الحقيقة نقطة في بحر الكذب//10
طالب التوحيد: حاول أن لا تستفزني وان لا تتعالى عليّ بالكلام والا ساقسم بأبي المخلوق من أبيك أنني لن يهدء لي بال حتى أنسيك من أنت واستولي على كل كيانك وابقيك في غياهب ظلمات عوالم الخلق لأحقابا و أحقابا كثيرة
كاحون لزم الصمت حينها ولم ينبسّ ببنت شفة، فالسكوت في مثل هذه الحلات من ذهب
طالب التوحيد لزم الصمت بعد ذلك ووقف وقفة المسيطر المتحدي وهو ينظر للأعلى
مرّت لحظات من الصمت لم يقطعها سوى صوت الزوجة قائلة:
حسنا طالب التوحيد، الآن بعد أن عرفت أنك فاني لا محالة وأنك عائد إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك أريدك أن تبقى على وضعك الغاضب أو المسيطر الذي يريد أن يأخذ من الحياة جميع ما يستطيعه قبل أن يحين الموعد الحتمي لانتهاء وجوده غير آبه للنتائج
فلقد اكتشفت للتوا أنّك مخلوق لهدف معين وهو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية وتريد أن تحقق الهدف من وجودك وأن تشعر بالسعادة قدر ما تستطيع قبل أن تفنى وتعدم صورتك ويبطل فعلك ووجودك ويضمحل تركيبك
طالب التوحيد: لا أعتقد أن الأمر من الممكن أن يكون معي بعد الآن بغير هذه الصورة
الزوجة: هذا ما تعتقده، لكن لا بأس بذلك فإنني اريدك أن تبقى على هذا الحال كنفس غاضبة ومتلهفة وساعية للحصول على كلّ وأيّ شيء قد تشعر انه سيسعدها ويرضيها ، أريدك أن تبقى هكذا على الأقل للمرحلة المقبلة من جولتنا وحوارنا وبعد ذلك سيكون أمر آخر
طالب التوحيد: اطمئني، لن يكون هناك أبدا وعلى الإطلاق أيّ أمر آخر
الزوجة: جميل جدا ، وهذا هو بالضبط تمام ما أريد منك الآن أن تكونه فاثبت على ما انت عليه
كاحون: وماذا عني؟
الزوجة وأنت كذلك أيّها المسكين المُستضعف ابقى على ما أنت عليه واستمر بفعل ما كنت تفعله سابقا
كاحون: لكنني لم أكن افعل شيئا بالسابق ، فهو كان من يفعل ويقرر كل شيء ،، ولدقائق سابقة مرت اعتقدت انه قد حان حين فعلي وظهوري على الساحة، لكنه سرعان ما عاد ليستأثر بها مجددا
فهو كان سعيدا طالما كان يؤدي دور الباحث عن المعارف والعرفان والتي يبدوا انها كانت مجرد شهوة من شهواته ونزوة من نزواته أشبعها واستمتع بها ما دام كان يعتقد أنه هو الخالد الباقي وأنه هو المستفيد منها ، لكن بمجرد ان علم عكس ذلك عاد لطبيعته واصله وجنوده وحب تسلطه من جديد
الزوجة: هذا ما تعتقده، لكن لا بأس استمر بما كنت تفعله حتى الآن
الآن سأصحبكما برحلة داخلية ترون بها انفسكما بصورة جديدة
رحلة عقلية في باطن كل واحد منكما وفي باطن البيت الذي يجمعكما
وفي وسط البيت الذي يجمعكما أيضا
كاحون وطالب بصوت واحد: وأنا جاهز لذلك
الزوجة: نعم بالتأكيد أنتما الآن جاهزان لذلك
فأغلقا أعينكما الآن إذن ولا تفتحانها حتى أطلب منكما ان
طالب وكاحون أغلقا عينيهما بكل هدوء وانتظرا أن تطلب منهما ان يفتحاها مجددا
لم يطل الامر بهما كثيرا حتى سمعا ذلك منها ففتحا أعينهما سريعا
لم يريا الكثير حينها
فقط تمثال زجاجي يماثل حجمه حجمهما تحيط به أمواج متحركة وكأنه يلتهب نارا خفيفة
الزوجة: لا بد أنكما تتسائلان الآن أين أنتما وما هو هذا الذي يلتهب أماكما
لن أطيل انتظاركما وسأدخل بصلب الموضوع مباشرة
أنتما الآن بصحبتي في رحلة عقلية جديدة أعمق من الرحلة السابقة
يمكنكما ان تشبهها بالحلم داخل الحلم
أدخلتكما بها لكي أستطيع أن أريكما من خلالها ما لا يمكنكما ان ترياه في درجة الرحلة العقلية السابقة
طالب التوحيد: وكيف يكون ذلك؟
الزوجة: في المرحلة السابقة كنت ترى نفسك وتراني وترى كاحون منفصلين عن بعض
وفي هذه المرحلة سترى نفسك وترانا معك منصهرين في كيان واحد كما وسترى أيضا كل واحد منا داخل هذا الكيان الجامع لنا بشكل منفصل عن الآخر
يبدو أنني لن افهم مرادك الا حين اشاهد ذلك بنفسي
الزوجة: وهذا ما اعتقده أيضا ولذلك أخذتكما بهذه الجولة العقلية الأعمق
كاحون: وما علاقة هذا القالب الملتهب بما وصفتيه لنا؟
الزوجة: انه النار التي ستصهرنا جميعا في كيان واحد
طالب التوحيد: نار!!!!!!!!!
تريدين أن تلقينا بالنار لكي تعلميننا ما تريدين؟
الزوجة: نعم انه النار ،، لكنه ليس نار محرقة كما تتصور بل هو نار جامعة وموحدة للمشاعر والأحاسيس
كاحون: أثرت فضولي بكلامك هذا
الزوجة: يمكنكما اعتباره جسم مصنوع بطريقة معينة تستطيعان سوية أن تلبساه وحينها سيوحّد أحاسيسكما بإحساس واحد فتشعران وتريان وتسمعان بنفس الشكل تماما
او يمكنكما ان تقولا انه مجرد مركبة ستركبانها سوية تستطيعان من خلالها ان تسمعا نفس الاصوات وتريا نفس الصور وتشعران من خلال أجزائه الحاسة بنفس الأحاسيس
طالب التوحيد: قبل أن ندخل به او نستقله كما تقولين أرجو ان توضحي لنا متى سنخرج منه وكيف ولماذا؟
الزوجة: أنت تعرف الآن أنك أنت النفس الحسية الحيوانية، وأنك مخلوق منفصل عن كاحون النفس الناطقة القدسية
وأنك أنت من ترافقه في هذه الكرة من بدايتها حتى نهايتها، وعند انتهاء هذه الكرة فستنفصلان عن بعضكما البعض ليعود كل منكما حينها الى ما منه بدء
فأنت كقوة فلكية نزلت من الأفلاك ستعود بعد الموت إلى الأفلاك التي نزلت منها
(((((فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟
قال: قــــــــــوة فـــــــلـــــــكـــــــيـــــــة
وحـــــــرارة غـــــــريـــــــزيـــــــة
أصـــــــلـــــــهـــــــا الافـــــــلاك
بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية)))))
وكاحون كقوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية سيعود أيضا بعد الموت إلى ما منه بدء لكن عودته تختلف عن عودتك أنت
فعودته هي عود مجاورة وليس عود ممازجة كعودتك
أنت تعرف الآن أنك أنت قرين كاحون
والطريقة التي يتم قرنك بها مع كاحون هي هذه النار او هو هذا النار
وهذه النار لن تحرقكما، بل ستجمعكما وتقرنكما بجسد وشعور وكيان واحد ،، فأنت قرينه وهو قرينك بهذا الكيان الناري الذي مهمته ووظيفته التي صُمِم من أجلها هي أن يجمعكما سوية بكيان واحد وبدون أن يسلب أيّ منكما أيّ من خصائصه الخاصة به ووظائفه المحددة له،
فأنت سيبقى فعلك من خلال هذا الكيان الناري هو الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية
وكاحون سيبقى فعله الوحيد الذي يمكن له أن يعبر عن نفسه وفعله من خلال هذا الكيان الناري هو المعارف الربانية
طالب التوحيد: يبدو أنك تريدين بهذا الوصف أن يرؤف قلبي على هذا الكاحون المسكين الذي لا يملك من أمره سوى أن يتكلم عن الغيبيات والصعبات من المعارف الربانية
الزوجة: لا أريد ذلك أبدا، انني فقط أصف الوضع لكما وللعلاقة التي تجمعكما ،، أمّا ماذا تريد أنت منه وماذا يريد هو منك فلا علاقة لي بهذا الأمر أبدا سوى بالنصح الايحائي بما سيحقق كل منكما غاياته به وليس غاياتي
فأنا لا غاية لي منكما سوى أن تكونا حرين في اختياراتكما وبشكل كامل
وإن نصحت أحدكما فسأنصحه بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة جنوده التي جندته بها ، مع المحافظة طبعا مع كل ذلك على حريّته الكاملة بالاختيار الحرّ من بين جنوده
طالب التوحيد: ماذا سأجني من هذه العملية؟
الزوجة: ستعيش وتتمتع أكثر أيّام حياتك
كاحون: وماذا سأجني أناْ من هذه العملية؟
الزوجة: ستتعلم وتترقى في درجات المعارف طوال حياتك
طالب التوحيد: وهذا النار او الكيان الناري الذي يجمعنا؟
الزوجة: بعد الموت ستنفصلان عنه وتعودان مرة أخرى نفسين أو جزئين منفصلين وتقفان للحساب بعد ذلك هو يعود لمصدره وأنت تعود لمصدرك
أنت كقوة اصلها الأفلاك ستعود للأفلاك وهناك سيتم إعادة تصنيعك من جديد بشكل ومواصفات جديدة تناسب الشخصية الجديدة والظروف الجديدة التي حُكِم على النفس النفس الناطقة القدسية أن تعيشها في الكرة الجديدة بسبب التهائها واكتفائها في الكرة السابقة بمراقبتك وأنت تمارس الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية واستمتاعها معك خلال فعلك لكل ذلك
طالب التوحيد: تقصدين أنني باقي غير فاني؟
الزوجة: نفس النفس أو نفس القوة باقية لكن يعاد تشكيلها مرة أخرى بشكل جديد بعد انتهاء كل كرة من الكرات بما يناسب ظروف الكرة الجديدة
يمكنك أن تشبهها بلبنة البناء ،، فهذه يمكنك أن تكسرها وتطحنها ثم تعود لتعجنها مرة ثانية وتصنع منها لبنة جديدة بصورة جديدة
ثم بعد فترة تكسرها وتطحنها ثم تعود لتعجنها مرة أخرى وتصنع منها لبنة جديدة بصورة جديدة
ويمكنك أن تكرر هذه العملية الى الأبد ،، فالاصل بها ثابت لكن الصورة مختلفة في كل مرة
فأصلك أنت وكاحون ثابتان الفرق أنه يحافظ على ذاكرته واسمه وشخصيته وجميع ما تعلمه
أمّا أنت فتفقد ذاكرتك وشخصيتك واسمك وجميع ما تعلمته وتبدء بالتعلم من جديد في كل كرة جديدة تكرّانها سوية
طالب التوحيد: عندي أسألة كثيرة جدا يزدحم بها عقلي ، لكنني لن استعجل بطرحها كلها الآن، فبالتاكيد أنني سأحصل خلال الرحلة على الكثير من الاجوبة بدون أن أسأل أسئلتها
كاحون: حسنا كيف سنلج في هذه النار؟
الزوجة: أنت ستدخل فيه من يمينه لشماله لتستقر في وسط فص عقله الشمال ومنه ستفكّر وتحرك نصفه اليمين
وقرينك طالب سيدخل فيه من يمينه لشماله ليستقر بفصّ عقله اليمين ومنه سيفكر ويحرك نصفه الشمال
حينها توجه كاحون وطالب نحو النار ليدخلاها ووقفا على جانبيه
وبحركة متناغمة ولِجا به من جانبيه
وبمجرد أن اكتمل ولوجهما سوية به اتقدت نيران النار جميعها وتغيرت الوانها وتحددت درجاتها درجة بعد درجة
أسفلها نار حمراء
فوقها نار برتقالية
ويعلوهما نار صفراء
ويعلوهم نار خضراء
وفوقهم نار زرقاء
وفوقها نار أكثر زرقة
وفوقهم جميعا نار بنفسجية
يتبع إن شاء الله
وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين