بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العقل الكلي هو عين الله الناظرة
حسب التقسيم الروائي من أهل بيت العصمة لشجرة النفس الإنسانية وأجزائها نجد أن كل إنسان له ثلاثة أجزاء تشبه في عملها عمل ثلاث مرايات ترسل وتعكس كل واحدة منها للأخريات صورة معينة من الأحاسيس
وناتجها سيكون أن من مجموع الأجزاء الثلاثة سيخرج شعور أنوي واحد ومترابط ،،
وهو الشعور بالحياة والقدرة والعلم
والشعور بالوجود وبالأنا
وتلك الأجزاء الثلاثة هي:
1. النفس النباتية وهذه هي التي ستعود عود ممازجة لا عود مجاورة بمعنى أن وجودها كنفس نامية نباتية سينتهي أخيرا لأنها ستتمازج مع الارض فيذوب وجودها فيها
2. والنفس الحسية الحيوانية وهذه ستعود لمصدرها عودة ممازجة لا عودة مجاورة، بمعنى أن وجودها سيذوب في وجود مصدرها وينعدم
3. والنفس الناطقة القدسية وهي التي ستعود للنفس الكلية الإلهية عودة مجاورة لا عودة ممازجة، بمعنى أنها سيبقى لها نوع من الوجود ولا تنعدم في حالة رجوعها
وهذا التفصيل نجده في الرواية الشريفة التالية:
روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.
…………………………….. بقية الرواية.انتهى
قلنا قبل قليل أن تلك الأجزاء الثلاثة تمثل بمجموعها جزء واحد وشعور واحد وشخصية واحدة
من مواضيع سابقة لنا قلنا أن هذه الشخصية الواحدة المتكونة من تلك الأجزاء الثلاثة والنفس الالهية والعقل وسطها والتي تعيش على هذه الأرض لها ارتباط بمخلوق سماوي هو بالنسبة لها انه هو نفسها العليا
وأن أنفسنا العليا تعيش معنا من خلال رابط تكويني خيطي يجعلها تعيش معنا نفس مشاعرنا أين ما كنا
ولكن هذا لا يعني أن حدّة وقوّة شعور أحدنا وهو يمر في تجربة معينة او موقف معين سيكون بنفس النسبة للنفس العليا أيضا،
فعندما تفرح نفس ما بنسبة 100% وتشعر أنها قد بلغت قمة السعادة وغاية المنى فنفسها العليا ليس بالضرورة أن تبلغ مثلها نسبة سعادتها القصوى في هذا الموقف،
فقوة شعور النفس العليا هي أقوى بدرجات كثيرة من أحاسيس جميع نفوسها الجزئية،
لكنها ستستمتع بذلك الشعور الذي سيصلها من أنفسها الجزئية المطمئنة كيفما كان ذلك الشعور الذي تشعره، سواء كان شعور ألم وحزن ،، أو شعور فرح وسعادة،
فكيفما كان نوع الشعور الذي تمر به النفس الناطقة القدسية او المطمئنة فإن النفس العليا ستستمتع به أيضا،
والإستمتاع هو شعور آخر يختلف تماما عن شعور الحزن والفرح والراحة والتعب ،، ولا علاقة له بها أبدا،
فالإستمتاع هو شعور قد يحصل أيضا مع التعب وليس مع الراحة
تماما كما يحصل للرياضين في انواع كثيرة من الرياضات البدنية
ومن خلال أنواع عديدة من الأعمال اليومية
وهو يحصل أيضا مع الشعور بالألم ،، تماما كما يحصل للملاكمين والمصارعين والمتقاتلين في الحلبات والجبهات
وهو يحصل كذلك مع مشاعر الخوف ،، مثل الاستمتاع بالخوف الناتج من متابعة أفلام الرعب والقتل والدمار
والخلاصة أن شعور الإستمتاع يختلف عن بقية المشاعر ،، وهو قد يرافق أو قد ينتج عن جميع المشاعر الانسانية على مختلف أنواعها
وهذا هو ما تشعر به النفس العليا،
فهي مستمتعة على الدوام
وتشعر بالسعادة على الدوام
وكيفما كان شعور جزئها الآخر
ومهما كانت التجربة التي تمر بها أجزائها الأخرى قاسية
فسواء كانت تلك النفوس الجزئية تعيش في الجنة التي نتخيّلها او في حقيقتها
أو تعيش في النار التي نتخيلها او في حقيقتها
فإن النفس العليا تشعر بالإستمتاع على الدوام وفي جميع الحالات
وسواء كانت النفس القدسية لا تزال مرتبطة بالنفسين الاخريتين او انفصلت عنهما
فجميعالأجزاء الانسانية لكل نفس إنسانية سترجع أخيرا لربها او للذي صدرت منه ،، لكن منها ما سيفنى ويتحلل بالرجوع لمصدره ،، ومنها ما سيبقى له بجواره نوع من الوجود،
لكن سيبقى موعد فناء كل جزء منها وتحلله مرتبط بإرادة ومشيئة النفس العليا ومرتبط بمقدار ونوعية تلك المشاعر التي ترِدُها من كل جزء منها،
فإذا وصلت نفس جزئية من نفوسها الكثيرة لمرحلة لن العلم والمعرفة لن تستطيع معها أن ترفدها بمشاعر جديدة فإنها قد تُخرجها من تلك التجربة المؤلمة لتدخلها بتجربة أخرى جميلة لتحصل منها على مشاعر جديدة،
أو ربما تخرجها من عالم مشاعر السعادة والفرح وتدخلها في عالم مشاعر الإستمتاع على كل حال، فتعلّمها حينها كيف يمكنها أن تتنفس من روحها أنفاس أخرى لتصبح حينها هي المربيّة لتلك الأنفاس وهي من ستعلمها تعلمها كيف سيمكنها ان توظفها للحصول منها ومن خلالها على مشاعر جديدة
وبذلك تستمر دورة الحياة من جديد
هذا التصور قد لا يوجد به جزء واحد من الحقيقة، فأي عقل بشري يمكنه فعلا أن يتصور جمال الحقيقة وحقيقة الأمر وواقعه،
ولكنه على كل حال يبقى تصور وتوجد بعض أو الكثير من الآيات والروايات التي تدعمه وهو قابل للتصديق أيضا،
وما أجد نفسي مقتنع به فعلا هو أن الله جل جلاله يحبنا أكثر من أنفسنا
ومن غير المعقول أنه سيخلق أو انه قد خلق فعلا آلآف المليارات من الضعفاء أمثالي سواء في كوكب الأرض أو غيره ليستمتع بعد ذلك بحرقهم وتعذيبهم بنيرانه بسبب بعض الذنوب التي أوجد هو بهم ابتداءا قابلية ارتكابها ،، ثم سلط عليهم بعد ذلك من لا يمكنهم مقاومته مهما فعلوا
وذلك بفعل القوى الكبيرة التي امده بها حتى اصبح يجري منهم كجري الدم بالعروق
لا يمكنني أن اتخيل عدل إلهي بل حتى ولا جزء من المليون من العدل والحكمة الإلهية في هذا التصور ،،
ولو أعطاني أحدهم قضيب من النار وأفتى لي بحرق ألد أعدائي به ،، لوجدت في قلبي ما يمنعني من ذلك،،
بل ولوجدت ما يدفعني للعفو عنه أيضا،
فهل أصف الله بما أستنكف أناْ عن الاتصاف به؟
تلك اذن قسمة ضيزى ((أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى () تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى))
الأمر بالتأكيد أجمل من الوصف السابق وأحكم وأجل منه، ولكنني أردت من خلاله أن أقول أو أن أوصل فكرة إمكانية تصور أو تخيّل أن تكون حقيقة العذاب وحقيقة النيران على غير ما نتصورها
ورغم اعتقادي أن حقيقة الأمر قد لا يشبه تماما الوصف السابق لعلاقة النفس العليا الكليّة بالنفس العليّا الجزئية ووعلاقة الأخيرة لتلك النفوس الجزئية او النفوس المطمئنة التي تقع في دائرة رعايتها وتربيتها لها
لكن هذا لا يمنع أنني أجد فعلا أن معنى الكثير من الآيات الشريفة سيمكننا فهمه من خلال هذا الفهم لطبيعة شجرة الخلق بكل ما تحويه من نفوس عليا ونفوس جزئية،
فعلى سبيل المثال سيبرز لنا من هذه الرؤية الكونية الجديدة معنى جديد لليلة القدر ،،
وماذا سيحصل في ليلة القدر من كل سنة،
وهل الاستعداد لهذه الليلة يقتصر على نفس الليلة فقط؟
أم يجب علينا أن نكون مستعدين أو نكون مستنفرين لها طوال السنة ونتوقع قطف ثمار ذلك الإستعداد والإستنفار في هذه الليلة؟
وسيمكننا أيضا أن نفهم او نتصور او نوفّق بين قولهم سلام الله عليهم أجمعين في روايات مختلفة:
لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان
لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا،
((((عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن غير واحد،
عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا:
إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون،
قال : فسُئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟
قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض.)))
فمن خلال هذا الفهم الذي تكلمنا عنه سابقا لن يكون هناك مجال لاعتراض أي إنسان بالقول: كيف يمكنني أن لا ألوم أحد على تلك المصائب التي تنزل أو نزلت علّيّ في الأعوام السابقة وهي يكتبها الله عليّ في ليلة القدر من كل سنة وبدون أن يستشيرني أو يأخذ رأيِ ثمّ ينزلها هو وملائكته على رأسي طوال السنة ،
لن يستطيع احد ان يعترض هذا الاعتراض مع هذا التصور
لأن ما يحدث فعلا هو أن نفسك العليا
أو بلفظ آخر
إنك أنت نفسك ولكن من مستوى وجودي ومعرفي عالي
قد اخترت لنفسك الجزئية التي مستوى وجودها مستوى معرفي داني
كل تلك التجارب التي تريد أن تخوضها معها في كل سنة مضت من حياتها وحياتك
وبحثت حينها لك عن شركاء في العالم العلوي يتقاسمون معك هذه التجربة وعلى أساس أن يخرج كل واحد منكم من تلك التجربة بشعور جديد أو بشعور معين يريد أن يستشعره ويتعلم منه شيء جديد،
والنفس العليا لا تقوم بهذا الأمر بشكل تعسفي فردي
أي لا تقوم بترتيب واختيار تجارب حياتك للسنة المقبلة دائما بشكل تعسفي معك كنفس جزئية،
خصوصا إن كنت ملتفت من يجب عليك أن تسأل أولا،
ومع من يجب عليك أن تبدء بالتنسيق والطلب،
فإذا علمت من الذي سيرفع سؤالك وحاجتك وسيسعى لتحقيقه لك ويضعه في خطة السنة المقبلة، فإنك ستكون على اتصال وسؤال دائم به خلال كل أيام سنتك،
وستعلم في ليلة القدر أن نفسك العليا قد تقدمت بطلبك ،، أو أنها رفعت طلباتك للسنة المقبلة
وأن طلباتك في هذه الليلة هي فعلا بين يدي الذي ربما سيعتمدها كما هي أو ربما سيؤجلها او سيبّدلها ليجعلها مناسبةومتوافقة مع جميع جزئيات الخطة الأمريّة السنوية الكبيرة لجميع النفوس الجزئية في الأرض
وعليه فإننا يجب أن نتقدم بطلباتنا للنفس العليا طوال أيام السنة،
أما في نفس ليلة القدر فإننا يجب أن ندعوا وأن نطلب من رب الملائكة والروح اعتماد وتثبيت ما تقدمت به أنفسنا العليا من طلبات لهذه السنة وعدم تأجيلها للسنة المقبلة،
وحينها ستكون أحداث وتجارب كل سنة من سنين حياتنا هي من تصميمنا واختيارنا،
فإذا علمنا بذلك وآمنّا به وأيقنا منه فإننا سنعيش حالة الرضى والقبول وعدم السخط على كل ما يجري لنا وعلينا،
فحينها فإن الأمر دائما منّا يبدء ،، ولنا بالتأكيد دائما سيعود
وستصبح حالة الرضى التي يأمرنا بالإتصاف بها جميع الأنبياء والرسل والصالحين والعرفاءأمر مؤكد وتحصيل حاصل،
فأنت لا تحتاج لمن يقنعك بأن ترضى أو لأن تتقبل الكدمات والآلآم التي ستشعر بها من خلال مشاركتك في جولة ملاكمة،
أو لأن تتقبل التعب حين تشارك في سباق الماراثون،
أو لأن تستمتع بالخوف حين تشارك في مغامرة ليلية في كهوف الجبال،
ومنه فإن من سيعيش حياته حسب هذا الإعتقاد فإنه سيعيش حياته كلها كمغامرة واحدة متصلة،
وسيجد أن أحداث حياته ستبدء بالتنوع والتبدل،
فنفسه العليا ستستمتع معه حينها،
فمع حالة الرضى سيمكنها حينها أختبار وتذوق مشاعر مختلفة بشكل سريع،
فلا يوجد هناك مقاومة وعناد،
وحينها فلا داعي لتكرار نفس التجربة مرتين،
فمن تجربة الى أخرى الى غيرها الى غيرها الى غيرها،
فما دامت النفس العليا تعرف أن نفس الشعور من التجربة السابقة سيأتيها مرة أخرى من التجربة الجديدة فلماذا ستكررها إذن؟
فستقرر حينها وبلا شك أن تخوض معها تجربة جديدة تستشعر منها ومعها مشاعر جديدة
لكن المهم هنا أن تعيش النفس الجزئية حالة الرضى التام،
فكما أنها لها مطالب فإن للنفس العليا كذلك مطالب،
وهنا حالة الرضى ستخلق حالة التوافق والإنسجام بينهما،
فما دمت تعطيني ما أريد سأعطيك ما تريد،
فمرة لك ومرة لي وتلك الأحوال ((الأيام)) نتداولها فيما بيننا
وبهذا الفهم سيتضح لنا معنى نفس واحدة في قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
فالنفس الواحدة حينها هي النفس الكلية الإلهية، أما زوجها فهو العقل الكلي والذي هو وسط الكل ونهاية المطالب،وهما يبثّان المخلوقات منهما بثّا
فتكون المشكاة هي النفس الكلية ونهاية المطالب والمصباح هو العقل الذي وسطها
وربما لو تأملنا بدقة سنفهم معنى كلمة الله وكلمات الله وأسماء الله فهما آخر،
فالإسم قد يكون شجرة أو ورقة قابلة لأن تكون شجرة،
أما الكلمة فهي دائما فروع الإسم أو فروع الشجرة وحيث ستصطف الأوراق أو الأسماء عليها
وحيث أن الرواية التي تصف الاسم والكلمة واسمائها وأركان أسمائها وأسماء أفعال الأركان هي كذلك تصف نفس المشكاة والمصباح والزجاجة والشجرة والزيت لكن بكلمات مختلفة ومن زاوية فهم أخرى،
فيمكننا أن نقول حينها أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا
إنتبه هنا إلى أن المصباح داخل المشكاة ينظر بنفسه لنفسه من خلال عيون أسمائه الأربعة، وعيون أركانها الإثني عشر، وعيون أسماء أفعال الأركان الثلاثمائة والستون،
فكل اسم فعل يفعل يوجد هناك ثلاثمائة وتسعة وخمسون اسم فعل أخرى تراقبه وتنظر الى صورة فعله،
أمّا هو كمصباح فإنه ينظر إليهم جميعهم، فهو ينظر إليهم من حيث هو، وهو ينظر لنفسه من كل الزوايا من خلال أعينهم، فهو يرى نفسه من السماء من خلال أعينهم، وهو ينظر بوعيه وإحاطته الكلّية إليهم من مركز المشكاة
وإذا استعضنا للتعبير بكلمة المشكاة بدل كلمة الشجرة ،، وذلك من حيث أن كلاهما يتكلمان عن شيء واحد،
فحينها بدلا من أن نقول أنها أشجار خلق مرتبطة جميعها بالشجرة الأم وتصطف حولها وبجانب بعضها البعض الى ما لا نهاية،
سنقول الآن أنها عدد لا ينتهي من المشاكي مرتبطة مع بعضها البعض ومصطفة الى جانب بعضها البعض حول المشكاة الإلهية نور السماوات والأرض،
وعندما نقول أنها عدد لا ينتهي من المشاكي المرتبطة بالمشكاة الإلهية والمصطفة حولها ،، فإننا لا نقصد أنها فعلا لها وجود حقيقي مع نفس المشكاة ومجاور لها،
بل هي نفسها جزء من المشكاة،
وأن نورها هو جزء من نور المصباح الإلهي،
ولكن كل نور جزئي، أو كل شعاع نور من النور الإلهي له وعيه الخاص الذي ينظر ويراقب به صورته الخاصة المنعكسة له عن الزجاجة الإلهية،
كما وأن كل نور جزئي يرى بنفس الوقت انعكاسات صور أفعال واختيارات بقية أجزاء أو بقية اشعاعات النور القريبة منه
إنها مشكاة إلهية واحدة،
وزجاجة إلهية واحدة،
والنور الإلهي وسط الكل،
إنها مشكاة إلهية واحدة،
وزجاجة إلهية واحدة،
والعقل وسط الكُل،
العقل الكلي وسط الكُل؟
ما هو هذا الكل؟
وماذا نستفيد من كلمة الكل؟
وسط الكل ستعني لنا بكل تأكيد أنه محور كل الوجود وقطبه،
فهو سط المشكاة وقطبها،
ووسط الزجاجة وقطبها،
ووسط جميع العقول الجزئية وقطبها
ولكننا قلنا قبل قليل ((أن كل ورقة ستصبح بدورها مشكاة، وتكون كذلك كنفس جزئية عليا هي نفسها أيضا المصباح الذي بها، فهي نفسها المشكاة وهي كذلك هي نفسها المصباح وهي نفسها الزجاجة أيضا))
فكيف سيمكننا أن نوفّق بين قولنا
أن معنى قوله سلام الله عليه أن العقل وسط الكل هو أنه هو المحور والقطب للوجود كله،
وبين قولنا
أن كل عقل جزئي سيكون هو المشكاة والمصباح والزجاجة الخاصة به، أي أنه سيكون محور وقطب وجوده الخاص به؟
وهنا نقول أنه لا يوجد هناك أي تعارض بين القولين،
فقطب الوجود ومحوره أي العقل الكلي هو نفسه هو الموجود في كل مشكاة جزئية،
ولكنه في كلّ مشكاة منها يرى نفسه من زاوية مختلفة،
فكل عقل جزئي هو بمثابة عين من عيون العقل الكلي
ولكنها عين ترى من زاوية مختلفة عن بقية العيون الأخرى ولو قليلا،
فجميع العقول الجزئية هي كلها مجرد عيون للعقل الكلّي ينظر بنفسه لنفسه من خلالها،
فلا يوجد هناك غيره لينظر إليه
فتماما كما أن كل إنسان يرى العالم من خلال عينين ثنتين بشكل أفضل وأتم وذلك لوجود اختلاف بسيط بين ما تراه كل عين منهما،
نعم اختلاف بسيط جدا ولكنه اختلاف مهم في أكمال الصورة وتوضيحها من أمامنا، ولجعلها أكثر وضوحا ودقة وإحكاما،
فإن كان من يرى العالم من حوله أكثر وضوحا ودقة واحكاما من خلال عين ثانية واحدة فكيف الحال بمن كانت كل ذرة من ذرات الوجود هي عين له ومن عيونه
فنحن جميعنا كعقول جزئية نمثّل عيون العقل الكلي،
ولا يوجد هناك عين مخصوصة يمكننا أن نقول أنها هي هذه هي عين العقل الكلي،
فنحن جميعنا عيون للعقل الكلّي ينظر لنفسه من خلالها،
ويعرف نفسه بها،
ويرى فعله بها،
ويشعر بحياته بها،
ويحس بقدرته بها،
ويعلم بعلمه بها،
وهو يعرف نفسه من خلالها من كل الوجوه والاحتمالات الممكنة
هذا هو العقل الكلي،
فهو الخلق كلهم،
وهو جميع احتمالات الخلق الممكنة كلها والتي خلقها الله جميعها دفعة واحدة،
فهو المخلوق الأول،
وهو المخلوق الأوحد،
وهو الذي لا يوجد معه أحد،
ولم يسبقه أحد،
ولن يكون معه أحدا أبدا،
وهو الآن تماما كما كان منذ أن كان
لا يوجد خارجه خارج،
ولا يوجد قبله قبل
ولا بعده بعد،
فهو الزمان وهو المكان،
فكيف لمن هو الزمان أن يسبقه أحد في الزمان؟
وكيف لمن هو الأيام والشهور والسنين أن يسبقه أو أن يليه أحد بأيام أو بشهور أو بسنين؟
وكيف لمن هو المكان أن يكون معه مكان؟
وهذه جزء بسيط من المعاني التي وصف لنا العقل الكلي نفسه حين وصف
فقال:
أنا صاحب الصلوة في الحضر والسفر
بــــــــل نــــــــــحــــــــن الصـــــــلـــــــوة والــــصــــيـــام
والــــلــــيــــالــــي
والأيــــــــــــام
والــــــــــشـــــــــهــــــــور
والأعـــــــــــوام
أنا صاحب الحشر والنحر
أنا الواضع عن أمة محمد الوزر
أنا باب السجود
أنا الــــــعــــــــــابـــــد
أنــــــــــا الـــــــــــمــــــــــخــــــــلــــــــوق
أنـــــــــــــا الـــــــــشــــــــاهد أنـــــا الـــــمـــــــشـــــهــود
أنا صاحب السندس الأخضر
أنا المذكور في السموات والأرض
أنا الماضي مع رسول الله في السماوات
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين