
وكل نفس ناطقة قدسيّة خلال كلّ كرّة من كرّاتها على هذه الأرض ستعيش ثلاثة مستويات من الوعي
1 ـ المستوى الاول هو هذا المستوى الذي تعيشه أنفسنا القدسيّة حين تتصل بابداننا الأرضية
2 ـ والمستوى الثاني هو المستوى الذي ستعيشه بعد انفصالها عن هذا البدن
فهي ستعيش وتعي بنفسها حينها من خلال وعي النفس الحسية الحيوانية التي لا تزل متصلة بها ،، فترى أعمالها واخلاقها بعد موت البدن وقد تجسدت لها بصور مرئية ومشاعر محسوسة
فإن كانت أخلاقها وأفعالها حسنة كانت صورها ومشاعرها التي ستراها حينها حسنة ايضا
وإن كانت اخلاقها وافعالها سيئة كانت صورها ومشاعرها التي ستراها حينها ايضا سيئة وتماما على نفس مقدار سوئها
3 ـ أما مستوى الوعي الثالث فهو مستواها الحقيقي اي مستواها كنفس ناطقة قدسية
وهذا المستوى من الوعي سترجع له حين تنفصل النفس الحسية الحيوانية عنها لتعود هي لما صدرت منه عود ممازجة فتضمحل وتفنى
وحينها فإن النفس القدسيّة ستعرف حقيقتها من جديد وستتذكر جميع تفاصيل هذه الحياة الاخيرة التي عاشتها وانتهت منها لتوها
وستتذكر معها ايضا وبنفس الوقت ذكريات وتجارب وخبرات الف الف حياة سابقة
ستتذكرها كاحلام حلمت بها وعاشتها بكل تفاصيلها وأفراحها وأتراحها وتعلمت خلالها الكثير
لكنها حين ماتت الموتتين (موت البدن وموت النفس الحسيّة الحيوانية)
واستيقظت اليقظتين ((يقظة الحسيّة الحيوانية بعد موت البدن او النفس النامية النباتية ،، وتبعتها يقظة النفس الناطقة القدسيّة بعد أضمحلال النفس الحسية الحيوانية وفنائها))
فحينها ستبقى ذكريات هذه الحياة مختزنة بوعيها كمجرد ذكريات لا ألم بها على الإطلاق
وربما ستندهش منها حينها ، وربما تسعد بها أيضا
تماما كما أننا نندهش ونسعد أحيانا كثيرة عندما نستيقظ من نومنا وذكريات الاحلام لا تزال تتراقص أمام اعيننا
ودخولنا في حلم مرعب لن يمنعنا من النوم في اليوم التالي ومن رغبتنا بان نحلم حلم جديد لعله يكون سعيد وجميل
وكل يوم سيتكرر معك نفس هذ الامر من جديد ولن ترغب يوما بان لا تحلم،، لانك كلّما تستيقظ من حلم فإنك ستندهش من تفاصيله ومشاعره كيفما كانت تلك المشاعر والتفاصيل
أنت الحقيقي هو أنك النفس الناطقة القدسيّة التي تندهش في كلّ مرة تصحو من موتتها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي تموت في كلّ كرّة مرتين وتحيى مرتين
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي تندهش بعد انتهاء كلّ كرّة من كرّات حياتها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي يزيد علمها بعد أن تنتهي كلّ كرّة من كرات حياتها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي بعد أن تنتهي كلّ كرّة من كرات حياتها ستعود لربها راضية مرضيّة فتدخل في عباده وجنته حتي يحين موعد درسها التالي وكرّتها التالية
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي لا تموت أبدا
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي لم تُخلق للموت والفناء بل للحياة والبقاء لكنها تنقل من دار الى دار وبالابدان محبوسة
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي تؤدي مهمة إلهيّة تتعاون بها مع الملائكة والروح وربهم في اخراج العلم المكنون من مكونه عنهم لظهوره لهم
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي هي صورة من صور المشيئة الالهيّة التي خلقها الله وخلق الأشياء بها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي تخلق صور وجودها بمشيئتها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي عين نفسها العليا تراقبها طوال الوقت وترعاها وتدور من حولها بدون ان تشعر بها
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي بعد كلّ كرّة تكرّها ستتذكر وستعي انها الاهيّة وانّها عظيمة وانّها على اكمل صورة وفي أحسن تكوين ،، مهما كانت صورتها وصورة النفس الحسية الحيوانية التي قُرنت بها او تم تزويجها بها ، فرُدّت بهذا التزويج بها لأسفل سافلين
إننا نعيش الأن فترة الحياة الدنيا، وهذه هي فترة حياة اللعب واللهو،، هذا ما يقوله الناطق بالقرآن الكريم ،، إن كنت تصدقه فيجب أن تصدق أنك تلعب وتلهو الآن، وأنك تتعلم بلهوك ولعبك في هذه الحياة الدنيا
بعد فترة الحياة الدنيا ستأتي فترة الحياة الآخرة
وما بين الحياتين او المرحلتين أو الفترتين سيأتي عصر الظهور ، ظهور الامام المهدي ،، وهو عصر الغربلة النهائية، عصر الغرابيل الكثيرة،، أنه عصر الامتحان بل الامتحانات الكثيرة والمعقدة جدا جدا ،، لأنه عصر التمييز
فمن سينجح ويبقى في الغرابيل سيعبر للمرحلة التالية ويعيشها
ومن سيرسب ويسقط من أي غربال من تلك الغرابيل فسيعيد الدورة من جديد في عالم جديد وحياة دنيا جديدة ، ولن يعبر لفترة الحياة الآخرة الا بعد أن يعيد فترة اللهو واللعب مرة أخرة بحياة دنيا أخر
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي رغم الألم الكبير الذي ستشعر به فإنها لن تبالي في يوم اعلان النتائج كثيرا انها قد رسبت بالامتحان النهائي
لكنها ستنظر للغر المحجلين الذين نجحوا وكان ختامهم ختام مسك وهم يغادرون عالمها من أمامها وهم محمولون على النجائب برفقة قائدهم قائد الغر المحجلين وكلها امل بأن تلحق بهم ولو من بعد حين
أنت الحقيقي هو انك أنت النفس الناطقة القدسيّة التي ستنظر لهم وتقول لهم سأنتظركم لكي ترسلوا لنا إمتداداتكم الأرضية لمعونتنا على اللحاق بكم
من تركنا قبلكم أعانوكم فأعينونا أنتم بدوركم ، وسننتظركم بفارغ الصبر
ســـــــــــؤال ثاني
السلام عليكم:
الأخ العزيز انت قلت ان الصفة البدئية للنفس هي الاختيار ، وهي صفة لكل نفس بلا استثناء كما افهم مما كتبت (وان لم يعرض عليها سوى الأسود والابيض فلن يمكنها الا اختيار بينهما)
فَلَو انها اختارت الأبيض على الأسود يعني هذا انها تمتلك صفة المفاضلة ويعني ان صفة الاختيار ليست الصفة الاولى
وإن كان الاختيار صدفة فهذا ضد القصدية العالية بالخلق
وعلى ذلك فان هناك لحظتين او صفتين في حياة النفس
الاولى هي صفة الوجود التي هي سابقة على الاختيار
والثانية هي الهوية التي ترتبط بالاختيار والتي تحدد المسار الذي ستعيشه هذه النفس
وبدون افتراض لحظة سابقة للاختيار لا يمكن ان نتقبّل فكرة العدالة في عالم الامر
اذن لماذا كانت هناك نفس إنسان والأخرى نملة والأخرى طير؟
ولماذا أنا في الارض وغيري في كوكب اخر او مكان اخر
الا اذا افترضنا طبعا ان الاصطفاء بدون تجربة هو المبدأ المحرك للكون (لايسأل عما يفعل وهم يسألون)
الـــــــــجــــــــــــــــواب
أخي الكريم: أهم شيء لفهم تفاصيل هذه العملية او هذا الامر هو تحديد الهوية التي تسكن تلك المظاريف الوجودية والتي ستستطيع بواسطتها فقط ان ترى نفسها كوجود مستقل فتقول أنا
يعني يجب أن نحدد الأنا
ولذلك سنعود لأمير المؤمنين ونعرف رأيه بهذا الأمر ،،
سئل الإمام علي عليه السلام عن العالم العلوي فقال:
صور عارية عن المواد
عالية عن القوة والاستعداد
تجلى لها فأشرقت
وطالعها فتلألأت
وألقى في هويتها مثاله
فاظهر عنها أفعاله
وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة
إن زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها
وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد … إنتهى
فالهوية في كل مخلوقات العالم العلوي والنفس الناطقة القدسية منهم هو مثاله الذي القاه فيها جميعها
فالهوية الحقيقية إذن في كل المخلوقات هي هوية واحدة
لأن مخلوقات عالم الخلق هي من تنزلات عالم الأمر او العالم العلوي
فهويّتك وهويّتي وهويّة كل الناس هي هويّة واحدة، وهي هويّة مثاله الذي القاه في مظاريفِها
وهويّته تملك قطعا صفة المفاضلة
فهو يرى نفسه بكلّ الصور وكلّ الإحتمالات من خلال مثاله او هويته التي القاها في المظاريف المختلفة
نأتي الآن لنعرف ما هي تلك المظاريف ومن هو صاحب المثال الذي القاه في تلك المظاريف
وأين ألقاه فيها
ومن هو الأنا الحقيقي فيها الذي يرى نفسه بكل الأحتمالات وعلى كل الصور
روي المجلسيّ عن «علل الشرايع» باسناد العلوي عن أميرالمؤمنين علیه السلام: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ مِمَّا خَلَقَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ؟
قَالَ: خَلَقَهُ مَلَكٌ لَهُ رُؤوسٌ بِعَدَدِ الْخَلاَئِقِ،
مَنْ خُلِقَ وَمَنْ يُخْلَقُ إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
وَلِكُلِّ رَأْسٍ وَجْهٌ،
وِ لِكُلِّ آدَمِيٍّ رَأْسٌ مِنْ رُؤوسِ الْعَقْلِ.
وَاسْمُ ذَلِكَ الإنسان علی وَجْهِ ذَلِكَ الْرَأْسِ مَكْتُوبٌ.
وَعلیكُلِّ وَجْهٍ سِتْرٌ مُلْقيً لاَ يُكْشَفُ ذَلِكَ السِّتْرُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ
حَتَّي يُولَدُ هَذَا الْمَوْلُودُ
وَيَبْلُغُ حَدَّ الرِّجَالِ أَوْ حَدَّ النِّسَاءِ؛
فَإذَا بَلَغَ، كُشِفَ ذَلِكَ السِّتْرُ،
فَيَقَعُ فِي قَلْبِ هَذَا الإنسان نُورٌ فَيَفْهَمُ الْفَرِيضَةَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَيِّدَ وَالرَّدِيَّ.
أَلاَ وَمَـــــــثــــــــــَلُ الْـــــــــــــعــــــَقـــــــْلِ فِي الْــــــــقـــــَـــــــلْبِ كَــــــمــــــــَـــــــثــــــَلِ السِّرَاجِ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ…… إنتهى
فصاحب الهوية الملقاة في كل العقول الجزئية والتي هي بعدد الخلائق كلها هو الـــــــــعـــــــقـــــــل الــــــــكــــــــلـــــــيّ
والعقل الكلي هو الإسم الذي بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ،وَ بِالتَّشْبِيهِ غَيْرَ مَوْصُوفٍ،وَ بِاللَوْنِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ؛ مَنْفِيٌّ عَنْهُ الاقْطَارُ، مُبَعَّدٌ عَنْهُ الْحُدُودُ، وَ مَحْجُوبٌ عَنْهُ حِسُّ كُلِّ مُتَوَهِّمٍ، مُسْتَتِرٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ.
أمّا مثاله فهو الإسم المكنون في الأسماء الثلاثة الظاهرة
فكل مخلوق من المخلوقات أو كل عقل جزئي من العقول الجزئية في الملك الذي له رؤوس بعدد الخلائق هو كلمة تامة من ثلاثة اسماء واسم مكنون بها
وهذا الاسم المكنون بكل عقل جزئي هو مـــثـــال الــعـــقــل الـــكـــلــي الاسم الذي هو بِالْحُرُوفِ غَيْرَ مُصَوَّتٍ،وَ بِاللَفْظِ غَيْرَ مُنْطَقٍ، وَ بِالشَّخْصِ غَيْرَ مُجَسَّدٍ، وووووو….
فهو الإسم المكنون مثال الــعـــقــل الـــكـــلــي المكنون في عقل الانسان وعقل النملة وعقل الطائر وعقل الذّرة وعقل المجرة ،، والمكنون كذلك في عقل كل ما هو اصغر منهم وفي عقل كل ما هو اكبر منهم
فهويتك التي تقول بها اناْ فلان هي نفسها هويتي التي اقول بها أناْ طالب التوحيد
فأنا وأنت وجميعنا واحد ،، وهويتنا واحدة، لكن هويتنا اختارت ان ترى نفسها بصور متعددة ومختلفة عددها بعددنا
وحتى الآن حديثنا هو فقط عن المخلوقات الأولى وما صدر منها ابتداءا من الاسم الذي هو بالحروف غير متصوت ووووو ،، مرورا بالاسم المكنون بالاسماء الثلاثة وجميع ما ينحدر منهم
إذا رأيت الأمر على نفس هذا النحو الذي اراه وبينته لكم واسأل الله ان اكون قد وفقت لبيانه وتوضيحه
فأنت الذي في الأرض الآن انت هو نفسك الموجود أيضا في السماء وفي كل كوكب ومكان، لكنك اخترت ان ترى نفسك من خلف عدسات ومرشحات عقليّة مختلفة لكي ترى نفسك من خلالها بكل صورة ممكنة
ولذلك فان من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا ، لأن الكل واحد وليس متعدد
هذا الأمر مثبت فيزيائيا ورياضيا ويمكنك ان تشاهد نسيم حرمين وهو يثبته رياضيا وعلميا وبطريقة شيقة وجميلة وممتعة أيضا
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين