*89* بماذا ستجزيه فتوفّيه حقّه على دمعة واحدة منها وأنت ملك الملوك؟

  • Creator
    Topic
  • #1395
    Tasneem
    Keymaster
    • المشاركات: 2,176

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآل محمد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قال الإمام الصادق عليه السلام: نحن صبّرٌ ، وشيعتنا والله أصبر منا ، لأنّا صبرنا على ما علمنا وصبروا على ما لم يعلموا …. إنتهى

    كيف يمكننا أن نفهم هذا القول منهم عليهم الصلاة والسلام في ظل ما تكلمنا عنه سابقا من أن رب الملائكة والروح هو أحدهم، بل من كون أن مقام رب الملائكة والروح هو لهم كلهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين على حدّ السواء ، من حيث أنهم كلهم هم محمد ،، أولهم وأوسطهم وآخرهم؟

    كيف يمكننا مع ذلك أن نفهم هذا القول من أن شيعتهم أصبر منهم؟
    في البداية وقبل أن ادخل في الصورة التي اريد أن اتكلم عنها سأضرب مثلا لكي تتضح منه تلك الصورة

    في أحد برامج صيد الكاميرا أو الكاميرا الخفية تم وبإحكام كبير وبعناية كبيرة تصميم مواقف أو مشاهد ستكون الظروف النفسية المفروضة فيها على من ستحاك تلك المواقف من أجله ظروف صعبة جدا جدا

    والمواقف ستكون مثلا أن زوجا وزوجته سيتم اختطافهما من قبل عصابة اجرامية او مجموعة ارهابية خطيرة ،، وفي هذه المواقف المصطنعة ستكون الزوجة سرّا متعاونة مع المخرج والمصورين ومع الذين سيؤدون دور أفراد العصابة ،، والذي لا يعلم بالحقيقة هو فقط الضحية المطلوب هزّه هزة نفسية عنيفة وهو الزوج، وربما بعض القلائل من الذين سيتواجدون عرضا خلال تلك المواقف

    وخلال عملية الخطف سيتم تكتيف الزوجة ومعاملتها أمام زوجها بسوء كبير من أجل هزّه نفسيا وعاطفيا لاستخراج أسوء ما فيه أو ربما أفضل ما فيه ،، وهذا ما سيحدده طريقة تصرفه وردة فعله خلال معايشته لتلك المواقف

    الزوجة وحسب الاتفاق والسيناريو سيتم تكتفيها وضربها وستصرخ وتبكي وتشتكي لزوجها ولن تتوقف عن الطلب منه أن ينصرها ويساعدها وينقذها ،، وكل ذلك لكي يُخرجوا أفضل أو أسوء ما فيه ،، أو على الأقل لكي يحفّزوه على اخراج أفضل ما فيه من الصفات ،، فلكي تحصل على القوة البخارية الدافعة من الماء البارد يجب عليك أن تعرّض ذلك الماء البارد للنار الشديدة وبشكل مستمر حتى يصل أخيرا لدرجة الغليان فيعطيك حينها فقط تلك القوة البخارية المحرّكة التي تسعى للحصول عليها

    وسواء أنك ثرت بهذا الموقف لشرفك بحيث انك أوصلت الاحداث أخيرا لأن تموت أنت وزوجتك بالنهاية

    أو انك هدأت وترويت وخططت واستعملت عقلك حتى تمكنت أخيرا من الفرار أنت وزوجتك من تلك العصابة

    فستكون حينها قد أخرجت أجمل ما فيك أمام المشاهدين أو الجمهور

    هذا ليس هو المهم الآن وليس ما أريد الكلام عنه

    الكلام هنا ماذا سيقول جميع المشاركين بهذا الموقف عنك لو انك لم تفقد صبرك ولم تنهار خلال جميع لحظات ومواقف تلك المكيدة؟ا

    بالتأكيد سيقولون أنك صابر وأصبر منهم،، فهم حتى وإن أظهروا الصبر خلال لحظات ومواقف تلك الفتنة لكنك أثبتّ فعلا أنك أصبر منهم جميعا،، فهم صبروا على ما يعلمون أمّا أنت فلقد صبرت على ما لا تعلم.ا

    في هذه الرواية الشريفة منهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هم قد حددوا لنا من هم شيعتهم وبدقة كبيرة، فليس كلّ من قال انني شيعة لمحمد وآل محمد هو فعلا من شيعتهم

    فشيعتهم هم فقط الصابرون في البأساء والضراء

    فمواقف البأساء والضراء كلّها مواقف مكتوبة على كلّ واحد منّا وهم من خططوها ورسموها لنا بدقة كبيرة،، وابتلآءات الشر والخير كلّها أيضا من تصميمهم وتخطيطهم كذلك

    كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ

    في مواضيع سابقة كنّا قد بينّا فيها أن في عالم الأمر لا يوجد شرّ على الإطلاق وأن مخلوقات عالم الأمر لا يعرفون معنى الشرّ على الإطلاق،، فأوّل شيء سيتم فعله لك قبل أن يرفعوك معهم في عالم الأمر هو أنهم سينزعون ما في قلبك من غلّ، وبعدها لن تستطيع أن تغلّ أبدا ولا أن تحكم أحكام سلبية على من فعلوا أو يفعلون أو سيفعلون الغلّ في العوالم الأرضية، حيث هي المكان الوحيد الذي يوجد به غلّ وأغلال

    وقلنا في أكثر من موضوع سابق أن عملية خلق معاني الشرّ تتم صناعيا،، بمعنى أن القرين أو النفس الحسية الحيوانية والتي هي قوة فلكيّة وحرارة غريزيّة أصلها الافلاك بدو ايجادها عند الولادة الجسمانية فعلها الحياة والحركة والظلم والغشم والغلبة واكتساب الاموال والشهوات الدنيوية

    هي مخلوق يتم خلقه وهندسته وترتيبه وانتاجه بطريقة علميّة وصناعيّة

    ويتم بعد ذلك حين يتقرر نزوله باحد العوالم الأرضية قرنه او تزويجه مع تلك النفس الناطقة القدسيّة ،، وبهذا التزويج او القرن ستكون النفس الناطقة القدسيّة قد أُنزلت أسفل سافلين بعد أن كانت في أحسن تكوين

    تناولنا هذا الأمر بأكثر من موضوع وهذه أربعة مواضيع لمن يحب أن يراجعها وهي طويلة نسبيا

    علاقة الشمس والقمر في عمليات تنزل الملائكة والروح باذن ربهم من كل أمر

    وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ

    النفس الناطقة القدسية—الجزء الأول

    النفس الناطقة القدسية—الجزء الثاني

    من قرء ما كتبته سابقا يعرف انني أتكلم عن مخلوقات سماويّة ندعوها ملائكة ،، وأن هؤلاء الملائكة يقومون على الدوام وبإذن ربهم بإيجاد عوالم او كواكب جديدة يخلقون بها وعلى الدوام وبصور صناعية وعلمية متطورة جدا جدا جدا أشكال وصور جديدة من الحياة

    وهم لا يتركون من يخلقونهم عليها وشأنهم كما يقول البعض من ان من خلقونا قد تركونا لوحدنا لكي نتطور ونرفع نفسنا بنفسنا أو لنرتفع بوعينا بواسطة وعينا البدائي

    فلو أنهم فعلا قد خلقونا ثم بعد ذلك تركونا لوحدنا لكي نتطور فاننا حينها وبسبب ذلك الوعي البدائي بدل أن نتطور ونرتفع بوعينا به فإننا سنأكل وسنقتل بعضنا البعض حينها بالتأكيد ولماجت الأرض بنا من أفعالنا ولساخت بنا

    فهم لم يتركونا أبدا منذ أن بدؤوا بعمليات التنزل بنا ،، فنحن وكل ما يتعلق بنا جزء من كل الأمر الذي يتنزلون به باذن ربهم
    واجتماع الملأ الأعلى كان من أجل تحديد من سيكون المسؤول عن هذه المخلوقات الجديدة على هذا الكوكب الجديد وعن عملية رفع وعيها وتطويرها

    إبليس اعترض على من اختاره رب العالمين في ذلك الاجتماع ،، وقال أنني أستطيع أن أقوم بهذه المهمة ،، وجرت المداولات والمناقشات بعد ذلك كما هو واضح في الآيات القرآنية الكريمة،، إبليس بقي مصرّ حتى الأخير على رأيه من أنّه يستطيع ذلك، واخيرا قال أعطني المهلة حتي يوم يبعثون لتنفيذ هذا الأمر

    رب العالمين وافق على هذا الطلب لكنّه أنظره لموعد آخر ،، وهو يوم الوقت المعلوم ،، كما أنه لم يطلق يده كاملة في هذه العملية كما أراد ،، فحدد له دوره المحدود الذي سيقوم به هو ورجله فيها وبشكل واضح

    بمعنى لو انّ رب العالمين قال له انك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم وسكت بدون أن يحدد له دوره الذي سيقوم به في عملية رفع وعي تلك المخلوقات الجديدة على كوكب الأرض خلال تلك الفترة الزمنية،، فكأنه قد قال له اذهب فانت خليفتي على هذه الأرض الى يوم الوقت المعلوم

    فهو حين حدد له مهامه فإنه لم يجعله خليفته بشكل مطلق على الأرض خلال مدة الانظار،، لكنه أسند له بها دور معيّن ومحدد ،، وحدد له أمد تنتهي معها مهلة الانظار تلك ،، وينتهي معها دوره بنهايتها

    في عالم الأمر لا يوجد شر وأشرار ، والمجتمعون في ذلك الإجتماع في الملأ الأعلى لم يكن يوجد بينهم أشرار،، وكانوا جميعهم يعرفون بجميع التفاصيل التي سيتم التنزل بها على هذه الأرض

    ومن تجارب سابقة جرت على هذه الارض او ربما على غيرها كان يوجد في ذلك الاجتماع تقسيم معروف بين الملأ الأعلى لعدة مجموعات ستسعى جميعها لاتمام عمليات التنزل كما سيأمرهم رب الملائكة والروح بالتنزل بها

    وما كان اجتماعهم في الأعلى حينها الا لوضع اللمسات الاخيرة قبل أن يبدؤوا بعمليات التنزل تلك

    والتي ما ان تم الاتفاق عليها حتى بدؤوا مباشرة بالتنزل بها

    الفتن بمختلف صورها والابتلاءات بالشر والخير بمختلف صورها أيضا كلها من كتابة وتصميم رب الملائكة والروح وتتنزل بها تلك المخلوقات السماوية التي كانت مجتمعة بالملأ الأعلى والتي نعرفها بإسم الملائكة والروح

    الروح قلنا أنهم قد يكونون من أفراد تلك الثلل التي صعدت فيما سبق واصبحوا بالفعل من ضمن الملأ الأعلى الذين سيتنزلون باذن ربهم من كل أمر ،، سواء اكانوا من الناس الذين خُلقوا من الطين أم كانوا من الجن الذين خُلقوا من مارج من نار

    نحن كنفوس ناطقة قدسية أيضا من ضمن الملأ الأعلى الذين يقومون بتأدية هذه المهمة الإلهية،، بل نحن الجزء الأهم منهم ،، فالعبئ الأكبر منها يقع علينا، فنحن من سننزل للعوالم الأرضية وسنستشعر جميع نيرانها

    ما علينا الآن من ذلك،، وسنعود لبداية حديثنا مرة أخرى

    الذين كانوا يؤدّون مشاهد الخطف والضرب والتعذيب والشتم في ذلك الموقف في صيد الكاميرا، جميعهم كانوا يبتسمون في داخلهم، ظالمهم ومظلومهم كانوا جميعهم يبتسمون في سرّهم، إلا الذين كانوا وسطهم ولا يعلمون مثلهم بحقيقة الأمر (مثلنا يعني)ا

    عندما نتكلم عن مخلوقات عالم الأمر من الملائكة والروح سواء أكانوا من مجموعة المخلصين او من مجموعة الكافرين يجب أن نعرف عنهم شيء وهو أنهم جميعهم يتقلبون في الصور

    نحن كنفوس ناطقة قدسية أيضا نتقلب بالصور ،، لكننا لا نقوم بذلك بإرادتنا ولا نعلم بذلك ،، فالامر تقوم به أنفسنا العليا التي تربينا وفي أي صورة ما شائت تستطيع أن تركبنا

    فنحن أيضا نتقلب بالصور،، فكل كرّة جديدة نكرها نحن نكرها بصورة جديدة ،، لكن ليس لنا من تحديد أمر صورنا شيء

    عكس الملائكة والروح وربهم ،، فهم يستطيعون أن يتقلبوا في الصور كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا، وهم حتى وإن ظهروا لنا بصورة الميت او المقتول فإنهم لم يموتوا فعلا،، فميتهم ليس بميت وباليهم ليس يبلى،، فهو يخرج من هذا الباب ليدخل من باب آخر،، ولا يوجد عليهم حساب وكتاب بسبب ما سيرتكبونه في تلك المواقف من خلال صور الأجساد التي يتقلبون بها

    ومجموعة الكافرين التي كانت موجودة مع الملأء الأعلى تستطيع ان تتقلب بالصور لكنها بإرادتها تفعل ذلك ضمن المقادير وأوامر وحدود عمليات التنزل ،، فهي حين تتقلب بالصور في أي زمان ومكان فإنها تعرف حينها من هي ومن كانت وكم دور لعبته في قصص هذه الحضارة او التي سبقتها وسبقت التي سبقتها كذلك

    نعم هم قد يعرفون أحيانا بعضهم البعض حين يتنزلون بالامر وذلك ضمن الحدود والقواعد المحددة والمقررة للتنزيل في أيّ زمن من الأزمنة ، أمّا في ما عدى ذلك فهم لا يعرفون بعضهم البعض
    وهؤلاء حتى ولو كانوا هم المقتولين والمعذبين والمشردين بتلك الفتن لا يمكن مقارنة صبرهم على ما سيجري عليهم بتلك الفتن بصبر من يحبهم من الناس ويتأثر بما جرى عليهم خلال أحداث تلك الفتن

    لأنهم كانوا يعلمون بجميع ما سيجري عليهم قبل أن يجري عليهم ،، وكذلك كانوا يعلمون به حين يجري عليهم

    لكن الذين لا يعلمون بذلك من الناس وسيذرفون على محبتهم الدموع الساكبة والزفرات الحارة والآهات النابعة من القلب فهؤلاء صبرهم على ما أصابهم أكبر وأصدق من صبرهم على نفس ما وقع عليهم من الظلم والحيف خلال نفس كلّ تلك الفتن

    يعني الحسين عليه السلام مثلا كان يعلم أنه هو وأهل بيته وأصحابه سيُقتلون في كربلاء وستسبى النساء والأطفال من بعد مقتلهم ،، وصبرعلى ذلك الأمر المكتوب (كتبه على نفسه) وصبر خلاله على جميع ماجرى عليه وعلى أهله كامل الصبر

    لكن صبر من يحبّه ويبكي عليه لمجرد سماعه من يصف مشاهد وصور قتله هو وأبنائه واصحابه التي جرت عليهم قبل ألف وأربعمائة سنة ،، فإن هذا لصبره بالتأكيد أكبر من صبر الحسين عليه السلام وهو يشعر بالخيول وهي تجري على صدره الشريف في أرض الطفوف

    لنفترض أنك ملك لملك الملوك وأرسلت لقومك صورة مزيفة لمقتلك

    ثمّ تخفّيت فيهم وبينهم وبقيت فترة تراقبهم

    من سيفرح منهم بمقتلك ومن سيشق عليك الجيوب

    ومن سيقيم في ذكراك المآتم ومن سيقيم بها الأفراح والليالي الملاح

    ومن سيبقى مخلص لذكراك ومن سينعق مع كل ناعق

    لنفترض انك فعلت ذلك وراقبت من داخل القلوب ما جرى من أحبابك بعد ذلك ،، ومنهم ومعهم شعرت كذلك بكل دمعة ذرفتها من أجلك أي عين ذابلة من عيونهم

    فكيف ستجزيه على كل تلك الدموع التي سكبها من أجلك وفي حبك؟

    بل بماذا ستجزيه فتوفّيه حقّه عليها ولو حتى على دمعة واحدة منها وأنت ملك الملوك؟

    وصلى الله على المصطفى المختار محمد وآله الأطهار

  • The forum ‘بحوث طالب التوحيد’ is closed to new topics and replies.