فالمنتظر الحقيقي والمتحقق ، إنما ينتظر في الإمام المهدي عليه السلام وجه الله وباب الله الواسع الهادي لكل فهم إلهي ، فملاقاة هذا الوجه الإلهي هو الكرامة التي أعدت لأبناء آدم في هذه الدورة الوجودية ، فالبشر من آدم متوجهون للمادة ، والإنسان من آدم متوجه إلى النفس والمعنويات والروحانيات ، وآدم متوجه إلى النور ، والنور في دورتنا هذه هو وجه ولي الله الأعظم وهذا الوجه هو الإتجاه الإلهي السليم في منهاجنا الذي هو لا شرقي ولا غربي والذي منبعه وموقده هو شجرة أهل البيت عليهم السلام الغيبية الكونية الوجودية النورانية.
فكرامة بني آدم هي رؤية وجه رب العالمين في وجه وليه الأعظم الإمام المهدي عليه السلام ، والكرامة هنا تعني العناية الكبرى والرحمانية الخاصة .
الخلاصة :
يقول العارف حيدر الآملي رض في كتابه جامع الاسرار ومنبع الأنوار (أول ما يبدو في قلب العارف ممن يريد الله سعادته نور ، ثم يصير النور ضياء ، ثم يصير شعاعا ، ثم يصير نجوما ، ثم يصير قمرا ثم شمسا.فإذا ظهر النور في القلب بردت الدنيا في قلبه بما فيها ، فإذا صار(النور ) ضياء تركها وفارقها ، فإذا صار نجوما ، فارق لذاتها ومحبوباتها ، فإذا صار قمرا ، زهد في الآخرة وما فيها، وإذا صار شمسا لا يرى الدنيا وما فيها ولا الآخرة وما فيها، ولا يعرف إلا ربه، فيكون جسده نورا، وقلبه نورا، وكلامه نورا، ويكون هو نور على نور) .
إن هذا الكلام يدل على أن المؤمن الموالي الذي يصل إلى درجة العرفان الحقيقي يدخل في الولاية التكوينية لأهل البيت عليهم السلام جميعا ويصير بها مدركا لحقيقتهم النورانية المتحكمة في كل شيء والقائمة بأمر رب العالمين في كل شيء .
ونختم قولنا هذا بما ختم به العارف المتحقق محي الدين بن العربي واصفا به مولانا الإمام المهدي عليه السلامSad والصلاة والسلام سر السرائر العلية وخفي الأرواح القدسية معراج العقول موصل الأصول قطب رحى الوجود مركز دائرة الشهود كمال النشأة ومنشأ الكمال جمال الجميع ومجمع الجمال الوجود المعلوم والعلم الموجود السائل نحوه الثابت في الابود المحاذي للمرآت المصطفوية والمتحقق بالأسرار المرتضوية والمترشح بأنوار الإلهية والمربي بالأسرار الربوبية الحقايق الوجودية قسام الدقايق الشهودية الاسم الأعظم الإلهي الحاوي للنشأت الغير المتناهي غواص يم الرحمانية مسلك آية الرحمية طور تجلى الألوهية نار شجرة الناسوتية ناموس الله الأكبر غاية البشر أب الوقت مولى الزمان الذي للخلق أمان ناظم مناظم السر والعلن أبي القاسم محمد بن الحسن صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ).