*54* المراقبون

  • Creator
    Topic
  • #1345
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلي على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    —-المراقبون—-

    من يعرفني سابقا يعرف انني كثيرا ما أتكلم عن النفس العليا وكيف أن الانسان يمكنه ان يبني علاقة ثقة مع نفسه العليا فيستفاد حينها روحيا ومعنويا بشكل أكبر

    قبل فترة حوالي شهرين كنت أحاور نفسي العليا فقلت لها أنكِ يجب ان يكون لك شكل ما وان يكون لك كذلك اسم أيضا،،  فهلا اريتني صورتك وعرفتني اسمك،، وفعلا وبشكل مفاجئ وكانما حصل تداخل بالبث في عقلي أنقطعت الصِور التي كنت أراها وحل محلها صورة واحدة ثابتة وكأنها صورة شخصية ،، الصورة كانت تشبه لحد كبير الصورة التالية لكن العينين كانتا أكبر بشكل ملحوظ وواسعتان وشكلهما بيضاوي تقريبا

    بحثت بدوري عن هذه الصورة في الانترنت وما يتعلق بها فوجدت انها منتشرة وتخص مخلوقات فضائية ،، ووجدت كذلك أن هذه المخلوقات الفضائية كانت معروفة للشعوب السابقة وأن لها جذور في الديانة المسيحية والديانة اليهودية وغيرها من الديانات ويطلقون عليهم اسم المراقبون

    THE WATCHERS

    وهؤلاء المراقبين كما يبدو لي من خلال تتبعي لهم وللقصص والاعتقادات التي تدور حولهم أنهم ليسوا فقط مراقبين محايدين لكنهم هم المسؤلون كذلك عن كل الاحداث المصيرية التي حدثت على الأرض منذ أن خُلقت الأرض وحتى اليوم وإلى ما شاء الله

    بل انهم كذلك هم من يحددون مدى تداخل قصص حضارتنا الارضية مع قصص حضارات بقية الكواكب،ـ

    فعلى سبيل المثال أعتقد ومعتمدا بذلك الاعتقاد على بعض التفاصيل التي وردت في كتاب إنكي المفقود وخصوصا من خلال دور جالزو في القصة والذي يشبه الى حد كبير الدور الذي كان يؤديه العبد الصالح المذكور في القرآن الكريم في قصة الارض ،، والذي كانت صفاته البدنية المذكورة في الكتاب تشبه أيضا والى حد كبير صفات العبد الصالح (الخضر) البدنية الموجودة في بعض الروايات الاسلامية ،،ـ

    المهم انني بسبب ذلك التشابه في الشكل والوضيفة اعتقد أن هؤلاء المراقبين هم من رتبوا الاحداث على كوكب نيبيرو بحيث أن سكانه وصلوا للأرض حين ضاقت بهم السبل فاتصلت قصتهم بذلك الوصول للأرض بقصة الأرض وبحضارة الأرض

    فأصبحت القصتان حينها قصة واحدة

    فهم كانوا هناك وجاؤوا هنا بسبب بحثهم عن حل لمحنة صعبة كانوا يعانون منها

    ثم رجعوا أخيرا لهناك وتركوا خلفهم هنا من سيؤدي تلك المهمة التي لا زال كوكب نيبيرو بحاجة اليها ((أي جمع الذهب)) بصمت

    فهؤلاء المراقبون الذين جالزو هو أحدهم هم من رتبوا حسب القصة تلك الاحداث المفصلية التي ادت الى استمرار الحياة على كوكب الارض

    وهم لا يزالون هم من يرتبون الأحداث المفصلية عليه وعلى كوكب نيبيرو أيضا وبكل تفاصيلها الرئيسية أوّل بأول

    طبعا هؤلاء المراقبين الذين نتحدث عنهم هم من بُعد آخر وليسوا من بُعدنا هذا الذي نعيش ونتحاور به، يعني لو وقف احدهم أمامنا حاليا وهو في بعده فإننا لن نراه ما لم يُظهر نفسه طواعية لنا عبر دخوله او انتقاله لبعدنا

    وهؤلاء المراقبين لهم علاقة بشكل ما بجميع الانبياء والرسل ومعجزاتهم التي جاؤوا بها

    حيث انه توجد بعض الروايات التي تتحدث عن كيفية احضار ناقة صالح العملاقة وفصيلها في مركبة فضائية من خارج الأرض ،، وكيف تم أخذ الفصيل فيما بعد أيضا في سفينة فضائية

    وسأورد إن شاء الله فيما بعد وذلك بعد أن أوضح عدة جوانب من هذه الفكرة سأورد جميع الروايات الإسلامية التي وقع نظري عليها

    كما أنه توجد أيضا عند اليهود وغيرهم من أهل الكتاب روايات ووثائق سأحاول أن أوردها هنا ،، وتصف إحداها مثلا رحلة فضائية قام بها نبي الله موسى عليه السلام حيث ذُكر بها أنه عليه السلام قد رأى بها الأرض ككرة زرقاء تطوف في الفضاء

    كما وتوجد هناك روايات عديدة عن رحلات فضائية قام بها أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام تشبه في مضمونها أيضا هذا المضمون

    كما أن روايات الإسراء والمعراج لنبينا صلى الله عليه وآله يمكن فهمها على أن بعضها هي رحلات فضائية،،  وسأورد جميع تلك الروايات في ما بعد إن شاء الله

    المهم أنّ من كان يعين الأنبياء والرسل ويأخذهم بتلك الرحلات الفضائية لم يكونوا من سكان الأرض بل من سكان السماء وعمّارها ممن كانوا يراقبون الاحداث التي تجري على الأرض ويعرفون تماما متى يجب عليهم التدخل لنصرة الانبياء والرسل ومتى يجب أن يأخذوهم بتلك الرحلات

    فتلك الروايات وصفت لنا انهم كانوا بِرَهنِ اشارة صغيرة من الانبياء والرسل متى ما احتاجوا لهم ،، وعليه فهم لهم علاقة مباشرة برسالات الأنبياء وأهدافها

    وحسب ما جاء في العديد من الآيات القرآنية الكريمة والتي أعتقد أننا لو قرآناها بشكل جديد لا يخضع لتفسيرات وتأويلات واستحسانات المفسرين الأنويين ((أي الذين يفسرون القرآن بالرأي)) وبعيدا عن تغييرهم لمعاني الكلمات بحجة وجود جناس او تشبيه او استعارة او أو أو

    أقول لو أخذنا كلام القرآن تماما بنفس معنى الكلمات الواردة به من دون تأويلات قسرية سنجد بشكل واضح أثر وفعل وصفة تلك المجموعات الفاعلة وكيف أنها تقوم بدقة كبيرة بتسيير الاحداث نحو وجهة معينة يريدونها

    وأنهم هم أيضا من يقومون بترتيب الفتن الصغيرة والكبيرة على الأرض وانهم هم من يعملون على خلقها والترتيب لحدوثها بكل الطرق والوسائل

    وسنرى أن لهم علاقة مباشرة بمداولة الأيام والأحوال بين الناس والدول والحكومات على كوكب الأرض

    فهم ضمن خطة مرسومة بدقة يقومون برفع هذه الدولة ومُلكها وفي يوم أو زمن آخر يرفعون دولة أخرى ويوطدون انتشار مُلكها وجبروتها على قسم كبير من الأرض

    ولو دققنا النظر والفحص في الآيات الكريمة بالاسلوب الذي سأتكلم عن بعد قليل سنكتشف أشياء كثيرة لم يحدّثنا المفسرون الانوييون عنها أبدا

    بل انهم كانوا غالبا ما يصرفون أنظارنا عنها بكل الطرق والوسائل الملتوية وبتفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان جعلتنا وستجعلنا لألآف السنين نضرب أخماس بأسداس في فهم مقاصد رب العالمين من كتابه الكريم

    ودفعتنا كذلك لأن نختلف مع بعضنا البعض

    كل ذلك حصل بسبب مفسرين كنّا نثق بهم ونقدسهم لدرجة التصنيم، بينما هم لم يكونوا يثقون ببعضهم البعض بل تجاوزوا ذلك بكثير فكفّروا بعضهم البعض،  واختلفوا مع بعضهم البعض إختلافا كبيرا في تفسير معظم الايات المهمة تقريبا

    ولكي نكتشف تلك الاختلافات لن نحتاج لمجهود أو عناء كبير ،، ويكفينا مراجعة مختلف التفاسير في تفسير الكثير من الآيات الكريمة المهمة او المتشابهة لنكتشف اختلافهم الكبير في الفهم لها والتفسير

    لقد بدأنا الحديث عن مفهوم المراقبين في الأديان الأخرى

    وكيف أنهم يعتقدون بوجودهم وكيف أنهم يعتقدون ان مقرهم في السماء

    ووصلنا إلى أننا لو قرأنا القرآن الكريم وفهمنا معاني كلماته تماما كما هي مذكورة بالقرآن بعيدا عن تفسيرات الجناس والطباق والكناية والاستعارة وغيرها من الوسائل اللغوية التي لا يحتاجها رب العالمين للتعبير عن نفسه من خلالها

    ففقط هم العرب من كانوا يستعملونها في حديثهم واشعارهم لحاجتهم الماسة إليها في التعبير والتوضيح

    أمّا رب العالمين فلم يكن يحتاج لتلك الوسائل اللغوية او الشعرية ليوصل ما يريده من الأفكار والصور

    والا فما الفرق بين كلام رب العالمين وكلام العرب بحيث أنهم أذعنوا له بمجرد سماعهم له وأعلنوا بشكل واضح انه لا يشبه شيء من الكلام او الشعر الذي كانوا هم اسياده وامرائه

    أقول لو اتبعنا ذلك الاسلوب في القرآئة والفهم فإننا سنجد أن إبليس هو أحد هؤلاء المراقبين

    وأن الخليفة الذي جعله رب العالمين خليفة له على الأرض هو أيضا أحد هؤلاء المراقبين

    او انه على الأقل مرتبط ارتباط وثيق ومباشر بأحد هؤلاء المراقبين الكبار

    وسنجد كذلك أن مجموعة الكافرين الذين كان ابليس منهم هم أيضا من هؤلاء المراقبين

    تماما كما أن مجموعة المخلصين الذين نفى إبليس مقدرته على التسلط عليهم هم أيضا من مجموعة المراقبين ،، وسنفهم أنهم جميعهم كانوا موجودين قبل أن يخلق رب العالمين خليفته في الأرض وينفخ فيه من روحه ثم يأمر الملائكة بعد ذلك بالسجود له

    فكلتا المجموعتان بجميع أفرادهما كانتا موجودتان عند بداية القصة وكذلك الملائكة

    وسنجد أن كل التفاصيل الدقيقة لكل الاحداث التي ستجري على الأرض ولا زالت تجري عليها سنجدها أنها كانت واضحة للجميع في ذلك الموقف وبدون استثناء

    وأنه لم تكن هناك بينهم حرب حينها بل مجرد اختصام على امور معينة

    وبشكل ادق سنجد أنهم كانوا يختصمون على توزيع الأدوار بينهم على إدارة حركة الصراع في الأرض

    وسنجد أن هؤلاء المراقبين من الفريقين يوجد لهم قائد واحد هو المسؤول عن توزيع المناصب والادوار وإقرارها وتثبيتها كذلك

    كما ويقوم بمراقبة تنفيذ الجميع بدقة لما اوكله وسيوكله لهم من الأدوار

    فلا يوجد صُدف في ترتيب الأحداث والصراعات والفتن والحروب على  الأرض أو في أي عالم آخر

    ففي مملكة الله التي كتب بها كل ما كان وما يكون وما سيكون الى انقضاء الساعة

    لا يمكن أن يوجد بها مكان للصدفة أبدا

    فكما يوجد هناك مراقبين على الأرض لتنفيذ تلك المشيئة يجب أن يوجد هناك أيضا مراقبين على أي عالم آخر توجد فيه حضارة حية لنفس السبب

    فمهمتهم هناك ستكون هي نفس المهمة التي سيضطلع بها مجموعة المراقبون لهذه الأرض

    وهي مهمة إدارة حركة الصراع بين الخير والشر في ذلك العالم وحسب الخطة الموضوعة والمرسومة والمكتوبة في الكتاب المبين والتي تصلهم أول بأول

    وسنرى أن المراقبين في السماء سواء أكانوا من الكافرين أم كانوا من المخلصين

    وأن قائدي هذين الفريقين أيضا لا يوجد بينهما أدنى خلاف أو تخاصم حيث هم موجودون ((أي في السماء))ـ

    فهم يعملون بجد وبوفاق وتفاهم تام على تنفيذ وإظهار الاحداث التي تصل لهما من خلال القائد العام لكل العوالم السماوية والارضية

    وأن الصراع والخلاف بينهم إنما تظهر تجلياته فقط على الارض التي يراقبونها وضمن الخطة المرسومة والمكتوبة والمثبتة منذ البدء في الكتاب المبين

    ليعيش حينها سكّان تلك الأرض وعمارها حقيقة تلك المشاعر المثيرة او المحبطة او المفرحة او المحزنة أو أو أو

    الآن من هم سكان هذه الأرض أو غيرها؟

    وما هو ذنبهم في اختبار ومعايشة تلك المشاعر المهولة؟

    الجواب هو إنهم صنف آخر من المراقبين، وهذا الصنف لا يتداخل مع الأحداث سلبا او إيجابا

    إنهم يعيشونها فقط

    أنهم يعيشونها ويتمتعون بها كيفما كانت تلك المشاعر

    إنهم فقط يعيشون السلب والإيجاب

    إنهم فقط يشعرون بالسلب والإيجاب

    إنهم فقط يتحسسون مشاعر الحزن والفرح والتعب والراحة والحاجة والاستغناء والصحة والمرض والغضب والرضى و و و و و و و

    إنهم يفرحون ويستمتعون بكل لحظة يعيشون بها تلك المشاعر المختلفة على سطح هذه الأرض أو تلك

    ومهما كان ذلك الشعور الذي سيعيشونه ويختبرونه ويعايشونه على الأرض فإنهم سيستمتعون به كما هو بجميع آلآمه وأفراحه

    بتعبه وراحته

    بصحته ومرضه

    وبفقره وحاجته وغناه واستغنائه

    وهنا يأتي السؤال كيف يمكن أن يكونوا من المراقبين ويكونون أيضا من الذين يعيشون على الأرض فيعانون او يتمتعون بها إثر ورود تلك الافراح والاتراح عليهم؟

    كيف من الممكن لهم أن يكونوا هناك فوق في السماء مع المراقبين الفاعلين، وأن يكونوا كذلك وبنفس الوقت هنا تحت في الارض مع من سيولدون ويموتون عليه؟

    كيف من الممكن أن يكونوا من المستمتعين وهم في السماء رغم أنهم أيضا من المعذبين الفقراء والمساكين والمحرومين هنا على هذه الأرض؟

    هنا تدخل فكرة النفس العليا أو مفهوم الروح كلاعب أساسي وركن شديد في هذه الفكرة الكونية التي يدور الحديث عنها في محاولة لفك رموزها وطلاسمها

    فالروح حالها كحال جميع المفاهيم المهمة التي قد طمس المفسرون ذكرها أشد الطمس ،، بل انهم لم يكتفوا بذلك فقط ،، لكنهم منعوا الناس من الحديث عنها او التذاكر بشأنهم حين اوحوا للناس كذبا وزورا وبهتانا أن الله قد منع الحديث عنها بتاتا لأن معرفتها غير ممكنة على الإطلاق وذلك حين قال المتحدث في القرآن الكريم

    قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً

    فلو إن هؤلاء المفسرين تركوا الناس تتفكر بأفهامها وعقولها بأمر الروح وصفاتها وأفعالها من خلال الكثير الكثير الذي ورد بالقرآن الكريم وبالروايات عنها لوجدوا من صفاتها الكثير الكثير من الذي سيرفع عنهم جميع استار الجهل وجميع الحجب المانعة من المعرفة والفهم

    لكن تقديس الناس لتلك الاسماء المعروفة والمشهورة على أنهم أئمة الدين ومفسّري القرآن الكريم والحديث الشريف جعلهم لا يجرؤون حتى على محاولة الفهم والتدبر لكلمات القرآن الكريم بمعزل عن آرآئهم وكلماتهم المثبتة في الكتب لأستخراج المعاني العميقة منها ولفهم امور الكون والتكوين والسماوات والأرض والجنة والنار

    فتلك الأسماء المقدسة حسب زعم الزاعمين قد استفرغت كل طاقاتها المقدسة في تفسير القرآن الكريم ولا يجوز لأحد من بعدهم أن يأتي بغير ما أتوا به او حتى أن يتجرء على أن يعارضهم بالقول

    وإن تجرء أحدهم وفعل ذلك وخرج من فلك أفكارهم وأقوالهم سيوجد هناك دائما من سيحمل عليه حملة شعواء يخرجه بها من الدين والملة وربما يُحل دمه حلالا زلالا لكل من يريد أن يسفكه

    ولكون أن الروح كما قلنا تلعب دورا اساسيا في فهم النظرة الكونية التي أريد أن أصفها هنا فإنني سأبدء بتوضيحها في هذا البحث ثم سأنتقل لركن آخر من أركان هذه الفكرة او من أركان هذه النظرة الكونية

    وسأبدء بإيراد صفات الرواح التي جاء القرآن الكريم على ذكرها في أكثر من موضع منه:ـ

    أولا – الروح تعرج لربها حالها حال الملائكة :ـ

    تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

    ثانيا – الروح تتنزّل حالها حال الملائكة :ـ

    تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

    ثالثا- الروح تقف وتتكلم وتصمت وتهاب وتفهم وتطيع الأوامر حالها في ذلك حال الملائكة:ـ

    يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا

    رابعا – الروح مراتب متعددة، منها:ـ

    مرتبة الروح الأمين:ـ

    نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ

    ومرتبة الروح القدس :ـ

    وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ

    ومنها ما مرتبتها هي دون ذلك مثل تلك التي تقف صفا ولا تتكلم

    خامسا – الروح قد تحمل رسائل مختلفة من رب العالمين لمن يشاء من عباده:ـ

    رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ

    سادسا – الروح يلقيها رب العالمين على من يشاء من عباده لأهداف هو فقط من يحددها لهم:ـ

    رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ

    والروح كذلك يؤيد بها رب العالمين من يشاء من عباده:ـ

    وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ

    سابعا – من ما سبق يمكننا ان نقول وبكل ثقة أن معرفة الروح ليست أمر مستحيل ولا هو أمر غير ممكن أبدا ،، ولكنها (المعرفة) مرتبطة بالعلم:ـ

    قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً

    فإذا أردنا لوحدنا أن نعرف بعض ما لم نعلمه من القرآن الكريم فما علينا سوى أن نسأل أهل الذكر:ـ

    وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ

    فإذا سألنا أحدهم عن الروح وقال لنا أن معرفتها غير ممكنة فعلينا أن نتأكد حينها من أنه ليس من أهل الذكر، ويجب أن نقول له حينها ومن غير مواربة إنك كذّاب أشر

    فأهل الذكر لا بد أن يجيبوا عن كل ما لا نعلمه من القرآن الكريم

    هكذا أخبرنا رب العالمين في محكم كتابه العظيم

    فعمل أهل الذكر هو أن يحفظوا الذكر، ومن مهمتهم هي أن يحفظوا الذكر لا بد أن يستطيعوا أن يبينوا جميع معاني القرآن الكريم وخفاياه التي خفيت على الذين لا يعلمون

    وهؤلاء (أهل الذكر) يجب أن يكونوا موجودين في كل زمان، فإنزال الذكر وحفظه مرتبط بوجودهم :ـ

    إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

    وسنسأل بعد قليل أحد أهل الذكر بل قطبهم وسيدهم عن الروح وسنسمع ما سيقوله لنا عن الروح وصفاتها

    فصفات الروح التي فهمنها من كل ما سبق حتى الآن، هي أنّها:ـ

    مخلوقات ذات مراتب
    تسمع
    وترى

    وتتنزّل
    وتعرج
    وتطيع الاوامر

    ويؤيد بها رب العالمين من يشاء

    وهي تحمل رسائل مختلفة
    وهي تنصر
    وتقف
    وتصمت،
    وتتكلم
    وتفهم
    وتهاب

    مرة تأتي بصفة الجمع ومرة أخرى بصفة الفرد

    وما بين حدّي جميع ذلك يمكننا أن نضيف الكثير الكثير من الصفات والوظائف

    و سنجد  بعد قليل من كلام ووصف أهل الذكر أن الروح هي مخلوقات غير الملائكة، ولكنها غالبا ما قُرنت قرآنيا معها، وذلك لأنها أشبه المخلوقات بالملائكة

    وهذا المعنى يمكننا أن نكتشفه إذا رجعنا للرواية بين كميل (رضي) وأمير المؤمنين عليه السلام حين سأله كميل أن يعرّفه نفسه فأجابه سلام الله عليه بجواب طويل ومفصّل عن أجزاء النفس الانسانية وقوى كل جزء منها، وهذا هو نص الرواية:ـ

    عن كميل بن زياد قال : سألت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين ، أريد
    أن تعرفني نفسي ؟

    قال: ( يا كميل أي الأنفس تريد أن أعرفك ) .ـ

    قلت: يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة ؟ !ـ

    قال عليه السلام : ( يا كميل إنما هي أربعة : النباتية النامية ، والحسّيّة الحيوانيّـة ، والناطقة القدسية ، والكلية الإلهية

    ولكل من هذه خمس قوى وخاصيتان :ـ

    فالنامية النباتية لها خمس قوى : جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة ومربية
    ولها خاصيتان : الزيادة والنقصان
    وانبعاثها من الكبد .ـ

    والحسّيّة الحيوانيّـة لها خمس قوى : سمع وبصر وذوق ولمس وشم
    ولها خاصيتان : الرضا والغضب
    وانبعاثها من القلب .ـ

    والناطقة القدسية لها خمس قوى : فكر وذكر وعلم وحلم ونباهة
    وليس لها انبعاث

    وهي أشبه الأشياء بالنفوس القدسية الملكية ولها خاصيتان : النزاهة والحكمة .ـ

    والكلية الإلهية لها خمس قوى : بقاء في فناء ، ونعيم في شقاء ، وعز في ذل ، وفقر في غناء ، وصبر في بلاء

    ولها خاصيتان : الرضا والتسليم

    وهذه التي مبدئها من الله وإليه تعود

    قال الله تعالى : ( ونفخت فيه من روحي ) وقال تعالى : (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية)ـ

    ( والعقل وسط الكل )
    .

    أقول لو رجعنا لهذه الرواية الشريفة وانتبهنا لقوله سلام الله عليه الخاص بالنفس الناطقة القدسية:ـ

    والناطقه القدسيه لها خمس قوى:ـ

    فكر وذكر وعلم وحلم ونباهه وليس لها انبعاث

    ((وهي اشبه الاشياء بالنفوس الملكيه ))

    ولها خاصيتان النزاهه والحكمه

    فإننا في هذه الرواية سنرى أن النفس الناطقة القدسية هي أشبه الاشياء بالنفوس الملكية، فإذا سألنا ومن هي النفوس الملكية فلن نجد سوى النفس الكلية الإلهية

    فإذا استطعنا أن نثبت  ولو بالقرينة أن الروح هي نفسها تلك النفس التي سترجع لها النفس الناطقة القدسية وتجاورها فسيمكننا حينها أن نقول أنالنفس الناطقة القدسية هي أشبه الاشياء بالملائكة

    اذا رجعنا للقرآن لنرى إن كان يوجد به قرينة تؤيد هذا المعنى، سنجد

    أولا: أن الروح كثيرا ما قُرنت مع الملائكة

    وهذه المزاوجة بينهما قد تكون قرينة مهمة على عظم الشبه بينهما،،  وعلى القرب بين مراتبهما ووظائفهما أيضا

    وبالتالي على أن النفس الكلية الإلهية التي سترجع لها النفس الناطقة القدسية التي روح جزئية لا تفنى ولا تنعدم شخصيتها هي نفسها الروح الكلية أو ((الكونداليني))

    وتوجد قرينة ثانية سنكتشفها من خلال تأمل مفردات ومعاني هذه الأية الكريمة التالية ومطابقتها مع الرواية الشريفة الأخرى المروية عن أمير المؤمنين والتي جاء بها ما يلي:ـ

    روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل

    فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟

    فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.ـ

    قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟ـ

    قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟

    قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟ـ

    قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟

    فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .ـ

    فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟

    قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب).انتهى

    أقول لو راجعنا هذه الرواية وطابقنا ما جاء بها من المعاني والدلالات مع الآية الكريمة التالية فإننا سنجد أن أحدهما تنطق بالاخرى وتدل عليها،، فالآية تدل على الرواية والرواية تدل على الآية

    سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ

    فـ هذه الاية الكريمة قد حددت لنا ثلاث مصادر قد خلق بها ومنها رب العالمين الازواج كلّها، وهي:ـ

    ـ1- مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ

    ـ2- مِنْ أَنفُسِهِمْ

    ـ3- مِمَّا لا يَعْلَمُونَ

    وهنا وحين المطابقة ما بين الأجزاء الواردة في الرواية السابقة وما بين الاجزاء الواردة في الاية سيمكننا أن نقول أن المقصود بالجزء الأول ((مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ)) هو نفسه النفس النامية النباتية المذكورة في الرواية،

    أو هي نفسها الجسد أو البدن المادي حسب الاصطلاح الدارج بين النّاس، وذلك لوجه التشابه الكبير بين مادة نباتات الأرض ومادة الأبدان التي نشئا منها

    وكذلك لتشابههما في مراحل النمو والقوة والضعف والتلاشي، كما وأنهما كلاهما سيرجعان للأرض بعد اتمامهما لدورة حياتهما فيختلطان بها حينها فيرجعان الى ما منه بدأتا

    أما الجزء الثاني وهو ((مِنْ أَنفُسِهِمْ)) فهو النفس الحسية الحيوانية التي حين سينتهي الغرض من وجودها سترجع أخيرا لما منه بدأت لتندمج معه من جديد فيفنى وجودها وهويتها به

    أمّا الجزء الثالث وهو النفس الناطقة القدسية فمصدرها هو ((ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ)) وهذا الجزء يمكننا معرفته من قوله تعالى :ـ

    وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً

    فالآية الاولى وصفت مصدر الجزء الثالث بــ ((ممّا لا تعلمون))،ـ

    والآية الثانية قالت أن معرفتكم للروح مرتبطة بالعلم الذي لم تعلموه بعد، وهذا العلم سيمكنكم الحصول عليه من أهل الذكر ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))ـ

    فمصدر الجزء الثالث ((النفس الناطقة القدسية)) الذي لا نعلمه هو الروح  (الكونداليني))(

    ومصدر الجزء الثالث ((النفس الناطقة القدسية )) الذي نعلمه من كلام أمير المؤمنين هو النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني))

    فالروح إذن هي نفسها النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني)) التي سترجع لها الروح الجزئية أو النفس الناطقة القدسية التي لا ولن تفنى كروح خالدة وانما سترجع لـ النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني)) وتجاورها

    فالنفس الناطقة القدسية هي التي هي أشبه الاشياء بالملائكة وهي التي غالبا ما قُـرنت مع الملائكة للشبه الكبير ما بينهما في التكوين والوظيفة أيضا

    ومن كل ذلك يمكننا أن نضيف على صفات الروح التي اكتشفناها ودوناها قبل قليل ما يلي من الصفات:ـ

    أن الروح الجزئية او الكلية هي كائن مستقل بذاته تماما كما أن كل إنسان وكل ملاك هو كائن مستقل بذاته

    وأن الروح ليست كما يقول الكثيرون عنها من أنها شيء مجهول على الإطلاق ولا يمكن فهمها

    وأن الروح ليست شيء يدخل بنا ويخرج منّا

    وأن الروح أبدا لا تموت

    وأنها ذات شخصية مستقلة

    وأن الروح الجزئية ((النفس القدسية)) والروح الكلية ((النفس الكلية الإلهية او الكونداليني)) لها دور فاعل ورئيسيّ تتشارك به مع الملائكة في العديد من عمليات الخلق والتكوين والتصوير في الوجود،، وكل ذلك تفعله وتتنزل به هي والملائكة بإذن ربهم

    والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وآله الطاهرين

  • The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.