- This topic has 10 replies, 1 voice, and was last updated 5 months, 1 week ago by Tasneem.
-
CreatorTopic
-
15/07/2024 at 4:44 م #1380بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهجاء في الكافي الشريف في كتاب العقل :
14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبوعبدالله عليه السلام:
اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا،
قال سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا،
فقال أبوعبدالله عليه السلام:
إن الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي،قال: ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال: قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا
فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل والايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضده الجرأة، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة وضدها التسرع، والحلم وضدها السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمؤاساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والامانة وضدها الخيانة، والاخلاص وضده الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة، والمعرفة وضدها الانكار، والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الافشاء، والصلاة وضدها الاضاعة، والصوم وضده الافطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها الاذاعة، والانصاف وضده الحمية، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء وضدها الجلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة، والحكمة وضدها الهواء، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها الاصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والالفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل.
فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته.
هذه الرواية أحب أن أبين فهمي لها ولما ورد فيها من معاني عميقة وسأبين ذلك إن شاء الله ابتداءا من المشاركة التالية
ومن الله التوفيق، وعليه الإتكال، وبحوله وقوته أفكّر وأكتب، وكل خير الكلام منه وخطله منيهذه الرواية الشريفة الصادرة من نبع الحكمة المحمدية العلوية تصف لنا أول ظهور للروحانية وتصف لنا أول لبنة من لبنات الخلق بعد خلق الأنوار التي قالت عنها الرواية أنها ليست من المخلوقات الروحانية رغم أنه منها خلق أول مخلوق روحاني وهو العقل، قبل خلق هذا العقل المخلوق الروحاني تقول الرواية أن العرش كان قائما، فخلق الله هذا العقل من نوره وجعله عن يمين العرش، ثم خاطبه خطابا ففهم العقل هذا الخطاب وأدركه فأدبر مطيعا لأمر الله، ثم إن الله خاطبه مرة أخرى ففهم العقل الخطاب ووعى مضمونه فأقبل مطيعا للأمر، فأول صفة للعقل هي الطاعة، بل إن معنى العقل هنا هو الطاعة المطلقة، بل هو التسليم المطلق، ومن هنا نعرف معنى قولهم سلام الله عليهم :
ما عبد الله بمثل الطاعة،
وما عبد الله بمثل العقل،
وما عبد الله بمثل الإسلام،
والإسلام هو التسليم كما قال أمير المؤمنين، فمعنى هذه الروايات المختلفة هو واحد وليس متعدد، فالعقل هو الطاعة وهو التسليم وهو الإسلام،وسنعرف منها أيضا لماذا أنه لا دين لمن لا عقل له، فمن لا عقل له لا هو مطيع ولا هو مسلّم أمره لله فهو ليس بمسلم ولن يقبل الله غير الإسلام دينا، بمعنى لن يقبل غير الطاعة منهجا للعبادة، والعقل والتسليم والإسلام والدين هو أن تعبد الله من حيث هو يأمرك لا من حيث أنت تريد،
ومنها نقول أن الحي الروحاني الأول هو الطاعة، هو العقل، هو التسليم، فكل من له عقل فهو حي، وكل مطيع لله ورسوله هو حي، وكل مسلّم أمره لله ورسوله هو حي، وكل ما عداهم أموات غير أحياء ولكن لا يشعرون.
هذا العقل الروحاني مخلوق من نور الله، نور الله أكبر منه، فالعقل مخلوق معلول في وجوده لهذا النور الذي خلقه الله منه، تماما كما أن الكلمات التي ستظهر على الورق معلولة في ظهورها للورقة وللقلم وللحبر ولليد التي تحرك القلم وللمشيئة التي توجه اليد في حركتها، العقل معلول للنور لأنه مخلوق منه
بعد أن خلق الله بنوره جنته أو العقل وهو أول مخلوق روحاني واختبره ورضي عنه، إلتفت إلى البحر الأجاج الظلماني، البحر الأجاج الظلماني كان موجودا مع النور الذي خُلق منه العقل قبل أن يشرع الله بخلق العقل والجهل، وهذا نفهمه من مطلع الرواية السابقة : إن الله عزوجل (إنتبه لما يلي)) قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا اجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي،
فالنور والملح الأجاج هما مخلوقان أمريان ابتدعهما الله ابتداعا فجعلهما ((في ما بعد)) دليلا على كل مدرك ((وهذه وضيفة العقل))، وفاصلا لكل مشكل((طبيعة عمل الجنود)) ، وبهما تفريق كل شئ من اسم حق وباطل ((صفة جنود العقل، وصفة جنود الجهل))
أقول بعد أن فرغ من اكمال العقل إلتفت إلى البحر الظلماني أو الملح الأجاج وخلق منه الجهل فتجسد على شكل مخلوق ميزه خالقه به فتوجه له بالخطاب، وميّز الجهل به نفسه وخالقه وفهم ووعى به الخطاب الموجه له من خالقه أولا بالإدبار فأدبر ولكنه استكبر عن تنفيذ الأمر الثاني بالإقبال فلعنه أي أخرجه من رحمته،
ثم توجه الله بعد ذلك وعلى مرئ من الجهل فأعطى للعقل ابتداء خمسة وسبعين جنديا وجعل الخير وزيرا عليهم،
هنا ميز الجهل ما حصل عليه العقل من القوة فأضمر له العداوة وفهم أنه مخلوق فقط لكي يكون ضدا وندا ومنافسا للعقل فقال ((وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته)) هنا حدد الجهل وبدقة كبيرة ما يريده وطبيعة ما يريد الحصول عليه، هو يريد جنود قادرة على هزيمة جنود العقل، فهدفه الذي أعلن عنه وصرّح به علانية هو أنه يريد أن يهزم العقل، فقال إنني أطلب أن أكون كفؤا للعقل في كل شيئ، وأن تكرمني تماما كما أكرمته وأن تكون جنودي قادرة على هزيمة جنوده أو لا أقل أن تكون كفؤة لها بالقوة، وهنا استجاب الله له فأعطاه خمسة وسبعين جنديا فجعل لكل جندي أعطاه للعقل جنديا للجهل يساويه بالقوة ويعاكسه بالإتجاه، أو جنديا ضدا له،ـهنا تحدد القائدان في معركة الحياة هذه، العقل وهو القائد لجنود العقل وهو الطريق إلى الدخول في الرحمة، والجهل وهو القائد لجنود الجهل وهو الطريق المبعد عن الرحمة
ومن مهمة القيادات أن تضع بنفسها الخطط الإستراتيجيات لمعاركها ونزالاتها، وأن توزع الأدوار على جنودها وأعوانها ورسلها بدقة
إرسم خطتك أيها العقل كيف وكيفما تريد أن تدير هذه المعركة واطلب من الأعوان ما تشاء
قال العقل خجلا متعرقا من خجله أريد يا ربي أعوان قدرهم مائة ألف وأربعة وعشرين ألف معين لخطتي في الهداية تكتمل بهم جنودي، فأخذ الله من عرقه فخلق له بهم من الأعوان قدر ما طلب وأكمل بهم تلك الجنود:
جاء في بحار الأنوار وفي رواية طويل أضع منها هنا ما يسند المطلب :ـفلما خرج من آخر الابحر قال الله تعالى: يا حبيبي ويا سيد رسلي ويا أول مخلوقاتي ويا آخر رسلي، أنت الشفيع يوم المحشر فخر النور ساجدا. ثم قال (1): فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة، فخلق الله تعالى من كل قطرة من نوره نبيا من الانبياء فلما تكاملت الانوار صارت تطوف حول نور محمد صلى الله عليه وآله كما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام، وهم يسبحون الله ويحمدونه ويقولون: سبحان من هو عالم لا يجهل، سبحان من هو عليم لا يعجل، سبحان من هو غني لا يفتقر. فناداهم الله تعالى: تعرفون من أنا ؟ فسبق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل الانوار ونادى: أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، رب الارباب، وملك الملوك. فإذا بالنداء من قبل الحق: أنت صفيي، وأنت حبيبي، وأنت خير خلقي، امتك خير امة اخرجت للناس. ثم خلق من نور محمد صلى الله عليه وآله جوهرة وقسمها قسمين،،،، الرواية
وأنت أيها الجهل ضع خطتك للمعركة كيف وكيفما تريد واطلب من الأعوان ما تشاء
أريد من الأعوان من لهم من الجهل ما قل منه وما كثر من جميع جنودي، على قدر الكسور والأجزاء فمنهم من له جزء من الواحد من المائة ومنهم من له جزئين من الواحد من المائة، حتى يصل منهم من له الواحد من المائة من جهل أحد جنودي، وصعودا حتى تصل إلى من له مائة بالمائة من أحد جنودي وهكذا هي النسبة بين الخمسة والسبعين جنديا،
((الجهل طلب أعوان عددهم كبير جدا بنظام يشبه نظام اليانصيب أو اللوتري ولكن بخمسة وسبعين رقما بدل أن يكون سبعة أرقام أو ستة أو ثمانية)) ((الرواية التي تبين هذا المعنى سأضعها قريبا إن شاء الله)) فخلق الله له تلك النفوس التي تجندت بتلك الجنود حسب ما طلب وبقدر ما طلب في كل منها،هنا اكتملت القاعدة التي سينطلق منها العقل والجهل في معركتهما واكتملت جنودهما وأعوانهما، فعرض الجميع على الجميع فتعارفت أعوان العقل المائة وأربعة وعشرين ألفا وتكلمت مع أعوان الجهل، فأخذ وآمن بعض أعوان الجهل من أعوان العقل ببعض جنودهم فاختلطت طينتهما مع بعض فأحبوا بعضهم وتعارفوا وتآلفوا، أما من بقيت طينتهما كما هي هي ولم تختلط مع بعضها فتنافروا عن بعضهم واختلفوا
-
CreatorTopic
-
AuthorReplies
-
15/07/2024 at 4:44 م #1381
قال العلي العظيم في محكم كتابه الكريمقُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ
الذات شائت التجلي فتجلت بالمشيئة فهي على شاكلتها لكن المشيئة محتاجة للذات في وجودها وبقائها،
المشيئة تجلت فتجلت بالنور الأول أو الصادر الأول، فالصادر الأول هو على شاكلة المشيئة ولكنه محتاج لها في وجوده وبقائه،
النور الأول تجلى فتجلى بالعقل الأول((أول مخلوق روحاني))، فالعقل الأول على شاكلة الصادر الأول ولكنه محتاج له في وجوده وبقائه،
العقل الأول وجد في نفسه قدرة على الطاعة وعلى العصيان، ولذلك حين أراد أن يتجلى تجلى بنفس روحانية مثله وصفتها العقل أو الطاعة وتجلى كذلك بنفس روحانية أخرى صفتها الجهل أو العصيان المخلوط بالطاعة،
النفس الروحانية التي صفتها العقل أو الطاعة حين أرادت أن تعبر عن نفسها وتتجلى تجلت بالعصمة، تجلت بمائة وأربعة وعشرون ألف نفس معصومة ((الطاعة تعصمها)) ((لا أعرف الحكمة بهذا العدد، ولكن توجد حكمة بالتأكيد))
النفس الروحانية التي صفتها الجهل أو الطاعة مع العصيان حين أرادت أن تتجلى تجلت ببقية النفوس، ما كان منها وما هو كائن وما سيكون إلى يوم القيامة
لو لم تتعارف الأرواح التي تجلى بها العقل مع الأرواح التي تجلى بها الجهل ولم تختلط ببعضها البعض فيقع من طينة العقل على طينة الجهل ويختلط به، لأصبحنا جميعنا على أحسن الأحوال من أتباع ابن قحافة وابن صهاك، ولكن رحمة من الله كانت نازلة حينها وسِعها إنائنا جعلتنا نتمسح بتلك الأرواح الطاهرة المعصومة بإرادتنا لنأخذ ويقع من طينتهم على طينتنا
هذه هي الرواية التي وعدت بمشاركة سابقة أن أضعها فيما بعد، فحينها لم يكن نصّها ومصدرها تحت يدي
٣ – الكافي: عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن موسى، عن أحمد بن عمر، عن يحيى بن أبان، عن شهاب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لو علم الناس كيف خلق الله تبارك وتعالى هذا الخلق لم يلم أحد أحدا، فقلت: أصلحك الله، وكيف ذلك؟ قال: إن الله تبارك وتعالى خلق أجزاء بلغ بها تسعة وأربعين جزءا ثم جعل الاجزاء أعشارا فجعل الجزء عشرة أعشار، ثم قسمه بين الخلق، فجعل في رجل عشر جزء وفي آخر عشري جزء حتى بلغ به جزءا تاما وفي آخر جزءا وعشر جزء، وفي آخر جزءا وعشري جزء، وفي آخر جزءا وثلاثة أعشار جزء، حتى بلغ به جزئين تامين، ثم بحساب ذلك حتى بلغ بأرفعهم تسعة وأربعين جزءا فمن لم يجعل فيه إلا عشر جزء لم يقدر على أن يكون مثل صاحب العشرين، وكذلك صاحب العشرين لا يكون مثل صاحب الثلاثة الأعشار، وكذلك من تم له جزء لا يقدر على أن يكون مثل صاحب الجزءين، ولو علم الناس أن الله عز وجل خلق هذا الخلق على هذا لم يلم أحد أحدا
أود أن أنوه أنني اشتبهت حين قلت أن نظام توزيع العقل أو الجهل كان بنظام خمسة وسبعين رقم والصحيح من الرواية هو تسعة وأربعين رقم ولكل رقم عشرة أجزاء
هذه الرواية نضعها بجانب هذه الرواية والتي أوردتها سابقا ونصّها هو
أبوعلي الاشعري ومحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان، إن الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا اجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم أخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا فاذا هم كالذر يدبون، فقال لاصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم أمر نارا فاسعرت، فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها، فقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها، فقال: كوني بردا وسلاما فكانت برداو سلاما فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا فقال: قد أقلتكم فادخلوها، فذهبوا فهابوهها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء، ولا هؤلاء من هؤلاء.
لو تفكّرنا بهذه الرواية والسابقة وغيرها من التي وردت عن أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لما اختلفنا ولتوحدت لدينا الرؤية، ولكننا انشغلنا بقرائة احاديث أبو البزازين والشواذ من المنافقين وتركنا أحاديث أهل البيت فأصبحت غريبة عنا وأصبح من يدور بفلك حديث أهل البيت ويعتقد بهم بما وصفوا هم أنفسهم به أصبح يوصف بأنه مغالي أو كافر أو مشرك
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والعاقبة للمتقين
15/07/2024 at 4:45 م #1382
المعركة اليوم في هذا العالم بين جنود العقل وجنود الجهل هي نفسها تلك المعركة الأولى بينهم في عالم الظلال أو عالم العقل أو عالم الأشباح، ولكن الأدوات اختلفت هنا قليلا،والنتائج في هذا العالم لن تكون مختلفة عن تلك النتائج في عالم العقل كثيرا، وستكون متشابهة إلى حد كبير، وذلك لأن الجميع في العالم الأول قد اختار بإرادته صورة نهاياته وصورة كماله الذي يريده لنفسه، فهناك أناااا أعطيت العهد لكي أكون كافرا بجنود العقل، وأعطيت أنت العهد لكي تكون كافرا بجنود الجهل، أناااا وأنت لا نتذكر ذلك العهد ولكننا سنتذكره فيما بعد حين تتطاير الكتب، وحين تلقف كتابك وألقف كتابي سأنظر بنفسي في كتابي، وكفى بنفسي اليوم عليّ حسيبا، فأنااا أعطيت العهد لكي تصبح صورتي على ما أنااا عليه الآن وكما اشترطتها على ربي لنفسي في هذا العقد المكتوب، فمقابل أن احصل على عالم اتجلى به بما أحببت من جنود العقل والجهل، لأصبح تماما على الصورة التي أردتها لنفسي، أنفذ ما تشترطه والعقد شريعة المتعاقدين، وفي ذلك اليوم سأبحث طويلا بين بنود وشروط هذا العقد عن أي خلل أو اختلاف لأحاجج به عن نفسي فأنجيها من العذاب الذي ينتظرها، هناك لا يوجد استئناف، ولا يوجد كفالة مادية ولا معنوية، ولا يوجد فدية، ولو كنت أملك جميع ذهب الأرض وفديت به نفسي ما تقبّل مني،
هناك لا توجد سوى الشفاعة، ولن ينجيني سوى الرحيم، وجنود الجهل التي كانت تعينني ستكون اليوم هي من تعذبني، هي من ستتسلط على أحاسيسي فتحرقها حضوريا، بعد أن تجندتُ بها حصوليا، فها هو جندي الجهل الكذب يسفر عن حقيقته الإلهية المحرقة ليصبح لساني من نار، وها هو جندي الجهل الغيبة يسفر عن حقيقته الإلهية المعذِّبة، ليعذبني بتشويه صورتي النورية فتصبح سبعية، وها هي جنود الجهل كلها تكشف عن حقيقتها الإلهية المضلة المحرقة المعذّبة والتي اخترتها بنفسي لنفسي، والتي اخترتها بنفسي طريقا لي أرجع به إلى خالقيوهناك أخي الكريم سيتضح لك أن حقيقة جنود العقل التي تزينت بها إنما هي تلك الجواهر التي احتواها كنز الله حين كان مخفيا، بعثها لنا فرفضتها أنااا وتزينت أنت بها، أخي الكريم ما أجمل تلك الجواهر على رأسك وصدرك، أخي الكريم ما أجمل نورك، أخي الكريم انظرني أقتبس من نورك، أخي الكريم لا تنهرني حينها كما تُنهر الكلاب، أخي الكريم أفض عليّ من عذب نورك
أخي الكريم البداية هي النهاية، بدأنا بجنود العقل والجهل وسنعيشها حتى الرمق الأخير وبعد الموت سنراها ونحدثها وتحدثنا وتشهد علينا وحين الحساب ستخزينا أو ترفعنا، وبعد الحساب سأتمنى لو أنه كان بيني وبينها بعد المشرقين والمغربين، وفي جهنم ستعذبني عذابا لن يعذبه أحد، وحين أرى وجه الله بها وأتيقن من ألوهيتها، سأنتهي بها
ولكن ان كان الاختيار في البدء ناتج عن جهل بحقيقة جنود العقل و جنود الجهل و النتائج في هذا العالم لن تكون مختلفة عن تلك النتائج في عالم العقل، افلن يخدش هذا الوضع بمفهوم العدل الالهي؟ لان الاختيار و ان كان اراديا فهو ناتج عن جهل بحقيقة هاته الجنود فكل منها يزين نفسه لنا في ذاك العالم وهنا نلزم بحصد نتاج اختيار لم يكن عن احاطة تامة بحقيقة تلك الجنود؟
جوابي هو:
منتخب البصائر: سعد عن أيوب بن نوح والحسن بن علي بن عبد الله عن العباس
بن عامر عن الربيع بن محمد عن يحيى بن زكريا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته
يقول: من سره أن يستكمل الايمان فليقل: القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد
عليهم السلام فيما أسروا وفيما أعلنوا وفيما بلغني وفيما لم يبلغني.حسب علمي أن العدل الإلهي لا يستوجب إدخال الجميع في الجنة، بل هو حسب فهمي له من تعريف علمائنا زادهم الله من فضله هو إيصال كل مريد لمراده، وتمكين كل مريد من الأدوات التي تعينه على الوصول لمراده، هذا بالنسبة للعدل الإلهي، أما قولي أن مصير كل مريد حين يصل لمراده سيطابق ما أراده لنفسه منذ البدء، فهو وصف آخر للعدل الإلهي، فتعريف العدل الإلهي نصه هو: إيصال كل مريد لمراده، وكلماتي تقول ان العدل الإلهي سيتحقق لا محالة بوصول كل مريد لمراده، ووصول كل مريد لمراده سيتحقّق في لوح المحو والإثبات الذي ستقوده وتحركه مشيئته فيه حتى النهاية، وحين يصل للنهاية ستنزل إليه نسخة من كتابه في اللوح المحفوظ وتستقر بين أصابعه فيجد فيها توقيعه وقد خُطّ تحته هذا الكلمات: أعبدك أنت لا غيرك، وأستعين بك أنت لا غيرك، لتوصلني لمرادي وغايتي، وتحت توقيعه سيرى كلمات من نور تقول : ها أنت ذا قد وصلت بحولي وقوتي لمرادك الذي أعطيت بإرادتك هذا العهد من أجله، وأعنتك أنا للوصول إليه، فهل تشعر الآن بالرضى والإنصاف؟ إن علمي بمآلكم في كل الأحوال لم يسلب منكم إرادتكم ومشيئتكم المستقلة والتي هي جزء من مشيئتي وإرادتي، وإن عدلي قضى بإيصالكم حيث تريدون، ورحمانيتي أوصلتكم تماما حيث تريدون، واليوم سوف أنظر فيكم برحيميّتي نظرة أخرى لأوصلكم بها حيث أريد، فعدلي وافق علمي، وقدري وقضائي امضيتهما في رحمانيتي من أجلكم واليوم أجري رحيميّتي على ما قدرته وقضيته وأمضيته في رحمانيتي تحقيقا لعدلي في تحقيق مرادكم وإيصالكم لغاياتكم التي شئتموها لأنفسكم.
نعم كنّا قد جهلنا هناك حقيقة جنود الجهل، فما بالنا هنا وقد تمسّكنا بها أكثر وأكثر؟
نعم جهلناها هناك، وعشقناها هنا، والثواب والعقاب على ما نفعله ونعتقده هنالا زلنا نعيش هذه المعركة، والغريب فيها أننا نحن اخترنا المواقع التي نريد أن نتمترس بها فلم تفرض علينا فرضا، فحين اخترنا من تلك الجنود ما نريد منها لأنفسنا كنا كمن اختار لنفسه من تلك الأسلحة الكثيرة المطروحة أمامه ما يريد منها،
فمنّا من اختار أفضلها وجميعها ومنّا من اختار أضعفها وربما القليل منها، وحين انتهينا من اختيار تلك الأسلحة، قلنا هذه هي أسلحتنا ونريدك أن تمترسنا بالحرب المقبلة تماما حيث نستطيع أن نستعمل ما حملناه معنا من أسلحة،
نريد من ساحة الميدان أن تكون مفصلة تماما على قدر مقاديرنا وأسلحتنا، فلا تحمّلنا بها ما طاقة لنا بها، ولقد تعرفنا والتففنا هنا على بعض قيادات العقل وقيادات الجهل ونريد أن نكون معهم في ساحاتهم القتالية، فلقد أخذنا أسلحتنا منهم وعلى شاكلتهم فلذلك نريد أن نكون معهم،
ونريد منك ساحة حرب مفصلة على مقاديرنا وحروب تناسب أسلحتنا التي تسلحنا بها وأن لا تجعلنا في ساحة المعركة تلك بعيدين عن من ساقنا هنا لأسلحتنا ودلنا عليها، وإن اختلطت هناك علينا الدعوات أن ترفع صوت ناعقيها عاليا حتى نهتدي حينها لمن كان من أصحابنا هنا فنتبعهم هناك،
فأجابنا لما طلبنا بهذا العالم حاضره وماضيه ومستقبله، بذكوره وإناثه، بظالمه ومظلومه، بقويه وضعيفه، بفاسقه وفاجره ومؤمنه ومتقيه، بفقيره وغنيه، ومريضه ومتعافيه، وبضاله ومهتديه، بمن سكن الكهوف واللأشجار وأكل الجذور والأعشاب وبمن سلك طرق السماوات والأرض وأكل الشهد والعسل
خلق هذا العالم بكل ما به ثم أنزل تلك الأرواح التي تعارفت هناك بشكل متزامن مع بعضها البعض وأنزل قياداتها معها جعل منهم من مهمته أن ينعق لتلك القيادات حتى يسمعها الجميع فيختاروا بمشيئتهم أن يلتحقوا بتلك القيادات التي آمنوا بها من قبل وليحاربوا معها بمن كفروا بهم من قبل ولم يؤمنوا بهم
كل ذلك كان في الكتاب مسطورا من قبل أن يخلق هذه الدنيا ويبرؤها، كل ذلك لأننا نحن من طلبنا ذلك، لم يفرض علينا تلك الساحات فرضا، ولم يفرض علينا حب القيادات فرضا، فنحن من أحبهم هناك وطلب أن يكون هنا معهم فيسر لنا هذا
من أحب الحيدري هناك طلب أن يكون معه، ومن احب الخميني هناك طلب أن يكون معه، ومن أحب الحسين هناك والتف حوله طلب أن يكون هنا معه، ومن أحب أمير المؤمنين هناك طلب أن يكون معه هنا، ومن أحب عيسى هناك طلب أن يكون هنا معه، ومن أحب موسى هناك طلب أن يكون هنا معه، ومن أحب أن يكون من أعدائهم وأنصار مناوئيهم هناك طلب أن يكون هنا معهم، من أحب أدم أو ناوئه هناك طلب أن يكون هنا معهم
من عنده علم الكتاب يقول لنا أن جميع ذلك تم على هذه الصورة، فلقد تم رسم ساحة المعركة وتقرر أين ومتى سينزل كل واحد منكم متسلح بما تسلح به هنا من الجنودبصائر الدرجات – محمد بن الحسن الصفار – الصفحة 317-318
– حدثنا إبراهيم بن هاشم عن الحسين بن سيف عن أبيه عن منصور بن حازم عن أبي إسحاق الهمداني قال حدثني أبو المعتمر قال سمعت أبا ذر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركب فيها نجى ومن تخلف عنها غرق إنما مثل أهل بيتي فيكم باب حطة من دخله غفر له ومن لم يدخل لم يغفر له فإنها ليست من فئة تبلغ مائة إلى يوم القيمة الا انا اعرف ناعقها وسايقها وعلم ذلك عند أهل بيتي يعلمه كبيرهم وصغيرهم.
– حدثنا إبراهيم بن هاشم عن جعفر بن محمد عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام سلوني قبل ان تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تهدى مائة الا أخبرتكم بسائقها وناعقها حتى يخرج الدجال.– حدثنا محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من ارض مخصبة ولا ارض مجدبه ولا فئة تضل مائة وتهدى مائة الا انا اعلمها وقد علمتها أهل بيتي يعلم كبيرهم وصغيرهم إلى أن تقوم الساعة.
– حدثنا أبو الفضل العلوي عن سعيد بن عيسى البصري عن إبراهيم ابن الحكم عن أبيه عن شريك بن عبد الله عن عبد الله عن عبد الاعلى عن أبي وقاص عن سلمان الفارسي ره عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال سلوني عما يكون إلى يوم القيمة وعن كل فئة تضل مائة وتهدى مائة وعن سايقها وناعقها وقائدها إلى يوم القيمة
فالمعركة هي المعركة، والأسلحة هي الأسلحة، والقادة هم القادة، والأعداء هم الأعداء، والأصحاب هم الأصحاب
ما كان هناك سيكون هنا، وما كان هناك عن جهل كان هنا عن علم وإصرار ومحبة
فليس صدفة أنك شيعي، فأنت شيعي من قبل أن تخلق في هذه الدنيا
وليس صدفة أن الناصبي أصبح ناصبيا، فهو كذلك من قبل أن يخلق في هذه الدنيا
وليس صدفة أن أصبح المسيحي أو اليهودي مسيحيا أو يهوديا
وليس صدفة أن من استشهد مع الحسين هم اثنين وسبعين شهيدا فقط، فهم فقط من اختاروه إماما وقبلة لهم حين كانوا أرواح معلقة بالملاء الأعلى، ولو تعلق به هناك ملايين لكان يجب أن تكون المعركة هنا بين مئات الملايين ليستشهد بها تلك الملايين التي التفت حول الحسين عليه السلام هناكالمعركة هي نفسها المعركة، والجنود هي نفسها الجنود، والأسلحة هي نفسها الأسلحة
والأعداء والأصدقاء هنا هم نفسهم الأصدقاء والأعداء هنا،
وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا لا على نحو الجبر والإجبارولكن على نحو الخيرة والإختيار، وعلم الله بنا سابق على وجودنا
إن أجمل ما يميز قصة الخلق أنها ليست قصة ثابتة وأن تفاصيلها ليست محتمة الوقوع
فهذه القصة قد اعيد كتابتها او قد أعيد كتابة بعض أجزائها بعدد أنفاس من قد خلقهم الله حتى هذا اليوم، وسيستمر “ن” بإعادة كتابة سطورها بما يتناسب وإرادة وأفعال شخصياتها الحالية والقادمة حتى قيام الساعةفبعض أحداث قصة الخلق هذه محتمة الوقوع، مثل حدث وجودي ووجودك ووجود فرعون وهامان ووجود جميع من سمعنا عنهم في هذه القصة، ومثل متى وأين سينزل كل منا على خشبة المسرح، وجميع المشاهد التي سننزل بها، ومثل وصولي ووصولك ووصول جميع شخصياتها لكمالها الذي تنشده لنفسها،
هذه الأحداث وغيرها في هذه القصة هي من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل فيها
هذه الأحداث نحن لا نسأل الله أن يردها ولكننا نسأله اللطف بها، نسئله اللطف بها بمعنى أن لنا نوع من الإختيار والإرادة خلال تواجدنا بهافوجودنا بالقصة وبهذا المشهد أو ذاك هو حتمي الوقوع، ولكن ما سنقوله وما سنفعله خلال تواجدنا في تلك المشاهد هو من اختيارنا وبإرادتنا وعلى أساسه سيقوم “ن” بتغيير وإعادة كتابة المشاهد والفصول الآحقة في هذه القصة،
“ن” سيعيد كتابة الفصول والمشاهد الخلفية فقط، وليس الحوار، الحوار في تلك المشاهد متروك لنا، فنحن من يقرر ماذا سنقول بها وماذا سنفعل بها
إنها قصة مكتوبة بأمر بين أمرين، فليست كلها حتمية، وليست كلها بالإختيار
فوصول كل مريد لمراده بها هو حتمي، أما كيف سيصل فهو بالإختيار، الحتمي بهذه القصة لكل منا هو المشهد الأول والأخير، فالأول هو مشهد نزولك ونزولي بها، والأخير هو مشهد وصولك لمرادك الذي اخترته لنفسك منذ البدء ووصولي له كذلك
والطريقة الأمثل حسب عقلي القاصر هو أن لا نشارك بهذه القصة كشخصيات تؤدي على مسرح الحياة أدوارها، ولكن أن نشارك كمشاهدين لها
فالمشارك المؤدي بهذه القصة يجب أن يفرح بما حصل عليه منها وأن يحزن أيضا لما أصابه بها
ويجب أن يبكي، وأن يضحك، وأن يتصارع مع بقية الشخصيات من أجل البقاءأمّا المشارك المشاهد فهو يتفاعل مع المواقف والمشاهد التي تمر عليه بهدوء ورويّة، فإذا فرح لمشهد منها لا تراه يضحك بل يتبسم،
فهو لا يضحك إلا تبسما،
ففي لعبة الشطرنج، الوزير يمكر ويضحي بجنوده وكبار أعوانه الذين يقتلون بعضهم البعض بمشاهد لا تخلو من القسوة والوحشية من أجل الوزير الماكر والملك الجبان الذي لا يجيد شيئا سوى الهرب، إلا أن يقدم الخصم له نفسه وقد قيّد يديه وقدميه بنفسه لكي يقتله الملك بكل هدوء
كل تلك المشاهد الصاخبة يمكننا أن نتخيلها تجري على رقعة الشطرنج، ولكننا لن نتخيل أن من يحركان شخصياته يبكيان ويصرخان ويتألمان كما الجندي والفيل والقلعة والحصان، فهما رغم أنهما اللاعبان الحقيقيان لكنهما يلعبان من موقع المشاهد لا من موقع المؤدي.
15/07/2024 at 4:45 م #1383إبراهيم على نبينا وآله وعليه وآله السلام حينما قال لجبرائيل عليه السلام: أمّا لك فلا حاجة لي، فلقد كان حينها يشارك بتلك المسرحية ولكنه كان كمن يشارك بها مشاهدة لا تأدية، فحالته النفسية حينها كانت مستقرة تمام الإستقرار فلا خوف ولا شك كان يساوره بها حتى وهو يطير بالهواء متجها نحو النار العظيمة التي أوقدها النمرود لهوحين نجح في هذا الإختبار العظيم أعد الله له اختبار أعظم، فأوحى له أن اذبح ابنك بيدك وبسكينتك، وهذه المرة لم ينجح لوحده في هذا الاختبار والبلاء العظيم، ففلذة كبده نجح قبله في أن يكون مشاهدا لا مؤدّيا لدوره في هذه الحياة الدنيا، فقال له افعل ما تؤمر ومشى أمامه بكل هدوء متوجها نحو المذبح، ومد عنقه بسَكِينَةٍ ووقار تحت سكّينة ويد أبيه التي أخذت تحز رقبته، ولكن السكينة كانت مأمورة بأن لا تذبح
كيف سيكون شعور الأب وقد نجح الإبن بالاختبار واجتازه وسقط هو به؟
أُرفض ان تكون مشارك مؤدّي
وحاول أن تكون مشارك مشاهدفجسدك ليس لك ولكن المطلوب منك بمعونة العقل وجنده ومجانبة الجهل وجنده أن تحركه حركات محسوبة لك ولك وحدك
الكثير منا عندما يحاول أن يتصور العقل والجهل المذكورين برواية جنود العقل والجهل الشريفة يرسم لهما صورة يجعل بها لمن يمثل العقل صورة جميلة جدا كما وأنه يختار أقبح الصور وينسبها للذي يمثل الجهل
ولكن نفس من رسم هذه الصورة في خياله لهما، لو أخرج العامل الذاتي قبل رسمه لهذه الصورة لكانت قد خرجت بصورة مختلفة جدا
فمن رسمهما يعتقد أن من يمثل الجهل وجنوده قبيح جدا لا لأنه رآه بعينيه أو لأن أحدهم رآه بعينيه ووصفه لنا، ولكن ولأنه يستقبح جنود الجهل فقد حكم بقبح صورة من يحملها، فتصوره بهذه الصورة المشوهة بينما تصوّر من يحمل جنود العقل بصورة جميلة لأنه يرى العقل جميل وجنوده كذلك
أقول من تخيلهما لو اخرج العامل الذاتي من حكمه لوجب أن يتخيلهما بصورة متطابقة، بل وكلاهما جميل وجميل جدا أيضا
وإلا فليقل لنا أي من جنود العقل تلك لا تريد الجمال لتتكامل به وأي من جنود الجهل التي تقابلها لا تريد الجمال لتتكامل به؟
فالصادق الجميل يكون صدقه أجمل وأوقع في النفس وأكثر تأثيرا من الصادق الذي لم تتناسق تعابير خلقته بشكل أكمل، فالناس تحب الصادق الجميل وتعتقد أن غير الجميل يتجمّل بالصدق
والجميل العفيف الناس تؤمن أن عفافه هو من ذاته الجميلة ينبع، لا من عجزه لسوء خلقته وعدم تناسق أجزائهوالجميل الكريم ستحبه الناس أيضا حتى لو كان غير كريم، ولكن جماله سيُبرز كرمه ويزيده جمالا فوق جماله
وقس على ذلك مدى حاجة العقل وجميع جنود العقل للجمال وتأثيرها على تكامل ظهور العقل ككل وعلى كل جندي من جنوده بشكل منفرد
ولو نظرت للأمر من جهة الجهل ستجد أن حاجته للجمال لا تقل عن حاجة العقل له، وستجد أن الجمال سيجعل من تحقق جنود الجهل وظهورها سهل يسير
فالمتهتك الجميل لن ينظر احد لتهتكه قدر جماله، وسيحكمون أن نفس صفة التهتك جميلة له، بعكس ما لو كان المتهتك قبيح، فأقل ما سيقال بحقه حينها (( طيّح الله حظه، فوق قبح صورته فهو متهتك أيضا))
اقول أن العامل الذاتي هو من جعل راسم هذه الصورة يرسمها على هذا الشكل والتفصيل لا لكونها مطابقة للواقع ونفس الأمر
فإبليس كان لآلآف السنين بين الملائكة، وهي لم تكن تشعر أنه ليس منها أو أنه مختلف عنها، بل إنه كان يلقب حينها بطاووس ملك ، ويصعب تخيل من كانت صورته قبيحة مثل ما يتصورها البعض كيف يمكن أن يدعوه حينها أحد بطاووس ملك
فالجمال كما أنه أداة من أدوات الكمال للعقل، فهو أيضا ألة من أدوات الكمال للجهل، فكلاهما يحتاجه للوصول لكماله الذي ينشده، والعدل الإلهي هو بإيصال كل مريد لمراده، وتمكين كل مريد من الأدوات التي ستعينه للوصول لمراده،
والجمال يحتاجه الجهل تماما بقدر ما يحتاجه العقل،
من هذا المنطلق أقول لو أخرج من تصور الجهل العامل الذاتي في حكمه قبل تصوره لهيئة من يمثلون الجهل والعقل لكان قد رسمهما على صورة واحدة لا يوجد أي اختلاف خارجي بينهما، بل ولتصورهما أيضا متشابهين كمن ينظر لنفسه في مرآة أو كتوأمين من نطفة واحدة
،،،،،،،، وهما كذلك ،،،،،،،،
ولكن أحدهما فر مبتعدا بأناه عن خالقه حين أمره خالقه بذلك، والآخر التصق به تماما كما أمره خالقه
فكلاهما ينفذان ما كتبه القلم لهما من دور وأقدار مقدّرة في قصة الخلق التي كتبها في الكتاب من قبل أن يبرئها، فهما يدي الله يخلق بهما ،
وكلتا يديه يمين،
فكلاهما مطيع له
والعقل والجهل، أو النور والظلام هما لا يحاولان إفناء بعضهما البعض في هذه القصة، بل يحاولان التخلص من بعضهما البعض، أو يريدان الإنفكاك عن بعضهما البعض،
فكلاهما يريد أن ترجع طينته طينة صافية من كل شائبة، فالظلام أو الجهل يرى أن النور قد شوهه حين اختلط به، ويرى أن عذابه هو بهذا القرب من النور وبهذا الإختلاط به،
وهذا هو نفس شعور من يتجند بجنود الجهل
ألا ترى أن البخيل الكامل في بخله يكره الكريم ويرى أنه مغفل يضيع ماله، والكاذب الكامل في كذبه يكره الصادق، والجبان الكامل في جبنه يكره الشجاع
فالنور والظلام أو العقل والجهل منذ أن خُلطت طينتهما وهما يحاولان تخليص نفسيهما من بعضهما البعض، والإنفكاك من هذا الإختلط الجبري، فكلاهما يرى أنه هو قمة الجمال وأنه بصفاء طينته تكون قمة السعادة، ويرى الإختلاط مع المقابل العصيان والشقاء
فالنور يريد نشر نوره لانه يراه جميل وسعادة محضة،
وكذلك الظلام يريد نشر ظلامه لأنه يراه جميل وسعادة محضة
فالنور أو العقل لا يوجد عنده عامل ذاتي يحكم به، وعندما حكم بجماله وسعادته فلأن خالقه قال له إنك جميل وإنك الجنة وسأكافئ من يتخلق بك وبجنودك بالسعادة الأبدية
أما الظلام أو الجهل فقد حكم بالعامل الذاتي صادقا ومخلصا ومقتنعا بما حكم به بنفسه لنفسه، بانه جميل وأنه هو السعادة الحقيقية لا العقل
فالعقل والجهل منذ أن اختلطت طينتهما وهما يحاولان أن ينفكّا عن بعضهما البعض ، وعندما سيتحقق لهما ذلك أخيرا، سيشعران حينها فقط بالرضى التام وبالسعادة وهي تغمرهما
نعم إن المعركة بين العقل والجهل أو بين النور والظلام لا تزال قائمة، ولكن ليس من أجل أن يُفنيا بعضهما البعض، بل من أجل الإنفكاك عن بعضهما البعض وتخليص طينتيهما من ذلك الإختلاط الجبري
فالنور أو العقل يرى السعادة بكمال صفاء نوره أو بكمال صفاء عقله
والجهل كذلك يرى السعادة بكمال ظلمته أو بكمال جهله
فهل تعتقد أن إبليس عندما ثار غاضبا ورفض أمر السجود لم يكن يرى أن الحق معه، وأنه أفضل من آدم الذي طـُلب منه السجود له؟
فالمتأثر بالعامل الذاتي وظهور الأنا فيه مثل إبليس يقول دائما وأبدا أن الحق معي أنااااااا
وهل تعتقد أن الظالم لا يحكم لنفسه بأن الحق معه حينما يظلم؟
فالظالم أبدا لا يرى القبح فيما يفعله من ظلم،
ولا يرى فيه إلا الجمال،
وكلما زاد ظلمه رءآه أجمل وأكمل، وزادت سعادته حينها اكثر وأكثر
نعم المعركة لا تزال قائمة ولكنها ليست كمعاركنا تنتهي بخسارة أحدهما وربح الآخر
فالمعركة بين العقل والجهل ستنتهي بربح الإثنين،
فكلاهما سيعودان أخيرا كما خلقهما أول مرة نور صافي وظلام صافي، فكلاهما من أول مخلوقاته الروحانية، ولولا عظم شأنهما وضرورتهما لعملية الخلق لما خلقهما في بادئ بدء الأمر وقبل حتى أن يخلق رسله وأنبيائه
فلماذا خلقهما الله قبل جميع خلقه؟
15/07/2024 at 4:46 م #1384
ان العقل هو الجنةوالجهل هو جهنم
فلكل باطن ظاهر
تماما كما أنه
لكل ظاهر باطن“وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ”
فكما أن الكلمة التامة هي باطن أركانها الكلمات الظاهرة
فإن الكلمات الأركان هي باطن الجنة والنار والسماوات والأرضين
وهي باطن العقل والجهل والجنة والنار كذلكفالعقل هو باطن الجنة
والجنة هي ظاهر العقل
والجهل هو باطن جهنم
وجهنم هي ظاهر الجهل
فالعقل هو رب أصحاب اليمين وهو يشتاق إليهم
والجهل هو رب أصحاب الشمال وهو يريد المزيد منهم
والعاقل حي يرزق
والجاهل ميت ولكن لا يشعر“الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ”
ومن الرواية نفهم أنه تبارك وتعالى خلق العقل والجهل ليبلونا بالمعرفة أولا،
والعمل الخالص من أي شائبة هو دليل المعرفة
فالجهل هو الموت
والعقل هو الحياة
فأيهم تتوقعون سيكون أحسن عملا؟
هل هو من سيتجند بجنود الجهل؟
أم من سيتجند بجنود العقل؟القرآن الناطق تعني أن كلماتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين تصدح تفصيلا بما هو موجود بالقرآن الصامت مجملا
من خلال نفس تلك الروايتين التي أوردتهما في بداية الموضوع سنحاول أن نتدبر بعض كلماتهما التفصيلية ونحاول أن نتتبع مجملهما من كلمات القرآن الصامت
وسنعيدهما هنا للتبرك بهما مرة أخرى:روي عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ انه قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام وعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ والْجَهْلِ
فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: اعْرِفُوا الْعَقْلَ وجُنْدَهُ
والْجَهْلَ وجُنْدَهُ تَهْتَدُوا.
قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لا نَعْرِفُ إِلا مَا عَرَّفْتَنَا.
فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ
وهُوأَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ
عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ
فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ
ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ
فَقَالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى
خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي
قَالَ:
ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الاجَاجِ ظُلْمَانِيّاً
فَقَالَ لَهُ : أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ
ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ
فَقَالَ لَهُ :
اسْتَكْبَرْتَ
فَلَعَنَهُ
ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً
فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْعَقْلَ ومَا أَعْطَاهُ …. أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ
فَقَالَ الْجَهْلُ :
يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي
خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ
وأَنَا ضِدُّهُ
ولا قُوَّةَ لِي بِهِ
فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ
فَقَالَ نَعَمْ
فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ
أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي
قَالَ : قَدْ رَضِيتُ
فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً
فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ والسَّبْعِينَ الْجُنْدَ:
…….. الرواية ………..
ولا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل، إلاّ في نبيٍّ أو وصي نبي أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان
وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتّى يستكمل وينقى من جنود الجهل
فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء
وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده ومجانبة الجهل وجنوده.
وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته. (الكافي ج1، باب العقل والجهل ح14).
15/07/2024 at 4:46 م #1385
وهذه رواية أخرى تتكلم عن أول ما خلقه الله من الماء العذب والملح الأجاج بمعنى أنها تتكلم كذلك عن العقل والجهل لكنها تصف زاوية أخرى لهما، أو تصف صفات أخرى من صفاتهماالرواية:ـ
أبوعلي الاشعري ومحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق ما اختلف اثنان،
إن الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق قال: ـكن ماء عذبا أخلق منك
جنتي
وأهل طاعتيوكن ملحا اجاجا أخلق منك
ناري
وأهل معصيتي
ثم أمرهما فامتزجا،فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن
ثم أخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا فاذا هم كالذر يدبون،
فقال لاصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام
وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي،
ثم أمر نارا فاسعرت،
فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها،
فقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها،
فقال: كوني بردا وسلاما فكانت بردا و سلامافقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا
فقال: قد أقلتكم فادخلوها،
فذهبوا فهابوهها،
فثم ثبتت الطاعة والمعصية
فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء،
ولا هؤلاء من هؤلاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إنتهىنستفيد من تدبر هذه الرواية والتي قبلها
أن العقل هو أول مخلوق روحاني وأنه هو الجنة
وأنه مخلوق قبل خلق السماوات والأرض
وأن جنود العقل هم جنات الجنة،وأن العقل هو كلمة من كلمات الله
وأن العقل هو رب أصحاب اليمينوكذلك نفهم أن الجنة مخلوقة من النور الإلهي
وأنها مخلوقة من نور على يمين العرش قبل خلق السماوات والأرضوأن العقل هو رب أصحاب اليمين
لأنهم اتخذوه من البدء ربا لهموسنفهم معنى أن الجنة تشتاق لأصحابها هو أن رب أصحاب اليمين يشتاق لأصحابه فهو نور اليمين
وسنفهم منهما أيضا أن الجهل هو جهنم
وأن جنوده هم أبواب جهنم ونيرانها،وأن الجهل مخلوق ظلماني
وأن الجهل هو نفسه جهنموأنه هو رب أصحابه أصحاب الشمال
فهو البحر الإجاج الظلماني ظلمة الشمال التي تقابل نور اليمين
وهو يربيهم لأنهم اتخذوه من البدء ربا لهموأنه كلمة من كلمات الله
وأنه قد خُلق مع العقل رب أصحاب اليمينوسنفهم منهما لماذا أن نيران جهنم ظلمانية
فكما أن الجهل ظلماني فإن نيرانه من سنخه فهي كذلك ظلمانية
الخصال: وفي النبوي(صلى الله عليه وآله): إيّاكم والظلم، فإنّ الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة
فكلمة الله “الجهل” لها ظاهر هي باطنه
وباطنه له إسم أعظمفظاهر كلمة الله “الجهل” هو جهنم
وإسمه الأعظم أو وزيره حسب تعبير الرواية هو إبليس،
فإبليس هو الشر وزير الجهل او هو الاسم الأعظم لكلمة الله الجهل رب اصحاب الشمال،
وربما قوله تعالى عليها تسعة عشر يشير لذلك فمجموع حروف ابليس هو تسعة عشروهنا قد يتبادر إلى ذهن احدنا هذا التساؤل وهو:ـ
أين ذُكر إسم الله الأعظم “الجهل”؟
بأي آية أو في أي حديث ذُكر هذا اللفظ أو هذا المعنى في أن الجهل هو إسم من أسماء الله العظمى؟
والجواب هو ألا تكفي رواية جنود العقل والجهل لتقول لنا أن الجهل مخلوق عظيم؟
نعم قد أكون قد بالغت قليلا حين قلت أعظم بدون تقييد، ولكن الواقع أنه أعظم ولكن بقيد،
فالعقل حسب الرواية هو أول مخلوق روحاني، فلا أرواح قبله، وحين خلقه ربه ماذا قال له؟قال له: خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي
فنفس الرواية تقول لنا أن العقل قد كرمه ربه على جميع خلقه الرواحنيين
فالعقل إذن ومن نفس هذه الرواية هو الخلق الأعظم وهو الخلق الأكرم وهو الأعظم تكريما
حيث أنه هو أول المخلوقات الروحانية وأعظم المخلوقات الروحانية وأكرم المخلوقات الروحانيةومن الرواية الثانية نفهم أن العقل كذلك هو جنة الله
فأي إسم أو أي مخلوق في العالم الروحاني المخلوق هو أعظم منه؟
نعم العالون هم أعظم منه، ولكنهم ليسوا مخلوقات روحانية، فهم فوق المخلوق ودون الخالقأمّا الجهل الذي وصفته الرواية كذلك بأنه إسم أعظم فهو الثاني من المخلوقات الروحانية، بل هو توئم العقل الذي خُلق معه ونُـزّل في عالم الوجود بعده كما ينزل التوئم مع توئمه والرواية تقول لنا أنه كان واعيا لكل ما كان من العقل ولكل مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْعَقْلَ ومَا أَعْطَاهُ فأَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ ثم جاهر بها وطلب فرصة أن ينازله وينابذه، وهذا الموقف يذكرنا بموقف إبليس من خليفة الله فحين رأى إبليس مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْخليفةَ ومَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ وطلب الفرصة في أن ينازله وينابذه
نعود الآن للجهل ونقول إن هذا المخلوق من العظم بحيث أنه لم يكن يوجد بينه وبين الله حين الخطاب وسيط سوى الكلمات وعلى الأغلب أن نفس الكلمات التامات هي من خاطبته،
ويكفي هذا المخلوق عظمة أن الله قال عنه كما ورد لفظه في الرواية الثانية: إنّ الله خلق منه ناره، وأهل معصيته
فمنه قد خلق الله ناره الموقدة التي أوقدها بنفسه لأهل معصيته ولا ولن يستطيع أحد أن يطفئها إلا هوولهذا المخلوق حسب الرواية من القوة والعزة والمنعة تماما كما للعقل المخلوق الروحاني الأول
ومن عظمة هذا المخلوق أيضا أن له قدرة وسلطة إلهية على جميع العباد إلا المُـخلَصـَــين منهم
هذا المخلوق الإلهي العظيم لا يمكننا أن نكرهه ولكن يجب علينا الهروب منه للعقل، تماما كما أمرنا الله أن نفعل على لسان أنبيائه ورسله وأوليائهفنحن إذن وامتثالا لأوامره جل جلاله نهرب من الجهل للعقل ولكن نقر أن كلاهما إلهيين،
ونحن بذلك نهرب من الله ولكننا لا نلجئ إلا إلى الله،
فنهرب من ناره ونعوذ بجنته،
ونهرب من معصيته بطاعته،
ونهرب من غضبه لرضاه،فنحن بذلك نهرب من الله الى الله،
ونهرب من حبيبنا لحبيبنا،وكل من ينظر للوجود بهذه النظرة لا يستطيع أن يكره شيئ سوى الإختيارات السيئة التي قد يختارها البعض منا دونا عن غيرها
وهنا عندما اقول العقل والجهل او النور والظلام فلا يذهب الفكر أو يتوقف عند من يمثلونهما، فإبليس يمثل الجهل وهو اسمه الأعظم أو وزيره كما وأنه هو احدى تلك الأدوات التي ستعين الجهل لبلوغ كماله، أما العقل فيمثله وزيره الخليفة الإلهي وجميع الانبياء
وإبليس يسعى لتحقيق أهداف الجهل المخلوق مع العقل وربما بعده ببرهة بسيطة
والجهل حسب الرواية حدد هدفه وكماله بوضوح، فهو يريد أن ينتصر على العقل، ولا زال الجهل ينتصر على العقل منذ قابيل وهابيل حتى اليوم، بل منذ أخرج أبينا آدم عليه السلام من الجنة، ومع كل انتصار ينتصره الجهل في هذه الحياة الدنيا هو بعيد افواجا كثيرة من الانس والجن الى جهنم لتكتوي بنيرانها،
والعقل بدوره يريد أن يدخل عباد الله فيه، أي يريد أن يدخلهم الجنة، فهو الجنة
15/07/2024 at 4:46 م #1386
فالله جل جلاله خلق الجنة والنار منذ البدء، أو خلق العقل والجهل، وهما نفسهما الجنة والناروهنا لا أنكر العذاب ولا أنكر النار ولا أنكر تبديل الجلود، وما أنكره هو أن تكون جهنم ظرف مكاني يجمع الله به العاصين والمذنبين على مختلف ذنوبهم ومعاصيهم، لكويهم باعمدة من النار واللهيب الذي نعرفه بهذه الدنيا
فجهنم حسب تصوري ليست على تلك الصورة التي نتصورها بها، من كونها وجود مكاني محدود كالبرميل المشتعل نارا ويلقي الله به مختلف العاصين على اختلاف ذنوبهم فيكبّهم الله فيه،
ولو كنا نتصورها هكذا فلنرجع الى القرآن الكريم لنجد أن تصورنا هذا لا علاقة له بما جاء فيهما من وصف للنار
وبالنسبة لانفصال النور عن الظلمة يمكننا ان نفهمه من قوله تعالى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
ومن قوله تعالى
يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
فمن سيدخل الجنة سينزع الله ما في قلبه من غل ليصبح وجوده نور كامل لا ظلمة فيه
ومن سيدخل النار سينزع الله ما في قلبه من نور، ولو كان في قلبه ذرة منه لدخل بسببها برحمة الله في الجنة،
الغل أو جنود الجهل هي أدوات يصل بها الجهل لمراده وهدفه ويحقق بها كماله الذي سيصل إليه حتما وعدلا، فالجهل هنا هو الأصل، وجنوده هم أفرعه، والأفرع ستعود للأصل في النهاية، فهي منه تفرعت في قوس نزولها واليه سترجع في قوس صعودها
وحين ينفصل النور والظلام عن بعضهما البعض سيتحقق وعد الله
لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
ــــــــــ
مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
ــــــــــ
نعم قصة الحياة قد كتبها الله من قبل أن يبرئها ولكننا نبدل بمشيئتنا وفي كل يوم وكل ساعة وثانية ما كتبه القلم فيها من قبل، فأحداث هذه القصة منها ما هو حتمي الوقوع ومنها ما هو قابل للمحو والتبديل تبعا لإرادتنا
ــــــــــ
ونفس الموقف الذي حصل بين الجهل والعقل ورواه لنا القرأن الناطق في رواية جنود العقل وجنود الجهل سنجده يعود مرة أخرى للظهور بين وزير العقل ووزير الجهل بتفاصيل يرويها لنا القرأن الكريم، القرآن الصامت،بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ (18)
في بداية الآيات كان الخطاب موجه إلينا ويصف كيف أن رب العالمين مكننا في الأرض وجعل لنا فيها معايش، ثم انتقل لوصف مشهد سابق فقال إننا خلقناكم وصورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم،
وآدم هذا لا بد أن يكون أفضلنا خلقا وصورة وعلما ومنزلة بحيث أن الله تبارك وتعالى اختاره لنفسه ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها وقرر أن يجعله خليفته بالأرض، فاجتباه لنفسه ثم قدمه للملائكة جميعا وقال لهم اسجدوا له،
وربما لو تأملنا الآيات الكريمة بشكل أدق سنجد أننا كنا في ذلك الموقف أيضا موجودين ،،، فالآية تقول
وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَفنكون حينها مشمولين بأمر السجود أيضا
أقول أن آدم هذا لا بد أن يكون أفضلنا خلقا وصورة وعلما ومنزلة بحيث أن الله تبارك وتعالى اختاره لنفسه وقرر أن يجعله خليفته بالأرض، فاجتباه لنفسه وعلمه الأسماء كلها ثم قدمه للملائكة جميعا وقال لهم اسجدوا له، وذلك إعلانا منه لهم ولنا في ذلك الموقف أنه هو هذا هو خليفتي على الأرض، وهو هذا الذي أخبرتكم عنه، فقعوا له من فوركم ساجدين،
إبليس بسبب حسده لأدم بمعنى رغبته الشديدة بالحصول على ذات ما حصل عليه آدم وليس مثله أو غيره سقط نفاقه وظهر ما كان مخفي منه عن باقي الملائكة وكان الله يعلمه وهنا بدء الحوار، ((انتبه فنفس ما حصل بين العقل والجهل سيتكرر))
– ما منعك من السجود لخليفتي؟
– أنا أفضل منه للخلافة وسأثبت لك أنني أفضل منه إن أعطيتني الفرصة والقوة والعزةوهذا المعنى نستقيه من قوله تعالى في محكم كتابه الكريم ويروي فيه قول ابليس اللعين
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
فما معنى هذا القول.. فبعزتك؟
يقولون لنا من غير دليل أنه قسم، ولقد بحثت كثيرا فلم أجد من كلمات أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ما يدل على أنه أقسم حينها
ولمعرفة معناها لجئنا لنفس القرآن الكريم واستنطقنا آياته، فبحثنا فيه مورد لفظ فَبِــ
فوجدنا ما يلي :لم أجده يشير لمعنى القسم ولا في أي مورد منها إطلاقا وانحصر المعنى بكل الموارد إما بالسؤال أو باشتراط تحقق الفعل بالصفة التي ارتبط بها المركب فَبِـ
وما اصابكم يوم التقى الجمعان فباذن الله وليعلم المؤمنين
فلولا الإذن لما تمت الإصابةفبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا
ولولا الظلم لما تم التحريماولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا اسالكم عليه اجرا ان هو الا ذكرى للعالمين
ولولا الإقتداء بهدى الله وحده لا شريك له لما تمت الهدايةاولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فباي حديث بعده يؤمنون
وهنا جائت بمعنى السؤالقل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون
فلولا فضل الله ورحمته لما جائت الموعضة ولا تمت الهداية ولا شفاء ما في الصدوروما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير
وهنا المعنى لولا ما كسبته ايدينا لما أصابتنا المصائبتلك ايات الله نتلوها عليك بالحق فباي حديث بعد الله واياته يؤمنون
وهنا لا يوجد قسمفباي الاء ربك تتمارى ((تكررت في سورة الرحمن 31 مرة))
وهنا أيضا لا يوجد قسمما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فباذن الله وليخزي الفاسقين
فالقطع والترك هنا لم يتم إلا بتحقق الإذن الإلهيفباي حديث بعده يؤمنون
لا يوجد قسم هناوهنا نأتي للآية محل البحث
قال فبعزتك لاغوينهم اجمعين
فلو أردنا أن نستمرعلى نفس هذا المنوال سيكون المعنى حينها إمّا أنّ الإغواء لا يتم إلا بتحقق العزة للغاوي
أو سيكون المعنى هو السؤال من الغاوي أو لمن يريد أن يتحقق بصفة المغوي: أعطني أو أعزني بعزتك لأستطيع حينها أن أغوي، فإن أعززتني بعزتك لأغوينهم حينها وفقط حينها أجمعين،
فهو يقول أنا خلق مثله (مثل الخليفة) وأنا ضده، وأنت كرمته وجعلته الهادي لك فجعلته خليفتك وقويته فأعطيته من عزتك ليهدي بها، وأنا ضده وأريد أن أكون الغاوي فأعطني مثل ما أعطيته من القوة والعزة لكي أغوي بها، فيتم بذلك العطاء عدلك الإلهي بيننا
وحيث أن عزتك واحدة وأنك أعطيتها للخليفة ولحزبه فإنني لن أستطيع حينها حتى ولو أردت أن أغويهم أن أغويهم، فهم مخَلَصونَ مني بنفس عزتك التي أغوي بها، فعزتك كما أنها تحميني أو تعزني منهم، فإنها تحميهم أو تعزهم مني
فَقَالَ الحق: نَعَمْ أُعطيك ما سألت
والحق أقول إِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ
أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي و لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَنعم سأعطيك ما سألت وسأزيدك أيضا بكرمي لثقتي بانتصار خليفتي، سأزيد العطاء لك وأدعمك بمجموعة تعينك، فأنت وهم من المنظرين ليوم الوقت المعلوم ((هم خلاصة جنود الجهل))
فقال إبليس بما أنك أعطيتني الفرصة ومكنتني من القوى والأدوات التي ستعينني على ما أنوي سأخبرك بخطتي
لأقعدن لهم ((أي لنا نحن)) خليفتك على الأرض والذي هو صراطك المستقيم والذي اخترته بدلا مني، وبما أنني لا سلطان لي على خليفتك وصراطك المستقيم سأقعده وأعطله باستهداف بقية ما خلقت وصورت منهم وجعلته خليفة لك في الأرض عليهم ،
سألهيهم بجنودي عنه وسأجعلهم يختارون أي خليفة أزينه أنا وجنودي لهم، وبعد أن أصرفهم عن خليفتك سألهيهم وجنودي بشتى الوسائل والأساليب لأبقيهم بعيدا عنه وأنسيهم ايّاه
فقال له تبارك وتعالى اخرج منها مذؤوما مدحورا ولا يهمني مصيرك ومصير من سيترك اتّباع خليفتي ويتّبعك بدلا منه، وسأدخلنكم جميعا في جهنم، ولأملأنها منكم جميعا ولا أبالي
نفس الموقف ونفس الأحداث التي حدثت بين العقل والجهل ها هي تتكرر مرة أخرى في عالم الخلق ولكن بين وزير الجهل ووزير العقل
وهنا نجد أن وزير الجهل قد توعّد وزير العقل بالإقعاد والتعطيل والفشل، فهل نتوقع أن وزير العقل بقي صامتا، أم أنه بدوره قال شيئا؟
نعود للقرآن الكريم ونسأله ونستنطقه فنجد قوله تبارك وتعالى:
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌفهل من الممكن أن يكون من قال لأغلبن أنا ورسلي هنا هو نفس الخليفة؟
15/07/2024 at 4:47 م #1387
ولقد طرحت هذا السؤال على بعض الإخوة ممن لهم اطلاع على قواعد اللغة العربية أفضل مني فجاء الجواب بالشكل التالي والذي سأقتبسه وأضعه بين أقواس:((((( اخي العزيز :
سانقل كلاما عنك وهو :
قال ص لافوزن انا واصدقائي
والان :
قال … تعود لي انا المتكلم انقل عن ص
ص …. القائل
لافوزن انا … كلام ص القائل
اصدقائي … اصدقاء ص القائل!!!!!! ماهو رايك ؟
ولكن لنكمل العباره :
قال ص لافوزن انا واصدقائي ان ص متسابق قوي !
هنا دخل المقطع الاخير وهو ( ان ص متسابق قوي ) اين نضعه ؟
سيعود للناقل حيث ان وبعد ان نقل عن ص عاد ليصف ص فقال عنه : ان ص متسابق قوي !الايه قالت :
كتب الله … ناقل ينقل للقارئ ماكتبه الله
لاغلبن انا ورسلي … ماكتبه الله
ان الله قوي عزيز … الناقل يصف الله الكاتب !ولكن هل ينتهي الامر عند هذا الحد ؟!
لااظن هذا !لننظر الى قوله تعالى :
( وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (المائدة:12)
اخذ الله … غائب
بعثنا منهم … جمع حاضر
قال الله … غائب
اني معكم … مفرد حاضر
امنتم برسلي … مفرد حاضر
اقرضتم الله …. غائب
لاكفرن …. مفرد حاضر
لادخلنكم ….. مفرد حاضروالان ؟؟
من غير المعقول تماما ان نعيد جميع الضمائر المفرده الحاضره والمفرده الغائبه والجمع الحاضر الى الله سبحانه وتعالى !
واقلها يكفي ان العائدية على الله سبحانه جاءت بذكر لفظ الجلاله الله
فيكون جميع ضمائر المفرد الغائب تعود الى الله سبحانه وهي واضحه
جميع ضمائر المفرد الحاضر تعود على المتكلم الناقلوعليه يكون : رسلي هم رسل المفرد الحاضر المتكلم والناقل عن الله سبحانه
( ارجو الانتباه الى عبارة واقرضتم الله فهي جاءت بالمفرد الغائب وهي تميز عائدية ماقبلها ومابعدها بشكل واضح جدا حيث مثلا من ما بعدها هو قوله لاكفرن فلو ان التكفير يعود لله لقال ليكفرن ! وهكذا مع بقية الضمائر)
المهم في النهاية يكون هذا المورد الكريم شاهدا واضحا على ماذهبت اليه اخي العزيز وان ماكتبه الله هناك هو ( لاغلبن انا ورسلي ) اي المتكلم الناقل للخطاب ورسله ……………)))))…انتهى الإقتباس
إذن فالحاضر المتكلم والناقل عن الله سبحانه وتعالى قال: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
فأين كانت الكتابة؟ أو في أي كتاب قد كتب الله أن المتكلم ورسله سيغلبون؟وهل نفهم من ذلك أن الله قد كتب تفاصيل الصراع في ذلك الكتاب، وأنه قد حدد الغالب به أيضا؟
أسئلة كثيرة تتفرع من هذه الآية الكريمة، وربما ستوضح الإجابة عنها الكثير من تفاصيل قصة الخلق وأطراف الصراع فيها ودور الجهل ووزيره وجنوده فيها
ومنها هذا السؤال وهو من قوله تعالى:
لأغلبن أنا ورسلي ……… فهل لهذه المجموعة الغالبة إسم معين؟ أقصد المتكلم ورسله هل لهم صفة معينة كمجموعة غالبة أو كمجموعة ستغلب؟
للإجابة عن هذا السؤال نأخذ الصفة التي وُصِفوا بها في هذه الآية الكريمة ،،، فنجد أنهم هم المجموعة الغالبة بقوة وعزة الله كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
فهل لهذه المجموعة الغالبة إسم أو صفة أخرى في القرآن الكريم؟
نبحث فنجد أن لهذه المجموعة في نفس هذه السورة الكريمة صفة أو إسم آخر وهو “”حزب الله””
فإجابة سؤال: من هم الغالبون؟ ستكون إذن من سورة المائدة:
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ () وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
والإجابة على سؤال من هم حزب الله؟ ستكون من نفس سورة المجادلة :
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ () لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
والإجابة على سؤال كم هو عدد أفراد هذا الحزب ستكون من الرواية الشريفة:
فتقطرت منه مائة ألف قطرة وعشرين ألفاً وأربعة آلاف قطرة، فخلق الله من كل قطرة روح نبي رسول،
فالعدد الإجمالي لأعضاء حزب الله مع رئيسهم وهو المتكلم سيكون إذن = 124000 + نفس المتكلم = 124001 نبي رسول
نسأل هل لهذه المجموعة إسم أو صفة أخرى في القرآن الكريم، هذه المرة نبحث عن صفة للرسل بعد أن عرفنا أنهم هم وقائدهم الغالبون فنجد لهم صفة مهمة أخرى وهي أنهم هم :
“”الذين أنعم الله عليهم””
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا
وبالتأكيد قد تبين لنا من سيغلب حزب الله وقائده، فحزب الله سيغلب حزب الشيطان
فما هو عدد حزب الشيطان إذن؟
لا بد أن يكون عدد حزب الشيطان على أقل تقدير مساوي لعدد حزب الله قوة وعددا وهذا نفهمه من رواية جنود العقل والجهل لقول الجهل
فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْعَقْلَ ومَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ وأَنَا ضِدُّهُ ولا قُوَّةَ لِي بِهِ فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي قَالَ قَدْ رَضِيتُ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً
فالجهل طلب أن يكون ندا كفوء للعقل بالقوة والعدد كذلك، والله قال له نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي
وإبليس وهو إسم الجهل الأعظم أو وزيره طلب من الله جل جلاله نفس هذا الطلب فأجابه الله إلى ذلك، بمعنى أريد واحد جهل معادل بالقوة لكل واحد عقل، وذلك حين طلب من الله جل جلاله ما يلي:
فقال إبليس : يارب جعلت لادم ثلاث خصال فاجعل لى مثل ماجعلت له فقال : قد جعلت لك لا يولد له مولود إلا ولد لك مثله ، وجعلت لك أن تجري منهم مجرى الدم في العروق ، وجعلت لك أن جعلت صدورهم أوطانا ومساكن لك ، فقال إبليس : يارب حسبي
وأعضاء حزب الشيطان ينوجدون ويولدون مع أعضاء حزب الله ويتواجدون معهم في نفس المكان والزمان وذلك نفهمه من الرواية التالية:
عن الصّادق(عليه السلام): مابعث الله رسولاً إلاّ وفي وقته شيطانان يؤذيانه ويفتنانه ويضلاّن الناس بعده
وحيث أن لكل نبي وصي معه في زمانه، فلا بد أن يكون في عهده شيطانين أيضا، فشيطان منهما يكون بالشيطنة ندا للرسول المرسل، بمعنى مساوي له بالقوة، ولكنه معاكس له بالإتجاه،
والشيطان الآخر في عهد كل رسول سيكون الندّ لوصيه وبنفس المعنى السابق، أي مساوي بالقوة للوصي ولكنه معاكس له بالإتجاهفحبتر معاصر لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله، وزريق معاصر لوصيه صلوات الله وسلامه عليه وآله وكلاهما (حبتر وزريق) لعنة الله عليهما قد آذيا رسول الله ووصيه وأضلوا الناس من بعدهما
فــ:
قد جعلت لك لا يولد له مولود إلا ولد لك مثلهوارجو الانتباه هنا للفظ ((مثله)) وما يعطيه من معنى
15/07/2024 at 4:47 م #1388
لكل قصة بداية ونهاية، ولكل قصة كاتب يكتبها، وبكل قصة توجد شخصيات محورية تدور أحداث القصة كاملة حولها، وبكل قصة توجد شخصيات ثانوية لإكمال المشاهد في تلك القصة، إلا في قصتنا هذه، ففي قصتنا هذه فإن الشخصيات الثانوية المغمورة والتي تتبدل وجوهها مع انقلاب كل صفحة من صفحات كتاب هذه القصة هي نفسها الشخصيات الرئيسية في هذه القصة ولكنها يتبدل موقعها في هذه القصة من مكان إلى مكان ومن مرحلة إلى أخرى حتى تمام نهاية هذه القصة
فأبطال وشخصيات هذه القصة ما خُلقوا للفناء ولكن للبقاء خُلِقُوافعن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال: ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء وإنما تنقلون من دار إلى دار وأنها في الأرض غريبة وفي الأبدان مسجونة
فجميع شخصيات قصة الخلق هي موجودة إذن وتتقلب في جميع مراحل هذه القصة منذ بداياتها حتى نهايتها، وهذا ما سنكتشفه بأنفسنا ولكن في مراحل متقدمة من القصة، وذلك عندما يزيد وعينا عبر تلك المراحل وتتكشف لنا الحقائق بها تباعا، وابتدائا من بصرك اليوم حديد سنتدرج في شهود تلك الحقائق حتى نراها أخيرا عين اليقين فنطمئن بتلك الرؤية فنرجع راضين مرضين إلى ربنا فندخل في عباده وندخل جنته
وعباده وجنته هنا ليسما اثنين منفصلين، بل هما واحد ولكن باسمين مختلفين
فعباده يقولون لنا: ألا تتولونا؟ فإن أجبنا بنعم، قالوا لنا: إذن فأنتم الآن حقيقة في الجنة لا مجازا
قلنا أنّ لكل قصة بداية، فما هي بداية قصة خلقنا؟
يكاد الجميع يقولون أن بدء قصة الخلق كان بالـ “الكلمة”
مثل ما جاء تفصيله عند النصارى في :
يوحنا 1 : 1-30في البدء كان الكلمة
والكلمة كان عند الله
وكان الكلمة الله
هذا كان في البدء عند الله
كل شيء به كان
وبغيره لم يكن شيء مما كان
فيه كانت الحياة
والحياة كانت نور الناس
والنور يضيء في الظلمة
والظلمة لم تدركه … انتهىومنهم المسلمون أيضا، ولكن بتعبيرات وألفاظ مختلفة،
فمرة كان اسم هذه الكلمة نور قسمه نصفين ومرة أخرى كان اسمه عقلا وأخرى مشيئة أو قلم أو روح،ومنها ما جاء صراحة أنه تبارك وتعالى قد خلق الـ “كلمة” في البدء،
مثل ما جاء تفصيله عن أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين فــ:عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ـ
إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير منعوت، وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير مجسد، وبالتشبية غير موصوف، وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر …. بقية الروايةفقبل هذه الكلمة لم يكن هناك زمان أو مكان، ولم يكن هناك نور أو ظلام،
وما قبل هذه الكلمة لا نستطيع أن ندركه، لأنه لا يخضع للزمان والمكان، ولا يمكن وصفه بالأضداد، فهو الذي خلق الزمان والمكان وهو الذي خلق الأضداد، فكيف للمخلوق أن يصف خالقه وهو مفتقر في وجوده إليه؟وطبيعة قصة الخلق تحتاج إلى بداية ونهاية، وتحتاج إلى ما بينهما من مراحل زمنية متتابعة يتبع بعضها البعض الآخر بشكل سلس ومتسلسل كنهر جار سيّال
وقد يسأل سائل لماذا خلق الله تبارك وتعالى هذا الإسم وجعله كلمة تامة؟
والجواب هو أن الله تبارك وتعالى أحب أن يُعرف فخلق هذه الكلمة لكي يُعرف، فتحقق مراده بمجرد أن شاء ذلك حيث أن المشيئة كما قلنا أنها هي نفسها الكلمة
وربما يستمر السائل في تسائله فيسأل: إن كان الله تبارك وتعالى قد تحقق مراده بمجرد أن خلق الكلمة أو المشيئة فلماذا خلقنا؟
وجوابه: أن الحب النابع من ذاته تبارك وتعالى كان هو بداية سلسلة قصة الخلق بأجمعها، وبهذا الحب استمرت تلك السلسلة بالنزول طولا والاتساع عرضافالحب النابع من الذات والمتصل بها قد اطّلع على بعض علمه تبارك وتعالى فتجلى بالمشيئة وأطلعها على ذلك العلم الذي علمه من علم الذات الإلهية،
والمشيئة بدورها أحبت أن تظهر ذلك المعلوم فأرادت إظهاره، فتجلت بالإرادة وأطلعتها على ذلك العلم،
والإرادة بدورها أحبت إظهار المعلوم فتجلت بالأسماء الحسنى وأطلعتها على ما علمته
والأسماء الحسنى بدورها أحبت إظهار ما علمته فتجلت وتجلت … واستمرت بذلك سلسلة الخلق بالإتساع والنزول على شكل هرم تربعت الكلمة التامة ذات الأركان الأربعة والتي تتصل بالسماء على قمتهفبالحب إذن وبتلك الكلمة التامة بدأت قصة الخلق، فخلق العقل من بعض نور ركن من أركانها (الماء العذب)، وخلق الجهل من بعض نور ركنها الآخر (البحر الأجاج الظلماني)،
الجهل كما قلنا في البدء وقالت الرواية أيضا أدرك أن دوره الوجودي هو أن يكون الضد للعقل في هذه القصة، فتلبس فورا بالدور المطلوب منه
فعندما رأى أن العقل أدبر وأقبل، أدبر هو بدوره ولم يقبل، وعندما رأى أن العقل تواضع تكبر هو بدوره، وعندما رأى أن العقل صمت تكلم هو بدوره وطلب،
والله تبارك وتعالى قد ابتدء هنا قصة خلقه الروحاني بأن أوجد الأضداد حين خلق العقل والجهل من أركان كلمته التامة ، فهو الذي خلق الأضداد كلها وبدايتها كانت بخلق العقل والجهل وجنودهما من بعض أنوار أركان كلمته التامة
15/07/2024 at 4:47 م #1389
وهنا نعيد رواية جنود العقل والجهل الشريفة من جديدعَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ انه قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام وعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ والْجَهْلِ فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: اعْرِفُوا الْعَقْلَ وجُنْدَهُ والْجَهْلَ وجُنْدَهُ تَهْتَدُوا .
قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لا نَعْرِفُ إِلا مَا عَرَّفْتَنَا .فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وهُوأَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الاجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْعَقْلَ ومَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ وأَنَا ضِدُّهُ ولا قُوَّةَ لِي بِهِ فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي قَالَ قَدْ رَضِيتُ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ والسَّبْعِينَ الْجُنْدَ ….. بقية الرواية
وقصة الخلق كما نعرف لم تبدء من هنا، ولكن قصة خلق الخلق الروحاني هي التي بدأت هنا، فهذا العقل هو أول مخلوق روحاني والجهل بدوره كان حاضرا معه في هذا الموقف، فهو أيضا مخلوق روحاني
فماذا قال الجهل حينها؟
قال : يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ وأَنَا ضِدُّهُ
فمن أين علم أنه ضدّه؟ أي ضدّ العقل،
ومن أين أتى بهذا العلم، أو بهذه الحجة ليطلب ما طلب؟
أقول: بالتأكيد كان للعقل وللجهل اطلاع على ما هو باللوح مكتوب فعلما منه أنهما يجب أن يكونا ضدين
فقبل الخلق الروحاني وقبل خلق هذين المخلوقين الروحانيين الأولين قام “ن” والقلم بكتابة قصة الخلق الروحاني كله في اللوح، من بدايتها حتى نهايتها، ولأولهم ولآخرهمفهذه المخلوقات الروحانية كما قلنا أنها عظيمة وضرورية وإلا لما كان جل جلاله قد بدء بأن خلقهما ابتداءا ثم خلق منهما الجنة واهلها والنار وأهلها كذلك، وعليه فلا بد أن هذين المخلوقين الروحانيين العظيمين لهما اطلاع على ارادة الله المسطورة في اللوح، وحينها فهما لا يريدان الا ما اراد الله لهما وكتبه لهما
فالماء العذب ومنه العقل حينما اختار الإدبار والإقبال فلا لأنه أراد ذلك من نفسه لنفسه، ولكنه اطلع على اللوح فرأى أن الله اختار له هذا الدور فأراد ما أراده الله له وكتبه له في اللوح من دور
وكذلك البحر الأجاج الظلماني والذي منه الجهل، والذي هو كتوئم المخلوق الروحاني الأول، لم يريد كذلك لنفسه الا ما أراده الله له، فالله كتب له أن يكون الضد للعقل، فأراد هو بإرادته أن يكون الضد للعقل،
فإرادته لا تختلف عن إرادة الله له، فإذا أراد الله له أراد هو لنفسه نفس ما أراده الله له
فهما يدي الله التي خلق بهما الجنة وأهلها وجهنم وأهلها، وعليه فكلتا يدي الله يُمنى تعني أنهما كليهما مطيعتان له راضيتان بما كتبه عليهما ولهما، وهما لا يريدان إلا ما أراده الله لهما ولا فرق بينهما في كونهما يديه سوى التسمية فاحداهما ماء عذب والأخرى بحر اجاج ظلماني
والعقل والجهل كما تبين الرواية الشريفة هما من يدي الله التي خلق بهما الله جميع مخلوقاته الروحانية، فكلها مركبة من عقل وجهل، جنود عقل وجنود جهل، نور وظلمة، طينة العقل وطينة الجهل
إلاّ محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين فهم التجلي الأعظم الأعظم الأعظم للعقل في العالم الروحاني
وهم قبل العالم الروحاني وهم الماء العذب الفرات وهم أسمائه العظمى وهم كلمته التامة التي خلق منها كل ما خلق
تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن ثابت الحداد عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في خبر طويل:
قال الله تبارك وتعالى للملائكة: ” إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ”
قال: وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم،
قال: فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات
– وكلتا يديه يمين –
فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون.
ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدتثم قال لها: منك أخلق الجبارين، والفراعنة، والعتاة، وإخوان الشياطين، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة وأشياعهم ولا أبالي، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
قال: وشرط في ذلك البداء فيهم، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء، ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلهما
ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة من طين.فالمائين إذن قدام عرشه
وكلتا يديه يمين
ومنهما الجنة وأهلها ودعاتها، والنار وأهلها ودعاتها
وهما طينتي جميع المخلوقات الروحانية، وليس ما قبلهمافالعقل إذن هو طينة محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين في التجلي الروحاني لهم
والجهل هو طينة أعدائهم
لماذا بدء بخلق العقل والجهل؟
جاء في الحديث القدسي: (كنت كنزاً مخفيا فخلقت الخلق لكي أعرف)
وقال الصادق عليه السلام : خرج الحسين بن علي عليه السلام على أصحابه فقال : أيّها الناس !.. إنّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد إلاّ ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه ، فقال له رجلٌ : يابن رسول الله !.. بأبي أنت وأمّي فما معرفة الله ؟.. قال : معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعتهوعليه فإن خلقه جل وعلا للعقل وللجهل له ارتباط وثيق بالهدف الذي خلق من أجله هذا الوجود بكل مخلوقاته
فهما بلا شك سيكونان الدليل على من سيعرف ربه وعلى من سيجهله، والمعرفة تحتاج الى سبب يدل عليها، فكانت الطاعة هي الدليل على المعرفة،
وهذه صفة العقل قبل أن يفيض الله عليه بجنوده،
والطاعة تحتاج إلى مصداق يدل عليها فكان الخير هو مصداقها واسمها الأعظم فأصبح وزيرها
والخير يحتاج إلى مصاديق تدل عليه،فكانت بقية جنود العقل كلها مصاديق للخير والتي هي دليل المعرفة،
وأكمل درجات المعرفة ما كان نابع من الحب الخالص للمعبود لا للطمع بما عنده من جزيل الثواب أو الخوف مما خوّف به من أليم العقاب
وأجمل واسمى مصاديق المعرفة هي تلك النابعة من الحب الصافي له تبارك وتعالى لا لما وعد به أو حذر منه
الله تبارك وتعالى يحب أن نحبه لذاته لا لفعله، تماما كما أنه يحب نفسه قبل ان يخلقنا، فهو يريد مخلوقات تحبه لنفسه لا لآثاره، تماما كما أنه يحب نفسه قبل ظهور آثاره
فعن أمير المؤمنين عليه السلام في مناجاته: إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا رغبةً في ثوابك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك
فهذه هي العبادة التامة الكاملة العبادة النابعة من الوجدان، والوجدان العلوي أكمل درجات المعرفة
في الجنة قد تنعدم صور العبادات الجسمية لسكانها ولكن تبقى العبادة الروحية المتمثلة بعبادة الحب خالدة في قلوبهم
قلنا أنه جل وعلا خلق العقل والجهل لكي يميز بهما من سيعرفه ومن سيجهله، فمن سيعرفه سيطيعه ويتجند بجنود العقل قولا وفعلا، ومن سيجهله سيعصيه ويتجند بجنود الجهل قولا وفعلا ومخالفا بذلك للأمر الرباني الذي سيأتي للخلائق في مرحلة تالية والذي هو جزء من الخطة الإلهية التي كتبها القلم في اللوح المحفوظ ويأمر به باتخاذ العقل وجنوده طريقا لله.
فأول مخلوق روحاني هو العقل ومعه الجهل،
فماذا جاء بعدهما؟
العقل تقطرت منه 124000 قطرة خلق الله من كل قطرة منه روح نبي ورسول
عن جابر بن عبدالله قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله : أول شئ خلق الله تعالى ما هو ؟ فقال : نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساما ، فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله ، ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم ، واللوح من قسم والجنة من قسم .
وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله أجراء فخلق الملائكة من جزء والشمس من جزء والقمر والكواكب من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول ، ثم تنفست أرواح الانبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الاولياء والشهداء والصالحين .
ومثل هذه الرواية الشريفة يوجد الكثير الكثير وكلها تشير الى الطينة التي خلق الله جل جلاله منها محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
ومن طينتهم خلق بقية الأنبياء والمرسلين سلام الله عليهم أجمعين ومنهم الأولياء والشهداء والصالحينوهذه الرواية تريد أن تقول أيضا نفس ما تقوله الرواية الأخرى والتي جاء فيها : فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات – وكلتا يديه يمين – فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون.
وكذلك هو نفس ما تريد أن تقوله الرواية التي جاء فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره واشتقه من جلال عظمته ، فأقبل يطوف بالقدرة حتى وصل إلى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة ، ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي عليه السلام فكان نوري محيطا بالعظمة ونور علي محيطا بالقدرة ، ثم خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الابصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد وأسماعهم وقلوبهم من نوري ونوري مشتق من نوره .
فنحن الاولون ونحن الآخرون ونحن السابقون ونحن المسبحون ونحن الشافعون ونحن كلمة الله …. بقية الروايةفجميع تلك الروايات تريد أن تصف لنا تسلسل الخلق فتقول بمختلف الألفاظ والعبائر أن بدئه كان من طينتين ومغروس فيهما شجرتين،
فشجرة طيبة مغروسة في تربة معجونة بماء عذب هي طينة محمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
وفروع هذه الشجرة وأوراقها تتدلى في كل بيت من بيوتات الجنةوشجرة خبيثة مغروسة في طين معجونة بماء البحر الملح الأجاج ، وهذه الشجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين
ولا أعرف ما الصعب في فهم أخبار الطينة حتى قال البعض أنها أخبار غريبة أو لا يمكن فهمها، فجميع تلك الروايات وهي بالمئات أو أكثر تتكلم عن الطينة الطيبة والطينة الخبيثة ورغم ذلك لم يتم صياغة فهم لها وبشكل واضح وبسيط يستطيع كل موالي أن يفهمه ويفرح به، وأعتقد أن سبب ذلك أنهم وضعوها في عدة أُطر فاختلط الأمر على الباحثين فيها، فأي خبر ما لم نضعه في إطاره الصحيح والمناسب له فلن يمكننا فهمه بالشكل الصحيح
و سنجد حينها أنه من الطبيعي أن يحذر الله جل جلاله آدم من الإقتراب من الشجرة الخبيثة، فهو قال له حينها : يا آدم لقد خلقتك من الشجرة الطيبة، وهذه الشجرة لا ظلم فيها، فلا تقترب من الشجرة الخبيثة فتكون من الظالمين، فالشجرة الخبيثة كلها ظلم وظلمات وقد علمت ما فعلت تلك الشجرة بإبليس اللعين،
وقوله تعالى لأدم وزوجه على نبينا وآله وعليهما السلام
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
يدل على أنهما كانا يعرفان تلك الشجرة جيدا لإستعماله جل جلاله لفظ هَذِهِ الشَّجَرَةَ للإشارة إليهابينما نجد أن إبليس وسوس لهما قائلا:
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى
فقول إبليس هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ يدلنا على أن آدم لم يكن يعرف تلك الشجرة الطيبة والتي يريد أبليس ان يدلهما عليها ،، فهي إذن غير تلك الشجرة التي نهاهما الله عن الإقتراب منها
ثم كيف لمن يقترب من الشجرة الطيبة ويستظل ويحتمي بها أن يكون من الظالمين؟
فالشجرة التي أُمر آدم بعدم الاقتراب منها هي الشجرة الخبيثة
شجرة ظهور الأنا
التي أودت بإبليس للهاوية وجعلته من الظالمين،
والمفروض أن آدم كان يعرف ماذا حصل لإبليس عندما اقترب من تلك الشجرةفنحن جميعا مأمورون بالإبتعاد عن الشجرة الخبيثة
وليس عن الشجرة الطيبة
بل نحن مأمورون بالإقتراب من الشجرة الطيبة
والإستظلال بظلالها
والإنتفاع من ثمارها
ولكن بشرط أن نرعاها ونحافظ عليها
لتفيض هي بعد ذلك علينا من بركاتهاوبذلك تكون خطيئة آدم حينها أنه لم يقتنع أن يستظل بظل الشجرة الطيبة وينعم بالأمان تحتها فقط، بل تمنى أن يكون هو تلك الشجرة، أو انه نظر اليها نظرة فيها تمني ما لا يجوز له أن يتمناه، وهذا هو ما اجتهد ابليس على لسان الشيطان في حمل آدم وزوجه على نبينا وآله وعليهما السلام عليه
فآدم أو الإنسان عموما قد خُـلق لكي يختار،
والله قال له خالف طبيعتك ولا تختار لنفسك ودعني أختار أنا لك وأرتب أنا لك جميع أمورك بنفسي،
فلا تقرب هذه الشجرة الخبيثة شجرة الأنا التي أهلكت إبليس وطردته بسببها من الجنة،
وتوكل عليّ في قضاء امورك وحوائجك،
وحينها لن تجوع ولن تعرى
ولن تضمئ ولن تضحى
لأنك بذلك تكون قد توكلت علي
وتركتني أرتب لك كل أمورك وكل وجودكفهو إذن لم يُدفع للإختيار
ولكن تُرك له تكوينيا الإختيار بين التوكل على الله أو على النفس، فاختار أن يختار لنفسه بنفسه فاقترب من شجرة الآنا الخبيثة المنهي عنها فظلم نفسه وذاق من تلك الشجرة الطيبة التي قد وسوس اليه الشيطان فحسدها
يتبع إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار
15/07/2024 at 4:47 م #1390
وهنا نعيد رواية جنود العقل والجهل الشريفة من جديدعَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ انه قَالَ:كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام وعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ والْجَهْلِ فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: اعْرِفُوا الْعَقْلَ وجُنْدَهُ والْجَهْلَ وجُنْدَهُ تَهْتَدُوا .
قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لا نَعْرِفُ إِلا مَا عَرَّفْتَنَا .فَقَالَ أَبُوعَبْدِ الله عليه السلام: إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وهُوأَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الاجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ الله بِهِ الْعَقْلَ ومَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ وأَنَا ضِدُّهُ ولا قُوَّةَ لِي بِهِ فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وجُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي قَالَ قَدْ رَضِيتُ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وسَبْعِينَ جُنْداً فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ والسَّبْعِينَ الْجُنْدَ ….. بقية الرواية
وقصة الخلق كما نعرف لم تبدء من هنا، ولكن قصة خلق الخلق الروحاني هي التي بدأت هنا، فهذا العقل هو أول مخلوق روحاني والجهل بدوره كان حاضرا معه في هذا الموقف، فهو أيضا مخلوق روحاني
فماذا قال الجهل حينها؟
قال : يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وكَرَّمْتَهُ وقَوَّيْتَهُ وأَنَا ضِدُّهُ
فمن أين علم أنه ضدّه؟ أي ضدّ العقل،
ومن أين أتى بهذا العلم، أو بهذه الحجة ليطلب ما طلب؟
أقول: بالتأكيد كان للعقل وللجهل اطلاع على ما هو باللوح مكتوب فعلما منه أنهما يجب أن يكونا ضدين
فقبل الخلق الروحاني وقبل خلق هذين المخلوقين الروحانيين الأولين قام “ن” والقلم بكتابة قصة الخلق الروحاني كله في اللوح، من بدايتها حتى نهايتها، ولأولهم ولآخرهمفهذه المخلوقات الروحانية كما قلنا أنها عظيمة وضرورية وإلا لما كان جل جلاله قد بدء بأن خلقهما ابتداءا ثم خلق منهما الجنة واهلها والنار وأهلها كذلك، وعليه فلا بد أن هذين المخلوقين الروحانيين العظيمين لهما اطلاع على ارادة الله المسطورة في اللوح، وحينها فهما لا يريدان الا ما اراد الله لهما وكتبه لهما
فالماء العذب ومنه العقل حينما اختار الإدبار والإقبال فلا لأنه أراد ذلك من نفسه لنفسه، ولكنه اطلع على اللوح فرأى أن الله اختار له هذا الدور فأراد ما أراده الله له وكتبه له في اللوح من دور
وكذلك البحر الأجاج الظلماني والذي منه الجهل، والذي هو كتوئم المخلوق الروحاني الأول، لم يريد كذلك لنفسه الا ما أراده الله له، فالله كتب له أن يكون الضد للعقل، فأراد هو بإرادته أن يكون الضد للعقل،
فإرادته لا تختلف عن إرادة الله له، فإذا أراد الله له أراد هو لنفسه نفس ما أراده الله له
فهما يدي الله التي خلق بهما الجنة وأهلها وجهنم وأهلها، وعليه فكلتا يدي الله يُمنى تعني أنهما كليهما مطيعتان له راضيتان بما كتبه عليهما ولهما، وهما لا يريدان إلا ما أراده الله لهما ولا فرق بينهما في كونهما يديه سوى التسمية فاحداهما ماء عذب والأخرى بحر اجاج ظلماني
والعقل والجهل كما تبين الرواية الشريفة هما من يدي الله التي خلق بهما الله جميع مخلوقاته الروحانية، فكلها مركبة من عقل وجهل، جنود عقل وجنود جهل، نور وظلمة، طينة العقل وطينة الجهل
إلاّ محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين فهم التجلي الأعظم الأعظم الأعظم للعقل في العالم الروحاني
وهم قبل العالم الروحاني وهم الماء العذب الفرات وهم أسمائه العظمى وهم كلمته التامة التي خلق منها كل ما خلق
تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن ثابت الحداد عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في خبر طويل:
قال الله تبارك وتعالى للملائكة: ” إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ”
قال: وكان ذلك من الله تقدمة في آدم قبل أن يخلقه واحتجاجا منه عليهم،
قال: فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات
– وكلتا يديه يمين –
فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون.
ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدتثم قال لها: منك أخلق الجبارين، والفراعنة، والعتاة، وإخوان الشياطين، والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة وأشياعهم ولا أبالي، ولا أسأل عما أفعل وهم يسألون.
قال: وشرط في ذلك البداء فيهم، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء، ثم خلط المائين جميعا في كفه فصلصلهما
ثم كفأهما قدام عرشه وهما سلالة من طين.فالمائين إذن قدام عرشه
وكلتا يديه يمين
ومنهما الجنة وأهلها ودعاتها، والنار وأهلها ودعاتها
وهما طينتي جميع المخلوقات الروحانية، وليس ما قبلهمافالعقل إذن هو طينة محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين في التجلي الروحاني لهم
والجهل هو طينة أعدائهم
لماذا بدء بخلق العقل والجهل؟
جاء في الحديث القدسي: (كنت كنزاً مخفيا فخلقت الخلق لكي أعرف)
وقال الصادق عليه السلام : خرج الحسين بن علي عليه السلام على أصحابه فقال : أيّها الناس !.. إنّ الله جلّ ذكره ما خلق العباد إلاّ ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه ، فقال له رجلٌ : يابن رسول الله !.. بأبي أنت وأمّي فما معرفة الله ؟.. قال : معرفة أهل كلّ زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعتهوعليه فإن خلقه جل وعلا للعقل وللجهل له ارتباط وثيق بالهدف الذي خلق من أجله هذا الوجود بكل مخلوقاته
فهما بلا شك سيكونان الدليل على من سيعرف ربه وعلى من سيجهله، والمعرفة تحتاج الى سبب يدل عليها، فكانت الطاعة هي الدليل على المعرفة،
وهذه صفة العقل قبل أن يفيض الله عليه بجنوده،
والطاعة تحتاج إلى مصداق يدل عليها فكان الخير هو مصداقها واسمها الأعظم فأصبح وزيرها
والخير يحتاج إلى مصاديق تدل عليه،فكانت بقية جنود العقل كلها مصاديق للخير والتي هي دليل المعرفة،
وأكمل درجات المعرفة ما كان نابع من الحب الخالص للمعبود لا للطمع بما عنده من جزيل الثواب أو الخوف مما خوّف به من أليم العقاب
وأجمل واسمى مصاديق المعرفة هي تلك النابعة من الحب الصافي له تبارك وتعالى لا لما وعد به أو حذر منه
الله تبارك وتعالى يحب أن نحبه لذاته لا لفعله، تماما كما أنه يحب نفسه قبل ان يخلقنا، فهو يريد مخلوقات تحبه لنفسه لا لآثاره، تماما كما أنه يحب نفسه قبل ظهور آثاره
فعن أمير المؤمنين عليه السلام في مناجاته: إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا رغبةً في ثوابك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك
فهذه هي العبادة التامة الكاملة العبادة النابعة من الوجدان، والوجدان العلوي أكمل درجات المعرفة
في الجنة قد تنعدم صور العبادات الجسمية لسكانها ولكن تبقى العبادة الروحية المتمثلة بعبادة الحب خالدة في قلوبهم
قلنا أنه جل وعلا خلق العقل والجهل لكي يميز بهما من سيعرفه ومن سيجهله، فمن سيعرفه سيطيعه ويتجند بجنود العقل قولا وفعلا، ومن سيجهله سيعصيه ويتجند بجنود الجهل قولا وفعلا ومخالفا بذلك للأمر الرباني الذي سيأتي للخلائق في مرحلة تالية والذي هو جزء من الخطة الإلهية التي كتبها القلم في اللوح المحفوظ ويأمر به باتخاذ العقل وجنوده طريقا لله.
فأول مخلوق روحاني هو العقل ومعه الجهل،
فماذا جاء بعدهما؟
العقل تقطرت منه 124000 قطرة خلق الله من كل قطرة منه روح نبي ورسول
عن جابر بن عبدالله قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله : أول شئ خلق الله تعالى ما هو ؟ فقال : نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساما ، فخلق العرش من قسم والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله ، ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم ، واللوح من قسم والجنة من قسم .
وأقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله أجراء فخلق الملائكة من جزء والشمس من جزء والقمر والكواكب من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ، ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء والعلم والحلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ، ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور وقطرت منه مائة ألف وأربعة وعشرون ألف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي ورسول ، ثم تنفست أرواح الانبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الاولياء والشهداء والصالحين .
ومثل هذه الرواية الشريفة يوجد الكثير الكثير وكلها تشير الى الطينة التي خلق الله جل جلاله منها محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
ومن طينتهم خلق بقية الأنبياء والمرسلين سلام الله عليهم أجمعين ومنهم الأولياء والشهداء والصالحينوهذه الرواية تريد أن تقول أيضا نفس ما تقوله الرواية الأخرى والتي جاء فيها : فاغترف ربنا تبارك وتعالى غرفة بيمينه من الماء العذب الفرات – وكلتا يديه يمين – فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها: منك أخلق النبيين و المرسلين، وعبادي الصالحين، والأئمة المهتدين، والدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم الدين ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون.
وكذلك هو نفس ما تريد أن تقوله الرواية التي جاء فيها : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره واشتقه من جلال عظمته ، فأقبل يطوف بالقدرة حتى وصل إلى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة ، ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي عليه السلام فكان نوري محيطا بالعظمة ونور علي محيطا بالقدرة ، ثم خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الابصار والعقل والمعرفة وأبصار العباد وأسماعهم وقلوبهم من نوري ونوري مشتق من نوره .
فنحن الاولون ونحن الآخرون ونحن السابقون ونحن المسبحون ونحن الشافعون ونحن كلمة الله …. بقية الروايةفجميع تلك الروايات تريد أن تصف لنا تسلسل الخلق فتقول بمختلف الألفاظ والعبائر أن بدئه كان من طينتين ومغروس فيهما شجرتين،
فشجرة طيبة مغروسة في تربة معجونة بماء عذب هي طينة محمد وآله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
وفروع هذه الشجرة وأوراقها تتدلى في كل بيت من بيوتات الجنةوشجرة خبيثة مغروسة في طين معجونة بماء البحر الملح الأجاج ، وهذه الشجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين
ولا أعرف ما الصعب في فهم أخبار الطينة حتى قال البعض أنها أخبار غريبة أو لا يمكن فهمها، فجميع تلك الروايات وهي بالمئات أو أكثر تتكلم عن الطينة الطيبة والطينة الخبيثة ورغم ذلك لم يتم صياغة فهم لها وبشكل واضح وبسيط يستطيع كل موالي أن يفهمه ويفرح به، وأعتقد أن سبب ذلك أنهم وضعوها في عدة أُطر فاختلط الأمر على الباحثين فيها، فأي خبر ما لم نضعه في إطاره الصحيح والمناسب له فلن يمكننا فهمه بالشكل الصحيح
و سنجد حينها أنه من الطبيعي أن يحذر الله جل جلاله آدم من الإقتراب من الشجرة الخبيثة، فهو قال له حينها : يا آدم لقد خلقتك من الشجرة الطيبة، وهذه الشجرة لا ظلم فيها، فلا تقترب من الشجرة الخبيثة فتكون من الظالمين، فالشجرة الخبيثة كلها ظلم وظلمات وقد علمت ما فعلت تلك الشجرة بإبليس اللعين،
وقوله تعالى لأدم وزوجه على نبينا وآله وعليهما السلام
وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
يدل على أنهما كانا يعرفان تلك الشجرة جيدا لإستعماله جل جلاله لفظ هَذِهِ الشَّجَرَةَ للإشارة إليهابينما نجد أن إبليس وسوس لهما قائلا:
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى
فقول إبليس هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ يدلنا على أن آدم لم يكن يعرف تلك الشجرة الطيبة والتي يريد أبليس ان يدلهما عليها ،، فهي إذن غير تلك الشجرة التي نهاهما الله عن الإقتراب منها
ثم كيف لمن يقترب من الشجرة الطيبة ويستظل ويحتمي بها أن يكون من الظالمين؟
فالشجرة التي أُمر آدم بعدم الاقتراب منها هي الشجرة الخبيثة
شجرة ظهور الأنا
التي أودت بإبليس للهاوية وجعلته من الظالمين،
والمفروض أن آدم كان يعرف ماذا حصل لإبليس عندما اقترب من تلك الشجرةفنحن جميعا مأمورون بالإبتعاد عن الشجرة الخبيثة
وليس عن الشجرة الطيبة
بل نحن مأمورون بالإقتراب من الشجرة الطيبة
والإستظلال بظلالها
والإنتفاع من ثمارها
ولكن بشرط أن نرعاها ونحافظ عليها
لتفيض هي بعد ذلك علينا من بركاتهاوبذلك تكون خطيئة آدم حينها أنه لم يقتنع أن يستظل بظل الشجرة الطيبة وينعم بالأمان تحتها فقط، بل تمنى أن يكون هو تلك الشجرة، أو انه نظر اليها نظرة فيها تمني ما لا يجوز له أن يتمناه، وهذا هو ما اجتهد ابليس على لسان الشيطان في حمل آدم وزوجه على نبينا وآله وعليهما السلام عليه
فآدم أو الإنسان عموما قد خُـلق لكي يختار،
والله قال له خالف طبيعتك ولا تختار لنفسك ودعني أختار أنا لك وأرتب أنا لك جميع أمورك بنفسي،
فلا تقرب هذه الشجرة الخبيثة شجرة الأنا التي أهلكت إبليس وطردته بسببها من الجنة،
وتوكل عليّ في قضاء امورك وحوائجك،
وحينها لن تجوع ولن تعرى
ولن تضمئ ولن تضحى
لأنك بذلك تكون قد توكلت علي
وتركتني أرتب لك كل أمورك وكل وجودكفهو إذن لم يُدفع للإختيار
ولكن تُرك له تكوينيا الإختيار بين التوكل على الله أو على النفس، فاختار أن يختار لنفسه بنفسه فاقترب من شجرة الآنا الخبيثة المنهي عنها فظلم نفسه وذاق من تلك الشجرة الطيبة التي قد وسوس اليه الشيطان فحسدها
يتبع إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهوصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار
-
AuthorReplies
- The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.