*181* وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ

  • Creator
    Topic
  • #2106
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ
    من الذي قال بلسان الجمع وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ؟
    ومن هو الإمام المبين؟
    ومن الذي قال إنّا أنزلناه في ليلة القدر؟
    وما هو المُنزل في ليلة القدر؟
    وكيف نفهم الزمان ومخلوقاته حسب معانى هذه الآيات الشريفة ؟
    هل بدء الزمان بخلق مخلوقات المستقبل قبل مخلوقات الماضي وهم من سيحاولون أن يستكشفون ماضيهم وكيف كانوا وتدرجوا ووصلوا لما هم عليه؟
    أم انه بدء بخلق مخلوقات الماضي وهم من سينطلقون لاستكشاف مستقبلهم وكيف سيتدرجون به معرفيا ووجوديا وكيف سيصبحون؟
    بتعبير آخر هل يستكشف المستقبل أحداث الماضي وتفاصيله عبر صناعتها؟
    أم أن الماضي هو من يصنع أحداث المستقبل وتفاصيله؟
    الأول: دعنا نناقش هذه المسألة انطلاقا منك أنت شخصيا، دع الحديث بيننا يدور عنك أنت وليس عن أي شخص أو شيء آخر غير موجود معنا في هذه اللحظة
    الثاني: وإني على أتم الإستعداد وكلّي آذان صاغية،، فيبدو لي أنك تريد كما قلبت سابقا حياتي رأسا على عقب أن تقلب أيضا الماضي الذي أفر منه نحو المستقبل، إلى مستقبل أنظر منه إلى ماضي قد مضى وانتهى
    الأول: نعم هذا ما سنتكلم عنه اليوم ،، فأنت حتى الأن كنت تردد أن الحاضر هو نتاج الماضي والمستقبل هو وليد الحاضر وما سيتبين لنا بعد قليل هو أن الماضي واللحظة الحاضرة المتجددة هما نتاج المستقبل
    الثاني: لن أتعجب ما لو انك اقنعتني بذلك
    الأول : ومن قال أنني أريد أن أقنعك ، كل ما في الأمر أنني أريد أن أعرض عليك وجهة نظري وأنت حر بأن تقبلها أو أن تتركها وترفضها
    الثاني: وماذا إن رفضتها؟
    الأول: سأحاول أن أفهمها لك بطريقة أخرى ، لأنني أريد أن احدّثك بعد ذلك عن أشياء جديدة وأصفها لك ، وأنت ما لم تقبل بالتي أحدثك عنها وفهمتها وقبلها قلبك وعقلك فلن تستطيع أن تقبل بالجديدة التي أريد أن أحدّثك عنها تاليا ، وحينها ولأنني أحبك كما أحب نفسي سأحاول أن افهمك إيّاها بطريقة أخرى وثالثة حتى تفهمها ويقبلها عقلك وحينها فقط سأستطيع أن أستمر بتبيان ما اعتقده لك
    لكن كما قلت لك قبل قليل من أنني أحبك تماما كما أحب نفسي ولذلك فإنني لن أضغط عليك كثيرا لكي تقبل ما أقوله لك لأنني لا أحب لنفسي أن تكون مجبرة على قبول أي شيء على الإطلاق مهما كان مهماً، واذا استمر رفضك فساتركك فترة حتى تكون جاهزا للقبول والفهم ، وحينها ساعيد المحاولة معك مرة أخرى
    الثاني: وكيف وجدتني حتى الآن؟
    الأول: مممممم ،، أجدك كطير مكسور الجناح بل مكسور الجناحين ، وقدماك مكسورتان ، ومنقارك متدلي أمامك كمنقار النسر حينما يشيب،، لا تكاد تطير حتى تقع، ولا تكاد تقع حتى تطير بسبب جريي خلفك ومتابعتي لك،،
    الثاني: هل هذا مدح أم ذمّ؟
    الأول: هو مدح وذم بنفس الوقت
    مدح لأنك افضل من الدجاج الذي مهما جريت خلفه واستشعر بالخطر فانه لا يفكر بالطيران سوى لبضعة أمتار فقط ثم يعود للأرض من جديد وكأنّ الخطر قد زال وانتهى
    وذم لأنك اتعبتني من الجري خلفك منذ أن عرّفتك بوجودي وتعرّفت عليّ
    ولولا جريي خلفك لكنت قد قنعت بالديدان الأرضية التي لا تستطيع الهرب منك طعام تستطعمه وتلتذ به
    ولتلذذت بشرب مياه المستنقعات الآسنة القريبة منك ، ولعسكرت بجانبها فلم تغادرها أبدا
    الثاني: انني ابذل قصارى جهدي كما تعرف
    الأول: إنّ من لا يملكون عُشْرَ جزء من أجزء ما تحصل عليه أنت من المساعدة يبذلون عشرات أضعاف الجهد الذي تبذله أنت،، فأنت بك ضعف بهمتك وتبطّر بالنعمة، وبك تعلق ببعض خبائث هذه الدنيا التي لو انك تركتها فإن طريقك وسرعتك ومدى ارتفاعك في الطيران سيتغير، فبسبب تلك التعلقات أنت لا تكاد تطير حتى تقع بإرادتك مرة أخرى
    فلنترك الآن الحديث عنك وعن ضعفك ، ونعود لما عقدنا هذا اللقاء من أجله، فانت قضية شبه ميؤوس منها حاليا لكن عسى الله ان يتوب عليك ويبدو له فيك أمرا فيبدل حالك من حال سوء إلى أحسن حال
    وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ // لنبدء حديثنا من هذه الآية الكريمة التي يخبرنا الناطق بها أن في هذا الإمام المبين قد أحصى به هو ضمن مجموعة علم كل شيء كان ويكون وسيكون
    فلقد تكلم بلسان مجموعة هو واحد منهم فقال //وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ// وهذا القول والفعل منهم يدل على أن ما أحصوه من علم كل شيء في الامام المبين كان عندهم قبل أن يحصوه فيه
    ويحصوه فيه معناها أنهم جمعوه وأودعوه فيه،، فالإمام المبين يستقي علمه منهم ،، وهم يسقونه من علمهم،، فعلمه بكل شيئ أحصوه فيه يدل على أنهم يعلمون أيضا بكل شيء
    لكن كونهم مجموعة متعددة الاطراف لا يساعدنا على الوصول لمعنى التوحيد الحقيقي ،، فالتوحيد الحقيقي يجب أن ينسب كل علم وفعل وقدرة وحياة ومشيئة لمصدر حقيقي واحد فقط لا غير، وهو من تنتهي مقاليد كل شيء عنده
    الثاني: فمن هو هذا المصدر؟ وما هي صفته؟
    الأول: إنه المعنى الذي أبدع هذه المنظومة النورانية كلها،، وأقصد المجموعة المتكلمة وليلة القدر والذي أنزلوه بها وأحصوا به علم كل شيء
    الثاني: عقلي وخيالي يعتمدان كما تعلم على الصور والمفاهيم العقلية لكي يفهم ويتصور المعاني الخفية ، فهل لك أن تقرب لي ما وصفته بصورة عقلية يستطيع عقلي وخيالي أن يحيط بها
    الأول: سأحاول ذلك لكن أريد منك التركيز معي أكثر من قليلا
    الثاني: لك ذلك على قدر استطاعتي واحتمالي
    الأول: أريدك بخيالك أن تلغي من عقلك وخيالك الأن كل شيء تراه ورأيته،، حتى نفس وجودك أنت يجب أن تلغيه،، حتى العدم لا وجود له فلا يوجد أي شيء على الاطلاق بشكل مطلق، لأن أي شيء تتخيله لا بد أن يكون مخلوق يحتاج لخالقه
    فقط المعنى له وجود ، وصفة هذا الوجود ليس كصفة الوجود الذي نعرفه ونفهمه
    فهو وجود خارج الزمان والمكان الموجودان المخلوقان
    وصفات وجوده ليست كالصفات التي نعرفها ونفهمها ونستطيع أن نعبر بالكلمات والالفاظ عنها
    فقط المعنى والمعنى فقط، وأي صفة لا يمكننا أن نصفه بها،، كل ما يمكننا انه نفعله هو ان نسلب عنه الصفات اي ننزهه عن الصفات
    فهو: لا إسم له ولا رسم
    يعرف نفسه ولا يحتاج لاسم يعرف نفسه به
    الثاني: ومتى كان هذا؟
    الأول: قبل القبل وقبل الأين
    يعني قبل الــ كان وقبل المكان، فقط هو وهو فقط
    أحــــــــــــــــــــــــــــــبّ المعنى أن يخلق لنفسه عين يرى نفسه بها حضوريا على كل صورة
    فأبتدع بالــــــــــحـــــــــب مــــــــــــــــشــــيـــــئــــة ممسوسة به ليخلق بها تلك العين
    والعين هي الدائرة أو المشكاة، والمشيئة هي النقطة او المصباح
    أبدع مشيئته ، ولكي تخلق مشيئته تلك العين فإنها خلقت أوّل ما خلقت اثني عشرا نورا هي أوّل صادر يصدر من مشيئته
    فالمشيئة هي الابداع الاول والنور الاثني عشري هو المخلوق او الصادر الاول منها، والهدف من اصداره له هو خلق تلك العين
    فلولا أن المشيئة الأولى المبدعة إبداعا لا من شيء ارادت أن تخلق العين لما خلقت أو صدر منها النور الأول
    فالنور الأول الاثني عشري مخلوق من أجل هدف خلق تلك العين
    العين مدورة ، ولكي يخلق النور الإثني عشري الصادر الأول من المشيئة الاولى تلك العين بشكل مدور فإنه سينطلق من مركزها مشكلا وبشكل متساوي ومتناسق إثني عشر محور جميعها تنطلق من مركز واحد مشكلة خلال حركتها حدود تلك العين الدائرية، والتي لا حدود لها تحدها
    تلك المحاور الاثني عشر كلها تنطلق من نقطة مركزية واحدة هي مصدر أنوارهم جميعهم
    وهذه النقطة التي لا ظهور لها الا بنفس تلك الانوار هي المشيئة الأولى
    يمكنك أن تقول أن المشيئة الأولى هي نور القدرة
    كما ويمكنك أن تقول أن تلك الانوار الصادرة منها هي أنوار العظمة
    عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ‏ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
    قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ نُورِي ((نور العظمة))ـ
    ابْتَدَعَهُ مِنْ نُورِهِ ((المشيئة)) وَ اشْتَقَّهُ مِنْ جَلَالِ عَظَمَتِهِ
    فَأَقْبَلَ ((نور العظمة)) يَطُوفُ بِالْقُدْرَةِ ((بالمشيئة)) حَتَّى وَصَلَ إِلَى جَلَالِ الْعَظَمَةِ فِي ثَمَانِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ((إكتملت العين النور الظّلّي وهي جلال العظمة))ـ
    ثُمَّ سَجَدَ لِلَّهِ تَعْظِيماً ((نور العظمة سجد لله تعظيما))
    فَفَتَقَ مِنْهُ نُورَ عَلِيٍّ ع
    فَكَانَ نُورِي مُحِيطاً بِالْعَظَمَةِ ((نور العين الظّلّي محيطا بنور العظمة الظلال))ـ
    وَ نُورُ عَلِيٍّ مُحِيطاً بِالْقُدْرَةِ ((محيطا بالمشيئة))
    ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ وَ اللَّوْحَ وَ الشَّمْسَ وَ ضَوْءَ النَّهَارِ وَ نُورَ الْأَبْصَارِ وَ الْعَقْلَ وَ الْمَعْرِفَةَ وَ أَبْصَارَ الْعِبَادِ وَ أَسْمَاعَهُمْ وَ قُلُوبَهُمْ مِنْ نُورِي ،، وَ نُورِي مُشْتَقٌّ مِنْ نُورِه‏……بقية الرواية
    فالعظمة باطنها القدرة
    وظاهر القدرة هو العظمة
    وبما أن تلك الأنوار صدرت من تلك المشيئة او من نور القدرة
    فإن نفس المشيئة أو نور القدرة ستكون مكنونة بنفس انوار العظمة الاثني عشر المخلوقة منها
    المشيئة الاولى مبدعة قبل خلق العين ، وقبل خلق تلك الانوار الاثني عشر
    وتذكّر أن العين التي نتكلم عنها هنا هي نفسها ليلة القدر
    تلك الأنوار أكملت مهمتها بخلق تلك العين المدورة أو ليلة القدر
    والمشيئة كانت بمركزها او بوسطها ، فلذلك من حقها أن تقول إنّا أنزلناه في ليلة القدر
    فوجود الذي أنزلوه بها موجود قبل وجودهم كأنوار
    وقبل وجود تلك العين التي خلقوها من أجل أن يُنزلوه بها
    فالمشيئة الأولى او النقطة قبل خلق العين لم تكن منزّلة في أي شيء
    فلا يوجد في البين غيرها،، يعني لا يوجد مُنزِّل ولا منزَّل بها
    فالنقطة لم تتحرك من مكانها أبدا في عملية تنزيلها
    إنما انوارها صدرت منها وتشكلت حولها بصورة عين دائرية
    فاكتملت عملية التّنزيل بها
    ولولا نية المشيئة أن يخلق العين إبتداءا لما خلق أنوار العظمة
    ولولا انوار العظمة لما خُلِقت العين التي أحاطت بها
    ولولا المشيئة لما خُلقت أنوار العظمة
    ولا العين التي احاطت بتلك الأنوار
    ولولا أنوار العظمة لم تُنزّل المشيئة في مركز العين وليلة القدر
    فالمشيئة بهذا الوصف هو النقطة وهو أيضا الخطّة ((الخطّة هي الدائرة)) وكذلك هو نفسه النور الاثني عشري أولهم وأوسطهم وآخرهم
    ولأنه في وسط العين ومركزها فإنه أقرب لسوادها من بياضها
    فالمصباح وسط الزجاجة ((والزجاجة هي ظله وهي سواد العين))ـ
    والمشكاة تحيط بظله أو بالزجاجة وهي بياضها
    فالبياض يحيط بالسواد أو بالظل
    والاسم المكنون مكنون بالسواد أو بظله
    فـ بسم الله الرحمن الرحيم هي ظل الاسم المكنون
    والاسم المكنون مكنون بحروف بسم الله الرحمن الرحيم
    والاسم المكنون هو نقطة الباء
    قال الامام العسكري (عليه السَّلام): بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أقرب الی اسم الله الاعظم من سواد العين الی بياضها…إنتهى
    ((وَ هَذَا رَجَبٌ الْمُرَجَّبُ الْمُكَرَّمُ الَّذِي أَكْرَمْتَنَا بِهِ أَوَّلُ أَشْهُرِ الْحُرُمِ أَكْرَمْتَنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ يَا ذَا الْجُودِ وَ الْكَرَمِ فَنَسْأَلُكَ بِهِ وَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ الَّذِي خَلَقْتَهُ فَاسْـــــتَــــقَــــرَّ فِــــي ظِــــلِّــــــكَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْكَ إِلَى غَيْرِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ وَ تَجْعَلَنَا مِنَ الْعَامِلِينَ فِيهِ بِطَاعَتِكَ وَ الْآمِلِينَ فِيهِ لِإِجَابَتِك‏))ـ
    فالاسم المكنون وهو النور العلوي مستقر في سواد العين
    وسواد العين هو ظله وهو النور المحمدي الكلمة التامة
    فــ بسم الله الرحمن الرحيم هو ظله الذي استقر به وهو النور المحمدي
    وبياض العين هـــــــــــي نوره الذي أزهرت السماوات والارض من نــــــــــــورها
    وهي الزهراء ومقام النور الفاطمي
    الثاني: فلنتوقف هنا لو سمحت واعطني الفرصة ليوم او يومين أتفكر خلالها عميقا بهذا الوصف واقارنه بمضامين ما يتوفر تحت يدي من النصوص المعصومية
    الأول: لا بأس بذلك، نعود اذن من جديد لما اجتمعنا لأجله اليوم وهو معرفة هل المستقبل مخلوق قبل الماضي وهو من يخلقه ويسببه؟
    أم أن الماضي مخلوق قبل المستقبل وهو من يخلقه ويسببه؟
    الثاني: نعم نعم لنعد إليه ، فإنني متشوق لانقلاب المفاهيم
    الأول: بما أننا قد تكلمنا عن العين التي خلقها المعنى بالمشيئة لكي يرى نفسه بها حضوريا على كل صورة ممكنة فيمكننا أن نبدء بالقول أن عِــــــــــلــــــــم الماضي والحاضر والمستقبل كله مخلوق وموجود ومحصي الأن في تلك العين ومنذ بدء خلقها
    لم يزيد عـــلــــيـــه شيء ولم ينقص مــــــــنه شيء على الاطلاق
    فالمعنى عندما أحب وشاء، تحقق له مباشرة ما أحبه بدون زيادة ولا نقصان
    فلا الذي مضى من الاحداث انقضى وانعدم
    ولا الذي سيأتي منها ظهر أو سيظهر أو ينوجد بعد أن لم يكن موجودا
    فـ -((كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ))ـ
    فالإمام المبين محصي به علم كل شيء كان منذ الأزل وكائن الأن او سيكون للأبد
    فمعنى الزمان بالنسبة للإمام المبين يختلف عن معناه المتدرج والمتصاعد الذي نفهمه نحن
    فكل الاحداث حاضرة عنده كلحظة واحدة لا ثانية لها
    أما بالنسبة لنا فإننا دائما نعيش اللحظة الثانية فقط
    ولذلك اسمها ثانية
    فنحن هم اللحظة الاولى المتكثرة
    وشعورنا بالزمان هو بسبب اننا نشعر فقط بهذه اللحظة الثانية لتكون هي اللحظة الأولى حين نعيشها
    ومنها ننطلق للحظة الثانية
    والتي ستصبح حينها الاولى
    ومنها ننطلق للثانية مرة أخرى وأخرى وأخرى،،
    فكما لا يوجد سوى الواحد المتكثّر
    أو الواحد ومضاعفاته
    1+1+1+1+1
    فأيضا لا يوجد سوى ثانية+ثانية+ثانية
    ومن مفارقات اللغة أن بالانجليزي يطلقون على الثانية الزمنية كلمة
    second
    و جمعها seconds
    و
    second
    تعني أيضا الثاني او الثانية
    لنرى الأن كيف بدأت عملية الخلق بعد أن خلق الاسم الاعظم الامام المبين الذي يعيش كل أحداث الوجود كلحظة واحدة لا ثانية لها
    ولهذا الهدف سنرجع لهذه الرواية الشريفة
    عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص أَوَّل شَيْ‏ءٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ؟
    فَقَالَ نُورُ نَبِيِّكَ يَا جَابِرُ خَلَقَهُ اللَّهُ ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ كُلَّ خَيْرٍ
    ثُمَّ أَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مَقَامِ الْقُرْبِ مَا شَاءَ اللَّهُ
    ثُمَّ جَعَلَهُ أَقْسَاماً
    فَخَلَقَ الْعَرْشَ مِنْ قِسْمٍ
    وَ الْكُرْسِيَّ مِنْ قِسْمٍ
    وَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ وَ خَزَنَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ قِسْمٍ
    وَ أَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْحُبِّ مَا شَاءَ اللَّهُ
    ثُمَّ جَعَلَهُ أَقْسَاماً
    فَخَلَقَ الْقَلَمَ مِنْ قِسْمٍ
    وَ اللَّوْحَ مِنْ قِسْمٍ
    وَ الْجَنَّةَ مِنْ قِسْمٍ
    وَ أَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْخَوْفِ مَا شَاءَ اللَّهُ
    ثُمَّ جَعَلَهُ أَجْزَاءً
    فَخَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ الشَّمْسَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ الْقَمَرَ وَ الْكَوَاكِبَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ أَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الرَّجَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ
    ثُمَّ جَعَلَهُ أَجْزَاءً
    فَخَلَقَ الْعَقْلَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ الْعِلْمَ وَ الْحِلْمَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ الْعِصْمَةَ وَ التَّوْفِيقَ مِنْ جُزْءٍ
    وَ أَقَامَ الْقِسْمَ الرَّابِعَ فِي مَقَامِ الْحَيَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ
    ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الْهَيْبَةِ فَرَشَحَ ذَلِكَ النُّورُ وَ قَطَرَتْ مِنْهُ مِائَةُ أَلْفٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفَ قَطْرَةٍ
    فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ قَطْرَةٍ رُوحَ نَبِيٍّ وَ رَسُولٍ
    ثُمَ‏ تَنَفَّسَتْ‏ أَرْوَاحُ‏ الْأَنْبِيَاءِ فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ أَنْفَاسِهَا أَرْوَاحَ الْأَوْلِيَاءِ وَ الشُّهَدَاءِ وَ الصَّالِحِينَ……إنتهى
    فالله خلق كما بيّنا عين واحدة بها كل الزمان بمستقبله وماضيه
    والملائكة المقربين والكروبيين والانبياء والصالحين مخلوقين من البدء بدرجة الكمال و شبه الكمال
    يعني هم المستقبل الذي نسعى للوصول إليه بسعينا الدائب للوصول لكمالنا
    وهم كأنفس عليا كاملة أو شبه كاملة يتنفسوننا من أنفسهم كما تقول الرواية وتقول هذه الاية:ـ
    سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِــــنْ أَنــــــفُـــــسِـــــهِــــــمْ وَمِــــمَّــــــا لا يَــــــعْــــلَـــمُـــونَ
    فيزفروننا كأنفاسهم في هذه الحياة الدنيا تحت القبب ثم يعودون لشهيقنا منها مرة أخرى ، ثم يزفروننا فيها ويشهقوننا منها مرة أخرى واخرى واخرى
    لكي يعرفوا تفاصيل ماضيهم وكيف كانوا وكيف وصلوا للكمال الذي هم فيه
    فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَـــــهُـــــمْ فِـــــيـــــهَـــــا زَفِـــــيـــــرٌ وَشَـــــهِـــــيـــــقٌ
    فنحن كأنفاسهم التي يزفرونها تحت القبب ثم ويشهقونها منها نُعتبر عيونهم التي يرون بها ماضيهم الذي أوصلهم لكمالهم
    فأنفاسهم ترى الزمن حين تخلقه أو حين تبرأه من الماضي للمستقبل
    مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِـــي كِـــــتَــــاب مِــــــن قَــــــبْــــــلِ أَن نَــــبْـــــرأهَـــــا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
    فهم ((أنفسنا العليا)) من خلالنا نحن أنفاسهم يرون تفاصيل ومراحل ماضيهم المحصية كلها في الامام المبين والكتاب المبين
    فنفسك العليا سواء كانت من الملائكة المقربين أو الكروبيين أو من الانبياء والصالحين هي نفسها أنت
    لكنها أنت المستقبلي الكامل الذي تتمنى وتسعى لأن تصل لها ولدرجتها
    وأنت حاليا هو نفسك أنت نفسك العليا الكاملة المستقبلية
    لكنك في هذه الكرّة وكأحد عيونها الكثيرة أو انفاسها الكثيرة ترى وتعيش حضوريا صور مرحلة واحدة من صور مراحل ماضيها الكثيرة
    فنحن كأنفاس مطمئنة نصنع مستقبلنا الموجود حاليا والمخلوق منذ البدء
    ومستقبلنا يرى بنفسه كيف صنعت وكيف تصنع أنفاسه المطمئنة مراحل المستقبل
    فهي كنفوس عليا مستقرة في الجنة بالنسبة لنا كالنخل الذي في الجنة
    ونحن كنفوس ناطقة قدسية أو نفوس مطمئنة ترجع لها دائما راضية مرضية
    إنما نحن أنفاسها التي تتنفسها على الدوام في عملية زفير وشهيق مستمر
    والرطب الذي تنتجه النخلة من جديد في كل عام وتأكله نفوسها المطمئنة يستبطن ظروف الكرات التي ستعيشها النفوس المطمئنة
    وبالنار أو بالحرارة العالية تكتمل الاحداث في أيّام وشهور وسنين كل كرة من الكرّات وتنضج حتى تبلغ منتهاها
    تماما كما ينضج الرطب ويكتمل تكوينه ومكنون ثمره مع أقصى درجات الحرارة في الشهر الثامن والتاسع من كل عام
    والنفس المطمئنة عندما تعود للنخلة وقبل كل كرة جديدة تكرها ستأكل رطبة من رطب نخلتها التي تتنفسها ، أو نفسها العليا التي تتنفسها ، لتنزل بعدها وتعيش تحت القبب جميع صور أحداثها المستودعة في تلك الرطبة
    يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ () ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً () فَادْخُلِي فِي عِبَادِي () وَادْخُلِي جَنَّتِي
    وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
  • The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.