*57* المراقبون- الروح

  • Creator
    Topic
  • #1348
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    المراقبون–الروح

    يمكننا فهم الكثير من صفاتها ببعض التحرر من القيود الفكرية التي فرضها علينا السلاطين ووعّاظهم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لو دققنا النظر في الآيات الكريمة وفي موارد الروح المختلفة والواردة بها فإننا سنجد أن مسألة معرفة صفات الروح وامرها وحقيقتها أمر ممكن ويسير، وسيمكننا من خلالها وبمعزل عن الآراء والتفسيرات الدارجة والمشهورة من أن نفهم الكثير عن الروح وشؤنها،،، فمثلا سنجد أنّ:

    أولا – الروح تعرج لربها حالها حال الملائكة :ـ

    تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

    ثانيا – الروح تتنزّل حالها حال الملائكة :ـ

    تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ

    ثالثا- الروح تقف وتتكلم وتصمت وتهاب وتفهم وتطيع الأوامر حالها في ذلك حال الملائكة:ـ

    يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لّا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا

    رابعا – الروح مراتب متعددة، منها:ـ

    مرتبة الروح الأمين:ـ

    نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ

    ومرتبة الروح القدس :ـ

    وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ

    ومنها ما مرتبتها هي دون ذلك مثل تلك التي تقف صفا ولا تتكلم

    خامسا – الروح قد تحمل رسائل مختلفة من رب العالمين لمن يشاء من عباده:ـ

    رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ

    سادسا – الروح يلقيها رب العالمين على من يشاء من عباده لأهداف هو فقط من يحددها لهم:ـ

    رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ

    والروح كذلك يؤيد بها رب العالمين من يشاء من عباده:ـ

    وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ

    سابعا – من ما سبق يمكننا ان نقول وبكل ثقة أن معرفة الروح ليست أمر مستحيل ولا هو أمر غير ممكن أبدا ،، ولكنها (المعرفة) مرتبطة بالعلم:ـ

    قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً

    فإذا أردنا لوحدنا أن نعرف بعض ما لم نعلمه من القرآن الكريم فما علينا سوى أن نسأل أهل الذكر:ـ

    وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ

    فإذا سألنا أحدهم عن الروح وقال لنا أن معرفتها غير ممكنة فعلينا أن نتأكد حينها من أنه ليس من أهل الذكر، ويجب أن نقول له حينها ومن غير مواربة إنك كذّاب أشر

    فأهل الذكر لا بد أن يجيبوا عن كل ما لا نعلمه من القرآن الكريم

    هكذا أخبرنا رب العالمين في محكم كتابه العظيم

    فعمل أهل الذكر هو أن يحفظوا الذكر، ومن مهمتهم هي أن يحفظوا الذكر لا بد أن يستطيعوا أن يبينوا جميع معاني القرآن الكريم وخفاياه التي خفيت على الذين لا يعلمون

    وهؤلاء (أهل الذكر) يجب أن يكونوا موجودين في كل زمان، فإنزال الذكر وحفظه مرتبط بوجودهم :ـ

    إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ

    وسنسأل بعد قليل أحد أهل الذكر بل قطبهم وسيدهم عن الروح وسنسمع ما سيقوله لنا عن الروح وصفاتها

    فصفات الروح التي فهمنها من كل ما سبق حتى الآن، هي أنّها:ـ

    مخلوقات ذات مراتب
    تسمع
    وترى

    وتتنزّل
    وتعرج
    وتطيع الاوامر

    ويؤيد بها رب العالمين من يشاء

    وهي تحمل رسائل مختلفة
    وهي تنصر
    وتقف
    وتصمت،
    وتتكلم
    وتفهم
    وتهاب

    مرة تأتي بصفة الجمع ومرة أخرى بصفة الفرد

    وما بين حدّي جميع ذلك يمكننا أن نضيف الكثير الكثير من الصفات والوظائف

    و سنجد  بعد قليل من كلام ووصف أهل الذكر أن الروح هي مخلوقات غير الملائكة، ولكنها غالبا ما قُرنت قرآنيا معها، وذلك لأنها أشبه المخلوقات بالملائكة

    وهذا المعنى يمكننا أن نكتشفه إذا رجعنا للرواية بين كميل (رضي) وأمير المؤمنين عليه السلام حين سأله كميل أن يعرّفه نفسه فأجابه سلام الله عليه بجواب طويل ومفصّل عن أجزاء النفس الانسانية وقوى كل جزء منها، وهذا هو نص الرواية:ـ

    عن كميل بن زياد قال : سألت مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فقلت : يا أمير المؤمنين ، أريد
    أن تعرفني نفسي ؟

    قال: ( يا كميل أي الأنفس تريد أن أعرفك ) .ـ

    قلت: يا مولاي هل هي إلا نفس واحدة ؟ !ـ

    قال عليه السلام : ( يا كميل إنما هي أربعة : النباتية النامية ، والحسّيّة الحيوانيّـة ، والناطقة القدسية ، والكلية الإلهية

    ولكل من هذه خمس قوى وخاصيتان :ـ

    فالنامية النباتية لها خمس قوى : جاذبة وماسكة وهاضمة ودافعة ومربية
    ولها خاصيتان : الزيادة والنقصان
    وانبعاثها من الكبد .ـ

    والحسّيّة الحيوانيّـة لها خمس قوى : سمع وبصر وذوق ولمس وشم
    ولها خاصيتان : الرضا والغضب
    وانبعاثها من القلب .ـ

    والناطقة القدسية لها خمس قوى : فكر وذكر وعلم وحلم ونباهة
    وليس لها انبعاث

    وهي أشبه الأشياء بالنفوس القدسية الملكية ولها خاصيتان : النزاهة والحكمة .ـ

    والكلية الإلهية لها خمس قوى : بقاء في فناء ، ونعيم في شقاء ، وعز في ذل ، وفقر في غناء ، وصبر في بلاء

    ولها خاصيتان : الرضا والتسليم

    وهذه التي مبدئها من الله وإليه تعود

    قال الله تعالى : ( ونفخت فيه من روحي ) وقال تعالى : (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية)ـ

    ( والعقل وسط الكل )
    .

    أقول لو رجعنا لهذه الرواية الشريفة وانتبهنا لقوله سلام الله عليه الخاص بالنفس الناطقة القدسية:ـ

    والناطقه القدسيه لها خمس قوى:ـ

    فكر وذكر وعلم وحلم ونباهه وليس لها انبعاث

    ((وهي اشبه الاشياء بالنفوس الملكيه ))

    ولها خاصيتان النزاهه والحكمه

    فإننا في هذه الرواية سنرى أن النفس الناطقة القدسية هي أشبه الاشياء بالنفوس الملكية، فإذا سألنا ومن هي النفوس الملكية فلن نجد سوى النفس الكلية الإلهية

    فإذا استطعنا أن نثبت  ولو بالقرينة أن الروح هي نفسها تلك النفس التي سترجع لها النفس الناطقة القدسية وتجاورها فسيمكننا حينها أن نقول أنالنفس الناطقة القدسية هي أشبه الاشياء بالملائكة

    اذا رجعنا للقرآن لنرى إن كان يوجد به قرينة تؤيد هذا المعنى، سنجد

    أولا: أن الروح كثيرا ما قُرنت مع الملائكة

    وهذه المزاوجة بينهما قد تكون قرينة مهمة على عظم الشبه بينهما،،  وعلى القرب بين مراتبهما ووظائفهما أيضا

    وبالتالي على أن النفس الكلية الإلهية التي سترجع لها النفس الناطقة القدسية التي روح جزئية لا تفنى ولا تنعدم شخصيتها هي نفسها الروح الكلية أو ((الكونداليني))

    وتوجد قرينة ثانية سنكتشفها من خلال تأمل مفردات ومعاني هذه الأية الكريمة التالية ومطابقتها مع الرواية الشريفة الأخرى المروية عن أمير المؤمنين والتي جاء بها ما يلي:ـ

    روي (ان أعرابيا سأل امير المؤمنين عليه السلام عن النفس فقال له عن اي نفس تسأل

    فقال: يا مولاي هل النفس أنفس عديدة؟

    فقال عليه السلام: نعم نفس نامية نباتية، ونفس حسية حيوانية، ونفس ناطقة قدسية، ونفس إلهية ملكوتية كلية.ـ

    قال: يا مولاي ما النامية النباتية؟ـ

    قال: قوة أصلها الطبايع الاربع بدو إيجادها مسقط النطفة، مقرها الكبد، مادتها من لطايف الأغذية، فعلها النمو والزيادة، وسبب فراقها اختلاف المتولدات فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس الحسية الحيوانية؟

    قال: قوة فلكية وحرارة غريزية أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية مقرها القلب سبب فراقها اختلاف المتولدات، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود ممازجة لا عود مجاورة فتعدم صورتها ويبطل فعلها ووجودها ويضمحل تركيبها.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس الناطقة القدسية؟ـ

    قال: قوة لاهوتية بدو ايجادها عند الولادة الدنيوية، مقرها العلوم الحقيقية الدينية، موادها التأييدات العقلية، فعلها المعارف الربانية، سبب فراقها تحلل الآلات الجسمانية، فاذا فارقت عادت إلى ما منه بدأت عود مجاورة لا عود ممازجة.ـ

    فقال: يا مولاي وما النفس اللاهوتية الملكوتية الكلية؟

    فقال: قوة لاهوتية جوهرة بسيطة حية بالذات أصلها العقل منه بدت وعنه دعت وإليه دلت وأشارت وعودتها إليه إذا كملت وشابهته، ومنها بدأت الموجودات وإليها تعود بالكمال فهو ذات الله العليا وشجرة طوبى وسدرة المنتهى وجنة المأوى، من عرفها لم يشق، ومن جهلها ضل سعيه وغوى .ـ

    فقال السائل: يا مولاي وما العقل؟

    قال: العقل جوهر دراك محيط بالاشياء من جميع جهاتها، عارف بالشيء قبل كونه، فهو علة الموجودات ونهاية المطالب).انتهى

    أقول لو راجعنا هذه الرواية وطابقنا ما جاء بها من المعاني والدلالات مع الآية الكريمة التالية فإننا سنجد أن أحدهما تنطق بالاخرى وتدل عليها،، فالآية تدل على الرواية والرواية تدل على الآية

    سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ

    فـ هذه الاية الكريمة قد حددت لنا ثلاث مصادر قد خلق بها ومنها رب العالمين الازواج كلّها، وهي:ـ

    ـ1- مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ

    ـ2- مِنْ أَنفُسِهِمْ

    ـ3- مِمَّا لا يَعْلَمُونَ

    وهنا وحين المطابقة ما بين الأجزاء الواردة في الرواية السابقة وما بين الاجزاء الواردة في الاية سيمكننا أن نقول أن المقصود بالجزء الأول ((مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ)) هو نفسه النفس النامية النباتية المذكورة في الرواية،

    أو هي نفسها الجسد أو البدن المادي حسب الاصطلاح الدارج بين النّاس، وذلك لوجه التشابه الكبير بين مادة نباتات الأرض ومادة الأبدان التي نشئا منها

    وكذلك لتشابههما في مراحل النمو والقوة والضعف والتلاشي، كما وأنهما كلاهما سيرجعان للأرض بعد اتمامهما لدورة حياتهما فيختلطان بها حينها فيرجعان الى ما منه بدأتا

    أما الجزء الثاني وهو ((مِنْ أَنفُسِهِمْ)) فهو النفس الحسية الحيوانية التي حين سينتهي الغرض من وجودها سترجع أخيرا لما منه بدأت لتندمج معه من جديد فيفنى وجودها وهويتها به

    أمّا الجزء الثالث وهو النفس الناطقة القدسية فمصدرها هو ((ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ)) وهذا الجزء يمكننا معرفته من قوله تعالى :ـ

    وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً

    فالآية الاولى وصفت مصدر الجزء الثالث بــ ((ممّا لا تعلمون))،ـ

    والآية الثانية قالت أن معرفتكم للروح مرتبطة بالعلم الذي لم تعلموه بعد، وهذا العلم سيمكنكم الحصول عليه من أهل الذكر ((فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ))ـ

    فمصدر الجزء الثالث ((النفس الناطقة القدسية)) الذي لا نعلمه هو الروح  (الكونداليني))(

    ومصدر الجزء الثالث ((النفس الناطقة القدسية )) الذي نعلمه من كلام أمير المؤمنين هو النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني))

    فالروح إذن هي نفسها النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني)) التي سترجع لها الروح الجزئية أو النفس الناطقة القدسية التي لا ولن تفنى كروح خالدة وانما سترجع لـ النفس الكلية الإلهية ((الكونداليني)) وتجاورها

    فالنفس الناطقة القدسية هي التي هي أشبه الاشياء بالملائكة وهي التي غالبا ما قُـرنت مع الملائكة للشبه الكبير ما بينهما في التكوين والوظيفة أيضا

    ومن كل ذلك يمكننا أن نضيف على صفات الروح التي اكتشفناها ودوناها قبل قليل ما يلي من الصفات:ـ

    أن الروح الجزئية او الكلية هي كائن مستقل بذاته تماما كما أن كل إنسان وكل ملاك هو كائن مستقل بذاته

    وأن الروح ليست كما يقول الكثيرون عنها من أنها شيء مجهول على الإطلاق ولا يمكن فهمها

    وأن الروح ليست شيء يدخل بنا ويخرج منّا

    وأن الروح أبدا لا تموت

    وأنها ذات شخصية مستقلة

    وأن الروح الجزئية ((النفس القدسية)) والروح الكلية ((النفس الكلية الإلهية او الكونداليني)) لها دور فاعل ورئيسيّ تتشارك به مع الملائكة في العديد من عمليات الخلق والتكوين والتصوير في الوجود،، وكل ذلك تفعله وتتنزل به هي والملائكة بإذن ربهم

    والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين محمد وآله الطاهرين

  • The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.