سؤال : بأي نية أدعوا بدعاء الفرج وأكون فعلا أدعوا بتعجيله؟
جواب:
أغلب الناس تدعوا لتعجيل الفرج بالظهور المبارك لكنهم فعلا يدعون لتأخيره
والسبب هو جهلهم بأمر اليمين والشمال
ومن هو اليمين ومن هو الشمال
وماذا ينتظر اليمين لينزل
وماذا ينتظر الشمال ليقوم ويظهر
رواية قصيرة للامام الباقر عليه السلام بتدبر معانيها وألفاظها سيتبين لنا ان شاء الله النية الصحيحة حين الدعاء بالفرج
عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ ع مَتَى يَكُونُ فَرَجُكُمْ؟
فَقَالَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ
لَا يَكُونُ فَرَجُنَا
حَتَّى تُغَرْبَلُوا
ثُمَّ تُغَرْبَلُوا
ثُمَّ تُغَرْبَلُوا
، يَقُولُهَا ثَلَاثاً ،
حَتَّى يَذْهَبَ الْكَدِرُ
وَ يَبْقَى الصَّفْوُ……..إنتهى
الإمام الباقر عليه السلام ربط موعد أو أوان حلول الفرج بذهاب الكدر وبقاء الصفو
ومن سورة الواقعة المباركة يتبين لنا وبشكل واضح جدا أن الصفو هم أصحاب اليمين
وأن الكدر لا بد أن يكونوا هم أصحاب الشمال
ويدل على ذلك ايضا نفس عملية الغربلة
فمن الغربلة يريد الانسان أن يأخذ الصفو من أي شيء يقوم بغربلته ، والصفو تعني القلة القليلة التي ستبقى في الغربال
وهذا المعنى يتناسب مع كون الصفو هم فقط ثلتان من الاولين وقليل وثلة من الآخرين
وقوله سلام الله عليه حَتَّى تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا ثُمَّ تُغَرْبَلُوا يدلنا على وجود المغربل ووجود الغرابيل
والغرابيل كلها بيد المغربل
وهو من يهزها ويحركها ويقلب ما فيها تقليبا ثم يهزها ويقلبها
ثم يعود ويضع ما غربله سابقا في غربيل آخرى أدق
ثم يبدء يهز من صفّاهم بالغربيل السابق داخل هذا الغربيل الجديد
فيقلبهم ويهزهم
ويقلبهم ويهزهم
حتى يسقط منه خلق كثير ولا يبقى منهم الا القليل فقط
ثم يعود ويعيد الكرة على القليل المتبقى من الغربال الاخير بغربال أدق منه
وهكذا سيستمر المغربل بغربلة المتنافسين بغرابيله حتى لن يبقى في الغربال الأخير الا العدد المطلوب بالضبط
يعني لا أكثر بواحد ولا أقل بواحد
فالمفروض في المنافسات دائما ان الفائزين فيها لا يزيدون واحد ولا ينقصون واحد
فالمنصات مصممة منذ البداية تماما على عدد الفائزين المقررين
والجوائز والميداليات ايضا يتم تجهيزها تماما على عدد الفائزين وحسب درجاتهم
وغالبا بعد توزيع الجوائز على الفائزين يقيمون حفلة ترفيهية لترفيه الجميع ومن ضمنهم الخاسرين أيضا
لكن يمكنك أن تتخيل من الذين سيكونون فيها أكثر السعداء والمبتهجين
عند التدقيق في هذه الرواية يتبين لنا أن أهم شخصية تم الايماء لها فيها هو نفسه المغربل للمتنافسين
اذهب وابحث في جميع الروايات لن تجد اثرا للمغربل فيها ابدا
نعم ستجد حديثا كثيرا عن الغربلة واكثر منه عن الغرابيل
لكن نفس المغربل لن تجد له ذكرا صريحا بعنوان المغربل
لكن مع التدقيق ستجد ان ذكره موجود في كل مكان لكن باسماء أخرى مختلفة
فهو من يدير المنافسة من اولها لاخرها وعملية الغربلة واساليبها موكلة له ولفريقه الذي يساعده
و اتماما واحكاما لعملية الغربلة فإن المغربل من حقّه ان يخفي نفسه وفريقه المساعد له باي طريقة يشائها وتحت اي عنوان يشائه
وهذا هو تمام ما فعله
فان بحثت عنه بعنوان المغربل فلن تجده ابدا
لكن ان بحثت عنه بعنوان المضل او الهادي أو المبتلي فستجد ان اسمه هو الله
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ
أَفَلا تَذَكَّرُونَ
————-
فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ
وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ
أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ
وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً
——————
وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ
————–
قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
————
مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
فالله المضل والهادي والمبتلي في هذه الأيات وفي غيرها من الآيات الكثيرة له علاقة مباشرة وتماس مباشر مع المتنافسين
فهو مرة يضل حسب الاستحقاق
ومرة أخرى وأيضا حسب الاستحقاق يهدي
فهو وسطهم ومسلط عليهم
لكنه وبنفس الوقت اخفى نفسه وفريقه عنهم
أمّا فريقه فتجد ذكر علاقتهم في القرآن الكريم بعملية الغربلة في عدة مواضع مثل:
وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ
———————-
وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
——————-
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ
كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
—————–
ومثل هذا كثير جدا في القرآن الكريم ولا تحتاج لتفهمه سوى ان تقرء بتمعن بغرض الفهم والتدبر وليس فقط لتحصيل الثواب وزيادة عدد الحسنات التي سرعان ما ستحرقها بنفسك بسبب انخراطك في الغرابيل أو الفتن التي تعودت أن تلقي بنفسك وبارادتك وسطها
—-
فنحن في منافسة والمسؤول عن غربلة المتنافسين هو الله في الأرض وفريقه الذي يعمل معه وبأمره
من هو الله في الأرض ومن هم فريقه؟
انهم التسعة عشر
انهم النار واصحابه الثمانية عشر
انهم خليفة الله في الأرض واصحابه الملائكة الثمانية عشر
أنهم المسؤولون عن عملية الغربلة
عن عملية تمييز الخبيث من الطيب
او عملية فصل الكدر عن الصفو
لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
فعملية التمييز بين الخبيث من الطيب ستكون الباب للفرج الذي ندعو به
فما هو الفرج خسب فهمنا الدارج له؟
الفرج هو قيام دولتهم دولة الحق وظهور أمرهم وفضلهم في الأرض علنا بعد ان كان مستورا
ما هي مميزات المقيم في دولتهم؟
انها
الاموال الكثيرة
والأمن والسلام
والراحة
والاستقرار
والتمتع بخيرات الأرض
والعلوّ في الأرض على الكافرين , وووو
لو تلاحظون أن مميزات دولتهم دولة الحق هي نفسها نفس الغرابيل التي كانوا يغربلون بها ويفصلون بها الكدر عن الصفو
فالذي يريد دولتهم من أجل تلك المميزات التي سيتمتع بها في دولتهم فإنه لم يخرج بعد من عملية الغربلة
كل ما في الأمر أن الغربلة قبل قيام دولتهم دولة الحق كانت قائمة على سلب تلك المميزات
أمّا في أيّام دولتهم دولة العدل فغربلتهم ستقوم على الافاضة والاشباع من كل ما سلبوه منهم في السابق وغربلوهم به
فلذلك لا يمكن القول أن عملية الغربلة قد انتهت عند قيام دولتهم
فعملية الغربلة لا تزال مستمرة وقائمة
لكن تبدلت صورتها وزاد خفائها وصعوبتها أضعاف مضاعفة عن السابق
ان لم تعرف أمرهم من القرآن بهذه الصورة فإنك لن تتنكب الفتن
ولذلك لا يمكن القول أن الفرج الحقيقي الذي يجب ان تدعوا له وتسعى له هو فقط بقيام دولتهم دولة الحق وان تكون طرف فاعل بها
فما دمت في هذه الأرض فأنت لا تزال في حلبة المنافسات ووسط الغرابيل ولم تخرج منها
فلذلك فالفرج الحقيقي بالنسبة لك ويجب ان تتوجه له وتسعى له لا يكون الا بالخروج من حلبة المنافسات نهائيا
وذلك يعني ان يجب أن تدعوا بالفرج وتسعى للفرج وتنتظر الفرج لأن تكون من اصحاب اليمين وتنتظر اليمين لينزل وياخذك خارج حلبة المنافسة
وان ارجعك إليها بعد ذلك فسيرجعك لها ناطقا باسمه وضاربا بيده ومُظهرا ومَظهرا لجماله وهيبته وناطقا بلسانه وحكمته
يعني سيرجعك لها ووسط المتنافسين لكنك لن تكون منهم حينها
بل ستكون سيدا ومهيمنا ومتفضلا عليهم في كل وقتك
فأنت لم تعد تمثّل نفسك بعد اليوم الذي اصبحت فيه من اصحاب اليمين او من المقربين منه
بل سفيرا له بين شعبه وناطقا بينهم باسمه
ان ارادوا ان يتوجهوا له بسؤال توجهوا به لك فتجيبهم
وان احتاجوا لأمر توجهوا به لك فتقضي لهم حاجتهم
الروايات تقول انك حين تصبح من اصحاب اليمين فستقضي بين الناس بل وبين الملائكة أيضا
فعندما تقول اللهم عجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
فلا اقل من ان تكون متوجها بالدعوة لنفسك بأن تكون من الصفو الذين سيتم اصطفائهم واخراجهم من حلبة المنافسة كمتنافسين
عجل فرجهم بتصفيتي
وعجل فرجي باصطفائي
عجل فرجهم بقيام دولتهم
وعجل فرجي باصطفائي ثم ارجاعي لهم كواحد من اصحابك والمقربين منك
أغلب الناس غير متوجهة لهذه المعاني
ولذلك فإنهم يدعون بلسانهم لكن نيتهم الحقيقية تقلب دعوتهم عليهم
فهم يدعون بتعجيل الفرج لكن نيتهم الحقيقية هي طلب العلوا في الأرض للاستمتاع فيها وليس للخروج منها
ولذلك فدعائك بالفرج ما لم تكن نيتك منه ان تكون من الصفو الذين سيتم اصطفائهم وتنجيتهم من جهنم وأهل جهنم ، وكان قصدك منه ان تكون من الذين سيعلون في الارض في ايام دولتهم
فإن نفس دعائك بالفرج لهم ولك سيمركزك وسط الفتن والغرابيل بدل ان يخرجك منها